الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأثار الإجرائية لاتفاق التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / الآثار الاجرائية لاتفاق التحكيم

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    283

التفاصيل طباعة نسخ

الآثار الاجرائية لاتفاق التحكيم:

   من الآثار الاجرائية التي تترتب على اتفاق التحكيم مهمـا كـانت صورته آثاران مهمان احدهما ايجابي والآخر سلبي : وسوف نتناولهما تفصيلاً كما يلي :

الأثر الايجابي لاتفاق التحكيم

    المبدأ : هو الحق في التجاء الأطـراف الـى التحكيم واختصـاص المحكـم أو المحكميـن المنصوص عليهم لحسم النزاع.

أ- حق الأطراف في الالتجاء للتحكيم

    يتفق قانون التحكيم الجديد مع غالبية التشريعات حيث يعترف المشرع بصحة اتفاق التحكيم المدرج في العقد الرئيسي والمتفق عليه عند نشأة النزاع المحتمل أو المرفق له (الشرط) وكذلك النزاع القائم فعلاً (المشارطة) (المادة ١٠) من هذا القانون ومنها على سبيل المثال القانون الفرنسي (المادة ١٤٤٢ و١٤٤٧) مرافعات فرنسي، وكذلك يتفق بالنسبة للمسألة المطروحة مع اتفاقية نيويورك (المادة ١/٢) ومع القانون النموذجي (المادة 7) منه.

   ويؤكد هذا الأثر أن المشرع ينظم الوسائل التي تعترض تشكيل هيئة التحكيم ويسند الى قاضي الدولة حل هذه الصعوبة في حالة عدم اتفاق الأطراف ( المادة ١٧) من هذا القانون. ويتفق مع القانون المصري في هذا الصدد القانون الفرنسي (المادة ١٤٤٤) مرافعات فرنسی جدید و(المادة ١١) من القانون النموذجي "Model Law".

   ويجب أن ينفذ اتفاق التحكيم (شرط التحكيـم) عينـا "en nature" أي بانشاء هيئـة التحكيـم رقيـام هـذه الهيئـة بمهمتهـا القضائيـة، فليـس هـذا الشـرط وعـدا بـالتحكيم Promesse de compromis"  ونتيجة لذلك لا يحتاج الأمر لاتفاق جديد بين الأطراف للبدء " في تنفيذ قرار التحكيم.

ب- مدى اختصاص المحكمين

1 - سلطة المحكمين في الفصل فيما يتعلق باختصاصهم أو تكليفهم

     تستوجب فاعليـة اتفـاق التحكيم ( شـرط التحكيم ) أن يكون للمحكميـن سـلطة الفصـل فـي اختصاصهم شخصيا في المسائل التي تتعلق بسلطتهم القضائية لحل النزاع : كصحة شرط التحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شمولة لموضوع ( محل ) النزاع ، ومدى سلطاتهم (المادة ٢٢) مـن هذا القانون. ويترتب على ذلك مبدأن أساسيان:

(أ) قاعدة استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي (المادة ٢٣) من هذا القانون.

(ب) قاعدة الاختصاص بالاختصاص: وهي مسألة مـدى اختصاص هيئة التحكيم بتقرير ولايتها ومدى هذه الولاية ( المادة ٢٢ ) من هذا القانون.

  وسوف نتناول هاتين القاعدتين تفصيلا في الباب التالي من هذه الدراسة.

2 – تحديد مجال اتفاق التحكيم (شرط التحكيم)

( أ ) من حيث موضوع النزاع: يتعين على المحكمين أن يحترموا بنود اتفاق التحكيم فيما يتعلق بموضوع النزاع وما يقضى به كمسألة صياغة وتفسير هذا الاتفاق، وعدم الفصـل فـي نـزاع لـم يوافق الأطراف على احالته اليهم. ولا يجوز للمحكمين الفصل في نزاع لـمـوضوع (محل) تحكيم غير قابل للتحكيم فيه: كالمسائل التي تتعلق بالنظام العام أو الغير قابلة للصـلح (المادة 11) من قانون التحكيم الجـديد و(المادة 551) مدنى مصرى.

   هذا وقد أوجبت اتفاقية نيويورك العودة الى قانون الدولة التي يطلـب مـن قضائها التنفيذ لمعرفة ما اذا كان موضع النزاع المحال الى التحكيـم يـجـوز أم لا يجوز في قانونها احالته الـي التحكيم (المادة ١/٢/٥ ) من الاتفاقية.

   لذا فصياغة اتفاق التحكيم لها كبير الأهمية فإذا نص الاتفاق على أنه مقصور على تفسير العقد اقتصرت فاعلية الاتفاق على تفسير العقد وبالتالي فإذا ثار النزاع حول تنفيذ العقـد يـكـون ذلك خارج مجال اتفاق التحكيم. وإذا ما حدد الأطراف أن شرط التحكيم يتعلق بمصير حسابات الشركة اقتصر الشرط على حسابات الشركة ولا يستطيع المحكمون أن يتعرضوا لصحة الشركة أو بطلانها. وإذا ما طلب الأطراف من المحكمين تحديد الثمن المناسب فليس للمحكمين أن يعترضوا على التعويض الاستثنائي الواجب دفعه. من هنـا يبدو جلياً ضرورة تحديد أني شرط اتفاق التحكيم من ناحية الموضوع بدقة كبيرة.

   ولا يجوز للمحكمين أن يحسموا الا الخلافات التي تنصب على الحقوق التي لأطراف حرية التصرف فيها كالمسائل القابلة للصلح. ولا يجوز للمحكمين أن يمارسوا سلطات من اختصاص بعض السلطات الأخرى أو الجهات القضائية العامة.

(ب) من حيث أطراف النزاع : كمـا سـبق القـول يسمح قـانون التحكيم الجديد للأشخاص العامة والخاصة الطبيعية والمعنوية على السواء بالخضوع للتحكيم والاستفادة من قانون التحكيم المصرى الجديد (المادة الأولى) منه. وهو نفس الاتجاه الذي أخذت به من قبل المـادة الأولى من اتفاقية نيويورك و المادة الأولى من القانون النموذجي "Model Law".

• الآثر السلبي لاتفاق التحكيم

المبدأ : هو عدم قبول الدعوى أمام محاكم الدولة كنتيجة حتمية، وبعبارة أخرى هي منع قضاء الدولة من نظر المنازعة محل التحكيم.

    كما سبق القول يجب على المحكمة التي يرفع اليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم سواء كان شرطاً أو مشارطة بعدم قبول الدعوى اذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الكلام في الموضوع، ای قبل ابدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى (المادة ١٣) من هذا القانون.

  فإذا رفعت دعوى أمام القضاء الأصلي بخصوص منازعة ما، كان للمدعى عليه أن يدفع بوجود اتفاق على التحكيم وهو دفع بعدم القبول لا يتعلق بالنظام العام، وإنما هو مقرر لمصلحة الخصوم ومن ثم يجب الدفع به في أول جلسة وقبل الكلام في موضوع النزاع وإلا سقط الحق فيه، لأن أساس هذا الدفع هو اتفاق الطرفين على التحكيم والتنازل عن حقهما في الفصل في الدعوى عن طريق الخصومة العادية، وهو تنازل عن الدعوى من الناحية الاجرائية أمام القضاء وليس للمحكمة أن تقضى بإعماله من تلقاء نفسها، بل يجب التمسك به أمامها.

   ولا يمنع اختصاص المحكم بنظر النزاع الذي اتفق أطرافه على طرحه أمام هيئة التحكيم من الرقابة القضائية اللاحقه على قراره.

    ويثور السؤال بالنسبة للمعاملات الدولية في المسألة المطروحة عن موقف قضاء الدوله عند نظر النزاع إذا طرح عليه الطرفان نزاعهما .

    على سبيل المثال اذا لجأ أحد الطرفين في بلد ما الى محكمة قضائية مختصة أصـلا بنظـر النزاع ووجدت المحكمة بين أوراق ملف الدعوى اتفاق تحكيم ، فماذا يجب أن تفعل؟ هل يجب أن تعلن عدم اختصاصها كما هو التحكيم في البلدان الاشتراكية ؟ أو أنها تبلغ الطرف المدعى عليـه وتنتظر أن يثير هذا الطرف عدم اختصاصها بفعل اتفاق التحكيم؟ فاذا لم يثر أحـد طرفي التحكيـم فهل يعتبر ذلك تنازلا من الطرفين عن التحكيم كما تقضى بذلك أنظمة التحكيم الأوروبية والأمريكية؟

   واذا أثار الطرف المدعى عليه اتفاق التحكيم فهل ترفع المحكمة يدها عن النزاع وتعلن عدم اختصاصها كما في فرنسا وغالبية الدول العربية("")، أم أنها تعلـق النظـر بالدعوى وتبقى اجراءات التحكيم تحت أنظارها تراقبه وتتدخل فيـه وتفرض وصايتها، وتعطى رأيـا الزاميـا فـي نقاطه القانونية كما تفعل المحاكم الانجليزية؟

   أعطت اتفاقيات التحكيم الدولية وهيئات التحكيم الدولية الدائمة اجابـات شـتـى حـول هـذا الموضوع. وكما هو معروف فان القوانين المدنية الأوروبية تعطى اجابـة مختلفة عن تلك التي تعطيها أعراف القوانين الانجلو – أمريكية.

   وعلى أية حال فقد وضعت المادة الثانية بفقرتها الثالثة من اتفاقية نيويورك ثلاث قواعد لتحديد آثار اتفاق التحكيم بالنسبة للتحكيم الدولي وهي:

1 - لم تجد اتفاقية نيويورك حاجة الى الرجوع لقواعد النظام القانوني الداخلي الخاصة بالتحكيم في كل بلد، الا بالقدر اللازم الذي يؤكد أن خلافا بين الأطراف قد نشب، ممـا يجـوز تسويته فيما بينهم عن طريق التحكيم (المادة ١/٢) من الإتفاقية .

2 – لا يحيل القاضي الوطني الأطراف الى التحكيم من تلقاء نفسه الا اذا تمسك أحد الأطـراف بالتحكيم. وهكذا اذا حضر جميع الأطراف أمام القاضي الوطني ولم يتمسك أحـد باتفاق التحكيم فيعتبر ذلك تنازلا منهم عن التحكيم (المادة ٣/٢) من الإتفاقية .

3 - يحق للقاضي الوطني المطروح أمامه اتفاق التحكيم مراقبة هذا الاتفاق مـن حيـث ضـرورة التأكد من أنه ليس باطلا بطلانا مطلقا ومن الممكن اعمالـه وأنـه قابل للتطبيق (المادة ٣/٢) من الإتفاقية .

وقد أخذ أيضا القانون النموذجي بهذا الاتجاه ( المادة 8 ) منه .

- الاختصاص الاستثنائي للقضاء

   يترتب على اتفاق التحكيـم آثـار اجرائية تتناول أثر وجود اتفاق التحكيـم علـى نـطـاق اختصاص قاضي الأمور الوقتية وهو الأمر باتخاذ تدابير وقتية أوتحفظية كما جاء بقانون التحكيم الجديد (المادة ١٤)منه. ويسلم بهذا الدفع بصفة عامة لأسباب قانونيـة كـانعدام سلطة المحكم، أو لأسباب تتعلق بعدم فاعليته وسرعة تدخل قاضي الدولة ويقابلها (المادة 9) من القانون النموذجي.

ثالثا : نسبية آثار شرط التحكيم

  كما سبق القول العقد شريعة المتعاقدين ولا ينتج آثاره إلا بين أطرافه وهذا هو مبدأ النسبية لأثر العقود.

   والأثر النسبي لشرط التحكيم من حيث المبدأ أنه لا يجوز تدخل الغير في اجراءات التحكيم. ولا يحتج بهذا الاتفاق على الغير الذي لم يكن طرفا فيه طبقا للقواعد العامة. وهنا نجد التماثل تامـاً بين نسبية أثر العقود وأثر التحكيم.

   ونحن نعرف الكثير من المشكلات التي يثرها هذا المبدأ بالنسبة لآثار العقد فيما يتعلـق بالخلف العام والخلف الخاص. ويكفي هنا أن نقول ان القواعد المنظمة لهذه الأمور تنطبق عليها القواعد العامة الواردة بالتقنين المدني ، ولكن هناك حالات حدية كثيرة يثار بشأنها النقاش حول مدى سريان أثر شرط التحكيم على أطراف أخرى غير المتعاقدين الأصليين.

   فلا يجوز - من حيث المبدأ - الضامن المدين أن يدخل في اجراءات التحكيم(""). واذا تعدد المدينون المتضامنون وصدر الحكم ضد أحدهم باعتباره طرفا في التحكيم فلا يحتج بـه علـى الباقين (المادة ٢٩٦) مدني مصري، ولكن إذا صدر الحكم لصالح أحد المدينين المتضامنين فإن الباقي يستفيدون من هذا الحكم إلا إذا كان مبنياً على سبب خاص بالمدين الذي صدر الحكم لصالحه. ولا يجوز للمساهمين في الشركة الدخول في اجراءات التحكيم الذي أبرم بين الشركة واحد عملائها. واذا تعدد أطراف العقد الأصلى ووافق البعض منهم على شرط التحكيم ، بينالم يوافق البعض الآخر، فان هذا الشرط لا يقيد الا من وافقوا كتابة عليه ولا يحتج به على الغير لأنه لم يكن طرفا فيه.

   واذا صار خلاف بين الملتزم في شرط تحكيم وبين كل من الطرف الآخر وشخص آخر يعد من الغير بالنسبة لاتفاق التحكيم تعين الالتجاء الى التحكيم بالنسبة للملتزم والالتجاء الى قضاء الدولة بالنسبة للغير. أما اذا كان موضوع النزاع وسببه واحدا تعين رفع الدعوى بموضوع النزاع كله أمام قضاء الدولة لأنه صاحب الولاية العامة.

   ولا يجوز دخول المحال اليه في اجراءات التحكيم ، بينما يجوز للمحال ذلك اذا حول أحد المتعاقدين حته في العقد الذي يتضمن شرط التحكيم وقبل الغير هذه الحوالة فان المحال اليه يلتزم بشرط التحكيم لأنه قبل الحوالة بشروطها ومنها شرط التحكيم فاذا اتفق الدائن مع مدينه على فـض النزاع عن طريق التحكيم، وقبل أن يصدر حكم التحكيم أحال الدائن حقه الى شخص آخر وقبل المدين الحوالة أو أعلن بها فان المحيل لا يصبح دائنا. ويحتج بالحكم في هذه الحالة على المحال اليه الذي حل محل الدائن."

   بينما يجوز الاحتجاج بحكم المحكم الصادر لمصلحة الدائنيين على كفيل المدين مباشرة دون أن يكون طرفا في اتفاق التحكيم ، فاذا صدر حكم المحكميـن ضـد المـديـن وكـان هنـاك كفيل لهذا المدين فان هذا الحكم يمكن أن ينفذ في مواجهة الكفيل اذا توافرت الشروط التي يتطلبها القانون في الكفيل وأهمهـا نشوء الالتزام المكفول صحيحا (المـادة ٧٧٤و٧٧٣ و٧٧٦) مدنی مصرى طالما لم تبرأ ذمة الكفيل وطالما تم تجريد المدين من أمواله قبل الرجوع على الكفيل. وتأسيساً على ذلك أنه لا يوجد ما يمنع من تنفيذ حكم المحكـم الصادر على المدين في مواجهـة الكفيل مباشرة أى دون حاجه لاصدار حكم ضده شخصيا خاصة وأن التنفيذ ضده لن يكون الا بعد تجريد المدين ولأن الكفيل يستطيع كفالة المدين دون علمـه ورغم معارضته (المادة 775 مدني مصرى) وهذا الوضع يزيد من فاعلية الكفالة ودورها في حماية حقوق الدائنين.

    ولا يجوز لورثة أطراف التحكيم التخلي عن شرط التحكيم ، فقد يصبح أحد أطـراف التحكيم طرفا مركبا عند حدوث النزاع كان يتوفى أحد الأطراف فاذا كان الورثة جميعـا كـاملی الأهلية التزموا بشرط التحكيم ولا يجوز لهم رفع دعوى امـام قضاء الدولة. أما اذا كان البعض قاصرا فان شرط التحكيم لا يسري في مواجهتهم الا اذا وافق عليه الولي أو الوصي والمحكمة في الأحوال التي يكون اذنها لازما، أما اذا لم يقبل بعض الورثة بواسطة ممثلهم الشرط وقبله البعض الآخر، فان التحكيم يقيد من قبلوه ولا يلتزم بـه مـن لـم يقبله، الا اذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة أو كان هناك اتفاق مخالف، فان الأمر كله يدخل في اختصاص قضاء الدولة.