اتفاق التحكيم / أثر اتفاق التحكيم على تقادم الدعوى أو سريان الفوائد او على مواعيد السقوط والتقادم / الكتب / عقد المحكم بين تشريعات التحكيم وتطويع القواعد العامة في القانون المدني / اثار التحكيم
يترتب على إبرام عقد المحكم وجود التزامات على عاتق طرفيه، افالمتحاكمين يتحملون بعدة التزامات، أهمها الالتزام بعرض النزاع على
هيئة التحكيم، والالتزام بدفع الأتعاب المحددة للمحكمين، كما أن المحكم يتمتع بعدة حقوق مالية وأدبية، ومجموعة من السلطات والصلاحيات التي تمكنه من أداء المهمة التحكيمية، وفي ذات الوقت يتحمل المحكم عدة التزامات في المراحل المختلفة التي تمر بها عملية التحكيم.
ولا شك أن صلاحيات المحكم وسلطاته تثير العديد من التساؤلات حول مدى إمكانية تمتعه بنفس سلطات القاضي عند نظر العقد المعروض عليه، كما أن الطابع الشخصي لالتزام المحكم بأداء مهمته، يدعو إلى التساؤل حول مدى إمكانية إجراء التنفيذ المبني لهذا الالتزام، التزامات المتعاقدين لا يلتزم المتحاكمين بعرض النزاع على هيئة التحكيم، والالتزام بعدم اللجوء إلى قضاء الدولة، كما أنهم يلتزموا بالحضور أمام المحكمين، ويلتزمون أيضا بدفع الأتعاب المتفق عليها للمحكمين نتيجة الجهد والعناء الذين يبذلونه لأداء المهمة التحكيمية.
يلتزم المتحاكمين بالحضور أمام المحكمين طبقا للعقد المبرم بينهم وبين المحكمين، وتبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي، ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر، وقد نصت المادة (۲۱) من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي على أنه: " تبدأ إجراءات التحكيم في نزاع ما في اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلبا بإحالة ذلك النزاع إلى التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك .
ويجب على المدعي أن يرسل خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين، أو الذي تعينه هيئة التحكيم، إلى المدعى عليه، وإلى كل واحد من المحكمين بيانا مكتوبا بدعواه يشتمل على أسمه وعنوانه وأسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد المسائل محل النزاع، وطلباته، وكل أمر أخر يستلزم اتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان.
وإذا كان المدعي يلتزم بإرسال هذا البيان إلى المدعى عليه. والى كل واحد من المحكمين، فإن المدعى عليه يلتزم أيضا بأن يرسل - خلال الميعاد المتفق عليه - إلى المدعي وإلى كل واحد من المحكمين مذكرة مكتوبة بدفاعه ردا على ما جاء ببيان الدعوى، كما أن له أن يضمن هذه المذكرة أية طلبات عارضة متصلة بموضوع النزاع أو أن يتمسك بحق ناشئ عنه بقصد الدفع بالمقاصة، حتى ولو كان ذلك في مرحلة لاحقة من الإجراءات، طالما أن هيئة التحكيم قد رأت أن هناك ظروف تبرر ذلك.
وإذا لم يلتزم المدعي بتقديم البيان المكتوب بدعواه ، وجب أن تأمر هيئة التحكيم بإنهاء إجراءات التحكيم، إلا إذا أتفق الطرفان على غير ذلك، وكذلك إذا لم يقدم المدعى عليه مذكرة بدفاعه.
التزام المتحاكمين بدفع الأتعاب يلتزم الخصوم بدفع الأتعاب للمحكمين نظير قيامهم بأداء المهمة التحكيمية والفصل في النزاع المعروض عليهم، وقد يتم الاتفاق على هذه الأتعاب في عقد المحكم الذي يتم بين الخصوم والمحكمين، وفي هذه الحالة يجب على الخصوم الالتزام بدفع المبلغ المحدد المتفق عليه في العقد.
ولا يفوتنی التنويه إلى أنه إذا كانت مسئولية المحكم بم .. نقوم في حالة إرتكابه خطأ سبب ضررا للخصوم، فإنه يحق أيضا للمحكم الحصول على التعويض بالإضافة إلى الأتعاب، في حالة ارتكاب أحد الخصوم خطئا سبب أضرارا له، كما في حالة قيام أحد الخصوم بطلب رد المحكم دون مبرر قانوني، ولكن لمجرد التشهير به والإساءة إلى سمعته ومكانته الأدبية، فإنه يجوز في هذه الحالة رفع دعوى المسئولية المدنية على الخصم الذي قام بذلك، ومطالبته بالتعويض، طبقا للقواعد العامة في المسئولية المدنية، خاصة وأنه لا يوجد نص خاص و قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1994 يعالج هذه الجزئية.
كما أن المحكم يتمتع بعدة سلطات وصلاحيات، تتمثل في البت في وجود اتفاق التحكيم من عدمه - والبت في مسألة اختصاصه، وتحديد مكان التحكيم ولغته، ومدى صلاحيته في تعديل نطاق الدعوى والتزامات الأطراف، ومدى إمكانية تفسير العقد وتحديد القانون الواجب التطبيق، وهل له الحق في الحكم بالتعويض؟
تجدر الإشارة إلى أن قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1999 قد خلا من النص على تقرير حق المحكم في الحصانة ، وأرى قصورا في ذلك ، وأتفق مع الرأي آنف البيان في ضرورة الاعتراف للمحكم بالحصانة، ولكن بشرط أن يكون ذلك مقتصرة على المكان الذي يمارس فيه مهمته التحكيمية، حتى يشعر بالطمأنينة وعدم القلق، ويحقق دون خوف العدالة، وأعتقد أن فكرة الحصانة المطلقة، لا يمكن قبولها، حتى لا يستبد المحكمون عند أدائهم لمهمتهم، وأن ينظم القانون كيفية مساءلتهم مثلما ينظم حقهم في الحصانة.
ولا يفوتني التنويه إلى حق المحكم في عدم عزله أو رده دون مبرر قانوني، فلا يجوز رده إلا إذا قامت ظروف تثير شكوك حول حيدته ، كما أنه لا يجوز لأي من طريق التحكيم رد المحكم الذي عينه أو اشترك في تعيينه إلا لسبب تبينه بعد أن تم هذا التعیین،ويمكن للأطراف الذين اختاروا المحكم أن يعزلوه، ولا يكون ذلك إلا باتفاق صريح بين جميع الأطراف، وليس لأي طرف أن بون المحكم منفردا ، حتى ولو كان هو الذي عينه، وفي حالة عدم وجود الاتفاق على عزل المحكم، فإن المحكمة المختصة يجوز لها أن تنهي المهمته، إذا طلب منها ذلك أي من الطرفين. وقد نصت المادة (۲۰) من قانون التحكيم المصري على أنه: "إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها، بما يؤدي إلى تأخير لا مبرر له في إجراءات التحكيم، ولم يتنح ولم يتفق الطرفان على عزله، جاز للمحكمة المشار إليها في المادة (۹) من هذا القانون، الأمر بإنهاء مهمته بناء على طلب أي من الطرفين، من أنه إذا كان القانون قد أعطى للأطراف الحق في الاتفاق على عزل المحكم، فإن ذلك لا يتم دون مبرر، كما في حالة تعذر قيام الحكم بأداء مهمته أو عدم مباشرتها أو انقطاعه عن أدائها، أما إذا لم يصدر منه أي فعل يدل على عدم رغبته في أداء المهمة التحكيمية، فلا این عزله، وإلا تحمل الأطراف المسئولية عن ذلك طبقا للقواعد العامة، خاصة إذا كان العزل لسبب يحمل إهانة للمحكم.
خاصة وأنه يوجد عقد بين الخصوم وبين المحكم، ويجب على أطراف هذا العقد احترام بنوده، وأهم هذه البنود هو الاتفاق على قيام المحكم بأداء المهمة التحكيمية والفصل في النزاع الذي سيعرض عليه، ومن ثم يتعين احترام هذا الاتفاق، وعدم عزل المحكم إلا إذا لم ينجز مهمته.
ومن ثم، فإن للمحكم الحق في أداء مهمنه حتى نهايتها ، طالما لا يوجد مبرر لعزله أو رده، ويتضح ذلك من الموقف التشريعي، حيث وضع المشرع في القانون رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹4 عدة ضوابط وضمانات، في حالة عزل المحكم، كما في النص على عدم العزل إلا إذا أتفق الأطراف جميعا على ذلك ، وكما في تولى القضاء الفصل في هذه المسألة، إذا طلب العزل أحد الخصوم، ويعني ذلك وجود رقابة قضائية على ممارسة أي من الخصوم لحقه في طلب عزل المحكم.