الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الدفع بوجود اتفاق التحكيم / الكتب / قانون التحكيم في النظرية والتطبيق / الدفع بوجود اتفاق تحكيم

  • الاسم

    د. فتحي والي
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    منشأة المعارف بالأسكندرية
  • عدد الصفحات

    626
  • رقم الصفحة

    181

التفاصيل طباعة نسخ

الدفع بوجود اتفاق تحكيم:-


وقد اختلف الفقه والقضاء حول تكييف هذا الدفع، فذهب البعض الى ان هذا الدفع هو دفع بعدم الاختصاص. وهذا الرأي هو الذي اخذت به محكمة النقض الايطالية فى بعض أحكامها. واعتبرته دفعًا لا يتعلق بالنظام العام شأنه شأن الدفع بعدم الاختصاص المحلى مما يوجب التمسك به قبل الكلام فى الموضوع والا سقط الحق فيه .، كما اعتمدته المادة ٨١٩ مكرر ٣ اجراءات مدنية ايطالية مضافة باللائحة بقانون رقم ٤٠ لسنه ٢٠٠٦. واخذت بهذا الرأى ايضا محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر بتاريخ ۲۰ يونيو ۱۹٥٧، واعتبرت الدفع دفعًا بعدم اختصاص نوعى متعلقًا بالموضوع، يمكن التمسك به في آية حالة كانت عليها الدعوي.
ولو ذهبنا الى ان الامر يتعلق بتوزيع للاختصاص بين محاكم الدولة وهيئة التحكيم، فانه يكون حتمًا توزيعًا للولاية. ومن المسلم أن ولاية المحكمة أو عدم ولايتها أمر يتعلق بالنظام العام. وهو ما يخالف التنظيم الوضعى لولاية هيئة التحكيم إذ إن  ولايتها لا تتعلق بالنظام العام ومن ناحية أخرى، فإن الاتفاق على التحكيم لا ينزع الاختصاص كليًا عن محاكم الدولة، فرغم هذا الاتفاق يظل الاختصاص ببعض المسائل المتصلة بالنزاع محل هذا الاتفاق لمحاكم الدولة (مادة 4 من قانون التحكيم.) واخيرًا. فان القول بعدم الاختصاص يستتبع اعمال المادة ۱۱۰ مرافعات مما يوجب على المحكمة اذا قضت بعدم الاختصاص أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة وهي هيئة التحكيم. وهو ما لا يمكن التسليم به.
فالخصم وقد ارتضى عرض النزاع على محكم باجراءات خصومة التحكيم، يكون قد نزل عن حقه في الفصل في الدعوى عن طريق اجراءات الخصومة العادية. والتمسك بهذا النزول يعتبر دفعًا بعدم قبول الدعوى من الناحية الاجرائية أمام هذا القضاء.
واعتبار الدفع باتفاق التحكيم دفعًا بعدم القبول يتعلق بالاجراءات هو الرأى الذى اخذنا به- مع بعض أحكام القضاء المصرية والفقه - قبل قانون التحكيم، وهو الذي قننته المادة 1/13 من قانون التحكيم بنصها على أنه يجب على المحكمة التي يرفع اليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم ان تحكم بعدم قبول الدعوى لذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه اى طلب او دفاع في الدعوى». كما اخذت به محكمة النقض المصرية في الحديث من أحكامها.
ويلاحظ أن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط تحكيم هو دفع إجرائي وليس دفعًا بعدم قبول موضوعي مما تنص عليه المادة ١/١١٥ مرافعات ولهذا يخضع لأحكام الدفع بعدم القبول الإجرائي أي لأحكام الدفوع الإجرائية، وليس لتلك المتعلقة بالدفع بعدم القبول الموضوعي .
ويجب على المحكمة إذا قدم إليها الدفع أن تقضي بعدم قبول الدعوى فليس للمحكمة أية سلطة تقديرية في هذا الشأن ما دامت قد تحققت من وجود اتفاق تحكيم غير ظاهر البطلان يتعلق بذات النزاع المرفوعة به الدعوى، وتمسك المدعى عليه بالدفع بالتحكيم قبل الكلام في الموضوع. وهذا الوجوب مستمد ليس فقط من صباغة المادة 1/13 من قانون التحكيم يجب على المحكمة... وإنما أيضًا من المادة ٣/٢ من اتفاقية نيويورك. كما أنه ليس للمحكمة أن توقف الفصل في الدعوى إلى حين الفصل في النزاع من هيئة التحكيم . ولأن أساس هذا الدفع الإجرائي هو اتفاق الطرفين على التحكيم، فإنه لا يتعلق بالنظام العام، فليس للمحكمة أن تقضى بأعماله من تلقاء نفسها بل يجب التمسك به أمامها.
وإذا قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإنها لا تستنفد ولايتها في نظر موضوع الدعوى. ولهذا فإنه إذا استؤنف حكمها وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدفع بالتحكيم، فإنه يجب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها إذ محكمة أول درجة لم تنظر الموضوع، وليس المحكمة الاستئناف الفصل في الموضوع قبل أن تقول محكمة أول درجة كلمتها فيه والى خالفت مبدأ التقاضي على درجتين.
ومن ناحية أخرى، فإنه إذا قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإنها لا تحيل الدعوى إلى هيئة التحكيم ولو كان الطرفان قد اتفقا عليها ذلك أن من المقرر أن المحكمة عندما تحكم بعدم القبول لا تحكم بالإحالة فوفقًا للمادة ۱۱۰ من قانون المرافعات، لا تحكم المحكمة بالإحالة إلا بعد الحكم بعدم اختصاصها بالدعوى أذ عندئذ عليها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة بها. أما إذا قضت المحكمة بعدم القبول فإنها لا تحيل الدعوى وإنما تنتهي سلطتها عند هذا الحد. وإذا كانت المادة ٣/٢ من اتفاقية نيويورك تنص على أن على المحكمة المرفوع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم صحيح وقابل للتطبيق «أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم "refer the parties to arbitration" ‏ فإن هذا النص في حقيقته لا يعنى الإحالة بالمعنى الفني الدقيق وإنما كل ما يتطلبه من المحكمة هو عدم نظر النزاع الذي يوجد بشأنه اتفاق تحكيم.
التحكيم لإلزامها المحكمة المقام أمامها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك، لأنه بذلك يكون قد أهدر حق التقاضي لطائفة من المواطنين، وهم الذين اتفقوا على التحكيم مما يخل بمبدأ المساواة، فضلًا عن مخالفته لنص المادة 15 من ق. السلطة القضائية (رقم ٤٦ لسنه (۱۹۷۲) والتي عقدت ولاية الفصل في المنازعات للمحاكم بصفة أصلية فلا يجوز تقييد هذا الحق. وقد رفضت المحكمة الدستورية العليا- يحق- هذا النعي استنادًا إلى أن النص الطعنين «إنما استهدف تغليب إرادة المحتكمين الذين يقفون إزاءه على قدم المساواة. ولم يتسن تمييزًا يخل بمبدأ المساواة.
(111).