الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الدفع بوجود اتفاق التحكيم دفع بعدم القبول / الكتب / التحكيم التجاري والدولي / الدفع بوجود اتفاق التحكيم دفع بعدم القبول

  • الاسم

    أ.د محمود مختار أحمد بربري
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    600
  • رقم الصفحة

    45

التفاصيل طباعة نسخ

 

    إن الحكم بعدم قبول الدعوى لا تصدره المحكمة من تلقاء نفسها . وتفسير ذلك أن التجاء أحد أطراف اتفاق التحكيم إلى القضاء يعنى تخلیه عن هذا الاتفاق ورغبته فى العودة للقضاء المختص أصلا فاذا حضر الطرف الآخر وساير خصمه وبدأ في تقديم طلباقة ومناقشة موضوع النزاع ، فان مفاد ذلك تخليه هو أيضا عن التحكيم ، مما يؤدى الى وجوب تصدى القاضي لموضوع النزاع . أما اذا تمسك الطرف الآخر باتفاق التحكيم ، فهنا فقط يتعين على القاضى الحكم بعدم قبول الدعوى ، والا لفتحنا الباب على مصراعيه للتحلل من اتفاقات التحكيم ، واهدار قيمتها ، ويستلزم المشرع ضرورة اعلان التمسك باتفاق التحكيم قبل الخوض في موضوع الذراع، والا أعتبر متنازلا عن الدفع بعدم القبول ولا يستطيع بعد مناقشة الموضوع العودة لطلب الحكم بعدم قبول الدعوى .

     ان التجاء أحد أطراف اتفاق التحكيم للقضاء ، لا يمنع الطرف الآخر من بدء إجراءات التحكيم ، واذا كانت هذه الاجراءات قد بدأت ، فرفع الدعوى القضائية لا يعوق استمرار المحكمين في نظر موضوع النزاع واصدار حكم فيه ، وذلك بعد تمكين الطرف المتغيب المدعى عليه من ابداء دفاعه واخطاره بتقديمه خلال المدة المتفق عليها ، فاذا لم يفعل كان للهيئة الفصل في النزاع فى ضوء ما توفر تحت يدها من مستندات . أما اذا كان المدعى لم يقدم للهيئة بيانا بدعواه خلال الميعاد المتفق عليه ، فهنا تأمر هيئة التحكيم بانهاء الاجراءات .

    ويقدم القانون الفرنسي أحكاما مشابهة بخصوص تحديد آثار اتفاق التحكيم .

    فالمشرع الفرنسي يلزم القضاء بالحكم بعدم اختصاصه بنظر النزاع المعقود بشأنه اتفاق تحكيم : ولا شك في أن موقف المشرع المصرى فى نظرنا يعد أكثر دقة ، لأن اتفاق التحكيم لا ينزع اختصاص القاضى وأنما يحجبه عن نظر النزاع . ويلاحظ أن ثم فارقا هاما بين القانون المصرى والفرنسي ، اذ لا يفرق القانون المصرى بين حالة رفع الدعوى أمام القضاء بعد أو قبل اتصال هيئة التحكيم بالنزاع موضوع اتفاق التحكيم ففى الحالتين ، يتحتم الحكم بعدم قبول الدعوى . أما القانون الفرنسي ، وان كان يحتم الحكم بعدم الاختصاص في حالة رفع الدعوى بعد اتصال هيئة التحكيم بالنزاع فانه يخول القاضي أمكانية عدم الحكم بعدم الاختصاص والتصدى للموضوع ، اذا تبين له البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم كحالة خلو شرط التحكيم من تسمية المحكمين أو بيان أسلوب اختيارهم ، أو خلو المشارطة من تحديد موضوع النزاع .

    اذا تبين أنه أمام انفاق باطل ، فان له رفض الدفع بعدم القبول والتصدى لنظر الموضوع ولا يعوقه عن ذلك الاستناد الى نص المادة ( ۲۲ ) التي ترسى مبدأ الاختصاص بالاختصاص أى تخويل هيئة التحكيم سلطة الفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق التحكيم أو بطلانه أو سقوطه .فالواقع أن هذا النص يعطى لهيئة التحكيم سلطة المفصل في هذه الدفوع ولكنه لا يسلب ولا يستطيع أن يسلب اختصاص القاضي بالفصل في هذه الدفوع اذا طرحت عليه بمناسبة تمسك طرف باتفاق التحكيم ، ودفع الطرف الآخر ببطلان هذا الاتفاق ، فقاضى الدعوى هو قاضي الدفوع ، ولا يتصور الزام القاضي بالحكم بعدم قبول الدعوى استنادا الى تمسك أحد الأطراف باتفاق تحكيم اكتشف القاضى بطلانه . 

 

  ولذلك فاننا نذهب الى أبعد من تخويل القاضي سلطة طرح اتفاق التحكيم الباطل والتصدى للموضوع في حالة المدفع أمامه بعدم قبول الدعوى ، اذ نرى امكانية قيام أي طرف من أطراف اتفاق التحكيم برفع دعوى أصلية يطلب فيها الحكم ببطلان اتفاق التحكيم ، لأن تخويل هيئة التحكيم سلطة البت في صحة أو بطلان اتفاق التحكيم لا يعنى احتكارها لهذه السلطة وسلبها من سلطان القاضي . والقول بغير ذلك يمثل في نظرنا تعديا على حق الالتجاء للقضاء ولذلك فاننا لا نرى مبرزا للتفرقة التي يقيمها المشرع الفرنسي بين حالة اتصال هيئة التحكيم بالنزاع فيحتم على القاضي الاختصاص وحالة اتصال الهيئة بالنزاع فيخول القاضي امكانية النظر فى البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم ورفض الحكم بعدم الاختصاص ، فثبوت البطلان أمام القاضي يجب أن يفتح الباب ادامه لطرح اتفاق التحكيم واستعادة اختصاصه الذي لا يصح أن يفقده الا بوجود اتفاق تحكيم صحيح . ولا نرى كافيا القول بأن هيئة التحكيم بعد اتصالها بالنزاع تحتكر النظر في صحة أو بطلان اتفاق التحكيم . وتقرير مبدأ الاختصاص بالاختصاص ، مقصود بــه عدم تعويق سير عملية التحكيم ، فالهيئة لا توقف الاجراءات لحين عرض الأمر على القضاء ، بل لها أن تستمر اذا قدرت أن الدفوع مقصود بها المماطلة واطالة أمد النزاع وهذه المبررات لا شأن لها ، ولايصح أن تؤدى الى القول بمنع القاضى من التحقق من صحة أو بطلان اتفاق التحكيم ، بل على العكس تبرر تأكيد سلطته ، لأن رفع الأمر اليه لن يكون سببا فى وقف أو منع سير اجراءات التحكيم ، الا اذا تبين للقاضي بطلان اتفاق التحكيم ، فتصدى للموضوع وأصدر فيه حكما أصبح نهائيا ، اذ يتحتم على هيئة التحكيم في هذه الحالة ، انهاء الاجراءات لأن استمرارها سيصبح غير ذي موضوع ، اذ على فرض صدور حكم تحكيم فانه لن يتسمن تنفيذه لتعارضه مع حكم سبق صدوره من القضاء ، وهو أحد أسباب منع التنفيذ التي نصت عليها المادة ( ٢/٥٨ ) من القانون المصرى . واللافت للنظر أن القانون النموذجى ، واتفاقية نيويورك يسمحان للقاضي الوطني بطرح اتفاق التحكيم اذا كان باطلا .