الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأثر السلبي - عدم اختصاص محاكم الدولة بالفصل في النزاع الذي تم بشأنه الاتفاق على التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري الدولي / اتخاذ الاجراءات التحفظية 

  • الاسم

    أ.د فوزي محمد سامي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    282

التفاصيل طباعة نسخ

اتخاذ الاجراءات التحفظية 

   الحالة الاخرى من حالات تدخل القاضي اثناء اجراءات التحكيم هي قيام القاضي باصدار قرارات مستعجلة لها صفة مؤقتة لحماية حق او مال من وقوع ضرر قبل فوات الاوان وقبل البت في اصل الحق وهذه الاجراءات تنفذ فورا . 

  وقد نصت المادة (١٤١) من قانون المرافعات العراقي على المحكمة المختصة للنظر في مثل تلك الطلبات بقولها تختص محكمة البداءة بنظر المسائل المستعجلة التي يخشى عليها فوات الوقت بشرط عدم المساس بأصل الحق». 

   ان لجوء الاطراف إلى القضاء لا يؤثر على سير الاجراءات الخاصة بالتحكيم ولا يعتبر مناقضا لاتفاق التحكيم ولا يمكن اعتبار الطلب من السلطة القضائية باتخاذ الاجراءات المذكورة تنازلا عن التمسك بالتحكيم او نظر المحكمة في اساس الموضوع وهذا ما نصت عليه صراحة قواعد التحكيم الدولية منها المادة (۱۲) من قواعد الغرفة التجارية الدولية وكذلك الفقرة الثالثة من المادة (٢٦) من قواعد التحكيم التي وضعتها (الاونسترال) والفصل (٤٦) من قواعد جمعية التحكيم الامريكية. ويظهر هذا ايضا بشكل واضح في قرارات التحكيم (۳) وطلب اتخاذ الاجراءات الاحتياطية او التحفظية يمكن ان يقدم قبل بدء اجراءات التحكيم او اثنائها .

    ويبدو ان الاتجاه الحالي في التحكيم الدولي هو تضمين القوانين الوطنية نصوصاً تعطي المحكم الحق في اصدار قرارات لاتخاذ الاجراءات الوقائية او المؤقتة، ففي القانون النموذجي للتحكيم المفروض فيه ان يكون نموذجا للقوانين الوطنية نصت المادة (۱۷) منه على انه «يجوز لهيئة التحكيم أن تأمر ايا من الطرفين بناء على طلب احدهما باتخاذ اي تدبير وقائى أو مؤقت تراه ضروريا بالنسبة إلى موضوع النزاع ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. ولهيئة التحكيم ان تطلب من اي من الطرفين تقديم ضمان مناسب فيما يتصل بهذا التدبير ولكن يتساءل الفقه عن مدى فاعلية قرارات المحكم في هذا المجال لأن:

أ) القرار الذي يصدره المحكم لاتخاذ اجراءات احتياطية او تحفظية لا يتعدى اثره طرفي النزاع والمفروض ان اطراف النزاع التي قبلت الالتجاء إلى التحكيم تقبل بتنفيذ الاجراءات وعند عدم الامتثال للامر يبقى للطرف الاخر طلب التعويض اذا اصابه ضرر من جراء عدم الامتثال للامر وتنفيذ الاجراء الواجب اتخاذه. 

ب) يظهر من الاحصائيات بأن ۸۰٪ من احكام التحكيم لا تنفذ طوعا بل بموجب طرق التنفيذ الجبري وهذا ينطبق ايضا في حالة اتخاذ قرار الاجراءات الاحتياطية من قبل المحكم فالمطلوب تنفيذ القرار جبرا في حالة عدم التنفيذ الطوعي.

جـ) ان اعطاء المحكم الحق في اتخاذ قرارات حول اجراءات تحفظية لا يمنع الطرفين من اللجوء إلى المحاكم لاتخاذ مثل تلك القرارات وبالاخص ان قرارات المحاكم لها القوة التنفيذية الجبرية. ومع ذلك كما قلنا ان الاتجاه على الصعيد الدولي هو اعطاء المحاكم او هيئة التحكيم الحق في اتخاذ مثل هذه الاجراءات اذا خشي من وقوع ضرر او لمنع تصرف يقوم به احد الاطراف ويؤثر في حماية حق الاخر هذا ما نجده في المادة (٢٦) من قواعد الاونسترال التي نصت على ما يلي :

1- لهيئة التحكيم ان تتخذ بناء على طلب احد الطرفين، ما تراه ضروريا من تدابير مؤقتة بشأن الموضوع محل النزاع، بما في ذلك اجراءات المحافظة على البضائع المتنازع عليها، كالأمر بايداعها لدى الغير او بيع السلع القابلة للتلف .

2- يجوز ان تتخذ التدابير المؤقتة في صورة قرار تحكيم مؤقت، ولهيئة التحكيم ان تشترط تقديم كفالة لتغطية نفقات التدبير المؤقت.

3- الطلب الذي يقدمه أحد الطرفين إلى سلطة قضائية باتخاذ تدابير مؤقتة لا يعتبر مناقضا لاتفاق التحكيم او نزولا عن الحق في التمسك به».

   كذلك نجد ان القانون السويسري الجديد الخاص بقواعد القانون الدولي الخاص قد عالج احكام التحكيم في الفصل الثاني عشر منه حيث نص في المادة (۱۸۳) منه على ما يلي:

1- الا اذا كان هناك اتفاق على خلاف ذلك، يجوز لهيئة التحكيم أن تأمر بالاجراءات المؤقتة او الاجراءات التحفظية بناء على طلب احد الاطراف.

2- فإذا لم يخضع الطرف المعني لتلك الاجراءات من تلقاء نفسه يمكن لهيئة التحكيم ان تطلب مساعدة القاضي المختص، ويقوم هذا الاخير بتطبيق قانونه .

3- يجوز لهيئة التحكيم او للقاضي ان يعلق اتخاذ الاجراءات المؤقتة او الاحتياطية إلى تقديم كفالة مناسبة».

   ويتبين من الفقرة الثانية من هذه المادة انها تعطي للمحكم او لهيئة التحكيم عند عدم خضوع الطرف الذي صدر ضده قرار اتخاذ الاجراءات التحفظية ان تلجأ هيئة التحكيم او المحكم إلى القاضي وتطلب معاونته في اتخاذ القرار الخاص بالتنفيذ الجبري لتلك الاجراءات وفي هذه الحالة يقوم القاضي بتطبيق قانون الاجراءات الذي يطبقه في النظر بالدعوى وهذا الحكم في القانون السويسري ينسجم تماما مع الواقع ذلك لان المحكم ليست له سلطة الاجبار وانما تلك السلطة تكون بيد القاضي الذي يمثل السلطة العامة.

   وكما سبق أن ذكرنا أن القانون العراقي اعطى القاضي حق اتخاذ الاجراءات  التحفظية عن طريق الحجز الاحتياطي او اتخاذ أي اجراء عن طريق القضاء المستعجل المواد (٢٣١-٢٥٠ مرافعات) وعلى هذا الاساس فلا نجد في قانون المرافعات العراقي ما يعطي المحكم حق اتخاذ مثل هذه الاجراءات. ولكننا نستطيع القول لو ان الطرفين قد وضعا في اتفاق التحكيم شرطا يجوز بموجبه للمحكم اتخاذ الاجراءات الاحتياطية او التحفظية ففي هذه الحالة يمكن له ان يقرر ذلك بناء على طلب احد الاطراف ولكن ما هي القوة التنفيذية للقرار الذي يتخذه بهذا الشأن لا نجد نص في القانون ما يجعل لمثل هذا القرار القوة التنفيذية وهذا ما وجدناه في القواعد الدولية ايضا، لذا فالافضل في ضوء القانون العراقي والقوانين العربية الاخرى ان يلجأ الطرف الذي يرغب في اتخاذ الاجراءات التحفظية إلى القضاء لكي يلبي طلبه. ولا نعتقد ان المحكمين يجوز لهم الطلب من القاضي اتخاذ تلك الاجراءات او ان يطلبوا مساعدة القاضي في تنفيذ ذلك. حيث لا يوجد في قانون المرافعات العراقي او القوانين ما يسمح للمحكمين بذلك.

    وعليه يمكن القول ان قرار الحجز او اي اجراء تحفظي يتخذه المحكم ليس له قوة الالزام ولا يمكن تنفيذه جبرا ولكن قد يقبل الطرفان اتخاذ مثل هذا الاجراء وبالتالي يتعاونان على تنفيذه.

   والقاعدة ان لاحد الطرفين اذا اراد اتخاذ مثل تلك الاجراءات ان يلجأ إلى القضاء باتباع الاجراءات الاعتيادية في مثل تلك الحالات وطبقا للاجراءات الخاصة باقامة الدعوى المستعجلة في هذا الشأن امام القاضي.

   وجدير بالذكر ان قانون المرافعات الليبي الصادر في ١٩٥٣/١١/٢٨ قد نص صراحة في المادة (٧٥٨) منه على انه ليس للمحكمين ان يأذنوا بالحجز ولا بأية اجراءات تحفظية، وإذا أذن قاض مختص بالحجز في قضية منظورة بطريق التحكيم فعليه ان يقرر صحة الحجز دون المساس بموضوع القضية. وعلى هذا القاضي ان يصدر قرارا بالغاء الحجز حين يقرر المحكمون ذلك».

    ان هذا النص الذي يمنع المحكم من اتخاذ اجراءات تحفظية ويحصر هذا الحق بيد القاضي ينطبق ايضا على ما هو الحال في القوانين العربية للمرافعات وان لم يرد فيها نص صريح بذلك.