الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأثر السلبي - عدم اختصاص محاكم الدولة بالفصل في النزاع الذي تم بشأنه الاتفاق على التحكيم / الكتب / التحكيم في المنازعات البحرية / الأثر السلبي لاتفاق التحكيم البحري

  • الاسم

    د. الوليد بن محمد بن علي البرماني
  • تاريخ النشر

    2010-10-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    471
  • رقم الصفحة

    224

التفاصيل طباعة نسخ

الأثر السلبي لاتفاق التحكيم البحري

يتمثل الأثر السلبي لاتفاق التحكيم البحري في استبعاد اختصاص المحاكم الوطنية بنظر النزاع أو المنازعات المتفق على حلها تحكيمياً، حيث لا ينبغي للمحاكم الوطنية النظر في النزاع محل اتفاق التحكيم احتراماً لهذا الاتفاق ولإرادة أطرافه، ورغبة في إتيانه لثماره.

أولا : الاستبعاد في المعاهدات الدولية والقوانين الوطنية:

وأما الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي فقد أوردت الأمر مفصلاً في مادتها السادسة مقررة أنه إذا رفع أحد أطراف اتفاق التحكيم الدعوى أمام القضاء العادي ثم دفع المدعى عليه أمامها بعدم الاختصاص استناداً إلى وجود إتفاق تحكيم فإن الدفع يجب أن يقدم قبل البدء في المرافعة حول الموضوع أو عند البدء في المرافعة.

 فمعنى ذلك سلب اختصاص هيئة التحكيم فيمتنع عليها بعد ذلك مواصلة النظر في النزاع، وإذا كان حكم التحكيم قد صدر اعتبر كأن لم يكن، ثم أكدت المادة السادسة في فقرتها الرابعة أن وجود اتفاق التحكيم لايحول دون التقدم للجهات القضائية المختصة بطلب إجراء وقتی أو تحفظي.

«مما لاشك فيه أن اتفاق التحكيم محل الدعوى المنظورة ليس اتفاق تحکیم محلی، ولهذا فإنه منذ الوهلة الأولى كان يجب على المحكمة تطبيق المادة الأولى/1 من قانون التحكيم 1975وكان وقف الدعوى القضائية أمراً إجبارياً وملزماً».

إن التحكيم في التجارة الدولية سيعاق لو كانت المحاكم الوطنية حرة في رفض الاعتراف باتفاقات التحكيم والأحكام الصادرة بموجبها، وعقدت الاختصاص لنفسها بالموضوعات محل الاتفاقات التحكيمية.

ثانيا) : طبيعة الاستبعاد ، وحدوده :

 نجد أن المعاهدات الدولية لم تحدد المقصود بإحالة المحاكم الوطنية الأطراف للتحكيم، وبالتالي فإن الأمر يحسم بواسطة القوانين الوطنية، والممارسات القضائية في الدول محل البحث :

توثيق هذا الكاتب

كذلك سنرى ونحن بصدد بحث احتفاظ المحاكم الوطنية الأمريكية بإصدار الأوامر الوقتية أو التحفظية كيف أن المحاكم الأمريكية في حالة وجود حجز تحفظى لاتوقف الدعوى، ولا تأمر بالإحالة للتحكيم فقط، ولكنها تحدد مواعيد محددة يجب على الأطراف رفع دعواهم التحكيمية خلالها، وإلا أعادت المحكمة النظر في الحجز التحفظي المأمور به.

وهذه النتيجة هي ما انتهي إليها قانون التحكيم المصرى 1994حين قرر في مادته الثالثة عشرة وجوب تقديم المدعي عليه للدفع قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى، وإن كنا لاندري لماذا قرر القانون المصرى بعد ذلك أنه دفع بعدم القبول؟

وإذا كان الدفع بوجود اتفاق التحكيم هو دفع شکلي، فإننا نتساءل عن عدم اختصاص القضاء الوطني بالنزاع لوجود اتفاق تحكيم هل هو عدم اختصاص مطلق يجب على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، أم عدم اختصاص نسبی لابد أن يتمسك به أحد الخصوم ؟

إن هذا التطبيق المباشر للمادة (1458) علي التحكيم الدولي - حتى عندما لا يكون خاضعاً للقانون الفرنسي مفروضا لسببين:

( الأول: أن هذا النص يتعلق باختصاص المحاكم الوطنية الفرنسية، وبالتالي وبخصوص الاتفاقات الدولية، فإنها لا يمكنها تحدید اختصاصها أو عدم اختصاصها الداخلي أو الدولي إلا بتطبيق القانون الفرنسي الذي يحدد ولايتها، ونطاق هذه الولاية.

الثاني: أن مبدأ عدم اختصاص القضاء الوطني بالنسبة للنزاع موضوع اتفاق التحكيم الداخلي أو الدولي غير قابل للفصل عن طبيعة وهدف النظام.

هذا ويترتب على الطبيعة النسبية لعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر النزاع محل اتفاق التحكيم نتيجتين:

الأولى): جواز نزول أطراف اتفاق التحكيم عن هذا الاتفاق بقبولهم اختصاص المحاكم الوطنية وعدم التمسك بالاتفاق التحكيمي.

الثانية): أن استبعاد اختصاص المحاكم الوطنية من المجال التحكيمي ليس استبعاداً نهائياً حيث يبقي لها دور في العملية التحكيمية: ،

ا- جواز نزول أطراف اتفاق التحكيم عن هذا الاتفاق:

ذكرنا أنه بإبرام اتفاق التحكيم يصير نهائياً ونافذاً في مواجهة أطرافه وبالتالي لا يجوز الرجوع فيه بالإرادة المنفردة لأحد هؤلاء الأطراف.

ومن المتفق عليه جواز النزول الصريح عن هذا الاتفاق التحكیمی بموافقة أطرافه وذلك بإعرابهما أمام المحكمة القضائية التي رفع أمامها النزاع محل اتفاق التحكيم عن تنازلهما عن هذا الاتفاق.

 

وعملاً فإن عديداً من المنازعات سمح باستمرارها في المحكمة القضائية ولم يتم إحالتها للتحكيم عندما توافقت إرادة المدعى وأراد المدعي عليه عدم إحالتها للتحكيم ..

. ويترتب علي هذا وجود فرق آخر يتمثل في جواز رجوع المدعي عن رفع الدعوى القضائية وطلب الإحالة للتحكيم .. قانون التحكيم الفيدرالي الأمريكي في مادته الثالثة لم يفرق بين المدعي والمدعى عليه في طلب وقف الإجراءات، فالمدعي يملك الحق في التخلي عن الدعوى القضائية التي رفعها في أي وقت طالما لم يصدر الحكم النهائي .

۲- احتفاظ المحاكم الوطنية بالاختصاص فيما يتعلق بالإجراءات الوقتية والتحفظية .

إن استبعاد اختصاص المحاكم الوطنية من المجال التحکیمی، ليس استبعاداً نهائيا، ولكنه استبعاد محدود نطاقه بالمنازعات الموضوعية محل اتفاق التحكيم.

إنه من الصعب في إطار التحكيم البحرى الدولى وضع تعریف موحد للإجراءات الوقتية أو التحفظية في غياب فكرة عالمية مشتركة بين الأنظمة القضائية الوطنية المختلفة يمكن أن يحيل إليها القضاء الوطني أو القضاء التحكيمي في إطار إجراءات التحكيم البحری الدولي، وبالتالي فإن القضاء الوطني إذا طلب منه اتخاذ إجراء وقتي أو تحفظ فإنه سيحدد ماهية هذا الإجراء وفقاً لقانونه الوطني بصفته قانون القاضي.

 إلا أن للمحاكم الوطنية الدور المؤثر في هذا المجال لأسباب 

 

1- لاتوجد محكمة تحكيم دائمة، حيث إن كل نزاع پستأهل تشکیل محكمة تحكيم جديدة أو تعيين محكم وحید.

2- الإجراءات التحكيمية حضورية، فلا يوجد إجراء بناء علي طلب ، وبالتالي فإن أثر المفاجأة قد يؤثر أحياناً علي فعالية الإجراءات المقررة.

3- وأخيراً فإن الطابع التعاقدی لاتفاق التحكيم يؤدی بنا إلي نتيجتين :

 (أ) المحكم متجرد من أي اختصاص تجاه الغير . 

(ب) المحكم متجرد من وسائل الإكراه.

وقد ذهب البعض تعليقاً علي اتجاه محكمة النقض الفرنسية إلى أنه إذا كان إثبات توافر حالة الاستعجال سيكون أكثر صعوبة عندما تكون محكمة التحكيم قد انعقدت قبلاً، إلا أن اختصاص القاضي الفرنسي رغم ذلك لن يكون مستبعدة خصوصا وأن حكم التحكيم حول الإجراء التحفظي المطلوب سيكون مجردة عن الصفة التنفيذية على عکس أوامر قاضي الأمور المستعجلة النافذة مؤقتا .

وفي قضية أخرى تقول المحكمة: «إن المحكمة ترفض طلب المدعي عليه بإبطال أمر استيقاف سفينته الصادر لصالح المدعي قبل اللجوء للتحكيم حيث سمح قانون التحكيم الفيدرالي باستيقاف السفن السابق للتحكيم .

وهكذا فإن وجود اتفاق التحكيم لايعني منع القضاء من سلطة إصدار الأوامر الوقتية والتحفيظية التي يراها مناسبة وفقاً لقواعد قانون المرافعات المعمول بها في دولة القاضي حيث لم يرد في اتفاقية نیویورك مايحول دون استمرار العمل بذلك الأصل القانوني المستقر أو بنتقص من ولاية القضاء الوطني في ذلك المجال الذي يخرج عن دائرة الأمور المتفق على ترك الفصل فيها للتحكيم.

ثالثا) هل يشترط لجواز تمسك صاحب المصلحة بوقف الدعوى القضائية أن تكون الإجراءات التحكيمية قد بدأت بالفعل؟ أم يجوز له التمسك بهذا الوقف لمجرد وجود اتفاق التحكيم حتى قبل عقد التحكيم؟

ذهب غالبية الفقه إلى أنه لا يشترط لجواز تمسك صاحب المصلحة بوقف الدعوى القضائية أن تكون الإجراءات التحكيمية قد بدأت بالفعل:

فذهب البعض إلي وجوب أن تحكم المحكمة الوطنية بعدم اختصاصها بنظر النزاع محل اتفاق التحكيم سواء أكانت الإجراءات التحكيمية قد بدأت بالفعل أم لم تكن قد بدأت بعد. ففي الحالتين تحكم المحكمة الوطنية بوقف الإجراءات السارية أمامها. وإذا نوزع في اختصاص المحكم.

 إذا كانت الاجراءات التحكيمية قد بدأت بالفعل، أو

رابعا) موانع استبعاد اختصاص المحاكم الوطنية بنظر النزاع محل اتفاق التحكيم

أجمعت المعاهدات الدولية المتعلقة بالتحكيم علي وجود بعض الموانع التي تحول دون تطبيق الأثر السلبي لاتفاق التحكيم باستبعاد ولاية المحاكم الوطنية بنظر النزاع محل اتفاق التحكيم:

ففي انجلترا:

أ- أن اتفاق التحكيم باطل، من غير الممكن إعماله أو غیر قابل للتطبيق، وزادت :

ب- إذا لم يكن هناك نزاع بين الأطراف بخصوص الموضوع المتفق على إحالته للتحكيم .

ومن التطبيقات القضائية الأمريكية: ماقضی به من رفض المحكمة الدفع بوقف الإجراءات حيث كانت مشارطة الإيجار تنص على أن: «أي نزاع ناشئ طبقا للمشارطة يجب إحالته للتحكيم»، وحيث إن الدعوى المنظورة والمتعلقة بالتعويض عن موت ثلاثة من طاقم السفينة لم تنشأ ولم تتعلق بالمشارطة المذكورة.

وكذلك قضي برفض الدفع المقدم من المدعي الشاحن بوقف الإجراءات  لوجود شرط يقضي بالتحكيم في نيويورك.

وهكذا ينطبق هنا ماسبق أن قررناه بشأن الموقف الانجليزي حيث إن معظم الحالات المعروضة تتعلق باتفاقات التحكيم غير الممكن إعمالها أو غير القابلة للتطبيق في حين تقل المنازعات المتعلقة بإبطال اتفاق التحكيم لتخلف شروط صحته، كما تحرص جميع التشريعات، وأحكام القضاء الوطني في الدول محل البحث على تضييق دائرة الموانع التي تحول دون استبعاد اختصاص القضاء الوطني بالمنازعات بحل اتفاق التحكيم تشجيعا للتحكيم في منازعات التجارة البحرية.