يميل الباحث مع ما ذهب إليه الرأي الغالب في الفقه المصري، وأيضا الذي أخذ به في قانونه بأعتبار هذا الدفع دفعا بعدم القبول والذي بدوره يمنع المحكمة مؤقت من نظر النزاع والفصل فيه، بحيث يكون للمحكمة الفصل فيه إذا ما زال هذا العائق وهو الاتفاق على التحكيم" وعليه فإن الدفع بأتفاق التحكيم لا يمكن أن يكون دفع بعدم الاختصاص، لأنه لا يؤدي إلى نزع اختصاص قضاء الدولة بنظر النزاع، وإنما يقتصر دوره على منع المحكمة من سماع الدعوى مؤقتا وعند عجز التحكيم عن الفصل في الدعوى يعاد الاختصاص لصاحبة الولاية الأصلية وهي المحكمة المختصة، وعلى الرغم من وجود اتفاق التحكيم يكون الاختصاص بنظر بعض المسائل بالنزاع المتفق بشأنه على التحكيم للمحكمة، ومثال لذلك عندما يرفض أحد الشهود الإدلاء بالشهادة فالمحكمة تساعد هيئة دیو و تجبر الشاهد على الإدلاء بشهادته، وعليه كيف يمكن أن يكون قضاء الدولة غير مختص بنظر النزاع ويكون له في الوقت ذاته الاختصاص بنظر بعض المسائل المتصلة بالنزاع، ونرى أنه على المشرعين في الدول العربية أن يتجهوا ويقوموا بتعديل قوانينهم على نفس النهج الذي سار عليه المشرع
المصري.
ويلاحظ الباحث على هذه الاتفاقية ما يلي:- إنها قد احترمت وجود الاتفاق على التحكيم، وأوجبت على جميع الدول الأعضاء أن لا تنظر بأي نزاع يكون متفق بشأنه على التحكيم، ولكن الاتفاقية قد أوجبت على أحد الأطراف أن يتمسك بالتحكيم أما إن سكت عنه فإنه يعتبر تنازلا ضمنية والبقاء
على الدعوى المنظورة أمام المحكمة المختصة، ونجد أيضا بأن هذه الاتفاقية قد احترمت القوانين الداخلية للدول الأعضاء عندما اشترطت التمسك بهذا الدفع من قبل أحد أطراف النزاع.