اتفاق التحكيم / اثر اتفاق التحكيم على ولاية المحكم على المسائل المستعجلة وإصدار الأوامر الوقتية / الكتب / التحكيم والوساطة الاتفاقية / نطاق تدخل القضاء في إجراءات التحقيق في القانون المصري
نطاق تدخل القضاء في إجراءات التحقيق في القانون المصري
اشترط المشرع المصري لتدخل القضاء للحصول على أدلة الإثبات أن يكون ذلك بناء على طلب من هيئة التحكيم، فللهيئة التحكيمية وحدها الحق في اللجوء إلى القضاء لطلب المساعدة، أما الأطراف فلا يجوز لهم التوجه إلى المحكمة من تلقاء نفسهم لطلب توقيع غرامة على من تخلف من الشهود أو الأمر بالإنابة القضائية.
وبناء على ذلك، فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون التحكيم المصري على أنه يختص رئيس المحكمة المشار إليها في المادة 9 من قانون التحكيم المصري وبناء على طلب هيئة التحكيم الحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة بالجزاءات المنصوص عليها في المادتين 78 و 80 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية 108، كما أعطت الفقرة الثانية من المادة 37 المذكورة نفس الاختصاص لرئيس المحكمة المنصوص عليها في المادة 9 من قانون التحكيم المصري بالأمر بالإنابة القضائية .
ونظرا إلى عدم تمتع هيئة التحكيم بسلطة الإلزام حتى يمكن لها الحصول على دليل الإثبات المستقى من الشهادة فإنه يجوز لها اللجوء إلى القضاء ليلزم الشهود بالحضور حتى يتسنى لهيئة التحكيم سماع أقوالهم.
وفي سبيل تحقيقها لعناصر خصومة التحكيم تقوم هيئة التحكيم بسماع أقوال الشهود عن طريق إعلانهم بالطرق المقررة قانونا للحضور أمام هيئة التحكيم، فإذا امتنع الشهود عن الحضور للإدلاء بأقوالهم أمام هيئة التحكيم.
ويذهب بعض الفقه للقول في شأن تخويل القضاء سلطة تنفيذ هذه الإجراءات بناء على طلب الهيئة التحكيمية إلى أنه «حسنا فعل المشرع حين قصر على هيئة التحكيم الحق في طلب المساعدة القضائية في مسائل الإثبات وذلك لسببين:
1- أن هيئة التحكيم تتمتع بسلطة تقديرية كاملة في قبول أو رفض طلب الحصول على أدلة الإثبات وذلك وفقا لمبدأ حرية الاقتناع القضائي من ذلك مثلا أن ترفض سماع شاهد إذا رأت أن سماعه غير مجد أو أن ترفض الأمر بالإنابة إذا رأت عدم جدية الطلب... وسلطة الهيئة هنا ليست مطلقة وإنما تخضع للرقابة القضائية اللاحقة من خلال البطلان للإخلال بحقوق الدفاع.
2- أن السماح للأطراف باللجوء إلى القضاء لطلب إجبار شاهد على الإدلاء بشهادته أو الأمر بالإنابة القضائية على الرغم من أن هيئة التحكيم لا ترى ضرورة لمثل هذا الدليل فيه - مضيعة للوقت والنفقات والمجهود فالهيئة في النهاية هي صاحبة القرار في الأخذ بهذا الدليل من عدمه، وبالتالي هي التي يجب أن تقرر ما إذا كانت هناك ضرورة تستدعي التوجه إلى القضاء لاتخاذ الدليل المطلوب أم لا.
ويتضح باستقراء نصوص قانون التحكيم المصري أن هذا الأخير قد اعترف للقضاء بسلطة التدخل أثناء خصومة التحكيم للمساعدة في الحصول على أدلة الإثبات، إلا أن هذه النصوص قد قيدت من سلطة المحاكم في شأن اتخاذ ما يلزم من إجراءات التحقيق المذكورة وذلك من خلال اشتراط أن يتم اللجوء إلى القضاء بناء على طلب من هيئة التحكيم ذاتها على خلاف باقي الإجراءات التحفظية والوقتية التي يمكن أن يتخذها القضاء الاستعجالي بناء على طلب أحد الأطراف طبقا للفقرة الثانية من المادة 24 من هذا القانون.