الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأثر السلبي - عدم اختصاص محاكم الدولة بالفصل في النزاع الذي تم بشأنه الاتفاق على التحكيم / الكتب / اتفاق التحكيم والدفوع المتعلقة به / الأثر السلبي لاتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد إبراهيم عبدالتواب
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الجامعة الجديدة للطبع والنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    605
  • رقم الصفحة

    139

التفاصيل طباعة نسخ

تجدر الإشارة أن الأثر السلبي لاتفاق التحكيم لا يقتصر على مجرد التزام الأطراف بالامتناع عن الالتجاء للقضاء، بل يمتد هذا الأثر اللامتناع عن الطعن في الحكم بطرق الطعن التي قررها القانون، إذ المقصود بالقضاء في هذا المعنى ليس مجرد القضاء بالمعنى الضيق الذي يقتصر على محاكم أول درجة، بل أن تعبير القضاء يشمل المحاكم المختصة بالطعن في الحكم، إذ لا يتسق مع تنظيم المشرع للتحكيم أن يكون ذلك قاصر على محاكم أول درجة وحدها، بل الهدف من تنظيم المشرع للتحكيم كمنظومة إجرائية هو رضاء الأطراف بحسم النزاع بحكم ملزم، ووجود رضاء مسبق على حكم المحكمين، ومن ثم نرى أن عدم إجازة المشرع للطعن في حكم المحكمين أساسه القوة الملزمة لاتفاق التحكيم، ورضاء الأطراف المسبق على حسم النزاع بحكم ملزم.

ومن ناحية أخرى فإن استعمال المشرع الفرنسي والمصري لتعبير يجب على المحكمة التي رفع بها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعد الاختصاص أو بعدم قبول الدعوى إذا نفع المدعي عليه بذلك قبل ابدانه أي طلب دفاع في الدعوى، فيه خلط بين سلطة المحكمة في الفصل في النفع وبين أثر اتفاق التحكيم من الناحية السلبية، إذ يتعين الفصل بين اثر اتفاق التحكيم على اختصاص المحاكم وبين سلطة المحكمة في الفصل في الدفع بوجود اتفاق التحكم في هذه الحالة، كما أن استعمال المشرع الإماراتي التعبير " إذا اتفق الأطراف على التحكيم في نزاع فلا يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء فيه مصادرة على حق التقاضي، كما أنه يعبر بلفظ الأمر الذي قد يستنتج منه أننا بصدد قاعدة آمرة، مع أن الفقرة الثانية من المادة ۲۰۳/د نصت على كفالة حق الشخص في الالتجاء للقضاء مع كفالة حق الطرف الأخر في الدفع بوجود اتفاق التحكيم في الجلسة الأولى، وإلا وجب نظر الدعوى مع اعتبار شرط التحكيم لاغياً.

والأجدر في رأينا استعمال تعبير المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم، بدلاً من تعبير يجب على المحكمة التي يرفع بيها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم الوارد في المادة 1/۱۳ من قانون التحكيم المصري، وتعبر على المحكمة المرفوعة أمامها دعوی " الوارد في المادة 1/4 من قانون التحكيم التجاري الدولي، وتعبير التزام المحكمة بالحكم بعدم الاختصاص celle -ci doit se cliclairer incompetente الوارد في المادة 1458 من قانون المرافعات الفرنسي، وتعبير ولا يجوز للمحكمة المرفوعة أمامها الدعوى نظر الدعوى، الوارد النص عليها في قانون الإجراءات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة"، إذ مقتضی ذلك أن اتفاق التحكيم لا يمنع من الالتجاء للقضاء مطلقا، ويترتب عليه امتناع الأطراف من الالتجاء للقضاء وهو ما يطلق عليه بالأثر السلبي لاتفاق التحكيم، فإذا أخل الخصم بهذا الالتزام كان للطرف الأخر التمسك بوجود اتفاق التحكيم قبل الكلام في الموضوع وإلا سقط حقه في إبداء الدفع بوجود اتفاق التحكيم، ولا بغل ذلك يد المحكمة المختصة في استعمال سلطتها التقديرية في الفصل في الدفع بوجود اتفاق التحكيم والتحقق من وجود اتفاق التحكيم أو عدم وجوده.

فما الحل لو لم يعبر الطرف الآخر عن التنازل الضمني عن اتفاق التحكيم، فهل يكون له الحق في البدء في إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيه مع التزام هيئة التحكيم بالحكم في هذه الحالة، وبأسلوب آخر فهل مجرد عدم إبداء الدفع قبل الكلام في الموضوع يعد تعبيرعن سقوط الحق في الدفع واعتباره متنازلاً عن اتفاق التحكيم؟

الأجدر في رأينا أن الدفع بوجود اتفاق التحكيم في هذه الحالة لا يسقط بمجرد عدم إبدائه من الطرف الآخر قبل الكلام في الموضوع، وأن المعول عليه لسقوط الدفع بوجود اتفاق التحكيم في هذه الحالة، واعتبار صاحبه متنازل عن اتفاق التحكيم هو تطرق الخصم في الدعوى المنظورة أمام القضاء بالكلام في الموضوع بشكل يعبر عن تنازله ضمنيا عن اتفاق التحكيم)، فلا يكفي مجرد السكوت عن الدفع بوجود اتفاق التحكيم أو عدم الرد في الجلسة الأولى، ولا يكفي علم الخصم بوجود دعوى قضائية أمام القضاء، بل يتعين سلوكه سلوكاً أمام المحكمة من شأنه أن يعبر ضمناً عن  التنازل الضمني من قبله عن اتفاق التحكيم.

والدفع بوجود اتفاق التحكيم هو عمل إجرائي مستمد مباشره من الخصومة القضائية، ولا يعتبر مستمد مباشرة من اتفاق التحكيم، ولا يغير من ذلك إذا كان اتفاق التحكيم هو أساس الدعوى القضائية، كما كان الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة قبل قانون الإجراءات المدنية الحالي- من قيام أطراف اتفاق التحكيم بتسجيل مشارطة التحكيم قبل البدء في إجراءات التحكيم، وكما هو الحال بطلب تعيين المحكمين، إذ الدعوى هنا لحماية الحق الموضوعي، وليست عملاً إجرائياً مستمداً من اتفاق التحكيم الذي لا يعدو أن يكون اتفاق من نوع خاص.