اتفاق التحكيم / الدفع بوجود اتفاق التحكيم / الكتب / طرق وأسباب الطعن في حكم التحكيم دراسة قانونية مقارنة / الدفع بشرط التحكيم من بعض المدعى عليهم دون الآخرين:
الدفع بشرط التحكيم من بعض المدعى عليهم دون الآخرين:
الالتجاء إلى التحكيم هو استثناء من الأصل العام في اختصاص المحاكم بالفصل في المنازعات وهو وإن كان يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجازه إلا أنه ينبني مباشرة على اتفاق الخصوم مما يقتضي مراعاة إرادتهم في التمسك به أو نزولهم عنه صراحة أو ضمناً بالتكلم في موضوع الدعوى المطروحة على المحكمة التزاما بالأصل في الاختصاص بنظرها، والتكلم في الموضوع المسقط للدفع بعدم سماع الدعوى اعتدادا بشرط التحكيم إنما يكون بإبداء أي طلب أو دفاع يمس موضوعها أو مسألة فرعية فيها ينطوي على التسليم بوجودها أمام المحكمة واختصاصها بنظرها البين من مذكرة الطاعن الأول المقدمة بجلسة (2003/1/31م) قوله أنه ينكر كافة طلبات الدعوى واحتياطيا يطلب حصر مسؤوليته في مبلغ القرض الممنوح للمدعى عليها الأولى المطعون ضدها الثالثة وعلى وجه التساوي مع باقي الضامنين رافضا كل ما يترتب على ذلك من عمولات فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر ذلك تكلما في موضوع الدعوى ونزولا ضمنيا من الطاعن الأول عن التمسك بشرط التحكيم وذهب إلى أنه بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث الذين تمسكا بهذا الشرط دون باقي المدعى عليهم وهم المدين الأصلي وباقي كفلائه الضامنين لالتزاماته فإنه نظرا لارتباط موضوع الدعوى بالنسبة لهم جميعا ارتباطا لا يقبل التجزئة وتحوطا لمنع تضارب الأحكام فيها يجعل من حسن سير العدالة وجوب نظرها أمام هيئة قضائية واحدة وليس أجدر من القضاء العادي صاحب الاختصاص الأصيل وانتهى بذلك إلى رفض الدفع المبدئي للطاعنين بعدم سماع الدعوى فإنه يكون قد التزم صحيح القانون .
توثيق الكاتب
في رأيي الكاتب في حالة تعدد المدعى عليهم ودفع البعض دون الآخر بشرط التحكيم في موضوع نزاع لا يقبل التجزئة فإن المسألة ليست كما ذهبت إليها محكمة التمييز البحرينية من أنه ليس هناك أجدر من القضاء العادي صاحب الاختصاص الأصيل من نظر النزاع فالمسألة هنا ليست مسألة جدارة أو خلافة بل هي مسألة مرتبطة بطبيعة التكييف القانوني لأثر الدفع بشرط التحكيم فهل شرط التحكيم ينزع الاختصاص من المحكمة المختصة أصلا بنظر الدعوى؟ أم يمنعها فقط من سماعها ما دام الشرط قائما؟ فالخصم بإبرامه لشرط التحكيم يتنازل عن الحماية القضائية والدفع بشرط التحكيم من قبيل الدفوع بعدم قبول الدعوى ولا يقال أن المحكمة غير مختصة بنظر النزاع وإنما هي ممنوعة من نظره، لأن صاحب الدفع ينكر سلطة خصمه في الالتجاء للقضاء طلبا للحماية القانونية، فضلا عن أن كافة التشريعات تتحدث عن المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، وبالتالي لا مجال لتكييف الدفع بشرط التحكيم بأنه دفع بعدم الاختصاص فشرط التحكيم ينشيء عارض مؤقت يمنع المحكمة من سماع الدعوى فإذا زال هذا العارض برجوع الأطراف مثلا عنه وجب الالتجاء إلى المحكمة وبالتالي في الحالات التي لا تقبل التجزئة وجب أن تنصرف إرادة جميع الأطراف إلى الذهاب إلى منصة التحكيم للفصل في النزاع وإلا فإن الفصل في النزاع في حالة انقسام الآراء بين الأطراف يعود للمحكمة المختصة باعتبار أن العارض المؤقت قد زال بنزول البعض مع ملاحظة أن المشرع السوداني في المادة (9) قانون التحكيم (2016م) اعتبر شرط التحكيم نازعاً للاختصاص من المحكمة المختصة بالنزاع وكما أشرت بعاليه في رأيي أن الدفع بشرط التحكيم من قبيل الدفوع بعدم قبول الدعوى ولا يقال أن المحكمة غير مختصة بنظر النزاع.
قضى أيضا المجلس الأعلى المغربي بأن الدفع بالبند التحكيمي هو من الدفوع الشكلية التي يتعين إثارتها أمام محكمة الدرجة الأولى قبل كل دفع أو دفاع موضوعي .
على العكس من ذلك فإن التمسك بشرط التحكيم وإثارته قبل أي دفع آخر يجعل الاختصاص بنظر النزاع لهيئة التحكيم.
قضت المحكمة العليا الليبية بأنه متى كان الثابت أن الشركة الطاعنة تمسكت بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم بين الطرفين وكان مقتضى نص المادة (739) من قانون المرافعات أن يجوز للخصوم النزول بإرادتهم عن حقهم في الالتجاء إلى المحكمة المختصة وانه متى نزل الخصوم بإرادتهم عن سلطة الالتجاء إلى القضاء تكون الدعوى قد فقدت شرطا من شروط قبولها مما يمنع المحكمة من قبولها ما دام شرط التحكيم قائماً .