اتفاق التحكيم / الأثر السلبي - عدم اختصاص محاكم الدولة بالفصل في النزاع الذي تم بشأنه الاتفاق على التحكيم / الكتب / الوجيز في شرح نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية / الأثر المانع
الاتفاق على التحكيم يمنع أطرافه من اللجوء إلى القضاء لحل منازعاتهم، فالاتفاق على التحكيم ينزع ولاية الجهة المختصة أصلاً بالفصل في النزاع ويحيله إلى التحكيم .
فإذا لجأ أحد الأطراف إلى القضاء، كان على المحكمة أن تحكم بعدم جواز نظر الدعوى، بشرط أن يتمسك به المدعى عليه قبل أي طلب أو دفاع في الموضوع، وتطبيقاً لذلك فقد نقضت محكمة الاستئناف الإدارية حكماً للدائرة التجارية الثالثة بالمحكمة الإدارية، والتي قضت فيها الدائرة بعدم جواز نظر الدعوى لوجود شرط التحكيم بين الطرفين. وقد استندت محكمة الاستئناف في نقض هذا الحكم على: "... أن الدائرة قد قضت بعدم جواز نظر الدعوى لوجود شرط التحكيم، وهذا بخلاف طلب المدعي، وذلك أن المدعي وكالة لم يطلب نظر الدعوى موضوعا، وفضلاً على ذلك، فلو طلبه لم يكن للدائرة أن تقضي بعدم جواز نظر الدعوى حتى تدفع بذلك المدعى عليها قبل أي طلب أو دفاع ...".
و ويرجع ذلك إلى أن الدفع بوجود اتفاق على التحكيم لا يعتبر من النظام العام؛ ولذلك لا يجوز للقضاء المحكمة المختصة) أن تثير هذا الدفع من تلقاء نفسها، إذا ما عرض عليها نزاع فيه اتفاق لأطرافه على التحكيم؛ إذ يجب على صاحب المصلحة أن يتمسك بهذا الدفع ويثيره أمام المحكمة في أول جلسة قبل الخوض في موضوع النزاع، وإلا سقط حقه.
ولذلك حکمت الدائرة التجارية الثالثة في حكم لها بأنه: "وحيث دفع وکیل سعی عليها بأن العقد مع المدعية نص في المادة الحادية عشرة على أنه في حال الخلاف بن حل بواسطة محكمين، وطلب صرف النظر عن الدعوى لوجود شرط التحكيم، وحيث نصت المادة الحادية عشرة في فقرتها الأولى من نظام التحكيم، الصادر بالمرسوم الملكي (م/ 34)، بتاريخ 24/ 5/ 1433 هـ، على أنه: "يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد في شأنه اتفاق تحكيم، أن تحكم بعدم جواز نظر الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى"، وحيث إن دفع وكيل المدعى عليها بوجود شرط التحكيم قبل تقديم الدفوع الموضوعية في الدعوى، فإن الدائرة تنتهي إلى عدم جواز نظر هذه الدعوى".
فإذا ما ثبت للمحكمة وجود اتفاق على التحكيم، فإنه يجب عليها أن تحكم بعدم جواز ، نظر الدعوى، وهذا ما نصت عليه الدائرة التجارية الثالثة بالمحكمة الإدارية بالرياض في حكم لها، والذي أيدته محكمة الاستئناف الإدارية بالرياض؛ حيث ذهبت الدائرة في أسباب حكمها إلى أنه: "وبما أن العقد المبرم بين طرفي النزاع قد نص في البند (13) على حسم الخلافات بواسطة التحكيم، وفق التفصيل الوارد في ذلك البند.
ولما كان وكيل المدعى عليها قد دفع بتمسكه بشرط التحكيم الوارد في العقد، وكان ذلك قبل تقديم أي طلب أو دفاع موضوعي في الدعوى، فإن الدائرة لا يجوز لها نظر النزاع في ظل تمسك أحد طرفي النزاع بشرط التحكيم.
ولا يغير من ذلك ما استند إليه وكيل المدعية من أن المدعى عليها سبق أن رفضت التجاوب مع إجراءات التحكيم بموجب خطابها المؤرخ في 2008/12/18 ؛ إذ إن عدم تجاوب المدعى عليها مع إجراءات التحكيم - ولو ثبت - لا يعد تنازلاً عن التحكيم، فضلاً عن حصول كل ذلك قبل إقامة هذه الدعوى، وعليه حكمت الدائرة بعدم جواز نظر الدعوى لوجود شرط التحكيم بين الطرفين.
كذلك فإن الدائرة التجارية الثالثة حكمت بعدم جواز نظر الدعوى لوجود شرط التحكيم؛ حيث سردت في أسباب حكمها:» أنه: "وبما أن المدعية تهدف من إقامة دعواها إلى إلزام المدعى عليها بسداد متبقي قيمة التوريد والتركيب للمدعى عليها، وبما أن وكيل المدعى عليها تمسك بشرط التحكيم المنصوص عليه في العقد المبرم بين الطرفين بتاريخ 17/ 10/ 2010م، في مادته 2/14، وبما أن نظام التحكيم السعودي، الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/ 46)، بتاریخ 12/ 7/ 1403 هـ، نص على أنه: "إذا كان الخصوم قد اتفقوا على التحكيم قبل قيام النزاع ... فلا يجوز النظر في موضوع النزاع إلا وفقاً لأحكام هذا النظام؛ لذلك حكمت الدائرة بعدم جواز نظر الدعوى لوجود شرط التحكيم، وعند تأييد هذا الحكم من محكمة الاستئناف الإدارية بالرياض، ذهبت لتعديل أسباب حکم الدائرة التجارية الثالثة، والتي استندت إلى نظام التحكيم القديم لتكون استناداً إلى نظام التحكيم الجديد، الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/ 34)، بتاریخ 24/ 5/ 1433 هـ.
ولقد نقضت ، دائرة الاستئناف التجارية الأولى بمحكمة الاستئناف الإدارية بالرياض حکما صادراً عن المحكمة الإدارية بالرياض، وذلك بسبب عدم تعرض الدائرة لشرط التحكيم في العقد، ولم تحكم بعدم جواز نظر الدعوى؛ حيث ذكرت دائرة الاستئناف في أسباب نقض الحكم: "أن الدائرة لم تتعرض في حكمها إلى دفع المدعى عليها وكالة بتمسكها بشرط التحكيم المثبت في اتفاقية التوزيع المبرمة بين الطرفين، وهو محل نظر؛ إذ المتعين على الدائرة أن تنظر دفع المدعى عليها وكالة ومدی توافقه مع نظام التحكيم، وذلك وفقا لما جاء بالمادة الحادية عشرة من نظام التحكيم".
وحول وجوب التمسك بهذا الدفع في الجلسة الأولى، قررت ذات المادة أن ذلك مشروط ب: " إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى".
وهذا ما نص عليه حكم المحكمة الإدارية بالرياض؛ حيث نصت في حيثيات حكمها على أنه: "وبما أن نظام التحكيم السعودي، الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/ 34)، بتاریخ 24/ 5/ 1433هـ ، قد نص في المادة (11) على أنه: "يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد في شأنه اتفاق تحكيم، أن تحكم بعدم جواز نظر الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى".
وأضافت بأنه: "وبما أن العقد المبرم بين طرفي النزاع قد نص في البند 14-1 على أنه: "يتم تحويل النزاع من قبل الجهة المتضررة للفصل بشأنه، طبقاً لأنظمة التحكيم المعمول بها من قبل الغرفة التجارية والصناعية في مدينة الرياض، ولا كان وكيل المدعى عليه قد دفع بمسكه بشرط التحكيم الوارد في العقد، وكان ذلك قبل تقديم أي طلب أو دفاع موضوعي في الدعوى، فإن الدائرة لا يجوز لها نظر النزاع في ظل تمسك أحد طرفي النزاع بالتحكيم".
وعليه، حكمت الدائرة بعدم جواز نظر الدعوى لوجود شرط التحكيم.
وإذا اتفق الأطراف على التحكيم أثناء نظر النزاع أمام المحكمة، فإنه يجب على المحكمة أن تحيل النزاع إلى التحكيم؛ حيث قررت المادة الثانية عشرة أنه: "إذا تم الاتفاق على التحكيم أثناء نظر النزاع أمام المحكمة المختصة، وجب عليها أن تقرر إحالة النزاع إلى التحكيم".
وهذا ما نصت عليه المحكمة الإدارية بالرياض في حكم لها من أنه: "... وبما أن التمسك بشرط التحكيم يلزم منه عدم الدخول في موضوع الدعوى استناداً لنظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م / 34)، بتاريخ 24/ 5/ 1433 هـ، والذي نص في مادته الحادية عشرة على أنه: "يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد في شأنه اتفاق تحكيم، أن تحكم بعدم جواز نظر الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى"، والمدعية تعتبر دخلت في الدعوى، مما فوت عليها هذا الحق، فضلاً عن أن المدعى عليها طالبت بالدخول في موضوع الدعوى، وعدم الموافقة على طلب المدعية إحالة النزاع للتحكيم، بل وطلبت الفصل في موضوع الدعوى لاكتفائها بردها على لائحة الدعوى المقدمة من المدعية، فإن الدائرة تنتهي - استنادا لما تقدم - إلى رفض طلب المدعية المتمثل باعمال شرط التحكيم".