مصدر التحكيم هو الإرادة، فقد أعطى مشرعو الدول ومستو الاتفاقيات الدولية هذه الارادة دورا مهما، و حاسما في تحديد القانون الواجب التطبيق، فالأمر هنا لإرادة الأطراف ولكن ما المبدأ في اختصاص هيئة التحكيم بنظر الدفوع.
بعد أن يثير الخصم الدفع بإتفاق التحكيم فإن المحكمة تقوم بنظر هذا الدفع الإصدار قرار ما حوله إما بإجابته أو رفضه، والحكم الصادر في الدفع هو حكم قابل للطعن إلا أن إجراءات الطعن تختلف بحسب طبيعة الحكم الصادر وحسب قرار الطعن نفسه. وبعد أن يتمسك الخصم بإتفاق التحكيم ويطرحه أمام المحكمة ردا على الدعوى المرفوعة ضده فإن على المحكمة في هذه الحالة ضرورة النظر في هذا الدفع قبل إصدار حكمها القضائي بشأنه .
المبدأ العام هو أن المحكمة التي تنظر الدعوى تعد مختصة بجميع الدفوع التي تثار أمامها دون التقيد بأية قواعد إختصاص، ذلك أن حسن سير العدالة يقتضي بأن تكون المحكمة التي تنظر الدعوى مختصة بالنظر في أي دفع يرد خلال الخصومة، وهذا المبدأ من القواعد المستقرة في فقه المرافعات حيث يعبر الفقه عن ذلك بأن " قاضي الدعوى هو قاضي الدفع". وقد نصت المادة (4) من قانون التحكيم المصري علي: ١- يكون الإختصاص
بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجارية دولية سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الاختصاص المحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على
اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر. ۲- وتظل المحكمة التي ينعقد لها الإختصاص وفقا للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الاختصاص
حتى انتهاء جميع إجراءات التحكيم.
هناك الكثير من التشريعات سواء الأجنبية أو العربية تؤكد على ضرورة قيام المحكمة بتدقيق وفحص اتفاق التحكيم نفسه عند الدفع به أمامها
نذكر من ذلك قانون التحكيم اليمني والهولندي والفلسطيني والسويسري والتي يستفاد منها وجود صلاحية مطلقة للمحكمة في فحص اتفاق التحكيم والتأكد من صحته، إلا أن هناك أيضا عددا من الإتفاقيات التحكيم الدولية تؤكد على ذلك ونذكر في ذلك. إتفاقية نيويورك لعام (۹۰۸) ) وذات الحكم وارد في قانون الأنيستورال. النموذجي للتحكيم الصادر من الأمم المتحدة لسنة (۱۹۸۰) في
(م8) منه.
نص القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدور اللجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي على أنه يجوز لهيئة التحكيم ال في أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو بصحته. ولهذا الغرض ينظر إلى شرط التحكيم الذي يشكل جزءا من عقد كما لو كان اتفاقا مستقلا
عن شروط العقد الأخرى وأي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم. كما يثار الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في موعد أقصاه تقديم بيان الدفاع، ولا يجوز منع أي من الطرفين من إثارة مثل هذا الدفع بحجة أنه عين أحد المحكمين أو أسهم في تعيينه. أما الدفع بتجاوز هيئة التحكيم نطاق سلطتها فيجب ابداؤه بمجرد أن تثار، أثناء إجراءات التحكيم، المسألة التي يدعي بأنها خارج نطاق سلطتها. ولهيئة التحكيم في كلتا الحالتين أن تقبل دفعا يثار بعد هذا الموعد إذا اعتبرت أن التأخير له ما يبرره (
كما يجوز لهيئة التحكيم أن تفصل في أي دفع من الدفوع المشار إليها في الفقرة ((۲) من هذه المادة، أما كمسألة أولية واما في قرار تحكيم موضوعي. وإذا قررت هيئة التحكيم في قرار تمهيدي أنها مختصة، فلاي الطرفين، في خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلانه بذلك القرار، أن يطلب من المحكمة المحددة في المادة 6 أن تفصل في الأمر. ولا يكون قرارها هذا قابلا اللطعن، وإلى أن يبت في هذا الطلب، لهيئة التحكيم أن تمضي في إجراءات التحكيم وأن تصدر قرار تحكيم.
: ولقد نص القانون المصري علي أن تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم إختصاصها بما في ذلك الدفوع المبينة على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع.
- كما تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة قبل الفصل في الموضوع أو أن تضمها إلى الموضوع لتفصل فيهما معا فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوی بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة (53) من هذا القانون.
يراعى أنه لخصوصية التحكيم، واختلافه عن القضاء؛ فإنه يجب على الخصم أن يتمسك بالدفع أيا كان نوعه في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق وإلا سقط حقه في التمسك بهذا الدفع إذ يعد ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض.