الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الدفع بوجود اتفاق التحكيم دفع بعدم الإختصاص / الكتب / التحكيم في العقود الإدارية في الفقه الإسلامي والنظم المعاصرة مع دراسة تطبيقية للنظام السعودي / الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في النظام السعودي

  • الاسم

    د. خالد بن عبدالرحمن الخضير
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    مكتبة الملك فهد الوطنية
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    290

التفاصيل طباعة نسخ

الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية في النظام السعودي:
بعد أن ذكرت مفهوم المنازعات الإدارية في النظام السعودي سوف أذكر في هذا المطلب الجهة القضائية المختصة بنظرها.
إن النظام السعودي يأخذ بذات الفكرة التي أخذ بها الفقه الإسلامي في تخصيص القضاءولا غرو في ذلك فالنظام السعودي يأخذ بإحكام الشريعة الإسلامية ويطبق ذات القواعد، فقد نص النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/ 90 وتاريخ 27/8/1412هـ في المادة الأولى أن: "المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله ..."، كما نص في المادة السابعة على: "يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله ، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة"، وكما نص على مبدأ استقلالية القضاء وأنه لا سلطان عليه إلا سلطان الشريعة الإسلامية فنص في المادة السادسة والأربعين على أن: "القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية" ونص في المادة الثامنة والأربعين على أن: "تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقًا لما دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة".
فالقضاء في النظام السعودي يستمد جميع أنظمته وأحكامه من الشريعة الإسلامية ومن التنظيمات التي ينظمها ولي الأمر بما لا يتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله، الإسلامي فإنه كذلك يخصص القضاء، فقد جاء في المادة التاسعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم: «مع مراعاة ما ورد في المادة الثالثة والخمسين من هذا النظام تختص المحاكم في الفصل في جميع المنازعات والجرائم ونصت المادة الثالثة والخمسين على: «يبين النظام ترتیب ديوان المظالم اختصاصاته»، وقد بين نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ ٨٧ وتاريخ ١٤٢٨/٩/١٩هـ في المادة الأولى أن: «ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة يرتبط مباشرة بالملك...
وعلى هذا الأساس فإن النظام السعودي يأخذ بمبدأ تعدد جهات التقاضي الذي عرفته القوانين المعاصرة، فهو يقسم نظر الدعاوى إلى جهتين الأولى؛ القضاء العام باعتباره «الجهة صاحبة الولاية العامة بنظر جميع المنازعات التي تنشأ داخل المجتمع أيا كانت طبيعتها وأيا كان أطرافها» (1)، أما الجهة الثانية فهي ديوان المظالم.
وتقسيم النظام السعودي جهات التقاضي إلى جهتين؛ القضاء العام وديوان المظالم تأسيسًا على توزيع القضايا بحسب نوعيتها، وليس بحسب القواعد المطبقة على الدعوى؟
هو الشأن في الدول الآخذة بازدواج القضاء.
فالقانون الفرنسي والقانون المصري يأخذان بنظام ازدواج القضاء على أساس القانون الواجب التطبيق على المنازعة، فالمنازعة التي يطبق عليها القانون الإداري تكون من اختصاص مجلس الدولة في فرنسا ومصر.
كما
ويعتبر ديوان المظالم صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية في النظام السعودي، فهو صاحب «الاختصاص العام للفصل في المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها سواء كان مسارها قرارًا أم عقدًا أم واقعة»
ويستدل على أن ديوان المظالم في النظام السعودي صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية بالأدلة التالية:
الدليل الأول: نصت المادة الأولى من نظام ديوان المظالم أن: «ديوان المظالم هيئة قضاء إداري يرتبط مباشرة الملك...» أي أنه يختص بالقضاء الإداري والفصل في كافة المنازعات الإدارية التي تكون الإدارة طرفًا فيها، إلا إذا أوكل النظام إلى جهات أخرى غير الديوان النظري منازعات معينة تكون الإدارة طرفًا فيها؛ لأن نص المادة نص ورد بشكل عام، يستغرق جميع أنواع الدعاوى والمنازعات الإدارية.
وهنا يثور تساؤل عن اختصاصات الديوان التي وردت في الفقرات (أ، ب، ج، د، هـ) من المادة الثالثة عشرة من نظامه هل جاءت على سبيل الحصر أو المثال؟.
وهذا يعني أن (الفقرات أ، ب، ج، د، ه)، والتي هي أفراد من العام الوارد في المادة الأولى من نظام الديوان باقية على تخصيصًا عمومها وليس لها حكم خاص بها.
إضافة إلى أن المادة الثالثة عشرة ليس فيها أي من المخصصات التي يمكن معه القول بتخصيص الفقرات (أ، ب، ج، د، ه) من المادة الأولى.
الدليل الثاني، ما نصت عليه المادة الثالثة عشرة من أنه: «تختص المحاكم الإدارية بالفصل فيما يلي:
المنازعات الإدارية الأخرى».
فهذه الفقرة جعلت الولاية القضائية لديوان المظالم تشمل كل ما يصدق عليه وصف المنازعة الإدارية سواء جاء ذكره في النظام أولم يرد، مما يكون معه أن ديوان المظالم صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية.
الدليل الثالث، مما يستدل به على أن لديوان المظالم الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية ما نص عليه الأمر الملكي رقم (٢١٩٤١) وتاريخ ١٣٨٧/ ۱۰/ ۲۸هـ الموجه إلى رئيس القضاة على أن: «المحاكم ممنوعة من النظر في المنازعات التي تثور بين الإدارة والأفراد»، فالنص صريح بمنع المحاكم من نظر المنازعات التي طرفها الإدارة، فإذا حظر عليها المنع فيبقى نظرها لديوان المظالم حتى لا تكون هذه المنازعات في معزل عن القضاء لأن مبدأ حق التقاضي مكفول للجميع، كما نص على ذلك النظام الأساسي للحكم في المادة السابعة والأربعين: «حق التقاضي
مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة».
الدليل الرابع: ما صدر من ديوان المظالم من أحكام قضائية توضح أنه صاحب الولاية العامة بنظر كافة المنازعات الإدارية فنص في أحد أحكامه على أن «الديوان هو جهة القضاء الإداري بالمملكة وله ولاية عامة في نظر المنازعات الإدارية» .
وقال في حكم آخر: «وحيث إن ديوان المظالم بحسب نظامه هو جهة قضاء إداري يختص بالنظر والفصل في كافة المنازعات الإدارية»)، وبين أن «الأصل في القضاء الإداري وما تفرع عنه من منازعات من اختصاص ديوان المظالم طبقًا لما نصت عليه المادة الثامنة من نظامه (۲) (٤).
نستخلص مما سبق إلى:
أولًا: إن ديوان المظالم صاحب الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات الإدارية في النظام السعودي وولايته ليست قاصرة ومحددة فيما ورد في الفقرات (أ، ب، ج، همن نظامه.
ثانيًا: إن ديوان المظالم هو الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية، وهذا يوجب على الديوان أن لا يصدر أحكامًا بعدم اختصاصه الولائي في المنازعات التي تكون طرفها الإدارة بناء على هذا الأصل إلا إذا كان هناك نص نظامي يستثني من هذا الأصل.
ثالثًا: ليس لأي جهة قضائية النظر أو الفصل في المنازعات ذات الطابع الإداري لمخالفته للنظام العام إلا ما استثني بنظام، كالمنازعات على ملكية عقار والتي هي من اختصاص المحاكم العامة، وغيرها من الدعاوى المشابهة باعتبارها صاحبة الولاية العامة، وفي هذا الصدد يقول ديوان المظالم: «ولما كانت المادة ٣٢ من نظام المرافعات الشرعية نصت على أنه:.
«من غير إخلال بما يقضي به ديوان المظالم تختص المحاكم العامة بجميع الدعاوى الخارجة عن اختصاص المحاكم الجزئية، ولها على وجه الخصوص النظر في الأمور الآتية: 1- جميع الدعاوى العينية المتعلقة بالعقار، ولما كان المدعي ينازع الجهة المدعى عليها (أمانة مدينة الرياض) على ملكية الأرض التي يذكر أنه اشتراها بموجب وثيقة، ويطلب إلزام الجهة المدعى
عليها تسليمه إياها أو أرضًا بديلة عنها، ولما كان ديوان المظالم باعتباره بحسب نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ ٥١وتاريخ ١٤٠٢/٧/١٧هـ نص في مادته الأولى على أنه:«... هيئة قضاء إداري...»
وعددت المادة الثامنة اختصاصاته، ولما كانت هذه المنازعة طرفها جهة إدارية مدعى عليها إلا أنها تخرج عن عداد المنازعات التي يختص ديوان المظالم بنظرها باعتباره جهة قضاء إداري لطبيعة الخصومة فيها حيث إنها تتعلق بمنازعة على ملكية عقار، والتي لا يختص ديوان المظالم بنظر الدعاوى الناشئة عنها وينعقد الاختصاص فيها إلى القضاء العام».
وكذلك ما تختص به بعض اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي، والتي تعتبر قراراتها نهائية لا يتظلم منها أمام ديوان المظالم، مثال ذلك اللجان العمالية، والتي تختص بدعاوى عقود عمال حيث نص نظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ ٥١ وتاريخ ١٤٢٦/٨/٢٣ه: نصت المادة الخامسة: «تسري أحكام هذا النظام على: ۱-...
۲- عمال الحكومة والهيئات، والمؤسسات العامة».
فالمنازعات التي تنشأ حولها يتم نظرها من لجان ابتدائية ولجان استئنافية .
رابعًا للأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين خول لهم النظام سلطة رفع الدعوى الإدارية الحق في رفع كافة المنازعات الإدارية لدى الديوان، وليس لهم اللجوء لأي جهة قضائية أخرى بدعوى إدارية للفصل فيها.
ننتهي إلى أن الجهة المختصة بنظر كافة المنازعات الإدارية، والتي منها منازعات العقود الإدارية في النظام السعودي هي ديوان المظالم.
وهذا يجعل لديوان المظالم –كما نص على ذلك نظام التحكيم السعودي الإشراف على التحكيم في منازعات العقود الإدارية من قيد طلب التحكيم، وإصدار قرار اعتماد وثيقة التحكيم في هذا النزاع، والاعتراض على حكم المحكمين، والنظر فيه، إما بتأييده أو نقضه، وتذييل حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية في حالة تأييده من اختصاص ديوان المظالم.
(111).