سبق أن بينا أنه إذا رفع أحد أطراف اتفاق التحكيم دعوى أمام قضاء الدولة ادفع الطرف الآخر بالتحكيم، فلن تستجيب المحكمة لهذا النفع إلا إذا كان دفعا مؤسسا أي إلا إذا كان هناك بالفعل اتفاق تحكيم وكان هذا الاتفاق صحيحا، فإذا أثير النزاع - سواء من تلقاء نفس المحكمة أو بناء على دفع أو طلب من الخصم حول وجود اتفاق التحكيم أو حول صحته فيجب التصدي لهذا النزاع أولا وحسمه قبل الفصل في الدفع بالتحكيم ، لأن النزاع حول وجود أو صحة اتفاق التحكيم يعتبر مسألة أولية للقول بقبول الدفع بالتحكيم أو عدم قبوله ، لذا فإنه يتعين حسمها أولا.
والدفع ببطلان اتفاق التحكيم هو دفع موضوعي ,
لأنه يتعلق بمدى صحة أو بطلان اتفاق التحكيم نفسه ، فهو ليس دفعا إجرائيا لأنه لا يتعلق بالإجراءات ، كما أنه ليس دفعا بعدم القبول لأنه لا يستهدف منع المحكمة من نظر الدعوى بل على العكس يستهدف أن تنظر المحكمة الدعوى .
التنازل عنه صراحة أو ضمنا، كما يجوز للمحكمة أثارته من تلقاء نفسها.
فيجوز للمحكمة عند الدفع بالتحكيم أن ترفض هذا الدفع تأسيسا على بطلان الاتفاق بطلانا متعلقا بالنظام العام حتى ولو لم يتمسك الطرف الآخر بهذا البطلان .
أما إذا كان البطلان غير متعلق بالنظام العام كما لو كان البطلان بسبب وجود غلط أو تدليس فإن النفع لا يكون متعلقا بالنظام العام بحيث يجوز لصاحبة التنازل عنه صراحة أو ضمنا ،
و لا يجوز للمحكمة أن تثير هذه المسألة إلا بناء على دفع أو طلب من جانب الخصم، فإذا لم يتمسك الخصم صاحب المصلحة ببطلان اتفاق التحكيم أو تنازل عن حقه في التمسك به صراحة او ضمنا فلا يجوز للمحكمة أن تثيره أو تتحكم فيه .
وفي هذه الحالة فإن الشئول يثار عما إذا كان طرح الأمر على هيئة التحكيم في نفس الوقت مع عدم تمسكة أمامها بالدفع ببطلان الاتفاق .
فنعتقد ان هذا الشخص الذي لم يتمسك بالدفع ببطلان اتفاق التحكيم أمام هيئة التحكيم في الميعاد المحدد او في وقت معقول يعتبر متنازلا عن حقه في التمسك به فلا يجوز التمسك به امام قضاء الدولة سواء اثناء نظر النزاع او بدعوى بطلان حكم التحكيم .