اجراءات خصومة التحكيم / اجراءات خصومة التحكيم / الكتب / المشكلات العملية في نظام المرافعات الشرعية ونظام التحكيم السعودي / قيام الإجراءات في خصومة التحكيم
افتتاح إجراءات الخصومة التحكيمية ونظام السير فيها:
لم ينظم القانون السعودي خصومة التحكيم بطريقة تتفق مع نظام التحكيم، الذي يتسم بسهولة الإجراءات وبساطتها وسرعتها حتى يمكن صدور حكم في وقت معقول، بل أن المطلع على نصوص اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي يجدها لا تختلف عن الإجراءات الواجب إتباعها أمام القضاء، والتي يتضمنها نظام المرافعات الشرعية. وهذا ما يخالف الاتجاهات الحديثة في التحكيم.
وتبدأ خصومة التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر (المادة 27 تحكيم مصری) وهو ذات ما تنص عليه المادة 21 من قانون التحكيم النموذجي والمادة 2/3 من قواعد اليونسترال.
معنى ذلك أن خصومة التحكيم تعتبر قائمة من اليوم الذي يعلن فيه المدعى رغبته إلى المدعى عليه بالالتجاء إلى التحكيم، إلا إذا اتفقا على موعد آخر، كتاريخ تقديم طلب التحكيم إلى هيئة التحكيم أو تاريخ تسمية المدعى عليه المحكمة أو تاريخ الانتهاء من تشكيل هيئة التحكيم. ولا شك أنه إذا كانت خصومة التحكيم تبدأ من تاريخ استلام المدعى عليه لطلب التحكيم فإن ذلك يفترض سبق قیام و اختبار هيئة التحكيم .
أما في القانون السعودي، فلم يقدم نظام التحكيم أي توضيح لخصومة التحكيم، وتولت لائحته التنفيذية القيام ببعض التوضيحات. إذ أنه إذا تم إخطار هيئة التحكيم بقرار اعتماد وثيقة التحكيم فإن على الهيئة أن تحدد ميعاد الجلسة التي ينظر فيها النزاع خلال مدة لا تجاوز خمسة أيام من تاريخ إخطارها بقرار اعتماد الوثيقة .
ويلاحظ أن اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي تحتفظ للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع باختصاصات واسعة وسلطات عديدة، في خصومة التحكيم، مما قد يعوق عمل هيئة التحكيم ويعتبر بمثابة فرض وصاية - لا مجرد رقابة - للقضاء على التحكيم، وهو ما يدل على التخوف من نظام التحكيم، وهو أمر لم يعد له محل الآن. فالجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع هي التي تعتمد وثيقة التحكيم قبل بدء عمل هيئة التحكيم.
مفاد ذلك أن عمل هيئة التحكيم (الخصومة التحكيمية) يبدأ بعد اعتماد الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع لوثيقة التحكيم (قرار الاعتماد يجب صدوره خلال خمسة عشر يوماً - المادة 7 من اللائحة التنفيذية وعلى كاتب هذه الجهة إخطار المحكمين بقرار اعتماد الوثيقة خلال أسبوع من صدوره.
مدى انطباق القواعد الإجرائية في نظام المرافعات على خصومة التحكيم:
لما كانت الإجراءات الشكلية الواجب إتباعها أمام القضاء، في نظر الدعوى وإعلان أوراق وتحقيقها والفصل فيها وسيرها، من شأنها أن تعطل الفصل في القضايا وتطيل أمد التقاضي فإن خصومة التحكيم يجب أن تتحرر من هذه الإجراءات والقيود، مع احترام المحكم لمبادئ التقاضي الأساسية على ما أوضحنا من قبل.
وهذا التيسير الذي جاء به قانون التحكيم المصري يتمشى مع الاتجاهات الحديثة في التحكيم حيث أن إجراءات الإعلان القضائي هي أشد القيود والمعوقات التي تفرض على القاضي. على أن القانون المصرى لم يبين - رغم التيسيرات التي جاء بها - أداة الإعلان، فهو ترك للأطراف الاتفاق على ذلك .
أما في نظام التحكيم السعودي، فإنه في تنظيمه لإعلان أوراق خصومة التحكيم لا يختلف كثيراً عن إعلان أوراق المرافعات. إذ أن كل تبليغ أو إخطار يتعلق بخصومة التحكيم يتم بمعرفة كانت الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع ويكون عن طريق المراسل إجراءات أو الجهات الرسمية (المادة ۱۱ من اللائحة التنفيذية).
على أن هذا التنظيم لا يتفق مع التطورات الحديثة في التشريعات المقارنة، ولا يتمشى مع طبيعة التحكيم التي لا تحتمل التأجيل للغياب، ولا يكون حضور الأطراف أمامها ذو أهمية كبيرة، ذلك أن هيئة التحكيم لها أن تكتفي بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ولا تحتاج لعقد جلسات مرافعة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
وبخصوص طلبات التأجيل التي قد يتقدم بها أطراف النزاع، فإنه إذا تم فتح باب التأجيل للاستعداد أو للاطلاع أو لغير ذلك، فقد يعطل ذلك هيئة التحكيم عن الفصل في النزاع. لذلك لم يتعرض قانون التحكيم المصرى لهذه المسألة وتركها لتقدير هيئة التحكيم، وما إذا كان التأجيل ضرورياً فتأمر به أم الماطلة فترفضه، وذلك مالم ينظم الأطراف تلك المسالة صراحة في اتفاق التحكيم.
أيضاً فإنه بصدد حساب المواعيد وامتدادها، لم يتضمن قانون التحكيم المصرى ولا نظام التحكيم السعودي أو لائحته التنفيذية أي تنظيم أو قواعد خاصة بذلك. وبالتالي فإنه طالما أن الأطراف لم ينظموا هذه المسائل في اتفاق التحكيم أو في اتفاق لاحق، تكون العبرة بقواعد قانون المرافعات، فتحتسب المدد والمواعيد حسب التقويم الهجري.