الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأثر السلبي - عدم اختصاص محاكم الدولة بالفصل في النزاع الذي تم بشأنه الاتفاق على التحكيم / الكتب / إتفاق التحكيم في العقود الإدارية الدولية في النظام السعودي والأنظمة المقارنة / الأثر السلبي لاتفاق التحكيم

  • الاسم

    إتفاق التحكيم في العقود الإدارية الدولية في النظام السعودي والأنظمة المقارنة
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    140

التفاصيل طباعة نسخ

ينشئ اتفاق التحكيم التزاما سلبيا متبادلا على عاتق كل من طرفيه يحرم عليهما الالتجاء إلى القضاء الوطني لطلب الفصل في المنازعات محل اتفاق التحكيم، ويحدث اتفاق التحكيم هذا الأثر سواء كان في صورة شرط تحكيم أو في صورة اتفاق تحكيم مستقل، ومبدأ عدم اختصاص المحاكم الوطنية بنظر المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم يعد من المبادئ التي كرستها التشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية وسوف نعرض لها :

أولاً، موقف التشريعات الوطنية من هذا المبدأ :

أخذت الغالبية العظمى من التشريعات الحديثة المعينة بتنظيم اتفاق التحكيم بمبدأ عدم اختصاص القضاء الوطنى بنظر المنازعات محل التحكيم وسوف نعرض للقانون الفرنسي والقانون المصرى .

موقف القانون الفرنسي

نصت المادة 1458 من القانون الفرنسي على أنه إذا رفع النزاع المعروض على محكمة التحكيم بموجب اتفاق التحكيم على القضاء الوطني يجب على هذا القضاء أن يقرر عدم اختصاصه وعلى الرغم من أن هذا النص قد ورد في الباب الأول ضمن النصوص المتعلقة بالتحكيم الداخلي، إلا أن جانبا من الفقة ذهب إلى تطبيق هذا النص على المعاملات الدولية وذلك لأن هذا النص وإن كان قد ورد ضمن القسم الخاص بالتحكيم في المعاملات الداخلية، إلا أن صياغته جاءت مطلقة بحيث يطبق على كل اتفاق تحكيم سواء كان داخليا أم دوليا وقد أخذت بهذا الاتجاه محكمة النقض الفرنسية صراحة في حكم صادر لها في 28 يونيو 1989 حيث أكدت على أن المادة 1458 تطبق على التحكيم الوطنى والدولى على حد سواء ولكن ثار تساؤل هل يشترط لإعمال قاعدة عدم اختصاص القضاء الوطني أن يكون اتفاق التحكيم صحيحا وقابلا للتطبيق.

نصت المادة 1458 من قانون المرافعات الفرنسي بشأن التحكيم على أنه إذ رفع النزاع المعروض علي محكمة التحكيم بموجب اتفاق التحكيم علي قضاء الدولة يجب على هذا القضاء أن يقرر عدم اختصاصه. وإذا لم تكن محكمة التحكيم قد اتصلت بعد بالنزاع يجب أيضا على هذا القضاء أن يقرر عدم اختصاصه إلا إذا كان التحكيم ظاهر البطلان ".

ويتضح من هذا النص أنه إذا رفعت الدعوى بعد اتصال محكمة التحكيم بالنزاع يجب على القاضي أن يقضى بعدم اختصاصه دون البحث في مدى صحة اتفاق التحكيم من عدمه، أما إذا رفعت الدعوى قبل اتصال محكمة التحكيم بالنزاع فيجب على القاضي أن يقضى بعدم اختصاصه إلا إذا تبين له البطلان الظاهر الاتفاق التحكيم بمعنى أن يكون هذا البطلان واضحا وغير قابل للمنازعة فيه.

موقف النظام السعودي

تنص المادة 11 من نظام التحكيم السعودي الجديد علي أن :

1- يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم جواز نظر الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى.

2- لا يحول رفع الدعوى المشار إليها في الفقرة السابقة دون البدء في إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها، أو إصدار حكم التحكيم.

و هذا يعني أنه إذا كان الاتفاق على التحكيم صحيحاً ونافذاً، ورفعت الدعوى بخصوص المنازعة محل الاتفاق أمام محكمة من محاكم الدولة كان للمدعى عليه أن يدفعها بوجود اتفاق على التحكيم. 

ويكون المدعى عليه التمسك بهذا الدفع ولو كانت إجراءات التحكيم لا زالت جارية، وسواء كانت الدعوي التحكيمية قد رفعت قبل رفع الدعوى أمام المحكمة أو بعدها.

والدفع باتفاق التحكيم يعد دفعاً بعدم القبول يتعلق بالإجراءات، أي أنه دفع إجرائي وليس موضوعي، لذا فليس للمحكمة أية سلطة تقديرية في حال الدفع بهذا الدفع، ما دامت قد تحققت من وجود اتفاق تحكيم غير ظاهر البطلان يتعلق بذات النزاع المرفوعة به الدعوى مع تمسك المدعى عليه بالدفع بالتحكيم قبل الكلام في الموضوع وهذا الوجوب ليس مصدره هذه المادة 1/11 من هذا النظام، وإنما أيضاً نص المادة 3/2 من اتفاقية نيويورك.

كما أنه ليس للمحكمة أن توقف الفصل في الدعوى إلى حين الفصل في النزاع من هيئة التحكيم.

الأن أساس هذا الدفع الإجرائي هو اتفاق الطرفين على التحكيم، فإنه لا يتعلق بالنظام العام، فليس للمحكمة أن تقضى بإعماله من تلقاء نفسها، بل يجب التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً، ويسقط الحق فيه بالكلام في الموضوع أي قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى. وبصفة عامة تنطبق على هذا الدفع بوجود اتفاق تحكيم ما ينطبق على الأحكام المقررة بالنسبة للدفوع الإجرائية غير المتعلقة بالنظام العام.

ثانياً: موقف المعاهدات الدولية من هذه المسألة

كرست المعاهدات الدولية مبدأ عدم اختصاص المحاكم الوطنية بنظر المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم، فقد نص بروتوكول جنيف 1923 في المادة الرابعة منه على أنه على محاكم الدولة المتعاقدة المطروح عليها نزاع مبرم بين الأشخاص المشار إليهم في المادة ومتضمن شرط تحكيم او اتفاق تحكيم صحيح وقابل للتطبيق أن تحيل الأطراف المعينة بناء على طلب أحدهم  إلى قضاء التحكيم. يتضح من هذا النص أن بروتوكول جنيف 1923 قد أخذ بعيداً عدم اختصاص القضاء الوطني بنظر المنازعات محل اتفاق التحكيم ولكنه اشترط أن يتمسك أحد الطرفين باتفاق التحكيم قبل الدخول أو الكلام في الموضوع وإلا كان ذلك بمثابة تنازل عن اللجوء إلى قضاء التحكيم فالقضاء لا يجوز له أن يقضى بعدم اختصاصه بنظر النزاع من تلقاء نفسه بل يجب أن يتمسك أحد أطراف النزاع باللجوء إلى التحكيم.

ويجب على القاضي في حالة تمسك أحد الطرفين باللجوء إلى التحكيم أن يفحص اتفاق التحكيم للتأكد من مدى صحته أو بطلائه، وما إذا كان قابلا للتطبيق من عدمه، وتحتفظ المحكمة القضائية بالحق في نظر النزاع والفصل فيه إذا ما ثبت لديها أن اتفاق التحكيم باطل أو غير قابل للتطبيق، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من بروتوكول جنيف علي أنه ومع ذلك، فإن هذه الإحالة لا تمس اختصاص المحاكم في الحالة التي يكون فيها اتفاق التحكيم أو شرط التحكيم لاخ أو غير ذي أثر.

وقد أخذت معاهدة نيويورك 1958 بنفس المبادئ السابقة حيث نصت في المادة 3/11 على أنه على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع بصدد مسألة أبرم الأطراف بشأنها اتفاق تحكيم بالمعنى الوارد في هذه المادة أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن اتفاق التحكيم باطل ولا أثر له أو غير قابل للتطبيق. وكذلك القانون النموذجي الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي عام 1985 اخذ أيضا بهذه المبادئ ونص في المادة 1/8 على أنه على المحكمة التي ترفع أمامها دعوى أبرم بشأنها اتفاق تحكيم أن تحيل الطرفين إلى التحكيم إذا طلب منها ذلك أحد الطرفين في موعد أقصاه تاريخ تقديم بيانه الأول في موضوع النزاع ما لم يتضح لها أن الاتفاق باطل أو لاغ أو عديم الأثر، ولا يمكن تنفيذة.

الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم اختصاص المحاكم الوطنية بنظر المنازعات المتفق بشانها على التحكيم :

إذا كان الأصل أن اتفاق التحكيم يترتب عليه عدم اختصاص القضاء الوطني بالمنازعات محل اتفاق التحكيم إذا تمسك أحد الأطراف أمام المحكمة المطروح عليها النزاع بوجود اتفاق التحكيم وكان هذا الاتفاق صحيحا ومنتجا لآثاره، إلا أنه واستثناء من هذا الأصل نظل المحاكم الوطنية محتفظة بالاختصاص في بعض المسائل سواء عند بدء الخصومة أو أثناء إجراءات التحكيم وسوف نعرض لذلك في النقاط الآتية:

1 تدخل القاضي الوطني في الإجراءات الوقتية والتحفظية :

يترتب على اتفاق التحكيم سلب ولاية اختصاص القضاء الوطني بنظر النزاع محل اتفاق التحكيم ولقد ثار تساؤل هل هذا الأثر يمتد ليشمل الإجراءات الوقتية والتحفظية المرتبطة بالنزاع بحيث يختص المحكم بنظر هذه الإجراءات أم ينعقد الاختصاص بها لكل من القاضي الوطني والمحكم وسوف نعرض لموقف الفقه والقوانين الوضعية والمعاهدات الدولية ولوائح التحكيم من هذه المسألة.

أولا : موقف الفقه من هذه المسألة

الاتجاه الأول اختصاص فضاء الدولة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية: 

ويرى البعض أن من حق الأطراف الاتفاق على استبعاد بعض الإجراءات التحفظية من نطاق اختصاص المحكم، وأيضا من حق الأطراف الاتفاق على استبعاد عدم اللجوء إلى قضاء الدولة خلال فترة التحكيم إذ ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أنه لا يمكن استبعاد محاكم الدولة في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية إلا بناء على اتفاق صريح من الأطراف أو بناء على اتفاق ضمني بشرط الا تكون هذه الإجراءات تتعلق بتنفيذ حكم التحكيم فهذه الإجراءات مقصورة على قضاء الدولة.

موقف التشريعات الوطنية من هذه المسألة :

لم تتبع التشريعات الوطنية خطة واحدة بشأن الجهة المختصة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية فهناك بعض التشريعات قصرت الاختصاص على القضاء الوطني، وهناك تشريعات أخرى جعلت الاختصاص من حيث الأصل للقضاء الوطني وأجازت للأطراف الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم وهناك تشريعات جعلت الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية من حيث الأصل لهيئة التحكيم ويجوز للأطراف الاتفاق على اللجوء إلى القضاء الوطني وسوف نعرض لبعض هذه التشريعات.

القانون المصرى

نصت المادة 14 من قانون التحكيم المصرى 27 لسنة 1994 على أنه يجوز للمحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون أن تأمر بناء على طلب أحد طرفي التحكيم باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في اتخاذ إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها. 

وتنص المادة 24 من هذا القانون على أنه :

1- يجوز لطرفي التحكيم الاتفاق على أن يكون لهيئة التحكيم بناء على طلب أحدهما أن تأمر أيا منهما باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة أو تحفظية وأن تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدبير الذي تأمر به .

2- وإذا تخلف من صدر إليه الأمر عن تنفيذه جاز لهيئة التحكيم بناء على طلب الطرف الآخر أن تأذن لهذا الطرف في أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون الأمر بالتنفيذ ..

يتضح من ذلك أن القضاء المصرى هو المختص ومن حيث الأصل باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية إلا أن هذا الاختصاص ليس مقصورا عليه وحده بل أجاز قانون التحكيم المصرى للأطراف الاتفاق على إستاد هذا الاختصاص لمحكمة التحكيم ذاتها وهذا يعني أن اختصاص القضاء المصرى باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية لا يتعلق بالنظام العام.

موقف التشريع السويسري

نص قانون التحكيم السويسرى الصادر في سنة 1987 في المادة 183 على أنه :

ما لم يوجد اتفاق مخالف يجوز لمحكمة التحكيم أن تأمر باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية بناء على طلب أحد الطرفين.

إذا لم يخضع الطرف الصادر ضده الإجراء الوقتي أو التحفظي بمحض إرادته، يجوز لمحكمة التحكيم أن تطلب مساعدة القاضي، وهذا القاضي يطبق قانونه .

يجوز لمحكمة التحكيم أو القاضي أن يعلق الأمر باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية المطلوبة على تقديم ضمان مناسب. 

ويتضح من هذا النص أن المشرع السويسري جعل اختصاص المحكم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية هو الأصل إلا أن قرار المحكم ليس له القوة التنفيذية التى تكون للقرار الصادر من المحكمة، ولذلك إذا لم يمتثل الطرف الصادر ضده الإجراء الوقتي أو التحفظي فإن المحكم يلجأ إلى القاضى المختص ويطلب المساعدة القضائية.

ويجوز للطرفين الاتفاق على طلب الإجراءات الوقتية والتحفظية من المحكمة المختصة مباشرة.

موقف المعاهدات الدولية من هذه المسألة :

معاهدة نيويورك

نصت المادة 3/2 من المعاهدة علي أنه علي محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق من الأطراف بالمعني الوارد في هذه المادة أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم وذلك ما لم يتبين أن هذا الاتفاق باطل لا أثر له، أو غير قابل للتطبيق..

فهل تسري هذه المادة على الإجراءات الوقتية و التحفظية، بالنظر إلى القضاء الأمريكي نلاحظ أن العديد من المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة ذهبت إلي عدم قبول الطلبات المقدمة إليها بشأن اتخاذ الإجراءات الوقتية و التحفظية استناداً إلي أن مثل هذه الإجراءات تتعارض مع اتفاق التحكيم وبالتالي تتعارض مع معاهدة نيويورك.

أما بالنسبة للمملكة المتحدة فقد دخلت اتفاقية نيويورك طور التنفيذ في المملكة المتحدة في 23 ديسمبر 1975 ومع ذلك فإن المحاكم الإنجليزية ظلت تطبق المادة 6/12 من قانون التحكيم الصادر 1950 والتي تنص علي أنه حتى إذا قامت المحكمة بإحالة الأطراف إلي التحكيم فإن لها السلطة في أن تصدر الأوامر باتخاذ الإجراءات التحفظية كما لو لم يكن هناك اتفاق تحكيم .

موقف الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي

نصت المادة 4/6 من هذه الاتفاقية علي أن طلب الإجراءات الوقتية أو التحفظية الموجه إلى السلطة القضائية لا يجب اعتباره مخالفاً لاتفاق التحكيم .

يتضح من هذا النص أن وجود اتفاق التحكيم لا يحول دون التقدم إلي الجهات القضائية المختصة بطلب إجراء وقتي أو تحفظي، وقد جاءت صياغة النص من العموم بحيث يمكن القول أنه يجوز التقدم بمثل هذا الطلب إلى القضاء المختص سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سير هذه الإجراءات.

موقف القانون النموذجي 1985:

وفقا للقانون النموذجي 1985 يجوز لكل من الطرفين اللجوء إلى القضاء الوطني بطلب إصدار أمر باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية سواء قبل بدء الخصومة أو اثناء سير إجراءات التحكيم ويجوز لمحكمة التحكيم أن تأمر أيا من الطرفين بناء على طلب أحدهما باتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي تقدر أنه ضروري بالنسبة لموضوع النزاع.

موقف اتفاقية واشنطن 1965

من المعروف أن اتفاقية واشنطن 1965 المتعلقة بتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى انشأت المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ICSID ووضعت نظاماً تحكيمياً منفصلاً عن كل قانون وطني فيما يتعلق بالإجراءات المتعلقة بالتحكيم ومراجعة وتفسير وإبطال وتنفيذ أحكام التحكيم الصادرة عن المركز ومن هنا فإن تدخل القضاء الوطني يكون نادراً إذا ما تعلق الأمر باختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ICSID .

وقد سارت الاتفاقية علي هذا النهج بالنسبة للإجراءات التحفظية  والوقتية فقد نصت المادة 26 منها علي أنه تعتبر موافقة الأطراف علي التحكيم في ظل هذه الاتفاقية موافقة علي استبعاد أي وسيلة أخرى من وسائل الرجوع ما لم ينص على خلاف ذلك ويجوز لأي طرف متعاقد المطالبة باستبعاد كافة سبل التسوية القانونية المحلية والدولية كشرط لازم لقبول التحكيم في ظل الاتفاقية.

ولم تكتف الاتفاقية بنص المادة 26 وإنما أكدت علي استثثار المركز ينظر كل عناصر النزاع بنص المادة 47 التي حولت لهيئة التحكيم سلطة اتخاذ أي تحفظية تقتضيها الظروف للحفاظ على الحقوق المشروعة لأي من أطراف النزاع سواء بناء على طلب أحد الأطراف أو من تلقاء نفسها، ما لم يتفق الأطراف علي غير ذلك.

وقد ثار عما إذا كانت القاعدة السابقة تحظر علي الأطراف التقاضي أمام المحاكم الوطنية وما هو الحكم الذي ينبغي أن تقضي به هذه المحاكم إذا ما رفع إليها دعوى بالمخالفة للقاعدة المذكورة؟.

اختلف قضاء التحكيم بشأن هذه المسألة .

وفي قضية شركة موبيل أويل ضد حكومة نيوزلندا، فرغم تقديم الشركة الطلب التحكيم لدي المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، إلا أن حكومة نیوزلندا سعت لاستصدار أمر حجز تحفظي من محاكم نيوزلندا لعرقلة سير النزاع إلا أنه عندما عرض النزاع علي المحكمة العليا في نيوزلندا قررت وقف نظر جميع الدعاوى المتصلة بالنزاع لحين انتهاء محكمة التحكيم من عملها. 

الاتجاه الثاني: تأكيد اختصاص المحاكم الوطنية باتخاذ الإجراءات التحفظية :

يري جانب من الفقه أن معاهدة واشنطن لا تحول دون اختصاص القضاء الوطني بنظر المنازعات الوقتية والتحفظية.
فلا يوجد في نص المادة 26 من الاتفاقية ولا في الأعمال التحضيرية الخاصة بهذا النص ما يشير إلي أن نية واضعي الاتفاقية قد انصرفت إلي تطبيق هذا النص علي الإجراءات الوقتية والتحفظية .

ولذلك ثار تساؤل عن السبب الذي من أجله تحرم الأطراف من المساعدة التي يمكن للمحاكم أن تقدمها إليهم خاصة وأنها هي وحدها القادرة علي اتخاذ بعض الإجراءات الوقتية والتحفظية.

ويضيف أنصار هذا الاتجاه أنه بالإضافة إلى ذلك فإن هناك المادة 47 من الاتفاقية والتي حولت لهيئة التحكيم سلطة اتخاذ أي إجراءات تحفظية تقتضيها الظروف للحفاظ علي الحقوق المشروعة لأي من أطراف النزاع سواء بناء على طلب أحد الأطراف أو من تلقاء نفسها ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.

فهذا النص يمنح الأطراف الاتفاق على استبعاد اختصاص المركز والاتفاق علي اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية.

ويضيف أنصار هذا الاتجاه أن أحكام القضاء تؤيد ذلك، ففي النزاع الذي ثار بين غينيا وشركة اتلانتيك ترينتون، قضت محكمة النقض الفرنسية إلي بأن المحاكم الوطنية من حقها أن تصدر أمراً باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية وذكرت أن نص المادة 26، 47 من معاهدة واشنطن ليس المقصود منها حرمان أطراف النزاع من الاستعانة بالمحاكم الوطنية لاتخاذ إجراءات الحجز التحفظي من أجل ضمان تنفيذ حكم التحكيم الذي ينتظر صدوره عن هيئة التحكيم وأن محكمة الاستئناف قد أساءت تطبيق هذه المادة. 

تدخل القاضي في اتخاذ بعض الإجراءات المتعلقة بالتحكيم تدخل القاضي الوطني في تشكيل هيئة التحكيم :

قد يتفق الطرفان على تحديد المحكم أو المحكمين الذين سيتولون الفصل في موضوع النزاع أو يحدد الطرفان الطريقة التي يتم على أساسها اختبار هيئة التحكيم وفي هذه الأحوال لن تكون هناك صعوبة تذكر في تشكيل هيئة التحكيم.

لكن يحدث أحيانا أن لا يتفق أطراف النزاع على هيئة التحكيم التي ستفصل في موضوع النزاع ولا يوضحوا الطريقة التي يتم على أساسها اختيار هيئة التحكيم في هذه الحالة ينبغي التفرقة بين فرضين، الأول عندما يتفق الطرفان علي اللجوء إلى التحكيم لدي مركز أو للتحكيم مثل ICSID في هذا الفرض ليست هناك مشكلة فتشكيل هيئة التحكيم سيتم وفقا لقواعد التحكيم السارية في المركز.

والفرض الثاني: عندما يتفق الطرفان علي اتباع أسلوب التحكيم الحر، بالنظر إلى نظام التحكيم السعودي نلاحظ أنه أجاز في المادة 15 تدخل المحكمة القضائية في تشكيل هيئة التحكيم بناء على طلب أحد الطرفين إذا كانت هناك صعوبات تعترض تشكيل هيئة التحكيم مثل عدم اتفاق الطرفين علي تعيين المحكم الوحيد الذي سينظر النزاع أو عدم تعيين أحد محكمه .

خلال خمسة عشر يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر. أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال خمسة عشر يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما تولت المحكمة المختصة اختياره بناءً على طلب من يهمه التعجيل أي لا بد من طلب ذلك من أحد طرفي التحكيم وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب من هذا الطرف، ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة المختصة رئاسة هيئة التحكيم وتسرى هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين

وإن كنا نرجو أن ينص النظام على قيام الطرفين باختيار المحكمين الثلاثة لقيامهم بمهمة القضاء، فلا يختار أي محكم بإرادة منفردة لأي طرف.

إذ عادة يتصور الطرف الذي اختار محكمه أن هذا المحكم يمثله ويجب أن يتلقي تعليماته منه كما لو كان المحكم وكيلاً عن الطرف الذي اختاره وليس قاضياً يفصل في نزاع بينه وبين الطرف الآخر.

ويجب أن يتم اختيار المحكم بوضوح، فالأصل أن يتم تحديده بالاسم والوظيفة أو المهنة على نحو لا يثير أي شك حول شخصه.

وإذا لم يتفق طرفا التحكيم على إجراءات اختيار المحكمين أو خالقها أحد الطرفين أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عُهد به إليه في هذا الشأن، تولت المحكمة المختصة - بناءً على طلب من يهمه التعجيل - القيام بالإجراء، أو بالعمل المطلوب أي أن المحكمة تقوم بتعيين واتخاذ إجراءات التحكيم اللازمة بشرط الا يكون هناك نص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل في هذه الحالة يطبق هذا الإجراء أو العمل الآخر ويعلو شأن اتفاق الأطراف.

تراعي المحكمة المختصة في المحكم الذي تختاره الشروط التي نص عليها اتفاق الطرفين أي أنها تحترم إرادة طرفي التحكيم، وتلك الشروط التي يتطلبها هذا النظام، وكذلك نصوص هذا النظام، وتصدر قرارها باختيار المحكم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب، ويجب عليها أن تصدر قرارها باسم المحكم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب ممن يهمه التعجيل من الطرفين. 

عدم الإخلال بأحكام المادتين 49 و 50 من هذا النظام يكون قرار المحكمة المختصة بتعيين المحكم وفقاً للفقرتين 1 و 2 من هذه المادة غير قابل للطعن فيه استقلالاً بأي طريق من طرق الطعن.

هذا البند غايته عدم تعطيل إجراءات التحكيم وعليه فإذا أصدرت المحكمة حكمها بتعيين محكم ، فإن هذا الحكم لا يقبل الطعن بأي طريق من طرقه بصفة مستقلة، وإنما يمكن الطعن في الحكم برفض تعيين محكم ويجب تفسير هذا النص تفسيراً ضيقاً، لأنه بمثابة استثناء على القاعدة العامة .

وقد نص علي ذلك القانون الفرنسي في المادة 2/1493 حيث أوضح أنه بالنسبة للتحكيمات التي تجري في فرنسا أو تلك التي اتفق الأطراف بصددها علي تطبيق قانون الإجراءات الفرنسي إذا اصطدم تشكيل محكمة التحكيم بأية صعوبات، يجوز للطرف صاحب المصلحة ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك اللجوء إلي رئيس المحكمة الكلية بباريس وفقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة 1457.