اتفاق التحكيم / أثر اتفاق التحكيم على تقادم الدعوى أو سريان الفوائد او على مواعيد السقوط والتقادم / الكتب / شروط اتفاق التحكيم وأثاره / أثر اتفاق التحكيم في مدة إسقاط الخصومة ومدة تقادم أصل الحق المدعى به
أثر اتفاق التحكيم في مدة إسقاط الخصومة ومدة تقادم أصل الحق المدعى به
تنص المادة (۳۸۳) من القانون المدني المصري على أنه ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، وبالتنبيه، وبالحجز، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى".
فهذا النص يوضح لنا أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية، ومن هنا يمكن طرح التساؤل التالي:
هل يعتبر اتفاق التحكيم بمثابة مطالبة قضائية، ومن ثم ينقطع به التقادم؟
للإجابة على هذا التساؤل، فقد فرق الفقه بين حالتين:
- الاتفاق على التحكيم قبل رفع الدعوى.
-الاتفاق على التحكيم بعد رفع الدعوى.
أولا: إبرام اتفاق التحكيم قبل رفع الدعوى:
اختلف الفقه الفرنسي بشأن أثر إبرام اتفاق التحكيم في مثل هذه الحالة، وذلك على عدة آراء:
۱ - ذهب الرأي الأول للقول إن : الاتفاق على التحكيم في مثل هذه الحالة، من شأنه قطع مدة التقادم شأنه في ذلك شأن التكليف بالحضور.
وهو ما أكدته محكمة النقض السورية بقولها إن: "الاتفاق على التحكيم يُعدُّ مانعاً قانونياً يحول دون اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالحق، ويعتبر بمثابة مطالبة بالحق بالنسبة إلى الدائن ولا تبدأ مدة جديدة للتقادم إلا بعد سقوط ذات المشارطة بالتقادم أو بعد انقضاء الخصومة أمام المحكم بغير حكم في موضوعها، أو بعد إعلان الحكم الصادر من المحكم.
ويرى الاتجاه الثالث من الفقه بأن مشارطة التحكيم في ذاتها ليس من شأنها قطع التقادم، وإنما الذي يقطعه تنفيذ المشارطة. ويتحقق ذلك بتكليف الخصوم بالحضور أمام المحكم، أو بحضورهم بالفعل أمامه.
ويؤيد هذا الرأي جانب من الفقه المصري . حيث يرى أن المشارطة في ذاتها لا تقطع التقادم، على اعتبار أن المشارطة ليست إلا اتفاقاً على عرض النزاع على هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فيه، والنزول على ما تقضي به وبنفس الوقت فإن المشارطة لا تتضمن مطالبة بالحق، أو تكليفاً للخصوم بالحضور أمام هيئة التحكيم.
ويشير هذا الفقه إلى أن الانقطاع يحصل نتيجة للطلبات المقدمة من الدائن إلى هيئة التحكيم أثناء نظرها في النزاع إذا كانت تتضمن تمسكه بحقه.
ومن ناحية أخرى يذهب هذا الفقه للقول: إن المشارطة وإن كانت لا تعتبر في ذاتها قاطعة للتقادم، إلا أن من شأنها أن تحدث هذا الأثر، وذلك إذا تضمنت إقراراً من المدين بحق الدائن، وسواء أكان هذا الإقرار صريحاً أم ضمنياً. فالانقطا. هنا ليس سببه المشارطة بذاتها، وإنما الإقرار الصادر من المدين بحق الدائن.
وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية في أحد أحكامها التي قضت فيها بأن مجرد" تحرير مشارطة التحكيم والتوقيع عليها لا يقطع أيهما في ذاته مدة التقادم ، لأن المشارطة ليست إلا اتفاقا على عرض نزاع معين على محكمين والنزول على حكمهم، ولا تتضمن مطالبة بالحق أو تكليفا للخصوم بالحضور أمام هيئة التحكيم، وإنما يمكن أن يحصل الانقطاع نتيجة للطلبات التي يقدمها الدائن للمحكمين أثناء السير في التحكيم إذا كانت تتضمن تمسكه بحقه .
ثانيا: إبرام اتفاق التحكيم بعد رفع الدعوى:
لا خلاف في هذه الحالة أن التقادم على أصل الحق ينقطع بالمطالبة القضائية، استنادا إلى نص المادة (۳۸۳) من القانون المدني المصري. فالتقادم في مثل هذه الحالة لا ينقطع بإبرام اتفاق التحكيم، وإنما برفع الدعوى أمام القضاء. ويظل هذا الأثر طالما أن الخصومة مازالت قائمة. ويبقى أصل الحق في مأمن من أي سقوط أساسه مضي المدة، وتظل الخصومة مصدر حمايته، ولو وقف السير فيها المدة المسقطة للحق بالتقادم، مادامت لم تنقض بأي : سبب من أسباب السقوط. وإذا انقضت الخصومة دون الحكم في موضوعها زالت وزالت معها كافة الآثار المترتبة عليها ، ولا تعتبر المطالبة بالحق في الخصومة المنقضية قاطعة لمدة سقوط الخصومة.
ويرى جانب من الفقه أن كل ذلك بالإضافة إلى أن إبرام اتفاق التحكيم بعد رفع الدعوى، يُعدُّ في ذاته إجراء قاطعاً للتقادم، وذلك استنادا إلى نص المادة (۳۸۳)- آنفة الذكر - والتي تقرر قطع التقادم بأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى.
ومن ناحية أخرى يرى هذا الفقه أن من شأن اتفاق التحكيم المبرم بعد رفع الدعوى، الحيلولة دون موالاة إجراءات الخصومة، باعتباره مانعا قانونياً يحول دون اللجوء إلى القضاء، مما يترتب عليه وقف مدة سقوط الخصومة ووقف مدة ستة الأشهر المقررة في المادة (۱۲۸) من قانون المرافعات المصري، والتي تجيز لطرفي الخصومة بناء على اتفاقهما - طلب وقف الدعوى لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهما، بحيث تستأنف الدعوى سيرها في ثمانية الأيام التالية لنهاية مدة الوقف، وإلا اعتبر المدعي تاركا دعواه، والمستأنف تاركا استئنافه، وتقف المدة المتقدمة طوال الوقت الذي تستغرقه الدعوى أمام المحكم، ولا تستأنف إلا بانقضاء الموعد المحدد الذي يتعين فيه على المحكمين الفصل في النزاع.