وهي النظرية الغالبة في هذا المجال وأساس هذه النظرية يرجع إلي أن الاتفاق علي التحكيم ليس من شأنه أو من طبيعته نزع اختصاص المحاكم ، فهو يهدف إلى إقامة مانع يحول دون طرح النزاع علي القضاء كما أن الدفع بعدم القبول يتأسس علي أن الإلتجاء إلي التحكيم يتضمن تنازل من أطراف التحكيم عن حقه اللجوء إلى القضاء فتفقد الدعوى شرط من شروط قبولها .
ومن ناحية أخرى فإن المتأمل في الدفع بعدم القبول في مثل هذه الأحوال يكتشف أنه ليس دفعا بعدم القول للتنازل عن الحق في رفع الدعوى إلي القضاء ، وليس تنازلا عن حق اللجوء إلى القضاء ، بل هو عدم قبول لعدم اتباعه الطريق المقرر اتفاقا للحصول علي الحماية المطلوبة فالاتفاق علي التحكيم يهدف إلـى إقامة مانع يحول دون طرح النزاع علي القضاء.
وقد وجه إلى نظرية عدم القبول العديد من الانتقادات منها: صعوبة التمييز بين مختلف الدفوع بعدم القبول ، فهناك عدم قبول لمخالفة الحق في الدعوى ، وشروط قبولها ، أو لمخالفة حق اللجوء إلى القضاء وعناصر قيام هذا الحق ، ومدى تعلق كل نوع من هذه الأنواع بالنظام العام ، وقيل أيضا أن الاتفاق علي التحكيم لا يمس بالحق في الدعوى الذي يعترف به القانون لأصحاب الحق الموضوعي والذي يظل قائما رغم الاتفاق على التحكيم.
والاتفاق على التحكيم لا يمس الحق في الدعوى، وإنما ينصب فقط على تنظيم وسيلة استخدامه ، وبالتالي فالدعوى تظل مقبولة رغم وجود الاتفاق علـ التحكيم كما أن أنصار نظرية عدم القبول يعتبرون أنه دفع موضوعي ، أي عدم قبول موضوعي وبالتالي يجوز إبدائه في أية حالة تكون عليها الدعوى . ع أن الإجماع منعقد علي أن هذا الدفع يجب التمسك به قبل الكلام في الموضوع أمام المحكمة وإلا سقط الحق في إبدائه.
ويترتب علي طرح الدفع بعدم القبول أمام المحكمة في حالة رفع النزاع المتفق علي التحكيم بشأنه علي قضاء الدولة ، أما إن تقضي المحكمة بقبوله وبالتاي تنتهي الخصومة أمامها وتمتنع عن نظرية النزاع وتستنفذ ولايتها بالنسبة للقبول ، وهذا حكم فرعي يقبل الطعن المباشر وفقا للمادة ۲۱۲ مرافعات مصري ، ويتعين علي الأطراف طرح نزاعهم علي التحكيم أو اتخاذ ما يرونه في شأنهم ، أما إذا رفضت الدفع فإنها تتطرق إلى نظر الموضوع ، ولا يجوز الطعن المباشر في الحكم الصادر بالرفض لأنه لا ينهي كل الخصومة بل يجب الانتظار والطعن فيه مع الحكم الصادر في الموضوع.
وإذا صدر الحكم بعدم قبول الدعوى لسبق الاتفاق علي التحكيم ، فإن المحكمة تقف عند هذا الحد ولا تقرن هذا الحكم بالإحالة ، لأن تلك الإحالة لا تكون إلا في حالة الحكم بعدم الاختصاص وفقا للمادة ۱۱۰ مرافعات مصري وهي إحالة وجوبية ، وإذا طعن في الحكم الصادر بعدم القبول بالاستئناف وألغته محكمة الدرجة الثانية فهي لا تنظر الموضوع وتقف عند حد الإلغاء لأن محكمة أول درجة لم تستنفذ ولايتها بشأن هذا الموضوع.