هيئة التحكيم هي محكمة خاصة أنشأها المشرع ومنحها سلطة قضائية خاصة بنظر نوعيات معينة من منازعات الأفراد.
« التحكيم هو طريق استثنائي لبعض الخصومات، قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية.
- وكون هيئة التحكيم هيئة قضائية خاصة، يجعل ما تصدره أحكاما قضائية تحوز الحجية، ويتم تنفيذها بصدور أمر بذلك من القضاء. فهم يرون أن المحكم عندما يقوم بعمله، فهو يمارس نوعا من السلطة العامة،
هذا التكيف لهيئة التحكيم الاختياري يتعارض مع طبيعة الهيئة القضائية التي تتطلب أن يكون تشكيلها من رجال القضاء، باعتبار أن القضاء جهاز يتبع الدولة يقوم على العمل فيه موظفون عموميون.
۔ محكمة تحكيمية
وفقا لهذا الرأي - تعد هيئة قضائية صرفه يسميها المشرع الفرنسي بمحكمة التحكيم
فإن هيئة التحكيم تفصل في منازعة، وتعمل على فضها مثل الهيئة القضائية العادية، وينتج آثاراً هي ذات آثار الأحكام القضائية من حيث حيازة قوه الأمر المقضي، واستنفاد ولاية من يصدره، وعدم جواز المساس به عن طريق الطعن عليه.
- كذلك يمنح المشرع عادة هيئة التحكيم سلطة تفسير حكمها، وتصحيح الأخطاء المادية التي قد تقع به، وتكملته إذا فاتها الفصل في أحد عناصر طلب التحكيم.
كما تنص على ذلك المواد من 49: 51 من قانون التحكيم المصري رقم 27لسنة 1994. فتقضى المادة 1/49 بأنه «يجوز لكل من طرفي التحكيم أن يطلب من هيئة التحكيم خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه حكم التحكيم، تفسير ما وقع في منطوقه من غموض. ويجب على طالب التفسير إعلان الطرف الآخر بهذا الطلب قبل تقديمه لهيئة التحكيم».
- وتنص أيضاً المادة 1/50. من ذات القانون على أن «تتولى هيئة التحكيم تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحته، كتابية أو حسابية، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم.. وتجري هيئة التحكيم التصحيح من غير مرافعة خلال ثلاثين يوما التالية التاريخ صدور الحكم أو إيداع طلب التصحيح حسب الأحوال».
التأصيل القضائي لهيئة التحكيم كان هو الملاذ أمام كل من حاول تحديد طبيعة هيئة التحكيم مستغلاً التشابه والتقارب، الكبير ما بين الهيئة القضائية (المحكمة العادية) وبين هيئة التحكيم.
كما لا يمكن للمدافع عن الطبيعة القضائية لهيئة التحكيم أن يصمد في مواجهة عدم نفاذ حكم التحكيم إلا بأمر من القضاء، وإمكانية الطعن عليه بالبطلان.
ويبدو لنا أن العقبة الرئيسية في هذا التحديد لطبيعة هيئة التحكيم يتعلق بوظيفة هيئة التحكيم التي تسعى من أجل الوصول إلى حل أكثر عدالة أو ملائمة لمصالح الطرفين، وذلك حتى ولو كانت ملزمة بتطبيق القانون، وهذا ما يطلبه الأفراد عند طرح نزاعهم على هيئة التحكيم. عكس الحال إذا ما لجأوا إلى القضاء حيث يكون غرضهم الحصول على حل قانوني للنزاع يفرض سيادة القانون في مجال معاملات الأفراد. وهو ما يسعى القضاء إلى تحقيقه بصرف النظر عن رضاء الأفراد عن الحل الذي ينتهي إليه القاضي.