اتفاق التحكيم / الأثر السلبي - عدم اختصاص محاكم الدولة بالفصل في النزاع الذي تم بشأنه الاتفاق على التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري الدولي / الأثر السلبي لاتفاق التحكيم
إن المنازعات الأكثر حدوثـا بشـأن التحكيم أمـام المحاكم الوطنية يتعلق الكثير منها باتفاق التحكيم وليس بحكم التحكيم إذ غالبا ما يحاول أحد أطراف اتفاق التحكيم التخلص من لزومية هذا الاتفاق راغبا في اللجوء إلى المحكمـة العاديـة فـي حيـن يتمسك الطرف الآخـر باتفـاق التحكيم راغبا في توجيه النزاع إلى الحل التحكيمي . للاتفاق التحكيمي ، أثران : أحدهما إيجابياً ، والآخر سلبيا سنبحثهما في مطلبين على النحو التالي :
( المطلب الأول ) : الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم .
( المطلب الثاني ) : الأثر السلبي لاتفاق التحكيم .
المطلب الثاني الأثر السلبي لاتفاق التحكيم
يتمثل الأثر السلبي لاتفاق التحكيم في استبعاد اختصاص المحاكم الوطنية بنظر النزاع أو المنازعات المتفق على حلها تحكيميا، حيث لا ينبغي للمحاكم الوطنية النظر في النزاع محل اتفاق التحكيم احتراماً لهذا الاتفاق ولإرادة أطرافه، ورغبة في إتيانه لثماره.
أولاً : الاستبعاد في المعاهدات الدولية والقوانين الوطنية: إن مبدأ استبعاد اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات محل اتفاق التحكيم يرجع الفضل في إقراره وتبنيه إلى المعاهدات الدولية : فقد قررت اتفاقية نيويورك ١٩٥٨ في مادتها الثانية في فقرتها الثالثة أن : " على محكمة الدولة المتعاقدة عندما تطرح أمامها دعوى في أمر قام الأطراف في صدده بإبرام اتفاق وفقا للمعنى الوارد بهذه المادة أن تقوم بناء على طلب أحد الأطراف بإحالتهم إلى التحكيم " . هذا النص أورد قاعدة موضوعية موحدة تسمو في المرتبة على التشريعات الداخلية وتلتزم بهـا محـاكم كافـة الـدول الأعضاء المنضمة للاتفاقية أيـا مـا كـانـت جنسية الأطراف في اتفـاق التحكيم، أو المكـان المتفق على جعلـه مقرا للتحكيم. فالثابت أن هذه القاعدة عامة التطبيق بالنسبة لمحـاكـم كـل دولـة موقعـة، ويترتـب علـى كـون هـذه القـاعدة المذكورة ذات طبيعة دولية أن المشرع الوطني لا يجوز أن يقـيد مـن إطلاقها أو ينال من قوتها الإلزامية، كما أنها تسرى بأثر مباشر، مع ما يستتبعه ذلـك مـن أن السلطة التقديرية التي كانـت تقـررها بعـض التشريعات للقاضي الوطني قد زالت تماما في صدد العلاقات الدولية الخاصـة بحيـث صـار مـن المتعيـن علـى المـحـاكـم فـي مخـتلف الدول الأعضاء أن ترتب على اتفاق التحكيم أثره المانع وجوبا فور تمسك أين الأطراف به وأما الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي فقد أوردت الأمر مفصلاً في مادتها السادسة مقررة أنه إذا رفع أحد أطراف اتفاق التحكيم الدعـوى أمـام القضـاء الـعـادي ثـم دفـع المدعـى علـيه أمامهـا بعـدم الاختصاص استناداً إلى وجود اتفاق تحكيم فإن الدفع يجب أن يقدم قبل البدء في المرافعة حول الموضوع أو عند البدء في المرافعة تبعا لما إذا كان قانون القاضي يعتبر الدفع بعدم الاختصاص من الدفوع الإجرائية أم من الدفوع الموضوعية . وافترضـت الفقرة الثالـثـة مـن المـادة السادسـة أن الخصـم لـم يدفـع أمـام هيئة التحكـيـم بعـدم الاختصاص، وإنمـا لجـأ مباشـرة إلـى محكمـة القضـاء الـعـادى وطلـب مـنها الحكـم بعـدم وجـود اتفـاق تحكـيم ببطلانه أو بانقضـانـه، وأراد الـنص اجتـنـاب الاضـطراب الـذي ينشـأ عـن تشـتت الـنزاع بيـن جهتيـن، فألـزم المحكمـة بـأن تأمـر بوقف الفصـل فـي الطلـب الـذي قـدم إليها حتى يصـدر حـكـم التحكيم ، ولها بعد ذلك أن تستأنف نظر الطلب.