الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الطبيعة القانونية للدفع بوجود اتفاق التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري الدولي / الاثر المانع لاتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد مخلوف
  • تاريخ النشر

    2007-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    511
  • رقم الصفحة

    497

التفاصيل طباعة نسخ

الاثر المانع لاتفاق التحكيم

وهذا يعني أن الطرف الذي طلب التحكيم (المدعى) يستطيع تجاهل هذا الطلب والتوجه للقضاء بعد فوات الميعاد المحدد له لتقديم طلباته وهو مطمئن إلى أن هيئة التحكيم ستأمر بانهاء الاجراءات. وتفادية لهذه النتيجة خول المشرع المدعى عليه امكانية طلب استمرار الاجراءات والفصل في النزاع إذا ترك المدعى خصومة التحكيم. ويكون للمدعى عليه التمسك أمام القضاء باتفاق التحكيم ويتحتم على المحكمة الحكم بعدم قبول الدعوى.

ويلاحظ أن ثم فارقا هاما بين القانون المصرى والفرنسي، اذ لا يفرق القانون المصرى بين حالة رفع الدعوى أمام القضاء بعد أو قبل اتصال هيئة التحكيم بالنزاع موضوع اتفاق التحكيم فقي الحالتين يتحتم الحكم بعدم قبول الدعوى.  

أما القانون الفرنسي وإن كان يحتم الحكم بعدم الاختصاص في حالة رفع الدعوى بعد اتصال هيئة التحكيم بالنزاع فانه يخول القاضي امكانية عدم الحكم بعدم الاختصاص والتصدى للموضوع إذا تبين له البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم كحالة خلو شرط التحكيم من تسمية المحكمين أو بيان أسلوب اختيارهم، أو خلو المشارطة من تحديد موضوع النزاع.

ويدفعنا ذلك لطرح التساؤل عن موقف القاضي المصري الذي يدفع أمامه بعدم قبول الدعوى لوجود اتفاق التحكيم، إذا تبين له بطلان هذا الاتفاق لتضمنه عددا زوجيا للمحكمين أو لعدم تحديد المسائل المطروحة على التحكيم في حالة مشارطة التحكيم .... الخ.

وجدير بالذكر في هذا المقام أن مشروع القانون كان يضمن المادة ۱۲ فقرة ثالثة تنص على امكانية اصدار القاضي حكما ببطلان اتفاق التحكيم أو يسقوطه أو بعدم نفاذه ويلزم هيئة التحكيم في هذه الحالة بانهاء ما تم أمامها من اجراءات، طالما أن حكم القضاء بالبطلان صدر قبل صدور حكم من هيئة التحكيم .

ولا نعتقد أن حذف هذه الفقرة يغير من الأمر، لأن مناط الحكم بعدم قبول الدعوى هو وجود اتفاق تحكيم صحيح وليس مجرد الوجود المادى لمحرر يتضمن مثل هذا الاتفاق، فالقاضي لا يتخلى عن حقه في التصدى لموضوع نزاع مطروح عليه الا إذا تبين أن اتفاق التحكيم الذي يتمسك به أحد الأطراف، هو اتفاق منتج لآثاره وصالح لعقد هيئة تحكيم تنظر النزاع ، أما اذا تبين أنه أمام اتفاق باطل، فان له رفض الدفع بعدم القبول والتصدى لنظر الموضوع، ولا يعوقه من ذلك الاستناد إلى نص العادة ١١ التي ترسى مبدأ الاختصاص بالاختصاص، أي تخويل هيئة التحكيم سلطة الفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق التحكيم أو بطلانه أو سقوطه.

فالواقع أن هذا النص يعطى لهيئة التحكيم سلطة الفصل في هذه الدفوع ولكنه لا يسلب ولا يستطيع أن يسلب اختصاص القاضي بالفصل في هذه الدفوع إذا طرحت عليه بمناسبة تمسك طرف باتفاق التحيم، ودفع الطرف الآخر ببطلان هذا الاتفاق، فقاضي الدعوى هو قاضي الدفوع، ولا يتصور الزام القاضي بالحكم بعدم قبول الدعوى استنادا الى تمسك أحد الأطراف باتفاق تحكيم اكتشف القاضي بطلانه.

ولذلك فان ما نص عليه القانون الفرنسي، يسرى حكمه في ظل القانون المصرى وفقا للقواعد العامة. وفضلا عن ذلك فان صدور حكم تحكيم بناء على اتفاق باطل سيجعل هذا الحكم محلا لطلب بطلانه وفقا لنص المادة (١/٥٣/أ) التي تورد بين أسباب طلب بطلان حكم التكيم استناده الى اتفاق باطل، ولذك فاننا نذهب إلى أبعد من تخويل القاضي سلطة طرح اتفاق التحكيم الباطل والتصدى للموضوع في حالة الدفع أمامه بعدم قبول الدعوى، إذ نرى امكانية قيام أى طرف من أطراف اتفاق التحكيم برفع دعوى أصلية يطلب فيها الحكم ببطلان اتفاق التحكيم، لأن تخويل هيئة التحكيم سلطة البت في صحة أو بطلان اتفاق التحكيم لا يعني احتكارها لهذه السلطة وسلبها من سلطان القاضي. والقول بغير ذلك يمثل في نظرنا تعديا على حق الالتجاء للقضاء.

ولذلك فاننا لا نرى مبررا للتفرقة التي يقيمها المشرع الفرنسي بين حالة اتصال هيئة التحكيم بالنزاع فيحتم على القاضي الحكم بعدم الاختصاص وحالة عدم اتصال الهيئة بالنزاع فيخول القاضي امكانية النظر فى البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم ورفض الحكم بعدم الاختصاص، فثبوت البطلان أمام القاضي يجب أن يفتح الباب أمامه لطرح اتفاق التحكيم واستعادة اختصاصه الذي لا يصح أن يفقده الا بوجود اتفاق تحكيم صحيح.

ولا نرى كافيا القول بأن هيئة التحكيم بعد اتصالها بالنزاع تحتكر النظر في صحة أو بطلان اتفاق التحكيم.