أوضحت محكمة النقض طبيعة هذا الدفع بقولها : « شرط التحكيم ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ لا يتعلق بالنظام العام ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضى بإعماله من تلقاء نفسها ، وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحةً أو ضمناً ، ويسقط الحق فيه لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع » .
وأكدت على ذلك في حديث قضائها بقولها: «النص في الفقرة الأولى من المادة [13] من القانون رقم : [27] لسنة 1994 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أنه (يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى) ، يدل على أن المشرع قد أبان بصريح العبارة بأنه إذا دفع المدعى عليه أمام المحكمة في نزاع رفع إليها، ويوجد بشأنه اتفاق على التحكيم ، يجب على المحكمة أن تجيبه إلى دفعه وتحكم بعدم قبول الدعوى شريطة أن يكون قد أبدى هذا الدفع قبل إبدائه لأى طلب أو دفاع في الدعوى، لأن في إبدائه لأى طلب أو دفاع في الدعوى قبل دفعه بانعقاد الاختصاص لجهة التحكيم يدل على قبوله ضمناً التجاء خصمه لجهة القضاء العادي صاحبة الاختصاص الأصلي وتنازله ضمناً عن شرط الاتفاق على التحكيم .
ومن المبادئ المستقرة فقهاً وقضاءً أن التمسك بهذا الاتفاق كما يجوز أن يكون في صورة دفع من الطرف الذي يلجأ خصمه إلى القضاء لفض النزاع .
وأخيراً ، فإنه من الجدير بالذكر أن الأخذ بشرط التحكيم وعقد الصلاحية الخاصة الموضوعية لهيئة تحكيم مختارة لا يعنى غل يد المحكمة كلية عن النزاع بل تظل تقدم بعض خدمات لازمة لسير الإجراءات ، أو لفاعلية قرار التحكيم ، وخاصة الإجراءات التحفظية على الأموال ، وإجراءات تقييد حرية التنقل للأشخاص والتي لا يملكها سوى السلطة القضائية .