اتفاق التحكيم / الدفع بوجود اتفاق التحكيم دفع بعدم الإختصاص / الكتب / التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي / الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في النظام السعودي
الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في النظام السعودي: بعد أن ذكرت مفهوم المنازعات الإدارية في النظام السعودي سوف أذكر في هذا المطلب الجهة القضائية المختصة بنظرها. إن النظام السعودي يأخذ بذات الفكرة التي أخذ بها الفقه الإسلامي في تخصيص القضاء, ولا غرو في ذلك فالنظام السعودي يأخذ بإحكام الشريعة الإسلامية ويطبق ذات القواعد،فقد نص النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/ 90 وتاريخ 27/8/1412هـ في المادة الأولى أن: "المملكة العربية السعودية دولة عربيةإسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله ..."، كما نص في المادة السابعة على: "يستمد الحكم في المملكة العربيةالسعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله ، وهما الحاكمان على هذا النظاموجميع أنظمة الدولة"، وكما نص على مبدأ استقلالية القضاء وأنه لا سلطان عليهإلا سلطان الشريعة الإسلامية فنص في المادة السادسة والأربعين علىأن: "القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطانالشريعة الإسلامية" ونص في المادة الثامنة والأربعين على أن: "تطبق المحاكمعلى القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقًا لما دل عليهالكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة". فالقضاء في النظام السعودي يستمد جميع أنظمته وأحكامه من الشريعة الإسلاميةومن التنظيمات التي ينظمها ولي الأمر بما لا يتعارض مع كتاب الله وسنةرسوله،الإسلامي فإنه كذلك يخصص القضاء، فقد جاء في المادة التاسعة والأربعين منالنظام الأساسي للحكم: «مع مراعاة ما ورد في المادة الثالثة والخمسين من هذاالنظام تختص المحاكم في الفصل في جميع المنازعات والجرائم ونصت المادةالثالثة والخمسين على: «يبين النظام ترتیب ديوان المظالم اختصاصاته»، وقد بيننظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ ٨٧ وتاريخ ١٤٢٨/٩/١٩هـفي المادة الأولى أن: «ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة يرتبط مباشرةبالملك... وعلى هذا الأساس فإن النظام السعودي يأخذ بمبدأ تعدد جهات التقاضيالذي عرفته القوانين المعاصرة، فهو يقسم نظر الدعاوى إلى جهتين الأولى؛ القضاءالعام باعتباره «الجهة صاحبة الولاية العامة بنظر جميع المنازعات التي تنشأ داخلالمجتمع أيا كانت طبيعتها وأيا كان أطرافها» (1)، أما الجهة الثانية فهي ديوانالمظالم. وتقسيم النظام السعودي جهات التقاضي إلى جهتين؛ القضاء العام وديوانالمظالم تأسيسًا على توزيع القضايا بحسب نوعيتها، وليس بحسب القواعد المطبقةعلى الدعوى؟ هو الشأن في الدول الآخذة بازدواج القضاء. فالقانون الفرنسي والقانون المصري يأخذان بنظام ازدواج القضاء على أساسالقانون الواجب التطبيق على المنازعة، فالمنازعة التي يطبق عليها القانون الإداريتكون من اختصاص مجلس الدولة في فرنسا ومصر. كما ويعتبر ديوان المظالم صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية في النظامالسعودي، فهو صاحب «الاختصاص العام للفصل في المنازعات التي تكون الإدارةطرفا فيها سواء كان مسارها قرارًا أم عقدًا أم واقعة» ويستدل على أن ديوان المظالم في النظام السعودي صاحب الولاية العامة بنظرالمنازعات الإدارية بالأدلة التالية: الدليل الأول: نصت المادة الأولى من نظام ديوان المظالم أن: «ديوان المظالمهيئة قضاء إداري يرتبط مباشرة الملك...» أي أنه يختص بالقضاء الإداريوالفصل في كافة المنازعات الإدارية التي تكون الإدارة طرفًا فيها، إلا إذا أوكلالنظام إلى جهات أخرى غير الديوان النظري منازعات معينة تكون الإدارة طرفًافيها؛ لأن نص المادة نص ورد بشكل عام، يستغرق جميع أنواع الدعاوى والمنازعاتالإدارية. وهنا يثور تساؤل عن اختصاصات الديوان التي وردت في الفقرات (أ، ب، ج،د، هـ) من المادة الثالثة عشرة من نظامه هل جاءت على سبيل الحصر أو المثال؟. وهذا يعني أن (الفقرات أ، ب، ج، د،ه)، والتي هي أفراد من العام الوارد في المادة الأولى من نظام الديوان باقية علىتخصيصًاعمومها وليس لها حكم خاص بها. إضافة إلى أن المادة الثالثة عشرة ليس فيها أي من المخصصات التي يمكنمعهالقول بتخصيص الفقرات (أ، ب، ج، د، ه) من المادة الأولى. الدليل الثاني، ما نصت عليه المادة الثالثة عشرة من أنه: «تختص المحاكمالإدارية بالفصل فيما يلي: المنازعات الإدارية الأخرى». فهذه الفقرة جعلت الولاية القضائية لديوان المظالم تشمل كل ما يصدق عليهوصف المنازعة الإدارية سواء جاء ذكره في النظام أولم يرد، مما يكون معه أنديوان المظالم صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية. الدليل الثالث، مما يستدل به على أن لديوان المظالم الولاية العامة بنظرالمنازعات الإدارية ما نص عليه الأمر الملكي رقم (٢١٩٤١) وتاريخ ١٣٨٧/ ۱۰/ ۲۸هـالموجه إلى رئيس القضاة على أن: «المحاكم ممنوعة من النظر في المنازعات التيتثور بين الإدارة والأفراد»، فالنص صريح بمنع المحاكم من نظر المنازعات التيطرفها الإدارة، فإذا حظر عليها المنع فيبقى نظرها لديوان المظالم حتى لا تكونهذه المنازعات في معزل عن القضاء لأن مبدأ حق التقاضي مكفول للجميع، كمانص على ذلك النظام الأساسي للحكم في المادة السابعة والأربعين: «حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة». الدليل الرابع: ما صدر من ديوان المظالم من أحكام قضائية توضح أنه صاحبالولاية العامة بنظر كافة المنازعات الإدارية فنص في أحد أحكامه على أن «الديوانهو جهة القضاء الإداري بالمملكة وله ولاية عامة في نظر المنازعات الإدارية» . وقال في حكم آخر: «وحيث إن ديوان المظالم بحسب نظامه هو جهة قضاءإداري يختص بالنظر والفصل في كافة المنازعات الإدارية»)، وبين أن «الأصل فيالقضاء الإداري وما تفرع عنه من منازعات من اختصاص ديوان المظالم طبقًا لمانصت عليه المادة الثامنة من نظامه (۲) (٤). نستخلص مما سبق إلى: أولًا: إن ديوان المظالم صاحب الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات الإداريةفي النظام السعودي وولايته ليست قاصرة ومحددة فيما ورد في الفقرات (أ، ب، ج، ه) من نظامه. ثانيًا: إن ديوان المظالم هو الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية، وهذايوجب على الديوان أن لا يصدر أحكامًا بعدم اختصاصه الولائي في المنازعات التيتكون طرفها الإدارة بناء على هذا الأصل إلا إذا كان هناك نص نظامي يستثنيمن هذا الأصل. ثالثًا: ليسلأي جهة قضائية النظر أو الفصل في المنازعات ذات الطابع الإداريلمخالفته للنظام العام إلا ما استثني بنظام، كالمنازعات على ملكية عقار والتي هيمن اختصاص المحاكم العامة، وغيرها من الدعاوى المشابهة باعتبارها صاحبةالولاية العامة، وفي هذا الصدد يقول ديوان المظالم: «ولما كانت المادة ٣٢ من نظامالمرافعات الشرعية نصت على أنه:. «من غير إخلال بما يقضي به ديوان المظالمتختص المحاكم العامة بجميعالدعاوى الخارجة عناختصاص المحاكم الجزئية،ولها على وجه الخصوص النظر في الأمور الآتية: 1- جميع الدعاوى العينية المتعلقةبالعقار، ولما كان المدعي ينازع الجهة المدعى عليها (أمانة مدينة الرياض) علىملكية الأرض التي يذكر أنه اشتراها بموجب وثيقة، ويطلب إلزام الجهة المدعى عليها تسليمه إياها أو أرضًا بديلة عنها، ولما كان ديوان المظالم باعتباره بحسبنظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ ٥١وتاريخ١٤٠٢/٧/١٧هـ نص في مادتهالأولى على أنه:«... هيئة قضاء إداري...» وعددت المادة الثامنة اختصاصاته، ولماكانت هذه المنازعة طرفها جهة إدارية مدعى عليها إلا أنها تخرج عن عداد المنازعاتالتي يختص ديوان المظالم بنظرها باعتباره جهة قضاء إداري لطبيعة الخصومةفيها حيث إنها تتعلق بمنازعة على ملكية عقار، والتي لا يختص ديوان المظالم بنظرالدعاوى الناشئة عنها وينعقد الاختصاص فيها إلى القضاء العام». وكذلك ما تختص به بعض اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي، والتيتعتبر قراراتها نهائية لا يتظلم منها أمام ديوان المظالم، مثال ذلك اللجان العمالية،والتي تختص بدعاوى عقود عمال حيث نص نظام العمل الصادر بالمرسوم الملكيرقم م/ ٥١ وتاريخ ١٤٢٦/٨/٢٣ه: نصت المادة الخامسة: «تسري أحكام هذاالنظام على: ۱-... ۲- عمال الحكومة والهيئات، والمؤسسات العامة». فالمنازعات التي تنشأ حولها يتم نظرها من لجان ابتدائية ولجاناستئنافية . رابعًا للأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين خول لهم النظام سلطة رفعالدعوى الإدارية الحق في رفع كافة المنازعات الإدارية لدى الديوان، وليس لهماللجوء لأي جهة قضائية أخرى بدعوى إدارية للفصل فيها. ننتهي إلى أن الجهة المختصة بنظر كافة المنازعات الإدارية، والتي منهامنازعات العقود الإدارية في النظام السعودي هي ديوان المظالم. وهذا يجعل لديوان المظالم –كما نص على ذلك نظام التحكيم السعوديالإشراف على التحكيم في منازعات العقود الإدارية من قيد طلب التحكيم، وإصدارقرار اعتماد وثيقة التحكيم في هذا النزاع، والاعتراض على حكم المحكمين، والنظرفيه، إما بتأييده أو نقضه، وتذييل حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية في حالة تأييدهمن اختصاص ديوان المظالم. (111).