الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / اثر اتفاق التحكيم على ولاية المحكم على المسائل المستعجلة وإصدار الأوامر الوقتية / الكتب / سلطة القضاء إزاء خصومة التحكيم / سلطة القضاء المعاونة لهيئة التحكيم بعد تشكيلها في إصدار التدابير الوقتية والتحفظية

  • الاسم

    د. فهيمة أحمد علي القماري
  • تاريخ النشر

    2017-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الكتب والدرسات العربية
  • عدد الصفحات

    287
  • رقم الصفحة

    185

التفاصيل طباعة نسخ

سلطة القضاء المعاونة لهيئة التحكيم بعد تشكيلها في إصدار التدابير الوقتية والتحفظية

  والسؤال الذي يتبادر للذهن هو هل تنفرد هيئة التحكيم بإصدار الأوامر الوقتية والتحفظية وتنزع كل سلطات قضاء الدولة حيالها ؟ أم يظل القضاء مساعدا لهيئة التحكيم رغم سير إجراءات التحكيم أمام المحكمين وانفرادهم بالفصل فيه ؟

يتبين لنا من خلال نص المادتين (14) و (24) من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أن المشرع المصري اتخذ موقفا وسطا تجاه هذه المسألة، فقد أجازت المادة الأولى منهما " لأي من طرفي التحكيم أن يلجأ إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر التراع ويطلب منها أن تأمر باتخاذ تدابير وقتية أو تحفظية سواء قبل البدء في تشكيل هيئة التحكيم أو أثناء سیرإجراءاته " .

  أي أنها اعتبرت اختصاص هذه المحكمة اختصاصا أصيلا لا ينفك عنها بعد السير في إجراءات التحكيم إلا باتفاق طرفي التحكيم على أن يكون لهيئة التحكيم بناء على طلب أحدهما أن تأمر باتخاذ ما تراه من تلك التدابير وهو ما نصت عليه المادة 1/24 من أنه " يجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على أن يكون لهيئة التحكيم، بناء على طلب أحدهما، أن تأمر أيا منهما باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة أو تحفظية تقتضيها طبيعة التراع، وأن تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدبير الذي تأمر به " فإذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه، جاز لهيئة التحكيم، بناء على طلب الطرف الآخر، أن تأذن لهذا الطرف في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه، وذلك دون إخلال بحق هذا الطرف في أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون الأمر بالتنفيذ .

   أما عن موقف قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994 فإنه اتخذ موقفا وسطا بين الاتجاهين السابقين حيث أنه وزع الاختصاص باتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية بين قضاء الدولة وبين المحكم حيث أنه أعطى لهذا القضاء - من حيث الأصل – سلطة الأمر بها، وأجاز فى ذات الوقت لطرفى التحكيم الاتفاق على منح هذه السلطة إلى هيئة التحكيم، وذلك على نحو ما جاء بالمادتين (14) و(1/24) من قانون التحكيم.

   بل ومنحت المادة الأولى منهما فى فقرتها الثانية لأى من طرفى التحكيم الإلتجاء إلى قضاء الدولة رئيس المحكمة المختصة بطلب الأمر بتنفيذ تلك التدابير الوقتية أو التحفظية الصادرة من هيئة التحكيم . 

  ثم ما أجازته المادة 24 لهيئة التحكيم في أن تصدر أحكاما وقتية، كل ذلك يقطع بجواز اتفاق طرفي التحكيم صراحة على استبعاد محاكم الدولة (المحكمة المختصة) أثناء سير إجراءات - أي بعد تشكيل هيئة التحكيم وانعقادها - من سلطة إصدار التدابير الوقتية والتحفظية المتعلقة بموضوع التحكيم . 

   أما قبل البدء في إجراءات التحكيم فإنه لا يجوز للأطراف الاتفاق صراحة على استبعاد اختصاص تلك المحكمة وذلك لإنطواء هذا الاتفاق على إخلال بإحدى ضمانات التقاضي الرئيسية في إعداد الأدلة وحفظها وإثبات مادياتها وذلك باعتبار أن هذه المحكمة وفق نص المادة التاسعة من قانون التحكيم قد أصبحت دون غيرها صاحبة الاختصاص بنظر كافة المسائل الداعمة والمساندة للتحكيم حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم . 

   بالإضافة إلى ذلك فإنها حلت محل قاضى الأمور المستعجلة في اتخاذ التدابير الوقتية أو التحفظية ذات الصفة المستعجلة المتعلقة بالتحكيم .

   وأيضا يحل قاضي التنفيذ فيما خولته المادة 2/24 من قانون التحكيم لرئيسها في إصدار الأمر بتنفيذ ما تصدره هيئات التحكيم من تدابير مؤقتة أو تحفظية وهما اختصاصان لها متعلقان بالنظام العام - وذلك استثناء من قواعد الاختصاص الواردة بشأنهما في قانون المرافعات المدنية والتجارية - وذلك كله ما لم يتفق أطراف التحكيم ضمنا باستبعاد قضاء الدولة بالإحالة إلى لائحة غرفة أو مركز تحكيم يضع إجراءات من  شأنها استبعاد قضاء الدولة المحكمة المختصة . وهو أمر آخر و ذلك لأن إرادة من أطراف منازعة التحكيم تلعب دورا هاما في الاتفاق على القواعد الإجرائية أو القانون الذي يحكم إجراءات سير المنازعة التحكيمية وذلك سواء عن طريق تنظيمهم صراحة لهذه القواعد أو اختيار اللجوء إلى أحد المراكز التحكيمية الدائمة أو التي تنشئها اتفاقية دولية أو اجتماعية أو المراكز الدائمة ذات الطابع الدولي أو النوعي.

   والتي تضع كل منها أحكاما لائحية تشمل إجراءات تشكيل هيئة التحكيم واختيار المحكمين وإجراءات سير المنازعة والقواعد التي تكفل تقديم الأدلة واتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية وكيفية صدور الحكم في المنازعة وشروطه بحيث لا يكون لإرادة أطراف التحكيم من بعد اتفاقهم على الإحالة إلى أى منها سوى مكان التحكيم .

    لقد فطن المشرع المصري لأهمية اتفاق طرفي التحكيم على اللجوء إلى أحد مراكز التحكيم الداخلية أو الدولية فأورد في المادة السادسة منه (إذا اتفق طرفا التحكيم على إخضاع العلاقة القانونية بينهما لأحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم) كما أورد في المادة 25 منه النص على أن " لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أية منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها " .

    ومفاد هاتين المادتين أنه متى اتفق طرفا التحكيم على إخضاع العلاقة القانونية بينهما ومنها الإجراءات التي يتعين على هيئة التحكيم إتباعها لأحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة تقررها منظمة أو مركز تحكيم بمصر أو خارجها يتعين التقيد بها ومنها بالضرورة ما تشمله وثائق هذه المنظمة أو المركز من استبعاد قضاء الدولة ( المحكمة المختصة وفقا للمادة (9) من اختصاص بإصدار التدابير الوقتية أو التحفظية وإسنادها إلى هيئة داخلة لها .

   ويثار التساؤل حول ما إذا كان قضاء الدولة ( المحكمة المختصة في قانون التحكيم المصري ) يختص بإصدار التدابير الوقتية أو التحفظية دون التقيد بقواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية فى إصدار الأوامر على عرائض أم أنه يتعين أن يتقيد بها ؟ 

 وهل هذا القضاء يملك إصدار أمر الحجز التحفظي كتدبير وقتي وفقا للقواعد الواردة في قانون المرافعات أم يمتنع عليه ذلك لإنفراد هيئة التحكيم بنظر موضوع المنازعة ومنها الحكم بثبوت الحق وصحة الحجز تبعا له ؟ 

   بالنسبة للسؤال الأول فإنه لما كنا قد انتهينا إلى أن ما يقدره قضاء الدولة(المحكمة المختصة ) بشأن التدابير الوقتية أو التحفظية إنما يعد أحكاما وليست أوامر باعتبارها تصدر من المحكمة التي كانت مختصة بحسب الأصل في نظر التراع وذلك مقابل تشكيلها وفى خصومة قضائية تقام بدعوى وفقا لإجراءات رفع الدعاوى ومن ثم فإنه في تقديرنا لا يكون لها أن تتقيد بالقواعد المنظمة للأوامر على عرائض الواردة في قانون المرافعات المصري في المواد من 194 حتى 200 ومنها على وجه الخصوص المادة الأولى منها التي لا تجيز إصدار أمر على عريضة في غير الأحوال التي ينص عليها القانون وعلى ذلك فيجوز لتلك المحكمة أن تصدر بناء على طلب أحد طرفي الدعوى التحكيمية بتسهيل خطاب الضمان أو لوقف تسييله وصرف قيمته توافر في الطلب الشروط المؤدية له كتدبير لازم لتأمين تنفيذ حكم التحكيم عند صدوره وذلك خلافا لما ذهب إليه قضاء النقض في أحد أحكامها .

   أما عن مدى أحقية قضاء الدولة في استصدار حكم بالحجز التحفظي على الرغم مما توجبه المادة 302/320 من قانون المرافعات على طالب الحجز أن يقيم دعوى بثبوت الحق وصحة الحجز خلال ثمانية أيام أمام المحكمة المختصة وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن في حين أن هيئة التحكيم هي المختصة بثوت ذلك الحق ؟ وهو ما يترتب عليه في حالة الأخذ بالرأي القائل بأحقية قضاء الدولة في دعمه لهيئة التحكيم في أن يصدر حكما بإجراء الحجز التحفظي كتدبير وقتي في حين أنه يتعذر على طلب الحجز الإلتجاء إليه خلال ذلك الميعاد للحكم له بثبوت الحق وصحة الحجز المنوط في الأصل لهيئة التحكيم للفصل فيه .

  لقد عرض هذا الأمر على قضاء تمييز بدبي انتهى فيه إلى " جواز أن يلجأ طلب استصدار أمر الحجز التحفظي خلال الأجل المحدد لتاريخ توقيع الحجز إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر التراع طبقا للقواعد العامة طالبا منها لحكم ثبوت الحق وبصحة الحجز يفرض إيقافها إلى حين صدور حكم من هيئة التحكيم في موضوع النزاع ثبوت الحق وبصحة الحجز وهو ما ترى معه وجوب الأخذ تيسيرا لطرفي خصومة التحكيم متى كان إصدار الحكم بالحجز التحفظي يحقق لهما الغاية من اعتباره إجراء وقيا لتأمين تنفيذ حكم الحكمين فيما بعد .

   وتطبيقا لذلك أيضا قضت هيئة التحكيم فى حكم لها بأنه " وحيث أن المشرع المصرى منح فى المادة (42) لهيئة التحكيم سلطة إصدار أحكام وقتية قبل إصدار هيئة التحكيم حكمها في الموضوع. ويكون لهيئة التحكيم هذه السلطة سواء اتفق الأطراف على تخويلها هذه السلطة أم لم يتفقوا على ذلك فاتفاقهم على التحكيم في نزاع معين يعنى وقد استندت فى حكمها إلى الآتى : أما بخصوص ما جاء وفقا لنص المادة 2/147 مدنى فإنه إذ طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن له يد فيها وترتب على حدوثها أم تنفيذ الالتزام التعاقدى وأن لم يصبح مستحيلا صار موهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضى تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك . فيجب إذن أن تزيد تكاليف العمل بسبب هذه الحوادث الاستثنائية العامة التي لم تكن في الحسبان وقت التعاقد زيادة فاحشة بحيث تجعل تنفيذ التزامات المقاول ليست مستحيلة لأننا لسنا بصدد قوة قاهرة بل مرهقة وغير مألوفة فالخسارة المألوفة في التعامل لا تكفى إذا لتعامل بطبيعته ككسب وخسارة وإنما يجب أن تكون الخسارة فادحة مرهقة .

   ويلاحظ أنه لا يزيد القاضي الأجر زيادة تجعل المقاول لا يتحمل أية خسارة من زيادة التكاليف بل هو يحمل المقاول أولا الزيادة المألوفة للتكاليف ثم ما زاد على التكاليف المألوفة يقسم مناصفة بين المقاول ورب العمل فيتحمل كل منهما نصيبه من هذه الخسارة غير المألوفة .

   فالعقد شريعة المتعاقدين لا يجوز تعديله إلا باتفاق الطرفين فإذا كانت العبارة واضحة فلا يجوز إخضاعها لقواعد الطرفين فإذ كانت العبارة واضحة فلا يجوز إخضاعها لقواعد التفسير للحصول.