اتفاق التحكيم / الطبيعة القانونية للدفع بوجود اتفاق التحكيم / الكتب / دارسة نقدية لقانون التحكيم المصري / تكييف الدفع بوجود اتفاق التحكيم ( عدم قبول ام عدم اختصاص)
تكييف الدفع بوجود اتفاق التحكيم ( عدم قبول ام عدم اختصاص)
تنص المادة ۱۳ فقرة 1 من قانون التحكيم على أنه يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى ، اذا دفع المدعى عليه بذلك….
قامت المادة ۱۳ فقرة 1 من قانون التحكيم بتكييف الدفع بوجود اتفاق التحكيم على أنه دفع بعدم قبول الدعوى» .
عدم صحة تكييف القانون للدفع بوجود اتفاق التحكيم
وتكييف الدفع بوجود اتفاق التحكيم على أنه «دفع بعدم قبول الدعوى» هو تكييف غير صحيح للأسباب التالية:
1- لأن أثر اتفاق التحكيم على القضاء هو - كما قررت المحكمة الدستورية العليا - انتفاء اختصاص المحاكم بالفصل في المسائل التي تناولها اتفاق التحكيم ... فلا تكون لها ولاية بشأنها بعد أن حجبها عنها ذلك الاتفاق».
2- لأن المادة ۲۲ فقرة 1 من قانون التحكيم قد كيفت الدفع الناشئ عن عدم وجود اتفاق التحكيم بأنه دفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر موضوع النزاع ، ولأن أثر وجود اتفاق التحكيم على سلطة المحكمة بالفصل في موضوع النزاع محل اتفاق التحكيم يجب أن يكون مماثلا لأثر عدم وجود اتفاق التحكيم على سلطة هيئة التحكيم بالفصل في موضوع النزاع الذى لم يتفق على التحكيم بشأنه.
3- لأن المادة ٢ فقرة ٣ من اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها قد نصت على أنه «على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق (تحكيم) ... أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم...». والأصل أن المحكمة لا تلتزم بالإحالة إلى جهة تقاضى أخرى * إلا اذا قررت عدم اختصاصها بنظر الدعوى واختصاص غيرها بها . "...
يتضح مما تقدم أن المادة ۱۳ فقرة 1 من قانون التحكيم قد أخطأت في تكييف الدفع بوجود اتفاق التحكيم فكيفته على أنه دفع بعدم قبول الدعوى» في حين أنه «دفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى » .
وقد يقال في تبرير مسلك قانون التحكيم بشأن عدم تكييف الدفع بوجود اتفاق التحكيم على أنه «دفع بعدم الاختصاص ، أن الحكم بعدم الاختصاص هو حكم تستنفذ به المحكمة ولايتها فلا يجوز لها بعد ذلك أن تنظر ذات موضوع الدعوى مرة أخرى .
وهو قول غير صائب لأنه يفترض وجود تطابق تام في الطبيعة والآثار بين الحكم بعدم اختصاص محاكم القضاء العادى ولائيا بنظر المنازعات الإدارية إعمالا الأحكام المادة ١٥ فقرة 1 من قانون السلطة القضائية وبين الحكم بعدم ا المحكمة بنظر النزاع لوجود اتفاق التحكيم ، متجاهلا بذلك أن القانون هو الذي ينشئ الدفوع وهو الذي يحدد مداها .
فإنتفاء اختصاص محاكم القضاء العادى ولائيا هو بطبيعته دائم إذ يرتبط يكون المنازعة ذات طبيعة إدارية ، في حين أن انتفاء اختصاص المحاكم بسبب وجود اتفاق التحكيم هو بطبيعته مؤقت إذ يرتبط بمدة سريان اتفاق التحكيم، فيسرى خلال الفترة من تاريخ إبرام اتفاق التحكيم حتى لجوء الطرفين للتحكيم ، كما يسرى طوال مدة التحكيم الاتفاقية أو القانونية وأى مد اتفاقي أو قضائي لها .
لذلك إذا طلب أحد الخصوم من المحكمة الفصل في موضوع النزاع المتفق على التحكيم بشأنه أو المعروض على هيئة التحكيم أثناء مدة سريان اتفاق التحكيم امتنع على المحكمة ذلك وقضت بعدم اختصاصها واستنفذت بهذا الحكم ولايتها فلا يكون لها أثناء مدة سريان اتفاق التحكيم أن تنظر ذات موضوع النزاع محل التحكيم مرة أخرى .
إلا أنه بانتهاء مدة التحكيم دون صدور حكم تحكيم منهى للخصومة ينتهى سریان اتفاق التحكيم بالنسبة لموضوع النزاع الذى كان معروضا على التحكيم فيعود للمحكمة اختصاصها بنظر موضوع النزاع المذكور وفقا لأحكام المادة ٤٥ من قانون التحكيم ، وعندئذ تكون المحكمة بصدد حالة واقعية وقانونية جديدة تختلف عن تلك التي سبق وان صدر بشأنها الحكم بعدم الاختصاص أثناء مدة سريان اتفاق التحكيم .
ويكون للحكم الصادر بعدم اختصاص المحكمة أثناء مدة سريان اتفاق التحكيم حجيته التي لا تتعارض مع حجية الحكم الصادر من ذات المحكمة بثبوت ولايتها واختصاصها بعد انتهاء مدة سريان اتفاق التحكيم .
لذلك اقترح تعديل المادة ۱۳ فقرة 1 من قانون التحكيم لإسباغ التكييف على الدفع بوجود اتفاق التحكيم باعتباره دفعا بعدم الاختصاص، على أن الصحيح . يتم بيان النص المقترح بنهاية الفقرة (۷) من هذه الدراسة .