الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الأثار الإجرائية لاتفاق التحكيم / الكتب / التحكيم في المنازعات البحرية / الأثر الإجرائي لاتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. الوليد بن محمد بن علي البرماني
  • تاريخ النشر

    2010-10-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    471
  • رقم الصفحة

    245

التفاصيل طباعة نسخ

الأثر الإجرائي لاتفاق التحكيم

 أشرنا سابقا إلى أن كل عقد له قوة ملزمة لطرفيه ، وأن اتفاق التحكيم عقـد ، وبالتالي فإنه لا يشذ عن هذه القاعدة ، حيث يلتزم طرفاه بطرح النـزاع علـى قضاء التحكيم ، والامتناع عن اللجوء إلى قضاء الدولة ، وذلك لعدم اختصـاص المحاكم الوطنية بنظر المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم ، سواء اتخذ اتفـاق التحكيم صورة شرط تحكيم مدرج في العقد ، أو صورة مشارطة تحكـيم اتفـق عليها بعد نشأة النزاع . والامتناع عن اللجوء إلى قضاء الدولة ، أو مبدأ استبعاد اختصاص المحـاكم العادية بنظر المنازعات محل اتفاق التحكيم ، قررته اتفاقية نيويورك ١٩٥٨ في الفقرة الثالثة من مادتها الثانية ، التي نصت على أن " على محكمة الدول المتعاقدة عندما تطرح أمامها دعوى في أمر قام الأطراف في صدده بإبرام اتفـاق وفقـاً للمعنى الوارد بهذه المادة ، أن تقوم بناء على طلب أحد الأطراف بإحالتهم إلـى التحكيم " . وهذا النص أورد قاعدة موضوعية موحدة تسمو في المرتبة على التشريعات الداخلية ، وتلتزم بها محاكم كافة الدول الأعضاء المنظمة للاتفاقية أيـا كـانـت جنسية الأطراف في اتفاق التحكيم ، أو المكان المتفق على جعله مقرا للتحكـيم . فالثابت أن هذه القاعدة عامة التطبيق بالنسبة لمحاكم كل دولة موقعة ، ويترتـب على كون هذه القاعدة المذكورة ذات الطبيعة الدولية ، أن المشـرع الـوطني لا يجوز أن يقيد من إطلاقها ، أو ينال من قوتها الإلزامية ، كما أنها تسـري بـأثر مباشر مع ما يستتبعه ذلك من أن السلطة التقديرية التي كانت تقررهـا بعـض التشريعات للقاضي الوطني ، قد زالت تماما في صدى العلاقات الدولية الخاصة ، بحيث صار المتعين على المحاكم في مختلف الدول الأعضاء ، أن ترتب علـى اتفاق التحكيم أثره المانع وجوبا ، فور تمسك أحد الأطراف به. كما أوردت هذا الأمر مفصلاً الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الـدولي ، وذلك في مادتها السادسة ، حيث قررت أنه إذا رفع أحد أطراف اتفاق التحكـيم الدعوى أمام القضاء العادي ، ثم دفع المدعى عليه أمامهـا بعـدم الاختصـاص استنادا إلى وجود اتفاق تحكيم ، فإن الدفع يجب أن يقدم قبل البدء في المرافعـة حول الموضوع ، او عند البدء في المرافعة ، تبعا لما إذا كان قانون القاضي يعد الدفع بعدم الاختصاص من الدفوع الإجرائيـة أم مـن الـدفوع الموضـوعية . وافترضت الفقرة الثالثة من المادة السادسة، أن الخصم لم يدفع أمام هيئة التحكيم ، وإنما لجأ مباشرة إلى محكمة القضاء العادي وطلـب منهـا الحكم بعدم وجود اتفاق تحكيم أو ببطلانه أو بانقضائه ، وأراد الـنص اجتنـاب الاضطراب الذي ينشأ عن تشتت النزاع بين جهتين ، فألزم المحكمة بأن تـأمر بوقف الفصل في الطلب الذي قدم إليها حتى يصدر حكم التحكيم ، ولها بعد ذلك الاختصاص ، أن تستأنف نظر الطلب ، وإذا قضت برفض الطلب ، ظل حكم التحكيم قائما . غير أن النص أجاز للمحكمة استثناء ولأسباب حرص على التأكيـد علـى خطورتها ، ألا تأمر بوقف الفصل في الطلب وتستمر في نظـره ، فـإذا قضـت بقبوله ، فمعنى ذلك سلب اختصاص هيئة التحكيم ، فيمتنع عليها بعد ذلك مواصلة النظر في النزاع . وإذا كان حكم التحكيم قد صدر، اعتبر كأن لم يكن . ثم أكدت المادة السادسة في فقرتها الرابعة ، أن وجود التحكيم لا يحـول دون التقدم للجهات القضائية المختصة ، بطلب إجراء وقتي أو تحفظي ، كما أن تقـديم مثل هذا الطلب لا يجوز تفسيره على أنه نزول ضمني من الخصم الذي قدمـه عن عرض موضوع النزاع على التحكيم والرجوع به إلى القضاء العادي.