الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • المحكم وهيئة التحكيم / جواز التنحي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 30 / استقالة المحكم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 30
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    125

التفاصيل طباعة نسخ

نظام المحكم القائم على صفته

كشخص ملزم القيام بعمل شيء محدد

مقدمة:

    وجود عقد تأدية خدمات: إن العلاقة التي تربط المحكمين بفرقاء النزاع هي علاقة عقديـة ناشئة عن عقد هو عقد تأدية خدمات يفرض على المحكمين وعلى الفرقاء موجبـات متبادلـة. وهذا العقد يختلف عن اتفاقية التحكيم المعقودة بين فرقاء التحكيم، والتي يكون موضوعها عرض النزاع عند حصوله على المحكمين.

   كما ان هذا العقد يظهر سمات لا تزال موضع نقاش، فهو عقد مدني يكون موضوعه ايـلاء المحكم مهمة قضائية. فبموجب هذا العقد يكون كل محكم مرتبطاً بكل من الطرفين، وفي هـذا السياق اعتبر الاجتهاد أن الطرفين المتنازعين يعينان سوية المحكم ويلتزمان معـا عقـد تأديـة الخدمات، حتى وإن يكن كل منهما قد عين في وقت سابق محكماً من قبله. وفي هذه الحالة فـإن المحكم المعين من أحد الطرفين يجب أن يكون مقبولاً من الطرف الآخرة. ويكون الأمـر نفـسه عندما يكون المحكم معينا من قبل المحكمين الآخرين أو مؤسسة تحكيمية أو شخص ثالث مكلـف لهذه الغاية.

   وغالباً ما يتبلور هذا العقد (عقد تأدية الخدمات من قبل المحكم) من خلال توقيع متزامن من قبل المحكمين والفرقاء ما يسمى وثيقة المهمة التحكيمية (acte de mission)، وعند انتفاء هـذه الوثيقة يمكن ان ينشأ العقد المذكور من خلال قبول المحكم مهمته وبقبـول صـريح أو ضـمني للفرقاء بتعيين كل من المحكمين. فالمحكم يلتزم تحقيق عمل بنموذج خاص: وهو الفصل في نزاع محدد كي يعتبر انه قد نفذ موجبه العقدي (أي أنه يلتزم بموجب تحقيق غاية – موجب نتيجة).

   إن عقد تأدية الخدمات من قبـل المحكـم هـو عقـد قـائم علـى الاعتبـار الشخـصي intuitus personnae بحيث يكون قابلاً للرجوع عنه، وبالتالي يمكن أن يـصـار الـى عـزل المحكم من قبل الفرقاء بصورة استنسابية دون حاجة الى بيان الأسباب ad nutum. وفـي هـذا السياق، نصت المادة 770 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني على انه لا يجوز عـزل المحكمين إلا بتراضي الخصوم جميعاً، وهذه هي ميزة عقد تأدية الخدمات من قبل المحكم، اذ ان فريقاً واحداً لا يمكنه ان يضع حداً لهذا العقد، وإن تكن شروط الغائه متوافرة.

     إن الغاية من هذا المنع هي الحؤول دون قيام طرف واحد بعزل المحكـم، بحيـث يكـون بإرادته المنفردة قد وضع حداً للمحاكمة التحكيمية، وتمكن من التملص من التحكيم.

   وبالمقابل فإن المحكم لا يمكنه أن يستقيل من مهمته ويضع حدا بإرادته المنفردة لعقد تأديـة الخدمات بدون أسباب جدية ومشروعة تبرر هذه الاستقالة.

   كما أن قواعد الأونسيترال للتحكيم بصيغتها المنقحة عام 2010 تطرقت إلى هذا الموضـوع، حيث نصت في المادة 13 فقرة 3 على انه إذا اعترض أحد الأطراف على أي محكم، جـاز لـكـل الأطراف أن يوافقوا على ذلك الاعتراض. ويجوز أيضا للمحكم، بعد الاعتراض عليه، أن يتنحى عن النظر في الدعوى. ولا تعتبر تلك الموافقة ولا ذلك التنحى إقراراً ضمنيا بصحة الأسباب التـ يستند إليها الاعتراض، كما نصت الفقرة 4 من المادة ذاتها على انه إذا لم يوافق جميع الأطـراف على الاعتراض، أو لم يتنح المحكم المعترض عليه، في غضون 15 يوماً مـن تـاريخ الإشـعار بالاعتراض، جاز للطرف المعترض أن يواصل إجراءات الاعتراض. وعليه في تلك الحالة، وفـي غضون 30 يوماً من تاريخ الإشعار بالاعتراض، أن يلتمس من سلطة التعيين بت الاعتراض.

   وقد استعادت القواعد المذكورة النص ذاته بصيغتها المعتمدة عام 2013 (قواعد الأونسيترال بشأن الشفافية في التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول).

   وتجدر الاشارة الى أن البعض استعمل كلمة الاستقالة والبعض الآخر استعمل كلمة تنح المحكم وكلاهما يعطي المعنى نفسه، وبالتالي لا حاجة للتوقف أمام هذا الاختلاف في التسمية.

   هذه المقدمة تدفعنا إلى استعراض الموجبات العقدية للمحكم.

   هذه الموجبات تفرض على عاتق المحكم ان يتمتع بالصفات المتفق عليهـا فـي العقـد، أن يوصل التحكيم الى نهايته، مما يحول دون امكانية تنحيه دون سبب مشروع، أن يتنبه الى عـدم استنفاد مهلة التحكيم، وأن يحافظ على سرية التحكيم.

   ان عدم تنفيذ المحكم موجباته يعرضه للعزل، الى خسارة حقه في الاتعاب، والـى إعمـال مسؤوليته المدنية.

أولاً- الموجبات العقدية للمحكم:

أ- موجب تضمن المواصفات المتفق عليها:

- تحديد الصفات المطلوبة للمحكم في اتفاقية التحكيم:

   ان معظم القوانين لا تفرض ان تتوافر في المحكم صفات مهنية محددة، ولكن ليس نادراً ان يحدد الفرقاء في اتفاقية التحكيم الصفات الخاصة التي يرغبون في وجودها لدى المحكـم. مثلاً انتماءه إلى مهنة محددة، كأن يكون متخصصاً في عقود تأجير السفن ، أو كأن يفقه لغة معينة؟، او كأن تكون لديه معرفة بقانون أجنبي معين. ومن المؤكد أن المحكم لا يمكنه أن يلتزم بموجب عقد تأدية الخدمات، الا اذا كانت تتوافر فيه شروط محددة.

- ما هو جزاء تخلف صفة مطلوبة لدى المحكم:

   إن الجزاء المترتب على تخلف صفة مطلوبة لدى المحكم تبقى من أكثر المـسائل المثيـرة للجدل، مما يطرح التساؤل عما اذا كانت المحكمة التحكيمية مشكلة بصورة غير صحيحة. وقـد اعتبر الاجتهاد ان تسمية محكم لا تتوافر فيه الصفات المطلوبة يمكن الطعن به من قبل أي مـن الطرفين أمام قاضي المؤازرة عند تعيين المحكم .

    أما انه بعد تشكيل الهيئة التحكيمية، وفي حال تبين ان أحد المحكمين لا تتوافر فيه الصفات المطلوبة، فالسؤال يطرح حول مدى أمكانية طلب رده؟

   ذهب رأي في الاجتهاد الى قبول هذا الطلب شرط ان يكون انتفاء الصفة المطلوبـة لـدى المحكم قد ظهر بتاريخ لاحق لتعيينه. ولكنه قضى بعدم قبول طلب الرد بحجة أن مهنة المحكـم كانت معلومة من طالب الرد بتاريخ سابق لتعيينه فيما انه لم يثر آية منازعة بشأنها فـي حينـه وكذلك قضي بإمكان أبطال القرار التحكيمي بسبب تشكيل الهيئة التحكيمية بصورة غير صحيحة، ولكن شرط ان يكون تخلف الصفة المطلوبة لدى أحد المحكمين قد جرى العلم به بعـد صـدور القرار التحكيمي .

ب - موجب إيصال التحكيم إلى نهايته:

   إن أولى موجبات المحكم الناشئة عن عقد تأدية الخدمات هي قيامه بتنفيذ المهمة موضـوع العقد، أي فصل النزاع واصدار قرار تحكيمي. وانه انطلاقا من عقد التحكيم، لا يجوز للمحكم أن يمتنع عن فصل النزاع واصدار قراره التحكيمي إلا في حالة القوة القاهرة التي تمنعه عن ذلك. اذ لا يمكن للمحكم ان يتنحى أي أن يتنازل عن متابعة المهمة دون وجود أسباب جدية تبرر ذلك.

   وفي هذا الإطار، نصت المادة 769 فقرتها الثالثة من قانون أصـول المحاكمـات المدنيـة اللبناني على أنه لا يجوز للمحكم، بعد قبول المهمة، التنحي أو الامتناع عن مباشرتها، إلا لسبب جدي، كما لو قام في شخصه سبب يبرر رده مثلا، والا جاز الحكم عليه بالتعويض للمتضرر.

   يتمثل هذا الأمر بتنفيذ المحكم موجبه عن طريق اتمام العمل المكلف به بموجب العقد (عقـد تأدية الخدمات) وذلك من خلال الفصل في القضية المعروضة أمامه واصدار حكم فيها، وقد نص قانون أصول المحاكمات المدنية الفرنسي صراحة على هذا الأمر في المادة 1462 منه التي جاء فيهـا: ."tout arbitre doit poursuivre sa mission jusqu'au terme de celle-ci". ولكن نهاية التحكيم لا تتم دائماً من خلال صدور القرار التحكيمي، اذ يمكن أن يضمحل موجـب المحكم نتيجة مصالحة جارية بين الطرفين، أو من خلال قيام سبب يؤدي الى سقوط المحاكمـة التحكيمية دون ان يكون مرتداً الى خطأ من قبل المحكم أدى الى هذا السقوط. ففي هذه الحالات، بالاضافة الى عدم امكان إعمال مسؤولية المحكم عن انتهاء المحاكمة التحكيمية قبل حلول أجلها، فإن حقه في الأتعاب يبقى قائماً، ذلك ان حق المحكم في الاتعاب يجد سببه في العمل الـذي قـام بتأديته هذا الأخير، بحيث أن هذه الاتعاب تبقى متوجبة له حتى وان لم يصدر القرار التحكيمـي وذلك منذ اللحظة التي كان فيها عمل المحكم أكيداً ودون أن يحصل أي إهمال من جانبه أدى الى عدم اتمامه التحكيم .

    وبالمقابل قد تطرأ أمور من شأنها أن تحول دون وصول التحكيم الى اصدار قرار تحكيمي، إذ تنتهي مهمة المحكم قبل انتهاء مهلة التحكيم، وهي حالات عددها المشترع اللبناني في المادة 781 أ.م.م، ومن بين هذه الحالات تنحي المحكم (وفاة، عزل، رد المحكم، قيام مانع يحول دون متابعته المهمة).

   فالتنحي، كما باقي الأسباب الأخرى، من شأنه أن يؤدي الى انقضاء الخصومة في التحكيم، اي الى انقضاء الرابطة التي تجمع بين الطرفين والمحكمين بسبب الدعوى. غيـر ان انقـضاء رابطة الخصومة لا يستتبع حتماً في في جميع الأحوال زوال الاختصاص التحكيمـي الـذي يـؤدي الى الغاء واجب الفصل في النزاع عن طريق التحكيم وبالتالي الى وجوب رفعه أمـام مـحـاكم الدولة.

   هنا يقتضي التفريق بين حالة التحكيم الناشئ عن عقد تحكيمي، بحيث أن انقضاء الخصومة او المحاكمة التحكيمية لسبب يتعلق بشخص المحكم، كاستقالته من مهمته، من شأنه ان يؤدي الى سقوط عقد التحكيم. فيما ان الأمر يختلف بالنسبة لحالة التحكيم الناشئ عن بند تحكيمي خاصة اذا لم يرد فيه تعيين المحكمين باسمائهم.

    من الطبيعي بسبب وجود عقد التحكيم ونتيجة قيامه صحيحاً، أنه لا يمكن للمحكم ان يتنحى عن مهامه، اي ان يعدل عن متابعة التحكيم دون قيام أسباب مشروعة تبرر هذا العـدول. فقـد اعتبر مثلاً ان التنحي يعتبر مقبولاً اذا كان مرتداً بسببه الى الحالة الصحية للمحكم، أو كان يجـد له سبباً مستجداً علم به المحكم بعد تعيينه، وكان يتمثل في تعارض المصالح بينه وبين أحد فرقاء التحكيم، أو كان سببه غشا ارتكبه باقي المحكمين... .

   وبالمقابل تقوم مسؤولية المحكم إذا كان تنحيه فقط بهدف تعطيل التحكيم". وقد صدرت عدة قرارات قضائية قضت بإعمال المسؤولية المدنية للمحكم تجاه الطرف الذي لحق به ضرر من هذا التند طالما ان تنحيه لم يكن مبرراً بصورة مشروعة، وبالتالي قضي بإلزام المحكم بـالتعويض لهذا الطرف عن الضرر الحاصل .

  أما الفقه فهو أقل صرامة بهذا الخصوص، اذ اعتبر ان المحكم لا يكون مسؤولاً الا في حال حصول استقالة من قبله تكون مستهدفة ايجاد طرق مماطلة، والتي تبرهن في نهاية الأمر وجـود ازدواجية لدى المحكم الذي كانت له مصالح مشتركة مع أحد الفرقاء.

   تبقى الاشارة الى ان المحكم يلتزم موجب القيام بعمل، بحيث لا يمكن إلزامه تنفيذه قسرا عند امتناعه عن القيام به انما تقتصر مسؤوليته عن هذا الامتناع علـى التعـويض علـى الطـرف المتضرر.

   كما تبقى الاشارة أيضاً الى أن استقالة المحكم، ان لم تكن مبررة في ظرفها، فهي تلزمه برد السلفات التي كان قد تقاضاها كأتعاب من الفرقاء طالما انه لم ينفذ موجبه العقدي دون قيام سبب جدي يبرر امتناعه عن تنفيذه. واعتبر الاجتهاد ان الأمر يكون هكذا في حـال أبطـل القـرار التحكيمي نتيجة خطأ ارتكبه المحكم أو ان القرار التحكيمي لم يصدر أصلاً بسبب انقضاء مهلـة التحكيم نتيجة تقاعس المحكم، أو نتيجة استقالة خاطئة من قبله، أو أن يكون قـد جـرى ابطـال القرار التحيكمي نتيجة غياب الاستقلالية لدى احد المحكمين. لكن خطأ أحد المحكمين لا يحـرم أعضاء الهيئة التحكيمية حقهم في تقاضي الاتعاب عن المهمة التحكيمية التي قاموا بها. وهذا ما قضت به محكمة استئناف باريس في قرار لها حيث قضت فيه بتوجب الاتعاب لعضوين فـي هيئة تحكيمية فيما كان العضو الثالث قد استقال من المهمة بطريقـة خاطئـة أثنـاء المحاكمـة التحكيمية مما حال دون وصول هذه المحاكمة الى نهايتها وبالتالي دون صدور قرار تحكيم باقي بنتيجتها.

ثانياً- مسؤولية المحكم:

   ان المسؤولية المدنية للمحكم التي هي مسؤولية عقدية تأتي نتيجة لعـدم تنفيـذه موجباتـه العقدية، وهذه المسؤولية يتحملها المحكم بصورة شخصية كونه قاضياً خاصاً اختير للفصل فـي هذه القضية دون سواها وليس كما هو الحال بالنسبة للقاضي الرسمي، حيث يصار الى مخاصمة الدولة عن طريق مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن إعمال القضاة العدليين، وهي تتحمل التعويض فيما يمكنها الرجوع به على القاضي (المادة 741 وما يليها من قـانون اصـول المحاكمات المدنية اللبناني).

   يجب ان تقام الدعوى بوجه كل محكم بمفرده، حتى وان كانت ترمي الى مقاضاة كـل المحكمين الذين هم أعضاء في هيئة تحكيمية واحدة، وذلك كـون العقـد الـذي يـربطهم بالمتقاضين هو عقد مدني وبالتالي فإن التضامن مستبعد بينهم وفقاً للمادة 24 مـن قـانون الموجبات والعقود لعدم وجود نص صريح بشأنه في العقد او نـص خـاص فـي القـانون يجيزه وكذلك لعدم امكانية استنتاجه من ماهية القضية كون مسؤولية كل من المحكمين تبقى مستقلة بذاتها عن مسؤولية الآخر. وفي هذا السياق يمكن ان تترتب المسؤولية علـى أحـد المحكمين فقط، كأن يكون قد امتنع عن كشف واقعة من شأنها ان تثير شكاً معقـولا حـول استقلاليته.

نظام مسؤولية المحكم:

   اعتبرت محكمة استئناف باريس أن مسؤولية المحكم تجاه الفرقاء يمكن أن تنـشـأ عـن اي تخلف عن قيامه بموجباته. فيما أن الفقه اعتبر أن اعتماد هذه الوجهة يشكل افراطاً في تحميل المسؤولية للمحكم، بينما أن هذه المسؤولية تستوجب لقيامها اثبات وجود خطأ جسيم مساو للخداع يكون قد ارتكبه المحكم أثناء تنفيذه مهمته. ذلك أن مسؤولية المحكم تبقـى خاضـعة للقـانون العادي للمسؤولية العادية لناحية موجبات الوسيلة وموجبات النتيجة الملقاة على عاتقه في معرض قيامه بمهامه.

    إن شروط المسؤولية التي يخضع لها المحكم هي تلك المقررة في القواعد العامة مع التشدد في مفهوم الخطأ الحاصل من قبل المحكم، اذ لا يمكن أن يعامل المحكم في هذا المجـال كـأي متعاقد بل يجب النظر اليه كشخص يقوم بوظيفة قضائية توجـب لـسلامة اتمامهـا الاستقلال والسلطة اللازمين ازاء الطرفين، مع بعض الحصانة التي تمكنه من القيام بمهمتـه، بحيـث أن مسؤولية المحكم لا يمكن إعمالها، إلا في حالة الخطأ الشخصي المعادل للغش والتدليس، أو فـي حال ارتكابه خطأً جسيماً أو استنكافه عن إحقاق الحق.

أمثلة على موجبات المحكم:

   تعتبر موجبات نتيجة تلك المتعلقة بكشف أية حالة يكون من شأنها ان تنال من استقلالية المحكم.

   التزام المحكمين الفصل في النزاع المعروض عليهم بمقتضى الاتفاق التحكيمي.

   وكذلك موجب عدم ترك مهلة التحكيم تنقضي دون اتمام المهمة من خلال اصـدار القـرار التحكيمي، ما لم توجد أعذار مشروعة تبرر التخلف عن اتمام المهمة.

   بينما على العكس فقد اعتبر موجب بذل عناية، أي موجب وسيلة، موجب المحافظـة علـى سرية التحكيم وعدم افشاء ما يتعلق به.

مدى إمكانية ادراج بند محدد للمسؤولية:

   السؤال المطروح: هل يمكن للمحكمين أن يحددوا مسؤوليتهم أو أن يستبعدوها كليا بموجـب بند إعفاء من المسؤولية؟

   هناك بعض المؤسسات التحكيمية التي تلحظ صراحة في أنظمتها أن المحكمـين يكونـون غير مسؤولين عن كل فعل أو تصرف أو إهمال تكون له علاقة بـالتحكيم (قواعـد CCI لعـام 1998 المادة 34).

   إن صحة هكذا بنود تبقى موضع مناقشة. فبحسب القانون الفرنسي ولئن كـان المبـدأ هـو صحة البنود المعفية من مسؤولية المحكم، إلا أنها تكون دون أي أثر في حالـة الغـش والخطـأ الجسيم أو عندما يكون الموجب الذي لم يتم تنفيذه هو موجباً أساسياً في العقد. وقد أكدت محكمـة بداية باريس في حكم أصدرته صحة هكذا بند مستندة إلى المبدأ المنصوص عنـه فـي القـانون المدني الفرنسي لجهة الإعفاء من المسؤولية، والذي كان واردا في نظام التحكـيم لـدى غرفـة التجارة الدولية، تطبيقاً للمادة 1150 من القانون المدني الفرنسي23. تقتضي الاشارة الى أن المادة المذكورة تقابلها المادة 262 من قانون الموجبات والعقود اللبناني التي نصت على: "ان التعويض في حالة التعاقد قد لا يشمل سوى الأضرار التي كان يمكن توقعها عند انشاء العقد ما لـم يكـن المديون قد ارتكب خداعا".

   أما القانون اللبناني فقد جاء في المادتين 138 و139 موجبات وعقود يعين شروط الاعفـاء من المسؤولية، مستبعداً بند الاعفاء في حال نشوء الضرر عن فعل احتيال أو عن خطـأ فـادح، وأجازه لو نتج الضرر المادي عن العمل أو الخطأ غير المقصود، لكنه منع الاعفاء بوجه مطلق إذا أصاب الضرر الشخص في سلامة جسمه وفي حياته.

   وقد جاءت قواعد تحكيم اليونسترال متوافقة مع هذا التوجه، إذ نصت المادة 16 منها علـى استبعاد المسؤولية، حيث ورد فيها: "باستثناء الخطأ المتعمد، يتنازل الأطراف، إلى أقصى مـدى يسمح به القانون المنطبق، عن أي ادعاء على المحكمين أو سلطة التعيين، وأي شخص تعينه هيئة التحكيم بسبب أي فعل أو تقصير متعلق بالتحكيم".