استعرضنا معاً من قبل النظريات التي تعرضت لطبيعة التحكيم، وقد تبين لنا أن كل منها يستند إلى حجج تدعمه.
فلا يتصور أن يفرض المشرع التحكيم قسرا على أشخاص لا يسعون إليه، ويأبون الدخول فيه.
نطاق مرحلة عمل هيئة التحكيم الاختياري
تبدأ مرحلة جديدة تتمثل في تشكيل هيئة التحكيم عن طريق اختيار أعضائها.
فهيئة التحكيم، فهي التي تقوم بوضعها، والالتزام بها، إذا ما أغفل الأطراف الاتفاق عليها. وتشمل سلطتها أيضا، الأمر بالتدابير الوقتية، والتحفظية التي يفرضها النزاع، ودفاع الأطراف من خلال اتباع إجراءات الإثبات التي اتفقوا عليها، وفي حالة عدم اتفاقهم، تختار هيئة التحكيم قانون الإثبات الذي تراه مناسباً أو تتفق مع أطراف النزاع عليه أو على الأدلة التي تقبل، وتلك التي لا تقبل.
وتتواصل مرحلة عمل هيئة التحكيم إلى أن تصل إلى نهايتها بالفصل في موضوع النزاع.
ولما كان الهدف من تحديد نطاق مرحلة عمل هيئة التحكيم ليس مجرد إجراء جرد للأعمال التي تقوم بها هيئة التحكيم، وإنما بيان أهم هذه الأعمال مع تحديد النطاق الزمني الذي تباشر فيه هيئة التحكيم عملها.
المادة 208 من قانون الإجراءات المدنية الاتحادي الإماراتي من أن «يقوم المحكم خلال ثلاثين يوما على الأكثر من قبول التحكيم بإخطار الخصوم بتاريخ أول جلسة تحدد لنظر النزاع.
المادة 27 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 على أن «تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر».
كذلك من الصعب تصور تشكيل هيئة التحكيم، وبدء عملها دون أن يكون أحد الطرفين قد تقدم بطلب للتحكيم. فتكوين هيئة التحكيم يتم بعد لجوء أحد الطرفين إليها، وتزداد الصعوبة، إذا كان طلب التحكيم مقدما من الطرفين، فأيهما يعد مدعياً، والآخر مدعى عليه حتى يمكن تحديد يوم بدء الإجراءات، ويتمثل في أن هيئة التحكيم يتم تكوينها قبل أن تبدأ إجراءات التحكيم، وخصومته.
وترجع أهمية تحديد ميعاد بدء خصومه التحكيم إلى حساب المواعيد التي قد يتفق عليها الأطراف.
نخلص إلى أن عمل هيئة التحكيم تبدأ مرحلته بمجرد قبول أعضاء هذه الهيئة للمهمة التي أوكلت إليهم، بالفصل في النزاع القائم بين أطراف التحكيم.
انتهاء مرحلة عمل هيئة التحكيم الاختياري
بصدور حكم فاصل في الخصومة المطروحة عليها (غصن أول)، النهاية المبتسرة، أي بدون حكم.
صدور حكم فاصل في موضوع التحكيم
والأصل أن يتفق الأطراف على تحديد بداية هذا الميعاد.
ولهم الاتفاق على مد هذا الميعاد، وذلك دون تحديد لحق أقصى. كما يجوز لهيئة التحكيم أن تقرر مد الميعاد - إذا تبين لها عدم كفاية الميعاد المضروب للتحكيم لإصدار حكمها - على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر.
وفي القانون الفرنسي، يجوز مد ميعاد التحكيم سواء كان اتفاقيا أم قانونيا. فإذا كان المد باتفاق الأطراف، فإن مدته يترك تحديدها لإرادته.
فإنه يجوز لأي من الطرفين أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة، أن يصدر أمرا بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم.