وهو ما يعني أن قاعدة عدم قضاء القاضي بعلمه الشخصي، قد تحمل مفهوم مختلف في نطاق التحكيم، مما يثير التساؤل عن مدى جواز أن يقضي المحكم في النزاع استنادا إلى معلوماته الشخصية عن وقائع وظروف هذا النزاع؟
الاستثناءات الواردة على حظر قضاء المحكم استناداً لعلمه الشخصي
أولا - الحالة الخاصة بإعمال مبدأ المواجهة بين الخصوم :
الخبرة الفنية التي يحظى بها المحكم، والتي قد يقرر تطبيقها علي النزاع المعروض عليه، تلزمه بتقديمها للخصوم لمناقشتها، وإبداء آرائهم بشأنها تحقيقا لمبدأ المواجهة الذي يوجب أن يعلم الخصوم بأثر تطبيق ما يحظي به المحكم من معلومات علي نزاعهم.
بل إن بعض الفقه اعتبر المعرفة الفنية للمحكم ليست من قبيل العلم الشخصي الذي يرد عليه الحظر السايق؛ لأن الحظر المقصود هو العلم بالنزاع من خلال معاصرة المحكم له.
الحالة الخاصة بتسمية نفس المحكم في أكثر من خصومة واحدة
1- إذا امتنع هذا المحكم عن استخدام ما لديه من معلومات إضافية، فلا يجوز إثارة الطعن بالبطلان علي أساس مخالفة حكم التحكيم لمبدأ المواجهة، وانتهاك هيئة التحكيم لحقوق دفاع الأطراف.
2- إذا عول المحكم علي ما لديه من معلومات لتكوين عقيدته الشخصية في النزاع، فعليه طرحها على باقي أعضاء هيئة التحكيم.
قرر القضاء الفرنسي أنه لا يشكل انتهاك لمبدأ المواجهة، مجرد فصل نفس المحكم في قضيتين متشابهتين، مما لا يجيز الادعاء ببطلان حكم التحكيم. هذا كله على عكس ما إذا تدخل هذا المحكم في الخصومة الأخرى.
حالة المعلومات العامة
ولا يختلف الأمر في التحكيم عنه في القضاء، فيجوز للمحكم أن يستند إلى المعارف العامة والمعلومات الشائعة، ودون أن يلتزم باحترام مبدأ المواجهة بشأنها، فلا يجوز الطعن بالبطلان على حكم التحكيم الذي يستند - في بيان أسبابه . على المعارف العامة كالحقائق الاقتصادية والسياسية الثابتة.