اتفاق التحكيم / الأثر السلبي - عدم اختصاص محاكم الدولة بالفصل في النزاع الذي تم بشأنه الاتفاق على التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / نسبة أثر اتفاق التحكيم في القانون المصري والمقارن / الأثر السلبي لاتفاق التحكيم
أولاً: الدفع بالتحكيم فى مواجهة الأطراف بعضهم ببعض:
سبق الإشارة إلى أن صاحب الصفة في التمسك بالدفع في التحكيم هو فقط من كان طرفاً في اتفاق التحكيم، فيجوز لكل من ينطبق عليه وصف الطرف في اتفاق التحكيم أن يتمسك بهذا الدفع، كما يجوز للخلف العام أو الخاص التمسك به بشرط علمه به ورضائه بهذا الاتفاق.
ولا يجوز لكفيل المدين أن يتمسك بالدفع للتحكيم وذلك لأنه ليس طرفاً فيه، ولا يجوز له الاحتجاج بشرط التحكيم في مواجهة الدائن، فطالما أن المدين سكت أو تنازل عن حقه في التمسك بالدفع بالتحكيم أو أسقط حقه في الدفع فلا يجوز للكفيل أن يتمسك به.
أما فيما يتعلق بالمدين المتضامن الذى لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم، فيرى بعض الفقه أن من حقه أن يتمسك بالدفوع الخاصة بزميله فيمكنه طبقا لهذا الرأى أن يدفع بالتحكيم نيابة عن زميله ولكننا نرى أنه حتى في حالة التضامن فلا يجوز للمتضامن أن يدفع بالتحكيم نيابة عن زميله طالما كان زميله موجود في الخصومة حيث لا ينوب حاضر في الخصومة عن حاضر مثله.
أما إذا كان موضوع النزاع غير قابل للتجزئة، فلا يجوز لمن لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم أن يتمسك بالتحكيم نيابة عن زميله متى كان طرف الخصومة حاضرا، ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة، وتمسكه بالتحكيم يعد باطلا ويجوز للمحكمة أن تحكم بذلك من تلقاء نفسها رغم أن الموضوع لا يتعلق بالنظام العام.
ثانياُ : الدفع بالتحكيم عند تعدد أطراف التحكيم:
إذا تعدد أطراف التحكيم فيجوز لهم جميعا التمسك بالتحكيم، ويجوز لبعضهم أن يتنازل أو يسقط حقه فى التمسك بالتحكيم، وفي هذه الحالة لا يؤثر موقف الطرف المتنازل على الأطراف الأخرى في تمسكهم بالتحكيم.
وذلك لأنه لا توجد نيابة تبادلية بين الأطراف فيما يضر، كما يكون الأمر كذلك ولو كان الموضوع لايقبل التجزئة، وذلك لأنه لا توجد نيابة بين الأطراف سواء فيما ينفع أو فيما يضر.
أما إذا كان الموضوع قابل للتجزئة فإن قبول الدفع بالتحكيم المقدم من أحد الأطراف يؤدى إلى عدم جواز نظر الدعوى بالنسبة له وحده، أما باقى الذين لم يتمسكوا بالدفع بالتحكيم او تنازلوا عنه صراحة أو ضمنا أو سقط حقه فى المطالبة به فيجب على المحكمة الاستمرار في نظر النزاع بالنسبة لهم ولا يجوز أن تقضى بعدم قبول الفصل بالنسبة لهم، بينما إذا كان الموضوع الغير قابل للتجزئة أو كان التحكيم بالصلح فإن قبول الدفع بالنسبة لأحد أطراف اتفاق التحكيم يؤدى إلى عدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لجميع الأطراف في هذا الاتفاق.
ثالثاً: تعدد الأطراف في علاقة قانونية
إذا تعدد الأطراف في علاقة قانونية غير قابلة للتجزئة واتفق بعضهم على اللجوء للتحكيم واعترض البعض الآخر فهل يجوز جلب أطراف اتفاق التحكيم أمام القضاء بدعوى أن المنازعة متعددة الأطراف، وأن الموضوع غير قابل للتجزئة ؟ وإنه يجوز وفقا للمادة ٣/٤٩ مصرى، والمادة ٤٢ / ٢ فرنسى أن يعلنهم جميعا أمام محكمة موطن أحدهم ؟
في هذا الشأن انقسم الفقه الفرنسي إلى رأيين:
الرأي الأول: وهو الرأى الذى أخذ به بعض الفقه الفرنسي وبعض محاكم الموضوع إلى أنه فى حالة التجزئة فإن المدعى عليه المرتبط بشرط التحكيم مع المدعى لا يمكنه الدفع بعدم الاختصاص لمحكمة أحد المدعى عليهم متمسكا بشرط التحكيم.
ولقد استند هذا الرأى على عدة أسانيد القياس، ومفهوم المخالفة،، وطبيعة عدم التجزئة كالتالي:
١- القياس على اختصاص القضاء الاستثنائى بالطلب المقابل الذي يدخل في الاختصاص النوعي لقضاء استثنائى آخر.
٢- طبيعة الموضوع الغير قابل للتجزئه ذاته، فالغير قابل للتجزئة لا يمكن أن يكون منقسم، فهذه الطبيعة كم هي التي سمحت بتجاوز قواعد الاختصاص النوعي، فهي التي أجازت لمحكمة استثنائية بالاختصاص بطلب يدخل في اختصاص محكمة واحدة في حالة التنافس بين قضائين استثنائيين، وبالرغم أن هذا الاستثناء يخالف النظام العام لأن احترام إرادة الأطراف لا يبرر ذلك، لأن الإرادة الفردية يجب ألا تخالف النظام العام، وعدم تجزئة الموضوع امر متعلق بالنظام العام فلا يجب أن تقف أمامه أي عقبة قانونية أو اتفاقية بشرط أن تكون عدم تجزئة حقيقية.
٣ - ومفهوم المخالفة لبعض الأحكام، فقد غلبت بعض المحاكم اتفاق التحكيم، لأن موضوع النزاع لم يكن قابل للتجزئة، مما يعنى أنه إذا كانت عدم التجزئة ثابت فإن الدفع بعدم الاختصاص لوجود التحكيم سيكون مرفوضا وسينظر النزاع كله أمام محاكم الدولة بصرف النظر عن اتفاق التحكيم.
الرأي الثاني: لا يجوز عرض موضوع اتفاق التحكيم أمام القضاء ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة، حيث لا يجوز للمدعى أن يعلن المدعى عليه الملتزم معه بعقد التحكيم أمام محكمة موطن أحد المدعى عليه متمسكا بتطبيق المادة ٢/٤٢ فرنسى لأنه يشترط لتطبيق هذا النص أن تكون المحكمة مختصة نوعيا بالنسبة لكافة المدعى عليهم، ولما كان الاختصاص النوعي بالنسبة لأطراف اتفاق التحكيم للمحكمين، فلم تعد المحاكم المختصة نوعيا بالنسبة للمدعى عليهم الملتزمين باتفاق التحكيم.
واعترف أنصار هذا الرأى أن عدم اختصاص المحاكم بالمنازعة المتفق بشأنها على التحكيم هو عدم اختصاص نسبي فإنه يؤكد أن المشكلة مشكلة اختصاص نوعی.
ولذلك يجب أن نحترس من تشبيه شرط التحكيم بشرط الاختصاص في حالة تعدد المدعى عليهم ويؤكد هذا الرأى ضرورة احترام اتفاق التحكيم حتى ولو كان هناك عدم تجزئة.