الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأثر السلبي - عدم اختصاص محاكم الدولة بالفصل في النزاع الذي تم بشأنه الاتفاق على التحكيم / الكتب / شروط اتفاق التحكيم وأثاره / الأثر السلبي 

  • الاسم

    د. باسمة لطفي دباس
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    602
  • رقم الصفحة

    364

التفاصيل طباعة نسخ

الأثر السلبي 

فنعرض لمفهوم الأثـر المانع لاتفاق التحكيم، والدفع بسبق الاتفاق على التحكيم، لنبين موقف الفقه و القضاء والتشريع من طبيعة هذا الدفع، ومدى تعلقه بالنظام العام.

مضمون الأثر السلبي وقاعدة منع قضاء الدولة من نظر النزاع

أولاً: مفهوم الأثر السلبي:

   لَمَّا كان اتفاق التحكيم من العقود الملزمة للمتعاقدين، لذلك فإنه يرتب على عاتق أطرافه التزاما بعدم اللجوء إلى قضاء الدولة. وعليه فإن الأثر السلبي لاتفاق التحكيم يتمثل في سلب اختصاص القضاء العام في بالفصل في النزاع، وإسناد مهمة الفصل فيه إلى القضاء الاتفاقي الذي  يتشكل من أفراد عاديين يختارهم الأطراف بأنفسهم، ليتولوا مهمة الفصل فيه بدلاً من المحكمة المختصة أصلاً بالفصل فيه.

  وعليه إذا لجأ أحد الطرفين إلى قضاء الدولة بالرغم من وجود اتفاق تحكيم، جاز للطرف الآخر التمسك بسبق الاتفاق على التحكيم، وذلــك فـــي سبيل منع قضاء الدولة من نظر النزاع والفصل فيه، بحيث يتعين على هذا الأخير الامتناع عن نظر ذلك النزاع، والتخلي عن ولاية نظره إلى القضاء الاتفاقي الذي تشكل بإرادة الأطراف واختيارهم.

- أما الجانب الأول فيتعلق بأطراف اتفاق التحكيم أنفسهم، حيث يفرض عليهم التزاماً بعدم اللجوء إلى قضاء الدولة. 

أي أن اتفاق التحكيم يُعتبر بمجرد وجوده مانعاً للأطراف من عرض نزاعهم على القضاء العـــام في الدولة.

على أن هذا الأثر المانع من اللجوء إلى قضاء الدولة يقتصر على أطراف اتفاق التحكيم ، استنادا للقواعد العامة في نسبية أثر العقد، ومن ثم فإن هذا المنع لا يسري في مواجهة الغير .

   - أما الجانب الثاني فيتعلق بقضاء الدولة، حيث يفرض عليه التخلي عن نظر النزاع المبرم بشأنه اتفاق ،تحكيم، وذلك إذا تمسك أحد الأطراف بسبق الاتفاق على التحكيم وعليه إذا لجأ أحد أطراف التحكيم إلى قضاء الدولة، ودفع الطرف الآخر بوجود اتفاق ،تحكيم تعين على قضاء الدولة الامتناع عن نظر النزاع. ويترتب هذا الالتزام على قضاء الدولة بمجرد التمسك أمامه بسبق الاتفاق على التحكيم، وسواءً تم ذلك قبل بدء إجراءات التحكيم، أو بعد ذلك.

  ومن ثم تعود لهذا القضاء وحده ولاية الفصل في باعتباره صاحب الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات إلا استثنى منها بنص خاص .

  وعليه يمكن القول إن الأثر السلبي لاتفاق التحكيم وكما ذهب جانب من الفقه  ونحن نوافقه على رأيه- يرتب التزامين:

- أحدهما أساسي وهو الملقى على عاتق الأطراف بعدم اللجوء إلى قضاء الدولة.

- والآخر ملقى على عاتق قضاء الدولة، ويتمثل في الامتناع عن الفصل في نظر النزاع المتفق بشأنه على التحكيم. 

ويمكن القول إن الالتزام الثاني يأتي كنتيجة حتمية لمخالفة الالتزام الأول. بمعنى أنه إذا لجأ أحد أطراف اتفاق التحكيم إلى قضاء الدولة مخالفاً التزامه بعدم اللجوء إلى قضاء الدولة، وتمسك الطرف الآخر بسبق الاتفاق على متمثلاً التحكيم، تولد الالتزام الثاني في امتناع قضاء الدولة عن نظــر هــذا النزاع والفصل فيه، أي أن الالتزام الثاني يتولد كنتيجة لمخالفة الالتزام الأول.

  هذا وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا في مصر على هذا المفهوم للأثر المانع لقضاء الدولة، عندما قضت في أحد أحكامها بأن: "اتفاق التحكيم يعزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التي يتناولها ذلك الاتفاق استثناء من خضوعها أصلاً لها". 

ثانيا: قاعدة الأثر المانع في التشريع والقضاء واتفاقية نيويورك لعــــام ۱۹۵۸:

۱ - قاعدة الأثر المانع بين التشريع والقضاء:

   أقرت العديد من الأنظمة القانونية الوضعية قاعدة الأثر المانع لاتفاق التحكيم.

   فنجد مثلاً أن قانون التحكيم المصري وفي المادة (۱/۱۳) منه قد أكدّ على أنه: "يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى، إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب، أو دفاع في الدعوى".

   كذلك تعد قاعدة منع قضاء الدولة من نظر المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم من القواعد القانونية المستقرة في القانون الفرنسي. وهذا ما أكدته المادة (١٤٥٨) من قانون المرافعات الفرنسي الجديد، والـتـي نـصتعلى أنه: "١ - إذا رفع النزاع المعروض على محكمة التحكيم بموجب اتفاق تحكيم على القضاء الوطني، يجب على القاضي أن يقرر عدم اختصاصه.

 ۲- وإذا لم تكن محكمة التحكيم قد اتصلت بعد بالنزاع يجب أيضا على هذا القضاء أن يقرر عدم اختصاصه ، إلا إذا كان اتفاق التحكيم ظاهر البطلان". وبموجب هذه المادة أكد المشرع الفرنسي على مبدأ عدم اختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم.

   ولا تُعدُّ قاعدة الأثر المانع من القواعد المستقرة في الأنظمة القانونية الوضعية فحسب، وإنما كذلك أكد القضاء في العديد من دول العالم على هذه القاعدة.

  فمثلاً ذهبت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها، للتأكيد على ضرورة امتناع القضاء العام في الدولة عن نظر المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم. فقد جرى قضاؤها على أن: " مفاد المادة ٥٠١  من قانون المرافعات على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخويل المتعاقدين الحق في اللجوء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلا، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع، وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين".

  وهذا ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في العديد من أحكامها، وذلك عندما قررت إعمال قاعدة منع قضاء الدولة من نظر المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم والواردة في نص المادة (٢/١٤٥٨) من قانون المرافعات الفرنسي الجديد بشأن التحكيم الداخلي في مجال المنازعات الدولية الخاصة .

2- قاعدة الأثر المانع في اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨:

  لقد جاءت نصوص اتفاقية نيويورك واضحة بما لا يدع مجالاً للشك حول إقرارها مبدأ الأثر المانع لاتفاق التحكيم، مما مفاده أن مبــدأ استبعاد ولاية القضاء الوطني عن نظر المنازعات الموضوعية الداخلة فـى نطاق اتفاق التحكيم، يعد أيضا من المبادئ القانونية المستقرة في إطار اتفاقية نيويورك. وهذا ما يستفاد صراحة من نص المــادة (٣/٢) من اتفاقية نيويورك: ٣- على محكمة الدولة المتعاقدة التي يُطرح أمامها نزاع حول موضوع، كان محل اتفاق من الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة، أن تحيل الخصوم بناءً على طلب أحدهم إلى التحكيم، وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل أو لا أثر له، أو غير قابل للتطبيق". 

   ويعد هذا النص من أهم منجزات اتفاقية نيويورك. وقد وُضع من أجل ضمان التطبيق الجيد لقواعد تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية. 

   ويُلاحظ أن هذا النص قد جاء بقاعدة موضوعية تسمو في المرتبة على التشريعات الداخلية، ومن ثم تلتزم بها كافة الدول الأعضاء المنضمة للاتفاقية، وبغض النظر عن أي اعتبارات، سواءً ما تعلق منها بجنسية أطراف اتفاق التحكيم، أو ما تعلق منها بالمكان الذي اتفق الأطراف على أن يكون مقرا للتحكيم. 

ويترتب على الطبيعة الدولية لهذه القاعدة : أنه يتعين على محاكم الدول المنضمة لاتفاقية نيويورك أن تلتزم بها. ومن ثم لا يجوز للمشرع الوطني أن ينال من قوتها الملزمة لا تقييدا ولا مساسا.

   ومفاد هذه القاعدة الموضوعية أنه صار يتعين على محاكم الدول الأعضاء في اتفاقية نيويورك، أن تمتنع وجوبيا عن نظر المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم بمجرد أن يتمسك أحد الأطراف بسبق الاتفاق علــى التحكيم.

ثالثاً: شروط تطبيق قاعدة الأثر المانع:

   ثمة تساؤلات يمكن طرحها فيما يخص شروط تطبيق قاعدة الأثر المانع لاتفاق التحكيم، يمكن تلخيصها بما يلي:

1- هل يشترط لإعمال قاعدة الأثر المانع أن تكون إجراءات التحكيم قد  بدأت قبل رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، أم يجوز إعمال هذه القاعدة حتى ولو لم تكن إجراءات التحكيم قد بدأت ولم تتصل هيئة التحكيم بالنزاع؟ 

2- هل يشترط لإعمال هذه القاعدة أن يتمسك الطرف الآخر بسبق الاتفاق على التحكيم، أم أنه يجوز للقاضي أن يحكم بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسه؟.

3- وأخيراً هل يشترط لإعمال قاعدة الأثر المانع أن يكون اتفاق التحكيم  صحيحاً وقابلا للتطبيق؟. 

ومن خلال هذه الدراسة سوف نحاول الإجابة على هذه التساؤلات.

1 - التساؤل الأول: هل يشترط لإعمال قاعدة الأثر المانع أن تكون إجراءات التحكيم قد بدأت قبل رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، أم يجوز إعمال هذه القاعدة حتى ولو لم تكن إجراءات التحكيم قد بدأت، ولم تتصل هيئة التحكيم بالنزاع؟

   أي قاعدة الأثر المانع - تعتبر أثراً من آثــار اتفاق التحكيم، ومن ثم فإنها تترتب على هذا الاتفاق بمجرد إبرامه.

2- التساؤل الثاني: هل يشترط لإعمال قاعدة الأثر المانع أن يتمسك الطرف الآخر بسبق الاتفاق على التحكيم، أم أنه يجوز للقاضي أن يحكم بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسه؟.

  الا يجوز للمحكمة المرفوعة أمامها الدعوى أن تحكم بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسها. وهذا ما نصت عليه المادة (۱/۱۳) من قانون التحكيم المصري: ١- يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى، إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى".

3- التساؤل الثالث: هل يشترط لإعمال قاعدة الأثر المانع أن يكون اتفاق التحكيم صحيحاً وقابلا للتطبيق؟.

للإجابة على هذا التساؤل يمكن التفرقة بين اتجاهين : 

أ- الاتجاه الأول : يعفي المحكمة القضائية من الالتزام بتقرير عدم اختصاصها بنظر النزاع، بل على العكس من ذلك يعطيها سلطة الفصل في النزاع، وذلك إذا ثبت لها أن اتفاق التحكيم باطل، ومن ثم غير قابل للتطبيق. أي أن هذا الاتجاه يعطي للمحكمة القضائية سلطة فحص اتفاق التحكيم للتأكد من مدى صحته أو بطلانه، ومن ثم إذا كان قابلاً للتطبيق من عدمه، وبغض النظر عما إذا كان النزاع قد رفع إلى المحكمة قبل أو بعد بدء إجراءات التحكيم. 

  وهذا الحل أخذت به بعض التشريعات ، واتفاقية نيويورك لعـــام ١٩٥٨ ، وذلك عندما نصت في المادة (۳/۲) منها على أنه: "3- على محكمة الدولة المتعاقدة... أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل أو لا أثر له أو غير قابل للتطبيق".

ب - الاتجاه الثاني: يفرض على القاضي الوطني إعلان عدم اختصاصه بنظر النزاع لوجود اتفاق التحكيم، وسواء أكانت الدعوى قد رفعت أمامه قبل بدء إجراءات التحكيم، أم بعد أن تكون هذه الإجراءات قد بدأت بالفعل واتصلت محكمة التحكيم بالنزاع، على أنه يجوز للقاضي أن يعلن اختصاصه بنظر النزاع والفصل فيه إذا ثبت له البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم، وذلك فقط في الحالة التي ترفع أمامه الدعوى قبل البدء بإجراءات التحكيم واتصال هيئة التحكيم بالنزاع. 

   وهذا ما أخذ به المشرع الفرنسي بموجب المادة (١٤٥٨) من قانون المرافعات الفرنسي، والتي نصت على أنه: ۱- إذا رفع النزاع المعروض على محكمة التحكيم بموجب اتفاق ،تحكيم على القضاء الوطني، يجب علي القاضي أن يقرر عدم  اختصاصه.

۲ - وإذا لم تكن محكمة التحكيم قد اتصلت بعد بالنزاع يجب أيضاً على هذا القضاء أن يقرر عدم اختصاصه، إلا إذا كان اتفاق التحكيم ظاهر البطلان". 

فالمشرع الفرنسي يفرق بين فرضين:

- الأول أن ترفع الدعوى أمام القاضي الوطني قبل بدء إجراءات التحكيم.

-الثاني أن ترفع الدعوى أمام القاضي الوطني بعد أن تكون إجراءات التحكيم قد بدأت بالفعل، وبعد أن تكون هيئة التحكيم قد اتصلت بالنزاع. 

وفي كلا الفرضين فقد أوجب المشرع الفرنسي على القاضي الوطني أن يعلن عدم اختصاصه بنظر النزاع المتفق بشأنه على التحكيم، إلا أنه أجاز له في الفرض الأول فحسب، أن يعلن اختصاصه بنظر النزاع إذا ثبت له البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم فيشترط إذن حتى يستطيع القاضي الوطني إعلان اختصاصه بنظر النزاع، أن يكون بطلان اتفاق التحكيم ظاهراً، بمعنى أن يكون واضحا، وغير قابل للمنازعة فيه ، وبعبارة أخرى أن يكون ظاهراً للعيان، بحيث يستطيع القاضي اكتشافه دون إجراء فحص متعمق وبمجرد الإطلاع على اتفاق التحكيم.

ويذهب جانب من ونحن نوافقه على رأيه إلى أن هذه التفرقة التي يقيمها المشرع الفرنسي بموجب المادة (١٤٥٨) من قانون المرافعات بشأن التحكيم، هي تفرقة لا مبرر لها، إذ إن ثبوت البطلان أمام القاضي يجب أن يفتح الباب أمامه لطرح اتفاق التحكيم واستعادة اختصاصه الذي لا يصح أن يفقده إلا بوجود اتفاق تحكيم صحيح. ويرى هذا الفقه أن مجرد اتصال هيئة التحكيم بالنزاع، لا يكفي للقول بأنها تصبح وحدها صاحبة السلطة في فحص اتفاق التحكيم للتحقق من صحته أو بطلانه، فتقرير مبداً الاختصاص بالاختصاص، مقصود به عدم إعاقة سير عملية التحكيم، فالهيئة لا توقف الإجراءات لحين عرض الأمر على القضاء، بل لها أن تستمر إذا قدرت أن الدفوع مقصود بها المماطلة، وإطالة أمد النزاع، وهذه المبررات لا شأن لها ، ولا يصح أن تؤدي إلى القول بمنع القاضي من التحقق من صحة أو بطلان اتفاق التحكيم، بل على العكس تبرر تأكيد سلطته، لأن رفع الأمر إليه لن يكون سبباً في وقف أو منع سير إجراءات التحكـیم، إلا إذا تبين للقاضي بطلان اتفاق التحكيم، فتصدى للموضوع وأصدر فيه حكما أصبح نهائيا، إذ يتحتم على هيئة التحكيم في هذه الحالة إنهاء الإجراءات لأن استمرارها سيصبح غير ذي موضوع، إذ على فرض صدور حكم تحكيم فإنه لن يتسنى تنفيذه لتعارضه مع حكم سبق صدوره من القضاء، وهو أحد أسباب منع التنفيذ التي نصت عليها المادة (٢/٥۸) من القانون المصري .

ومن ناحية أخرى، وإذا كان المشرع الفرنسي قد أجاز للقاضي الوطني في الفرض الذي ترفع فيه الدعوى أمامه قبل بدء إجراءات التحكيم- أن يقرر اختصاصه بنظر النزاع إذا ثبت له البطلان الظاهر لاتفاق التحكيم، فإننا نرى كما ذهب إليه البعض - بأنه في هذا الفرض أي الفرض الذي ترفع فيه الدعوى أمام القاضي الوطني قبل بدء إجراءات التحكيم وقبل أن تكون هيئة التحكيم قد اتصلت بالنزاع تكون سلطة فحص اتفاق التحكيم للتحقق من صحته أو بطلانه للقاضي الوطني وحده دون غيره. فإذا ثبت له أن اتفاق التحكيم صحيح ومنتج لاثاره فإنه يحكم بعدم قبول الدعوى، وإذا بطلانه أصدر حكما يقضي بقبول الدعوى والفصل فيها. 

فالمشرع المصري وبموجب المادة (۱۳) من قانون التحكيم، أوجب علــى المحكمة القضائية التي يرفع إليها نزاع متفق بشأنه على التحكيم، أن تحكم بعدم قبول الدعوى، بشرط أن يتمسك المدعى عليه بسبق الاتفاق على التحكيم قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى. 

رابعا: القيود الواردة على قاعدة الأثر المانع: 

  سبق القول إنه يترتب على اتفاق التحكيم امتناع القضاء الوطني عن نظر المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم بشرط تمسك أحد الأطراف بسبق الاتفاق على التحكيم. 

ومن خلال هذه الدراسة سوف نعرض للحالات التي يحتفظ فيها قضاء الدولة باختصاصه بنظر بعض المسائل التي تتصل بنزاع اتفق بشأنه على التحكيم، وذلك وفقا لما يلي:

۱ - تدخل قضاء الدولة في تشكيل هيئة التحكيم: 

   في حال قيام الأطراف بتعيين أعضاء هيئة التحكيم، أو على الأقل تحديد طريقة تعيينهم، فإنه لا يثور أي صعوبة، حيث يتم إعمال اتفاق الأطراف، ومن ثم لا يكون هناك حاجة لتدخل قضاء الدولة. 

   وقد نظم المشرع المصري كذلك أسلوب تعيين المحكمين، وذلك بموجب المادة (۱۷) من قانون التحكيم .