أولا : إقصاء القضاء عن الفصل في النزاع ( عدم قبول الدعوى كأثر للدفع بالتحكيم ) : يهـدف اتفاق التحكيم شرطاً أو مشارطة إلى إقصاء القضاء المحكمـة المختـصة أصلا بنظر النزاع عن نظر ما يثور بين طرفي الاتفاق من منازعات بحيث ينشئ هذا الاتفاق لكل طرف الحق في الدفع بالتحكـيم إذا حـاول الطرف الآخر التنصل من التحكيم والالتجاء إلى القضاء ، وعلى المحكمة التي ترفع إليها الدعوى في هذه الحالة أن تحكم بعدم قبول الدعوى عند الدفع بالتحكيم .
وهـو مـا نصت عليه صراحة المادة 13 فقرة أولى من قانون التحكـيم ، كمـا نـصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثانية من اتفاقية نيويورك بأنـه على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حـول موضوع محل اتفاق بين الأطراف أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم . ولم تكتف اتفاقية نيويورك بذلك بل زادت في ذات النص عبـارة « مـا لـم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل ، أو لا أثر له ، أو غير قابل للتطبيق » ، فقطعت بذلك الخلاف الذي أثير حول حق القاضي الوطني في التـصدي لبحث صحة اتفاق التحكيم ، وعما إذا كان التحكيم قد أصبح غير ذي موضـوع لعدول الأطراف عنه أو لأنه صار مستحيلاً قانوناً أو عملاً لسقوطه أو امتناع الأطراف في التعاون مع هيئة التحكيم ، أو أنه صار غير قابـل للتطبـيق إذا ما دفع المدعي عليه أمامه بالتحكيم وهو أيضاً ذات ما نصت عليه المادة 8 من القانون النموذجي . ولا يتعارض ذلك مع ما سبق أن ذكرناه من سلطة هيئة التحكيم ا فـي الحكم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النـزاع الأمـر الذي يمتد ليشمل صحة العقد الأصلي نفسه الذي تضمن شرط التحكيم ، لأن تفويض هيئة التحكيم في ذلك طبقاً للمادة ٢٢ من قانون التحكـيم لا تعني حجب القضاء عن ممارسة سلطته في الفصل في الدفوع إذا ما أثيرت أمامه في دعوى مطروحة عليه.