الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأثر الإيجابي - التزام اطراف اتفاق التحكيم بعرض النزاع على التحكيم / الكتب / الموجز فى النظرية العامة للتحكيم التجاري الدولي / الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    529
  • رقم الصفحة

    214

التفاصيل طباعة نسخ

الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم

يلزم اتفاق التحكيم الأطراف بأن تعهد بالمنازعة الناشئة بينهم والمتفق على حلها بواسطة التحكيم إلى المحكم، هذا من جهة، كما أن اتفاق التحكيم يعد الأساس أو المصدر الذي تستمد منه محكمة التحكيم اختصاصها بالفصل في المنازعة، وسنعالج هاتين المسألتين على التوالي :

١ - التزام الأطراف بالعهدة إلى المحكم بالمنازعة المتفق على حلها بواسطة التحكيم

يعتبر التزام الأطراف بالعهدة بالمنازعة موضوع اتفاق التحكيم إلى المحكم، وأن هذا الالتزام يجب تنفيذه عينياً، من المسائل المستقرة والتي لا تثير جدلاً.

أ - تقرير مبدأ التزام الأطراف بالعهدة إلى المحكم بالمسائل موضوع الاتفاق على التحكيم

ينجم التزام الأطراف بالعهدة إلى المحكم بالمنازعة موضوع الاتفاق على ر التحكيم عن تطبيق مبدأ القوة الملزمة لهذا الاتفاق إذ أنه من المعروف أن مبدأ القوة الملزمة للعقود أو أن العقد شريعة المتعاقدين pacta sunt servanda من المبادئ المستقرة في القانون الدولي للعقود.
ويذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى القول بأنه لا يوجد في اللحظة الراهنة أية صعوبة في الاعتراف بمبدأ القوة الملزمة لاتفاق التحكيم على اعتبار أنها قاعدة مادية من قواعد القانون الفرنسي بشأن التحكيم الدولي وحتى على اعتبار أنها قاعدة من قواعد القانون العابر للدول بشأن التحكيم التجاري الدولي. ولعل ذلك هو ما يفسر من وجهة نظر هذا الفقه أن القضاء الفرنسي، والذي توجه حكم محكمة النقض في قضية Dalicon ) لا تلجأ إلى البحث عن القانون الواجب التطبيق من أجل تأكيد القوة الملزمة لاتفاق التحكيم.

ويذهب هذا الجانب من الفقه إلى القول بأن القانون الأجنبي الذي لا يعترف بالقوة الملزمة لاتفاق التحكيم لن تكون له من وجهة نظر النظام القانوني الفرنسي، أي فرصة للتطبيق، حتى بالنسبة للنزاع الذي يرتبط بالدولة التي صدر عنها هذا القانون سواء ارتبطت المنازعة بهذه الدولة من خلال جنسية الأطراف فيها أو من خلال موضوع المنازعة أو من خلال القانون الواجب التطبيق على الموضوع.

ويؤكد هذا الجانب من الفقه الفرنسي أن القضاء الفرنسي يمكنه بالاستناد إلى القاعدة المادية المذكورة التي يقرها القانون الفرنسي بشأن الاعتراف بحكم التحكيم الصادر بناءً على شرط تحكيم، وتقرر دولة أخرى على اتصال وثيق بالمنازعة التي صدر فيها هذا الحكم على عدم قدرته على ترتيب أي أثر قانوني وعدم تمتعه بالقوة الإلزامية لأنها لا تقبل صحة شرط التحكيم أو لأي سبب آخر.
 فعلى سبيل المثال، فإن القانون الكولومبي بشأن التحكيم الصادر في 7 أكتوبر ۱۹۸۹ لا يعترف بالقوة الملزمة لاتفاق التحكيم المبرم بين الطرفين إذا كانت المنازعة التي يتصل بها، من شأنها أن تتعلق بالغير. وهذا الحل الذي عليه القانون المذكور، من وجهة نظر هذا الفقه، حل غير مشجع للتحكيم .

فلو نشأ نزاع بين مقاول أجنبي ورب عمل كولومبي بشأن الأعمال التي تمت في كولومبيا، والتي بمناسبتها تدخل بعض المقاولين الكولومبيين كمقاولين من الباطن. ونظراً للرغبة في عدم إعمال اتفاق التحكيم الموجود في عقد المقاولة الأصلي، فإن أحد المتعاقدين، والذي له مصلحة في الاحتجاج بحكم التحكيم على المقاولين الكولومبيين من الباطن وإزاء إصرارهم على الرفض في المشاركة في إجراءات التحكيم أثار بطلان اتفاق التحكيم .

فإذا عرضت المنازعة على القضاء الفرنسي، نظراً لأن التحكيم كان مقره فرنسا، أو لأن حكم التحكيم يتعين تنفيذه فيها، فإن المحاكم الفرنسية لا يتعين عليها أن تبحث عن ما هو القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم من أجل أن تحدد إذا كان هذا القانون يقر بفعالية اتفاق التحكيم وفقاً لأية شروط. فالمحاكم الفرنسية يجب عليها أن تفصل في هذه المسألة وفقاً للقانون الفرنسي للتحكيم وتعمل الشروط التي يقتضيها هذا القانون من أجل صحة اتفاق التحكيم.
ولقد أقرت المعاهدات الدولية المتعلقة بالتحكيم منذ فترة بعيدة، بالالتزام الواقع على الأطراف بالعهدة بالمنازعات المتفق على حلها بواسطة التحكيم إلى المحكمين. فمنذ عام ۱۹۲۳ أقر بروتوكول جنيف بشأن شروط التحكيم، هذا الحل ضمنا بتأكيده في المادة الأولى منه على صحة شرط التحكيم ومشارطة التحكيم الواردة بين الأطراف الخاضعة لمحاكم الدول الأطراف في المعاهدة.

ولقد قررت معاهدة نيويورك الموقعة في ١٠ يونيه ١٩٥٨ والمتعلقة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في المادة الثانية فيها فقرة 1 على أن تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.

وعلى الرغم من أن معاهدة جنيف الموقعة في ٢١ ابريل ١٩٦١، لم تعالج بشكل مباشر الالتزام الواقع على عاتق الأطراف بالعهدة إلى المحكمين بالفصل في المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم، فإنها مع ذلك كرست هذا الالتزام من خلال التنظيم الدقيق الذي وضعته لكيفية تعيين المحكم أو المحكمين في حالة عدم تحديد الأطراف لهذا التعيين وذلك في المادة الرابعة منها. فهذه النصوص تتضمن بوضوح أن الأطراف ملزمة بالعهدة بالمنازعة الوارد بشأنها الاتفاق على التحكيم إلى المحكمين. 

والواقع من الأمر أن هذا الالتزام الواقع على عاتق الأطراف بالعهدة إلى المحكم أو المحكمين بالمنازعة المتفق على حلها من خلال التحكيم، يتطلب من أجل ضمان فعاليته واحترامه أن يكون نكوص أحد الأطراف عن القيام بهذا الالتزام، مقترناً بإمكانية إلزامه على التنفيذ العيني لهذا الالتزام .

التنفيذ العيني للالتزام الواقع على عاتق الأطراف في اتفاق التحكيم بالعهدة بالمنازعة محل التحكيم إلى المحكم
يذهب جانب من الفقه إلى القول بأن اتفاق التحكيم، الذي لا تترتب على مخالفته سوى إمكانية إلزام الطرف الذي تخلف عن وضعه محل التنفيذ، بالتعويض، يعد اتفاقاً محدود الفعالية، وذلك لصعوبة تحديد الضرر الواقع على الطرف، والناتج عن عدم قدرته على عرض المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم أمام المحكم نظراً لأن جهة قضائية وطنية قد أقرت واعترفت باختصاصها بنظر هذه المنازعة .

ودون أدنى شك فإن هذا الضرر يمكن أن يكون ضرراً حقيقياً مادياً لفقدان الشخص المتمتع بالمزايا التي تمنحها معاهدة نيويورك بشأن تنفيذ والاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية.

فالطرف الذي يتحصل على حكم بإلزام الطرف المتعاقد معه من قبل الجهات القضائية في دولة ما سوف يكون في مركز أقل ملاءمة له فيما يتعلق بتنفيذ هذا الحكم، عما إذا القرار الذي يريد تنفيذه هو حكم تحكيمي صادر من هيئة تحكيم اتخذت من إحدى الدول المتعاقدة مقراً لها، وهو فرض يتحقق بشكل مستمر نظراً لأن الغالبية العظمى الدول تعد أطرافاً . وهو ما يسر تنفيذ هذا الحكم المحلي والاعتراف به. هذه المعاهدة، من

فمنذ اللحظة التي يقرر فيها القضاء في الدولة اختصاصه بالفصل في موضوع المنازعة المعروضة عليه، فإن كل تقدير للضرر من أجل تعويضه سوف يتم من خلال مقارنة صعبة بين المزايا لكل من العدالة التي يقدمها التحكيم وعدالة المحاكم الوطنية. وفي هذا المفرض فإنه من غير الممكن وضع تقييم مالي لعدم قيام المحكمين بالفصل في المنازعة والفصل فيها من قبل محاكم الدولة، طالما أن أي إنكار للعدالة لم يكن متحققاً في واقعة الحال .

ومع ذلك فإنه يبقى هناك محلاً للتقييم المالي بالنسبة للنفقات الناجمة عن قيام الطرف بالدفاع عن حقه أمام المحاكم الوطنية غير المختصة وذلك على الرغم من وجود اتفاق على التحكيم.

فهذه النفقات يمكن التمسك بالتعويض عنها ويقع على الطرف الذي اتجه إلى القضاء عب تحمل هذه النفقات الخاصة بالطرف الآخر الذي اضطر إلى الدفاع عن حقه أمام قضاء الدولة.

ولعله مما تجدر ملاحظته أن هذا الجزاء في الصورة المتقدمة يعد جزاءاً على مخالفة الالتزام السلبي الناجم عن اتفاق التحكيم والذي يلزم الطرف في اتفاق التحكيم على عدم التوجه إلى المحاكم الوطنية وعرض المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم على المحاكم الوطنية ومن ثم فإن التنفيذ العيني. لاتفاق الأطراف بالتحكيم بالالتجاء إلى المحكم أو المحكمين هو الذي يتمشى مع حقيقة نية الأطراف ورغباتهم.
كذلك وفي الوقت الحاضر، فإن بعض الأنظمة القانونية ذات النزعة المعادية للتحكيم، لا تعترف بالتنفيذ العيني كجزاء لعدم احترام الاتفاق على التحكيم. وهو حال العديد من دول أمريكا اللاتينية، على الرغم من وجود تطور ملموس في هذه الدول لصالح التحكيم.

فعلى سبيل فإن نصوص القانون المدني ونصوص قانون الإجراءات المدنية في البرازيل المتعلقة بالتحكيم تعالج مشارطة التحكيم وحدها ولا تعالج شرط التحكيم، ويذهب الفقه والقضاء إلى القول بأنه من الضروري، في حالة وجود شرط ،تحكيم إبرام مشارطة تحكيم عند نشأة النزاع وتذهب المحاكم البرازيلية، إلى أنه إذا رفض أحد الأطراف في الفرض المتقدم، إبرام مشارطة تحكيم، فإنه لا يمكن إجباره على ذلك.

والواقع من الأمر أن الأنظمة القانونية التي تتبنى مثل تلك الحلول أنظمة قانونية آخذة في العزلة، إذ أن الغالبية العظمى من الأنظمة القانونية الوضعية تتضمن نصوصاً تهدف إلى ضمان التنفيذ العيني لاتفاق التحكيم.

التنفيذ العيني الجبري لاتفاق التحكيم يتم من خلال استخدام آليات تهدف إلى قهر مقاومة الطرف الذي بعد أن قبل الاتفاق على التحكيم، لا يود في المشاركة في إجرائه بل ويحاول بكل الطرق أن يؤخر اللجوء إلى استخدام هذه الإجراءات. ففي هذا الفرض فإن التحكيم يُشرع في اتخاذ إجراءاته على الرغم من امتناع هذا الطرف عن المشاركة في إجراءات التحكيم كان يمتنع عن تعيين محكم، أو يمتنع عن المساهمة في تعيين رئيس هيئة التحكيم أو لا يقدم دفاعه ومستنداته. إذ تذهب التشريعات الوطنية المنظمة للتحكيم بشكل أو بآخر إلى وضع حلول تتفادى هذه الأعمال التي قد تتسم في بعض الأحيان بأنها أعمال تسويفية تهدف إلى تعطيل سير إجراءات التحكيم .

ا وتذهب بعض الدول من أجل مواجهة عدم قيام أحد الأطراف في اتفاق التحكيم بتعيين محكم إلى النص على هيئة مختصة تتولى مهمة تعيين هذا المحكم بدلاً من الطرف الذي تقاعس عن تنفيذ هذا الالتزام .

ويعتبر قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ من القوانين التي تبنت هذا الحل إذا نص في المادة ١٧ منه على :

طرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا اتبع ما يأتي:

(أ) إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المشار إليها في المادة (٩) من هذا القانون اختياره بناءً على طلب أحد الطرفين.

(ب) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين، اختار كل طرف محكماً يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فإذا لم يُعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختبار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما تولت المحكمة المشار إليها في المادة (٩) من هذا القانون اختياره بناءً على طلب أحد الطرفين.

ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين .

٢ - وإذا خالف أحد الطرفين إجراءات اختبار المحكمين التي اتفقا عليها، أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا أداء ما عُهد به إليه في هذا الشأن، تولت المحكمة المشار إليها المادة (9) من هذا القانون - بناء على طلب أحد الطرفين - القيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو تخلف الغير عن الفعل.

٣- وتراعي المحكمة في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون وتلك التي اتفق عليها الطرفان وتصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة، ومع عدم الإخلال بأحكام المادتين ۱۸ و ۱۹ من هذا القانون لا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن .

ولقد تبنى القانون الهولندي الجديد بشأن التحكيم هذا الحل، بل إنه جعل من القاعدة المتقدمة قاعدة آمرة تعلو على اتفاقات الأطراف، عند تطبيق القانون الهولندي. إذ ينص هذا القانون في المادة ۱۰۲۸ على أنه إذا خول اتفاق التحكيم إلى أحد الأطراف مركزاً متميزاً فيما يتعلق بمسألة تعيين المحكم أو المحكمين، فإن الطرف الآخر، بالمخالفة لكيفية التعيين المنصوص عليها في هذا الاتفاق، وفي خلال مدة شهر نحسب من الشروع في التحكيم، أن يطلب من رئيس المحكمة الجزئية أن يعين المحكم أو المحكمين.

وامتناع أحد الأطراف عن تعيين محكم ، لا يؤدي إلى إعاقة الشروع في إجراءات التحكيم في القانون الفرنسي، إذ يقرر هذا القانون وفقاً لنص المادة ١٤٩٣ الحق لرئيس المحكمة الجزئية في باريس بأن يقوم بتعيين هذا المحكم بدلاً من الطرف الممتنع عن تعيينه كذلك فإن الامتناع اللاحق على تشكيل محكمة التحكيم، بالمساهمة في إجراءات التحكيم، لا يؤدي إلى تعطيل السير في إجراءات التحكيم وكذلك أي عقبة تحول دون إتمامه .

لقد ذهبت محكمة باريس الجزئية في حكمها الصادر في أول ابريل المنازعة بین دولة دبي وشركة دبي Drydocks من جانب وشركات Harrow et . Me Williams من جانب آخر إلى أن نصوص المادة ١٤٩٣ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد والتي لا تفيد تدخل القاضي الوطني من أجل ممارسة وظيفته في تقديم المساعدة الفنية والتعاون القضائي للتحكيم على مجرد العمليات المتصلة بالتشكيل الأساسي لهيئة التحكيم، بل إنها أيضاً تعطيه السلطة مع احترام الإرادة المشتركة للأطراف في حل المشاكل.

الناجمة عن ويمنع أي حدث لاحق يؤثر بأي شكل كان على تشكيل هيئة التحكيم هذه الأخيرة من ممارسة وظيفتها القضائية في الفصل في المنازعة، وبهذه المثابة، فإن رئيس المحكمة الجزئية مختص بالفصل في طلب الرد كما تنص المادة ١٤٦٣ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد، الواجبة التطبيق على التحكيم.

ولقد طلبت كل من دولة دبي وشركة دبي Dry docks رد المحكم المذكور وذلك بعد أن اطلعت على الأسباب التي دفعته إلى اختيار القانون الإنجليزي كقانون واجب التطبيق على العقد إذ أنها ارتأت أن من بين أسباب استبعاد قانون دبي كقانون يحكم هذا العقد، وصف المحكم له بأنه قانون autocratic وهو وصف من وجهة نظر طالب الرد ينبئ عن تحيز هذا المحكم وعدم حيدته، وهي أمور تستوجب الرد وفقاً للقانون الفرنسي الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم .

 وهذا النظر لم تذهب إلى اعتناقه محكمة باريس الجزئية التي ذهبت إلى أن هذه الأوصاف وغيرها من الأوصاف الأخرى التي تمسك بها المدعون ليس من شأنها أن تثبت عداء المحكم لأحد أطراف المنازعة ومحاباته للطرف الآخر، ولا تبرر الادعاء بالتحيز وعدم الحيدة التي يتمسك به الطالبون، على نحو يتعيَّن معه رفض دعواهم .

وتتعلق الدعوى التي صدر فيها القضاء المتقدم بطلب رد المحكم  ، المقدم من كل دولة دبي وشركة دبي Drydocks وهي شركة تمتلك تعيينه كمحكم في دولة دبي كل رأسمالها ضد المحكم Sir Francis Me Williams والذي تم ۹ مايو ۱۹۹۱ بواسطة رئيس هيئة المهندسين المدنيين بعد فشل الأطراف الموقعة على العقد المبرم في ۳۰ ابريل ۱۹۷۳ على تعيين محكم للفصل في المنازعات الناشئة عن هذا العقد، وإعمالاً لنصوص هذا العقد.

إذ نص في المادة ٢٤ من هذا العقد على أن يتم حل كل منازعة تنشأ في إطار العقد من خلال التحكيم الذي يتفق الأطراف عليه، وفي. بواسطة أي شخص يتم تعيينه من قبل رئيس هيئة المهندسين المدنيين في المملكة المتحدة. وعندما تم تعيين Sir Francis Me Williams صدر في مايو ۱۹۹۲ حكماً جزئياً بالنسبة للمسائل الثلاثة التمهيدية الآتية:

  1. تحديد مقر انعقاد جلسات التحكيم في باريس.

  2. اختيار القانون الفرنسي ليطبق على إجراءات التحكيم.

  3. اختيار القانون الإنجليزي ليطبق على العقد.

وأياً ما كانت الوسائل والطرق التي تلجأ إليها التشريعات الوطنية من أجل وضع الاتفاق على التحكيم موضع التنفيذ الفعلي، سواء كانت قبل تشكيل محكمة التحكيم، أو بعد تشكيلها فإن هناك حقيقة ذهب إلى تقريرها جانب من الفقه وبحق وهي أن مقاومة أحد الأطراف للاتفاق على التحكيم وامتناعه عن تنفيذ التزامه لن يؤدي إلى تجميد إجراءات التحكيم.

وعلى الرغم من وجود الآليات المتقدمة، فإن محكمة التحكيم قد لا يمكن تشكيلها، إما لأسباب تتعلق بالعيوب التي لحقت باتفاق التحكيم ذاته أو بسبب المصاعب والعراقيل التي قد يضعها القانون أو الجهات القضائية في دولة مقر التحكيم المختارة من قبل الأطراف.

ولمواجهة هذا الاحتمال فإن بعض القوانين، قررت، بسبب انعدام القدرة على توقيع الجزاء على الطرف الذي خالف الالتزام الوارد في اتفاق التحكيم، إلى العودة إلى حظيرة الجهات القضائية الوطنية. فعلى سبيل المثال نصت المادة ٧ من القانون الدولي الخاص السويسري على أن للمحاكم السويسرية أن تعترف لنفسها بالاختصاص على الرغم من وجود اتفاق على التحكيم إذا ثبت أن محكمة التحكيم لا يمكن تشكيلها لأسباب ترجع إلى المدعى عليه في التحكيم على نحو واضح.
ولم يتخلف القانون المصري رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ بشأن التحكيم عن مسايرة الاتجاه المتقدم. إذ ينص في المادة ۱۷ فقرة ٢ على أنه وإذا خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن، تولت المحكمة المشار إليها في المادة (۹) من هذا القانون بناء على طلب أحد الطرفين- القيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب ما لم ينص الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو الفعل.
وتهدف النصوص المتقدمة إلى تحاشي إنكار العدالة في الفروض التي صعب فيها تشكيل محكمة التحكيم بسبب تعنت أحد الأطراف، بمنحها الفرصة للطرف المدعي بأن يتقدم بدعواه أمام الجهات القضائية الوطنية. ويرى لذا جانب من الفقه أن هذا الحل ليس حلا مثاليا أخذا بعین الاعتبار الإرادة الأولية للأطراف التي كانت موجهة اتخاذ التحكيم سبيلا للفصل في المنازعات الناشئة بينها، ومع ذلك فإن هذا الحل يبدو حلا لا مفر منه في الحالات التي يبدو فيها مستحيلا بشكل جذري تشكيل هيئة التحكيم.
ومع ذلك، فإنه من الواضح أن هذا الحل لا يلجأ إليه إلا على نحو استثنائي وعند فشل الآليات الأخرى الأصيلة المشار إليها سابقا والتي سبق لنا أن أوضحناها، فالمشاهد أن الطرف المناهض للتحكيم، لا يمكنه إلا في فروض نادرة جدا، أن يقوم بتجميد إجراءات التحكيم لعدم رغبته في المشاركة فيه.
ويذهب الأستاذ E. Gaillard إلى القول بأن القاعدة القانونية التي وفقا لها يجب تنفيذ الالتزام بالاتفاق على التحكيم تنفيذا عينيا تعد قاعدة مادية من قواعد القانون الفرنسي بشأن التحكيم الدولي تعكس قاعدة عابرة للدولة متعلقة بالتحكيم الدولي. ويترتب على ذلك أن القاضي الفرنسي المعروض عليه منازعة بشأن وجود اتفاق صحيح على التحكيم وذلك في معرض فحص الطعن بالبطلان على حكم التحكيم الصادر في فرنسا وذلك إعمالا لنص المادة ١٥٠٢-١، أو إذا تعلق الأمر بإصدار الأمر بتنفيذ حكم تحكيم صادر في الخارج، ليس عليه أن يبحث ما إذا كان القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، وسواء كان هذا القانون مختارا من قبل الأطراف أو تم تعيينه من خلال ضوابط الإسناد الموضوعية المؤثرة في الدعوى، يقبل أن يتم تنفيذ الاتفاق على التحكيم تنفيذا عينيا.
وإلى جانب هذه النتيجة الأولى، المترتبة على فكرة الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم فإن هذا الأثر يرتب أيضا نتيجة أخرى وهي المتعلقة باختصاص محكمة التحكيم بالفصل مسألة اختصاصها.


اختصاص محكمة التحكيم بالفصل في اختصاصها:
مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه من أهم مبادئ في إطار التحكيم الدولي ومن أدقها في ذات الوقت. فمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في موضوع اختصاص والمعروف ب- compétence compétence أثار العديد من الجدل وذلك على الرغم من الاعتراف شبه الكامل بهذا المبدأ في الأنظمة القانونية المعاصرة فما هو المقصود بهذا المبدأ؟ وما هي  مصادره؟
لا أنه يتعين قبل التعرض لهاتين النقطتين أن نعرض أيضا للمعنى الاصطلاحي لفكرة اختصاص المحكم باختصاصه، لأهمية هذا التحديد في
تعيين المقصود بهذا المبدأ.

أ - تحديد المعنى الاصطلاحي لفكرة اختصاص المحكم باختصاصه

يستخدم الفقه عادة للتعبير عن اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه، الألفاظ الألمانية المستخدمة من قبل الفقه الألماني والمعروفة بـ.Kompetenz – Kompetenz.

والواقع أن المعنى الحقيقي المصطلح Kompetent - Kompetenz ، لم يتم إلقاء الضوء عليه على الرغم من أهمية تلك المسألة التحديد المقصود بفكرة اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه.

إذ أنه من الثابت أن المصطلح القانوني الألماني المذكور يضفي على هذا التعبير معنى مختلفاً عن المعنى الذي يُضفي عليه في أدبيات التحكيم الدولي. فالمصطلح الألماني Kompetenz - Kompetenz سلطة المحكم في أن يفصل على نحو نهائي فى مسألة اختصاصه ودون الخضوع إلى أية رقابة قضائية. صحيح أن هذه السلطة المقررة للمحكم تم رفضها سواء في ألمانيا أو في غيرها من الدول، ومع ذلك فإن التناقض يبقى مع ذلك قائما من ناحية الموضوع .

فمن هذه الزاوية الأخيرة، فإن مسألة تحديد ما إذا كان قضاء الدولة يتعين عليه أن يمتنع عن النظر في المنازعة حتى ينتهي المحكمون من الفصل في مسألة اختصاصهم، والتي تشكل الجانب السلبي لمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه من المسائل المتنازع عليها في ألمانيا.

 

ب-مصادر مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه

يستمد مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه أساسه من المصادر الشكلية سواء كانت هذه المصادر هي المعاهدات الدولية المتصلة بالتحكيم أو القوانين الوطنية المعاصرة للعديد من الدول، وكذلك الغالبية العظمى من لوائح التحكيم.

إذ تنص العديد من القوانين الوطنية المعاصرة المنظمة للتحكيم على اختصاص مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه، ومن بين هذه الوثائق قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤.

إذ تنص المادة ٢٢ - ١ منه على أن تفصل هيئة التحكيم في الدفوع اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله الموضوع النزاع.

ولقد حرصت المادة ۲۲ - ۲ من قانون التحكيم المصري على التأكيد على ضرورة التمسك بهذه الدفوع في ميعاد لا يجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعى عليه المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة ٣٠ من القانون. وأكدت على أن قیام احد  طرفي التحكيم بتعيين محكم أو الاشتراك في تعيينه لا يترتب عليه سقوط حقه في تقديم أي من هذه الدفوع.

ولقد أشارت المادة المذكورة إلى أن الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف الآخر من مسائل أثناء نظر النزاع يجب التمسك به فوراً وإلا سقط الحق فيه .

ومع ذلك، فإنه يجوز تقبل هيئة التحكيم الدفع المتأخر في جميع الأحوال إذا رأت أن التأخير في إبدائه كان لسبب مقبول، وبهذه المثابة، يقترب نظام الدفع بعدم اختصاص المحكم من النظام القانوني للدفوع الشكلية في إطار القانون القضائي الخاص .

ولقد أضافت الفقرة ٣ من المادة ۲۲ بأن الهيئة التحكيم أن تفصل في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة قبل الفصل في الموضوع أو أن تضمها إلى الموضوع التفصل فيهما معاً.

وإذا قضت هيئة التحكيم برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقاً للمادة ٥٣ من قانون التحكيم.

وهذا يعني أنه لا يجوز الطعن بالبطلان على حكم التحكيم  الجزئي الصادر برفض الدفع استقلالاً بل لا بد من الطعن بالبطلان عليه مع حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها.

كذلك فإن النصوص الحديثة المنظمة للتحكيم في العديد من الدول تقرر ذات المبدأ كالقانون السويسري في المادة ١٨٦ القانون الدولي الخاص الجديد القانون البلجيكي في المادة ١٦٩٧ ، القانون الهولندي في المادة ١٠٥٢، القانون الإسباني في المادة (۳/۲۳)، القانون البرتغالي في (٢١ - ١ – أ)، القانون التونسي في المادة 91 والقانون الجزائري الصادر في 1993.

كذلك فإن القانون الفرنسي كرس مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة الاختصاص بالنسبة للتحكيم الداخلي في المادة ١٤٦٦من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد والتي تنص على أنه إذا أنكر أحد الأطراف على المحكم سلطة الفصل في المنازعة أو نازع في نطاق هذه السلطة، فإن المحكم يختص بالفصل في صحة وحدود ولايته.

ويرى جانب من الفقه الفرنسي أن هذا الحل يخالف الحل الذي يجري عليه العمل في القضاء والذي وفقاً لها، يتعيَّن في إطار التحكيم الداخلي وإذا تعلق الأمر بمنازعة تنصب على صحة شرط التحكيم، خضوع هذه المسألة إلى قضاء الدولة، إذ أنه وحده المختص بالفصل فيها .

ويخضع التحكيم الدولي لنص المادة ١٤٦٦ من قانون المرافعات الفرنسي الجديد إذا كان هذا التحكيم يخضع للقانون الفرنسي، إعمالاً للإحالة الواردة في المادة ١٤٩٥ إلى المادة ١٤٤٦ .

ويرى جانب من الفقه الفرنسي أن المادة المذكورة ذات مضمون عام فيما يتعلق بالقانون الفرنسي بشأن التحكيم الدولي وهو ما يستنتج أيضاً من القضاء السابق على قانون التحكيم الصادر في فرنسا عام (1981) .

إذ ذهب هذا القضاء إلى تأكيد إلى أنه إذا كان القاضي المعروض عليه المنازعة يختص بالفصل في مسألة اختصاصه، فالمحكم بصفته قاضياً، يستمد سلطانه من اتفاق الأطراف، يختص بالفصل في مسالة وجود وصحة هذا الاتفاق. ولقد أكدت الأحكام الحديثة الصادرة في فرنسا المبدأ المتقدم وأعطت له مفهوماً واسعاً.

وإذا كانت القوانين الوضعية المعاصرة الصادرة في العديد من الدول أجل تنظيم التحكيم كرست مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه، فما هو موقف المعاهدات الدولية المتصلة بالتحكيم من هذا المبدأ؟

لم تتعرض معاهدة نيويورك المتعلقة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية الموقعة في ١٠ يونية ١٩٥٨ ، المسألة اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه. ولعل ذلك الإغفال من جانبها لهذه المسألة مبعثه أن الهدف المباشر لهذه المعاهدة هو تحديد شروط الاعتراف وتنفيذ حكم المحكم.

وعلى عكس معاهدة نيويورك فإن معاهدة جنيف الموقعة في عام ١٩٦١ تعرضت لمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه بشكل واضح في المادة الخامسة فقرة ٣ على أن :

لا يلتزم المحكم الذي ينكر الأطراف عليه الاختصاص أن يتخلى عن نظر المنازعة وله أن يفصل في مسألة اختصاصه وفي وجود وصحة اتفاق التحكيم أو في وجود وصحة العقد الذي يعد هذا الاتفاق جزءاً منه، وذلك دون إخلال بالرقابة القضائية اللاحقة المنصوص عليها في قانون القاضي.

ولقد تبنت معاهدة واشنطن التي أنشأت البنك الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الاستثمار قاعدة مماثلة للقاعدة السابقة في المادة 41 منها والتي تنص على أن "المحكمة هي التي تحدد اختصاصها".

ما ذكرت ذات المادة في فقرتها الثانية أن أي اعتراض من جانب أحد طرفي النزاع على أساس أن النزاع ليس من اختصاص المركز، أو لأسباب أخرى، يقع في اختصاص المحكمة وتقرر المحكمة إن كانت ستعالجه كمسألة مبدئية منفصلة أو تقرر ضمه إلى موضوع النزاع.

تؤكد لوائح التحكيم الأساسية على مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه فلائحة التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي تنص في المادة ١/٢١ على هذا المبدأ، وكذلك لائحة التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس في المادة ٢/٦.

ولكن ما هي القيمة الحقيقية لتأكيد هذه اللوائح لمبدأ اختصاص محكم بالفصل في مسألة اختصاصه.

ويذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى القول بأن ترديد لوائح التحكيم لمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه وإن كان يعبر عن القبول العام الذي يحظى به هذا المبدأ، فإنه مع ذلك وعلى صعيد الفن القانوني الخالص، لا يضيف أية قيمة لهذا المبدأ، فلائحة التحكيم والتي تستمد كل قيمة لها من إرادة الأطراف على إعمال أحكامها، لا يمكنها أن تمنح للمحكمين حقوقاً أكثر من تلك التي تقر لها بهم  الأنظمة القانونية المختصة .

بعبارة أخرى، فإن لوائح التحكيم، بسبب طبيعتها الاتفاقية، وعلى عكس القوانين الوضعية، تظل عاجزة عن حل التناقض الواضح الذي يسمح للمحكمين أن يصبحوا قضاة مختصين بالفصل في الاتفاق الذي يعد مصدراً لسلطاتهم،وذلك على خلاف القوانين الوضعية التي تقدر على حل هذا التناقض .

...

أساس مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه:

ذهبت بعض الأحكام القضائية الصادرة في فرنسا إلى رد مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه إلى مبدأ آخر ساهم هذا القضاء في إرساء قواعده وهو" مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلى"

والمشاهد أن مدين المبدأين وهو ما حرص جانب من الفقه الفرنسي على إيضاحه لا يلتقيا إلا بشكل جزئي وهو ما يدعو إلى ضرورة الفصل بينهما بعناية شديدة على نحو ما أشرنا إليه سابقاً.

الواقع من الأمر، فإن مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه وإن كان في حقيقته أحد آثار الاتفاق على التحكيم، إلا أن ذلك لا يعني أن أساس هذا المبدأ هو اتفاق التحكيم ذاته، أو مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين والذي يضفي على اتفاق التحكيم القوة الملزمة، إذ يستمد هذا المبدأ من قانون التحكيم في دولة مقر التحكيم، وبصفة عامة من مجموع الدول المحتمل أن تعترف بحكم المحكم الصادر بالفصل في مسألة اختصاصه.
والقول بعكس ذلك، ورد أساس هذا المبدأ إلى اتفاق التحكيم نفسه يؤدي إلى نتائج غير منطقية.
من المعروف أن مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه الدخول محكمة التحكيم الاستمرار في. أداء مهمتها حتى إذا تم إنكار وجود وصحة اتفاق التحكيم ذاته من قبل أحد الأطراف ولأسباب تتعلق بشكل مباشر بشرط التحكيم أو بمشارطة التحكيم، وليس فقط في الأحوال التي يكون الأمر متعلقا باحتمال بطلان العقد الأصلي.
ومن المعروف أن مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي يفسر حالات عدم الصحة ولكن يعجز عن تفسير كيفية استمرار المحكم في أداء مهمته في حالة أسباب البطلان المتعلقة باتفاق التحكيم ذاته. إذ إن هذه النتيجة الأخيرة هي أثر خاص يترتب على مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه.
كذلك فإن هذا المبدأ الأخير يسمح للمحكم بأن يفصل عند الاقتضاء في بطلان اتفاق التحكيم ويصدر قرارا بعدم اختصاصه.
والواقع أن كل من الأثرين السابقين لا يمكن ردهما إلى اتفاق التحكيم والقول بإمكانية ردهما إلى اتفاق التحكيم يصطدم بالحجة التي يسيرها الفقه المعادي لمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه، بما تثيره من حلقة مفرغة.
إذ كيف يمكن للمحكم بالاستناد فقط على اتفاق التحكيم أن يقرر أن هذا الاتفاق باطل أو حتى يعترف بالسبب الذي يمكن أن يؤدي إلى ملاحظة هذا البطلان؟
والواقع أن الخروج من هذه الحلقة المفرغة لا يتأتى إلا بالبحث عن أساس آخر لمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه.
فهذا المبدأ لا يستمد مصدره في اتفاق التحكيم وإنما، كما ذكرنا سابقا، من قانون التحكيم في دولة المقر وفي قوانين الدول الأخرى المحتمل عرض حكم التحكيم الصادر من المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه للاعتراف به أمام محاكمها.
فعلى سبيل المثال، إذا قررت هيئة التحكيم المنعقدة في دولة من الدول كمصر أو فرنسا إصدار حكم بعدم اختصاصها نظرا لعدم وجود اتفاق صحيح على التحكيم، فإن هذا القرار يستند في أساسه إلى القانون المصري أو الفرنسي على حسب الأحوال، ولا يستند على اتفاق التحكيم الذي قضى بأنه معدوم أو باطل.

وكذلك فإن هذا الحكم يمكن التمسك به من قبل الطرف صاحب المصلحة في الدول الأخرى، دون أن يكون هناك أي طعن على هذا الحكم بالتناقض وعدم المنفعة إذا كانت الدول الأخرى نفسها تقر مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه.
وفي ضوء كل ما تقدم، فإن مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه لا يعني مطلقا أن يترك للمحكم موضوع الرقابة على اختصاصه بل على العكس، فإن هذا الاختصاص تتم مراقبته بواسطة الجهات القضائية في الدولة بمناسبة الطعن بالبطلان على حكم التحكيم أو إصدار الأمر بتنفيذه.
فمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه ينطلق من فكرة أساسية وهي أنه لا محل للتشكيك مقدما في قدرة المحكمين في أن يصلوا بأنفسهم إلى قرار عادل وقادر في نفس الوقت على تحقيق مصالح المجتمع.
ويرى جانب من الفقه أن مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه له وظيفة مزدوجة، ويرتب أثرين مثل اتفاق التحكيم ذاته.
فلمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه أثر إيجابي هو السماح للمحكمين بأن يفصلوا بأنفسهم في مسألة اختصاصهم وهذا الأثر محل إجماع عام من قبل المعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية الحديثة المنظمة الفرنسي للتحكيم.
ولمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه أثر سلبي لا يقل أهمية عن الأثر الإيجابي المذكور المترتب على هذا المبدأ. إذ يسمح الأخير للمحكمين ليس فقط بالفصل في مسألة اختصاصهم، وإنما بالفصل فيها أولا وقبل أي جهة أخرى.
فمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه يفرض على الجهات القضائية في الدولة التي يعرض عليها في اتفاق التحكيم لأي سبب من او الأسباب سواء أثناء المنازعة بشأن تشكيل هيئة التحكيم التمسك بأن اتفاق التحكيم باطل أو لا وجود له أن تمتنع عن الفصل في موضوع المنازعات التي تدخل في اختصاص المحكم قبل أن نتاج الفرصة له في أن يفصل فيها.
ومن هنا فإن مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه يتضمن فكرة الأولوية مأخوذة على المفهوم الزمني لهذه الفكرة وليس المفهوم التدرجي، فمبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه، مفهوما على المعنى السابق يقصد به أن يعطى للمحكم الفرصة في أن يفصل، ويفصل أولا في جميع المسائل المتصلة باختصاصه وذلك مع خضوعه للرقابة اللاحقة للقضاء الوطني المختص المعنى بالقيام بهذه الرقابة.
وبهذه المثابة فإن هذا المبدأ يهدف من الناحية العملية إلى تحاشي أن يكون التمسك بعيب يتعلق بطريق مباشر باتفاق التحكيم من قبل أحد الأطراف سببا في تأخير إجراءات التحكيم، فالسماح للمحكم بأن يفصل بنفسه في مسألة اختصاصه مع الخضوع للرقابة اللاحقة للقضاء الوطني المختص، ودعوة هذا القضاء بعدم التدخل للفصل في هذه المسألة قبل صدور حكم التحكيم. يتحاشى الخلل الذي قد يصيب إجراءات التحكيم دون المساس بمصالح الطرف الذي يحق له التمسك ببطلان أو انعدام اتفاق التحكيم طالما أن هذا البطلان أو الانعدام يمكن التحقق منه بواسطة السلطات المختصة في اللحظة المناسبة.

وإلى جانب النتيجتين السابقتين يرتب اتفاق التحكيم بما لها من أثر لها الآن:

انعقاد الاختصاص لمحكمة التحكيم بالفصل في المنازعات المتفق التي على حلها بواسطة التحكيم:

النتيجة الثالثة المترتبة على الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم تنصب على الاعتراف بالاختصاص المحكمة التحكيم بالفصل في المنازعات المتفق على حلها الطريق والمحددة في اتفاق التحكيم. فما هو نطاق اختصاص محكمة التحكيم، ومدى اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه؟ هاتان هما المسألتان اللتين سنعرض لهما تباعاً :

نطاق اختصاص محكمة التحكيم

يستمد المحكم ولايته بالفصل في المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم من الاتفاق المبرم بين الأطراف على اختيار التحكيم كوسيلة للفصل في المنازعات الناشئة بينهم.

واتفاق التحكيم، شانه ذلك شأن أي عقد، يخضع لمبدأ نسبية الآثار المتولدة على العقد من حيث الأطراف ومن حيث الموضوع.

كذلك فإن اتفاق التحكيم تتحدَّد آثاره من حيث الموضوع بالمنازعات التي اتفق على حلها بهذا الطريق وبالتالي لا يمتد أثر هذا الاتفاق إلى غير ذلك من المسائل التي لا يشملها الاتفاق على التحكيم وهو ما يمكن أن يعلق عليه بمبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم من حيث الموضوع.

ونظراً لأهمية كل من المبدأين المتقدمين ونظراً للتطورات الحديثة بشأنهما سواء على الصعيد الفقهي أو على صعيد الأحكام القضائية وأحكام التحكيم فإننا سنعرض لهما وللاستثناءات الواردة عليهما بشيء من التفصيل :

مبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم من حيث الأشخاص

يؤدي مبدأ نسبية أثار اتفاق التحكيم، بوصفه مجرد عقد مبرم بين أطراف محددة، إلى عدم ترتيب آثاره إلا بالنسبة للأشخاص التي قامت بالتوقيع عليه , ولا يستند هذا التفسير المضيق لاتفاق التحكيم من حيث آثاره على مبدأ نسبية ثار العقد فقط ولكن يستند أيضاً على الطبيعة الخاصة لموضوع الاتفاق على التحكيم ، فالتحكيم يهدف إلى إخراج طائفة محددة من المنازعات الناشئة بين الأفراد من ولاية قضاء الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للأطراف والعهدة بها إلى المحكم للفصل فيها .

وبهذه المثابة تنازل عن الضمانات التي يمكن أن تتمتع بها في حالة الالتجاء إلى القاضي المختص أصلاً بالفصل في المنازعة المعهود بها إلى التحكيم.

وعلى الرغم من وجاهة التحليل المتقدم المؤيد لفكرة الأثر النسبي لاتفاق التحكيم، فإنه من الثابت أن التحكيم أصبح في الآونة الأخيرة الوسيلة المعتادة الحل المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية.

والسؤال الذي يتعين طرحه هو : ألا تؤدي هذه الملحوظة إلى النيل من مبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم على نحو يؤدي إلى إمكانية من آثاره إلى الغير الذي لم يوقع على اتفاق التحكيم؟

هذا التساؤل المطروح تبدو أهميته بشأن العقود المبرمة من قبل أحد الشركات والمتضمنة شرطاً للتحكيم فهل يسري هذا الشرط في مواجهة الشركة الأم على افتراض أن الذي وافق على هذا الشرط هو أحد الشركات التابعة لها؟ وفي حالة الفرض العكسي أي في حالة قبول الشركة الأم الشرط التحكيم، هل يسري هذا الشرط في مواجهة الشركات الخاضعة لها؟

والواقع أن أهمية هذا التساؤل المتقدم لا تثور فقط بشأن العقود المنطوية على شروط تحكيمية والمبرمة في إطار ما يعرف بمجموعة الشركات Group des Societies بل وتثور أيضاً بشأن العقود التي تبرمها الدولة وتقبل فيها التحكيم، فهل يسري هذا الشرط على الأجهزة الأخرى التابعة لها أم أن مبدا نسبية آثار اتفاق التحكيم تحول دون امتداد أثر هذا الشرط في مواجهة أجهزة الدولة التي تعد بمثابة الغير بالنسبة إليه.

كذلك فإنه في كثير من الأحيان تقوم بعض الأجهزة التابعة للدولة ومؤسساتها وهيئاتها العامة بقبول التحكيم في العقود المبرمة بينها وبين الشركات الأجنبية .

فهل يلزم هذا الاتفاق الدولة التي تتبعها هذه الأشخاص بمعنى هل يجوز اختصاصها أمام هيئة التحكيم في المنازعات الناشئة عن العقود المبرمة بين هذه الأجهزة والأشخاص الأجنبية الوارد فيها شرط التحكيم والتي لم تكن الدولة طرفاً فيها؟

بادئ ذي بدئ نود أن نشير إلى أن مسألة امتداد أثر اتفاق التحكيم في مواجهة الغير أي الأشخاص التي لم توقع عليها لا محل لإثارته إلا إذا كان هذا الغير يتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن الطرف الذي وقع على العقد. ففي هذا الفرض، وفي هذا الفرض فقط، تثور فكرة الأثر النبي وإمكانية الخروج عليه أو الاستثناء منه ، ووفقاً لأية شروط، أما إذا كان الغير الذي الاتفاق التحكيم لم يوقع على الاتفاق على التحكيم لا يتمتع بأية شخصية قانونية مستقلة عن بشخصية قانونية الطرف الذي وقع على العقد كأنه كان مجرد فرع للشركة التي قبلت الاتفاق على التحكيم أو كان الشخص الاعتباري التابع للدولة لا. يتمتع مستقلة عنها فإنه والحال كذلك فإنه لا معنى للحديث عن الأثر النسبي لاتفاق التحكيم بالنسبة للغير، فهذه الأشخاص على الرغم من أنها لم توقع على الاتفاق على التحكيم فإنها مع ذلك لا تعتبر من الغير بالنسبة لهذا الاتفاق لعدم تمتعها بشخصية قانونية مستقلة عن الطرف الذي أبرم العقد.

فإذا اتضحت هذه الحقيقة الأولية فإننا سنفرق بين نسبية أثر اتفاق التحكيم في إطار العقود المبرمة من قبل إحدى الشركات القائمة في إطار مجموعة شركات والمتضمنة اتفاقاً على التحكيم وبين العقود المبرمة سواء من الدولة أو من أحد أجهزتها والمنطوية على شرط تحكيم.

مبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم المبرم وإعماله بشأن مجموعة الشركات والقيود الواردة عليه

الأصل أن لا تلتزم أية شركة من الشركات المكونة لمجموعة الشركات باتفاق التحكيم الوارد في العقد الذي أبرمته إحدى هذه الشركات وهذا الحل يمليه من ناحية مبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم باعتباره عقداً ويمليه

أيضاً تمتع كل شركة من الشركات المكونة لمجموعة الشركات بشخصية قانونية مستقلة.

وبعبارة أخرى، فإن الشركة التي قامت بإبرام العقد والتوقيع عليه هي وحدها الملتزمة باتفاق التحكيم الوارد فيه. فالمعيار الذي يفصل بين الشركة الطرف والشركات الغير، هو مجرد معيار مادي يتمثل في التوقيع على العقد باعتبار أن التوقيع هو الوسيلة العادية التي لا تثير أدنى شك أو لبس في التعبير عن الرضا والإرادة في الالتزام بالاتفاق على التحكيم.

ولقد لاحظ جانب من الفقه أن التجارب قد أثبتت في بعض الحالات أن شرط التحكيم لا يعبر في بعض الأحيان عن حقيقة الواقع سواء تعلق الأمر بالعقود المبرمة في إطار مجموعة الشركات أو عقود الدولة.

فقد يحدث بالنسبة للحالة الأولى أن تقوم الشركة الأم أو شركة أخرى غير الشركة الموقعة على العقد بالمساهمة الفعالة في المفاوضات الخاصة بشأن العقد محل المنازعة أو تكون قد ساهمت بشكل رئيسي سواء في تنفيذه أو في عدم تنفيذه، وهو ما يثير مشكلة أن الطرف الفعلي في العقد ليس هو إذن الذي قام بوضع توقيعه عليه وإنما الطرف الآخر القائم في الظل وهو ما يدعو إلى ضرورة عدم التوقف عند المعيار المادي المتمثل في مجرد التوقيع على العقد .

ولعل ذلك هو ما يفسر اتجاه جانب من الأحكام القضائية وأحكام التحكيم على ما سوف نرى إلى عدم التوقف عند مجرد فكرة التوقيع المادي على العقد وتستبعد أيضاً مبدأ الاستقلالية القانونية للأشخاص المعنوية المعنية مفضلة الارتكاز على معيار اقتصادي إذا كانت الظروف تسمح بذلك.

في وبعبارة أخرى، إذا كان المبدأ العام المستقر هو مبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم بالنسبة للأشخاص بمعنى سريانها في مواجهة الأشخاص الموقعة عليه دون غيرها، فإن هذا الموقف التقليدي يتعين وفقاً لما يراه جانب من الفقه، التحرر منه ولو بشكل جزئي والسماح لاتفاق التحكيم أن يرتب آثاره أيضاً . مواجهة الغير الذي لم يكن موقعاً على هذا الاتفاق أي لم يكن طرفاً فيه إذا ثبت من الظروف المحيطة بهذا العقد أن هذا الغير بالنظر للظروف والروابط الاقتصادية المتصلة بالغير وبالدور الذي ساهم فيه في إبرام العقد، يمكن الاحتجاج باتفاق التحكيم في مواجهته. إذ يتعين تغليب فكرة الوحدة الاقتصادية التي توجد وراء فكرة مجموعة الشركات على اعتبار التعدد القانوني للوحدات المكونة لهذه المجموعة.

والواقع أن هذا الاتجاه المتحرر بشأن التقييد من نسبية آثار اتفاق التحكيم والذي يجد له صدى في الفقه الفرنسي وأيضاً جانب من الأحكام القضائية تصادفه، وفقاً لما يقرره هذا الفقه عقبتان أساسيتان في القانون الفرنسي هما : ضرورة إفراغ اتفاق التحكيم في الشكل الكتابي على الأقل بالنسبة للتحكيم الداخلي، وضرورة التفسير المضيق لاتفاق التحكيم. وأياً ما كانت الحجج التي يمكن التمسك بها لتذليل العقبات ، فإن الذي يعنينا في هذا المجال هو إظهار موقف الأحكام القضائية وأحكام التحكيم من مبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم بالنسبة للأشخاص،وما هو صدى الاتجاه الفقهي المنادي بتقييده.

119