الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / أثار اتفاق التحكيم / الكتب / الموجز فى النظرية العامة للتحكيم التجاري الدولي / مبدأ نسبية اتفاق التحكيم ومدى إعماله بشأن العقود المبرمة من قبل الدولة أو أحد أجهزتها

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    529
  • رقم الصفحة

    252

التفاصيل طباعة نسخ

مبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم ومدى إعماله بشأن العقود المبرمة من قبل الدولة أو أحد أجهزتها:


أثيرت مشكلة مدى امتداد نطاق التحكيم الذي تكون أحد أجهزة الدولة قد وقعته في مواجهة الدولة في العديد من المنازعات سواء أمام محاكم التحكيم أو أمام قضاء الدولة وجواز الاحتجاج به في مواجهة أجهزتها أثيرت هي الأخرى أمام كل من قضاء الدولة وقضاء التحكيم، وسنعرض لهذه الحالات والنتائج المستخلصة منها:  
مدى سریان اتفاق التحكيم الذي تبرمه الأجهزة التابعة للدولة في مواجهة الدولة 
قضية Westland
وتتعلق وقائع هذه القضية بالمنازعة القائمة بين الشركة الإنجليزية Westland Helicopters Limited والهيئة العربية للتصنيع التي أنشأتها كل من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، من أجل تطوير التصنيع الحربي في هذه الدول المذكورة، ولقد أبرمت هيئة التصنيع العربية مع الشركة المذكورة عقدا يهدف إلى خلق مشروع مشترك(. The Arab British Helicopter Company (A. B. H تملك الشركة العربية للتصنيع 70 % من رأسمالها بينما تملك estland ۳۰، يكون في مقدوره  تصنيع وبيع نوع معين من الطائرات الهليكوبتر المصنعة من قبل. Westland.
وفي ظل هذه الظروف قامت شركة Westland في ۲۷ فبراير ۱۹۷۸ بإبرام العديد من العقود مع A. B. H من أجل تحقيق أهداف هذه الأخيرة، والتي تم ضمان تنفيذها من قبل هيئة التصنيع العربية. ونظرا للسياسة التي اتبعتها بمصر بتوقيعها على معاهدة Camp David واعترافها بإسرائيل، قامت الدول العربية الثلاث بإنهاء تعاونها مع هيئة التصنيع العربية وتصفيتها وأوقفت كل استثمار بشأن صناعة التسليح وتطوير التصنيع الحربي.
ولقد قامت شركة Westland بإنذار الدول الأربع وهيئة التصنيع العربية والمشروع المشترك ABH بتعويضها متضامنة عن الأضرار التي لحقتها نتيجة للظروف التي أحاطت بانسحاب الدول العربية من هيئة التصنيع وتعذر تنفيذ العقد الذي كانت الشركة قد أبرمته مع الهيئة، وبإعمال شرط التحكيم الوارد في العقد الموقع في ٢٧ فبراير ۱۹۷۸.
ولقد اعترضت الدول الأربع على اختصاص هيئة التحكيم وأنكرت تمتعها بوصف الطرف في هذه المنازعة. إذ إنه من الثابت أن الدول الأربع لم تكن قد وقعت على هذا العقد المبرم في ٢٧ فبراير (۱۹۷۸، ولكن من وجهة نظر Westland فإن شرط التحكيم الوارد في هذا العقد ملزم لهم ليس بسبب وجود نيابة قانونية من هيئة التصنيع العربية لهذه الدول الأربع، ولكن لأن هذه الهيئة لا تتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن هذه الدول.  
وعند عرض هذه المنازعة على هيئة التحكيم المشكلة وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية في باريس أصدرت في ٥ مارس ١٩٨٤ (١) حكما مبدئيا تعرضت فيه لمناقشة المركز القانوني للهيئة العربية للتصنيع في علاقتها بالدول الأربع التي أنشأتها وبحث ما إذا كانت شركة Westland محقة فيما ذهبت إليه من اعتبار أن هذه الدول ملتزمة باتفاق التحكيم على الرغم من أنها لم توقع عليه ولا على العقد الذي تضمنه.
 ولقد ذهبت محكمة التحكيم إلى أنه إذا كانت النصوص المنظمة لهيئة التصنيع تمنحها الشخصية القانونية، فإن هذه الشخصية القانونية المستقلة لا تعي  استبعاد مسئولية الدول الأربع المنشئة للهيئة. فطالما لم تستبعد هذه الدول الأربع مسئوليتها بشكل صريح، فإن الغير الذي تعاقد مع هيئة التصنيع قد أخذ في توقعاته المشروعة على إمكانية تحريك هذه المسئولية.  
ولقد انتهت محكمة التحكيم إلى النتيجة التالية أنه إذا كانت هناك شخصية قانونية مستقلة لهيئة التصنيع العربية فإن مثل ذلك الأمر لا يستفاد منه اختفاء مسئولية الدول المساهمة فيها.
ولقد طعن على حكم التحكيم المذكور بالبطلان أمام القضاء السويسري والذي تعرض بشكل مباشر لمسألة وجود شخصية قانونية مستقلة لهيئة التصنيع العربية وانتهى إلى أن تمتع هيئة التصنيع العربية بشخصية قانونية مستقلة عن الدول المؤسسة له، وهو ما يظهر من النظام القانوني لها، والاستقلال القانوني والمالي والإجرائي للهيئة، وأيضا من النص القانوني الذي يخول لها إبرام شرط التحكيم ومشارطته وكلها علامات قاطعة لا تثير أدنى شك أو لبس على الاستقلال التام والكامل للهيئة عن الدول المؤسسة لها.
ولا تعتبر Westland القضية الوحيدة التي أثيرت فيها مشكلة مدى مد نطاق آثار اتفاق التحكيم في مواجهة الدولة التي لم تكن موقعة على الاتفاق بل إن تلك المسألة أثيرت أيضا في قضية هضبة الأهرام، سواء أمام محكمة التحكيم وأيضا أمام القضاء الفرنسي الذي طعن أمامه ببطلان حكم التحكيم إذ قضى بإلزام حكومة جمهورية مصر العربية مع شركة Egoth بتعويض شركة SPP على الرغم من أن الحكومة المصرية لم تكن طرفا في العقد إذ أنها لم توقع على العقد المبرم بين كل من SPP و Egoth. وستعرض التفاصيل هذه القضية تفصيلا:

 

قضية هضبة الأهرام
مع وتتمثل وقائع هذه القضية في أنه في ٢٣ سبتمبر ٤ ١٩٧٤ أبرم وزير السياحة بصفته ممثلا لجمهورية مصر العربية والمؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق Egoth اتفاقا يطلق عليه الاتفاق الأساسي Heads Agreement مع الشركة الأمريكية Southern Pacific Properties والتي تتخذ مدينة هونج كونج مقرا لها، ولذلك من أجل إنشاء مركزين سياحيين أحدهما يقع على مقربة من الأهرامات.
ووفقا لتخصيص هذا الاتفاق، تتعهد الحكومة المصرية بعمل اللازم من أجل تسهيل تملك المشروع المشترك المزعوم إنشاؤه للأراضي المخصصة لإقامة هذه التجمعات السياحية.
وفي ١٢ ديسمبر ١٩٧٤ أبرمت الشركة المذكورة عقدا مع المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق باعتبارها الشريك المصري الوحيد في المشروع المزعوم إنشاؤه (مشروع واحة الأهرام) ولقد أشار هذا العقد مباشرة إلى العقد المبرم في ٢٣ سبتمبر ١٩٧٤، وتضمن تحديدا لكل من التزامات الطرفين في المشروع المشترك لاستغلال هضبة الأهرام.
ولقد تضمن الاتفاق الموقع في ١٢ ديسمبر ١٩٧٤ نصا يجعل الاختصاص بالفصل في أية منازعة ناشئة عن العقد من اختصاص محكمة التحكيم التي يتم تشكيلها وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس.
 وعلي الرغم من أن الحكومة المصرية لم تكن طرفا في هذا الاتفاق الأخير الموقع في  12 ديسمبر 1974، إلا أن السيد وزير السياحة قام بالتوقيع ذات التاريخ على الصفحة الأخيرة من العقد على النحو التالي: Agreed approved and ratified.
ونظرا للمعارضة الشديدة التي لقيها هذا المشروع لما قد يحدثه من تدمير شامل لهذا الموقع التاريخي الفريد، قامت الحكومة المصرية بسحب موافقتها على إقامة المشروع مستندة على أن الموقع يعتبر من المناطق الأثرية التي يجب نزع حق الانتفاع المقرر للشركة وتخصيصه للمنفعة العامة.
لقد لجأت الشركتان الشركة الأم... SP. PME. S. PP،  فرعها في الشرق الأوسط الذي تم تكوينه إعمالا لنص المادة  ١٧ من العقد الموقع في ١٢ديسمبر ١٩٧٤، بتحريك إجراءات التحكيم ضد كل من الحكومة المصرية وشركة EGOTH .
ولقد تمسكت الحكومة المصرية بأنه لا يجوز إخضاعها للتحكيم نظرا لأنها ليست طرفا في اتفاق التحكيم.
وبتاريخ ١٦ فبراير ۱۹۸۳ أصدرت محكمة التحكيم المشكلة من السادة Bernini El- Ghatit et Littmann حكما بعدم قبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة الذي تمسكت به مصر وبإلزامها بدفع مبلغ ١٢,٥٠٠,٠٠٠ دولار أمريكي لتعويض الشركتين المدعيتين بالإضافة إلى فائدة 5 تحسب ابتداء من أول ديسمبر ۱۹۷۸.
ولقد طعنت حكومة مصر في الحكم المتقدم، أمام محكمة استئناف باريس، وطالبت بإلغاء الحكم المتقدم إعمالا بنصوص المواد ١٥٠٢-١,٦ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد، إذ إن محكمة التحكيم المنعقدة تحت مظلة غرفة التجارة الدولية بباريس قد فصلت في المنازعة المرفوعة أمامها وذلك على الرغم من عدم وجود شرط تحكيم تعد الدولة المصرية طرفا فيه وأيضا لأن هذا الحكم قد صدر بالمخالفة للنظام العام الدولي ولمبدأ احترام سيادة الدولة.
ولقد أصدرت محكمة استئناف باريس في ١٢ يولية ١٩٨٤ حكمها بإلغاء حكم التحكيم المطعون عليه بالبطلان، وهو القضاء الذي أيدته محكمة النقض الفرنسية في ٦ يناير ١٩٨٧.
ومثلما لم تقتنع المحاكم الفرنسية بأن العناصر التي تمسكت بها محكمة التحكيم تكفي لإثبات تحقق إرادة الدولة المعنية بقبول شرط التحكيم، فإن المحاكم السويسرية  أيضا في أحكامها التي أصدرتها بشأن قضية Westland قررت أيضا أن الدول الأربع المؤسسة لهيئة التصنيع العربية لا يعد طرفا في العقد المبرم بين Westland والهيئة.
ففي الحكم الذي أصدرته المحكمة الفيدرالية السويسرية في ١٩ بولية ۱۹۸۸ أشارت إلى ما ذهب إليه القضاء الفرنسي، ممثلا فيما قضت به المحكمة العليا الفرنسية في قضية هضبة الأهرام، وقامت بالتركيز على المبادئ الواجبة الإعمال في هذا الشأن.

ولقد لاحظت أن الرقابة التي تمارسها الدولة على شخص قانوني، بمعنى الصلة الوثيقة القائمة بين هذا وتلك لا تعد عاملاً كافياً من أجل قلب القرينة المستفادة من عدم وجود توقيع من قبل الدولة على شرط التحكيم، والتي وفقاً لها تعد الشركة التي وقعت على الشرط هي وحدها الطرف فيه. وإذا كانت الدولة ليست طرفاً في التصرف الذي يتضمن شرط التحكيم، فإن الموافقة الممنوحة من قبل الوزير لهذا التصرف - أي من ممثل الدولة - لا تعني انصراف إرادة الدولة بأن تصبح طرفاً في العقد وتتناول بهذه المثابة عن حصانتها القضائية .

ولقد استخلصت محكمة التحكيم أن ترك الدول المؤسسة للهيئة العربية للتصنيع لهذه الأخيرة إبرام اتفاق Shareholders بمفردها Westland ، علاوة على ما خولته هذه الدول المؤسسة للهيئة من سلطة التقاضي وتحديد الوسائل التي تلجأ إليها من أجل أن تفصل في المنازعات الناشئة المتعاقدين معها مع يقطع بأن هذه الدول قد عبرت عن رغبتها في عدم الخضوع لاتفاق التحكيم.

فمجرد الرقابة التي تمارسها الدولة على الشخص الاعتباري العام الذي يتمتع بالشخصية القانونية لا تكفي للاحتجاج بآثار اتفاق التحكيم الذي يوقعه هذا الأخير في مواجهة الدولة. فقبول الدولة للاتفاق على التحكيم يجب ان يستخلص من عوامل أخرى وليس من مجرد افتراض أن الطرف الخاص المتعاقد  الشخص الاعتباري التابع للدولة ما كان يمكن أن يقبل التعاقد معه دون التزام من الدولة باتفاق التحكيم.

ویری جانب من الفقه أن هذا الحل الذي بدأت تتضح معالمه وتسود بشأن مد أثر اتفاق التحكيم الذي تبرمه الوحدات التابعة للدولة في مواجهة الدولة ذاتها، لا يختلف في حقيقة الأمر عن الحل المطبق بشأن أثر اتفاق التحكيم الذي تبرمه إحدى الشركات التابعة لمجموعة الشركات في مواجهة الشركة الأم.

ففي كلتا الحالتين، تشكل إرادة الأطراف المعيار الوحيد الذي وفقاً له يتحدد نطاق اتفاق التحكيم .

وإذا كان ذلك هو موقف محاكم التحكيم وقضاء الدولة من مد أثر اتفاق التحكيم الذي تبرمه أحد الأجهزة التابعة للدولة في مواجهة الدولة، فما هو الحل الذي تتبناه محاكم التحكيم المشكلة وقضاء الدولة بشأن الفرض العكسي أي ذلك الذي تكون فيه الدولة هي التي أبرمت العقد الوارد فيه شرط التحكيم ويراد أن يحتج بهذا الاتفاق في مواجهة أحد الأجهزة التابع لها، ذلك ما سوف تعرض له الآن.

مدی سریان اتفاق التحكيم الذي تبرمه الدولة في مواجهة الأجهزة التابعة لها

ولقد أثيرت هذه المشكلة في القضية رقم ٤٧٢٧ التي فصلت فيها محكمة التحكيم المشكلة وفقاً لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس وتتعلق هذه القضية بالمنازعة الناشئة عن العقد المبرمة بين شركة Suis Oil Corporation وحكومة الجابون .

قضية Suis Oil Corporation ضاء شركة Petrogab وجمهورية الجابون:

أبرمت شركة Suis Oil وهي شركة بترول من جزر Caman عقداً مع جمهورية الجابون لشراء المواد البترولية. ولقد تضمن هذا العقد شرط تحكيم وفقاً لقواعد الغرفة الدولية بباريس.

ولقد قام المدير العام للشركة الوطنية الجابونية Petrogab بوضع توقيعه في أسفل أحد ملاحق هذا العقد بعد التذكير بصفته ولكن بعد كلمات لصالح الجمهورية الجابونية .

ويسبب المنازعات الناشئة عن عدم الاتفاق على صيغة بشأن تحديد السعر رفض المشتري دفع جزء من ثمن البترول الذي تم تسليمه مما دفع الحكومة الجابونية إلى رفض المشتري تسليم الشحنات الجديدة وإزاء هذا الموقف، ونظراً لفشل الحلول الودية، قامت شركة Suis Oil بالالتجاء إلى إعمال شرط التحكيم واختصمت أمام هيئة التحكيم شركة Petrogab بزعم أنها أصبحت طرفاً في بسبب توقيع على الملحق المذكور من قبل أحد مديريها .

ولقد رفضت هيئة التحكيم المكونة من C. Reymond رئيساً وكل من B. Goldman و J.B. Bredin مثل هذا النظر وقررت في حكمها الصادر في ٣٠ ابريل ۱۹۸۷ أن الإشارة المصاحبة لتوقيع المدير بأنه لصالح الجمهورية الجابونية، وأن ملحق العقد لم يشر إلى شركة Petrogab باعتبارها طرفاً فيه أمور تثبت أن التوقيع الصادر عن المدير لم يصدر لصالح Petrogab ولكن لصالح الدولة الجابونية الذي أبرم هذا الملحق لصالحها.
ولقد قامت الشركة السويسرية بالطعن بالبطلان على الحكم المتقدم  مستندة إلى المادة ١٥٠٢ فقرة ٣ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي  الجديد بزعم أن محكمة التحكيم لم تحترم المهمة الموكول إليها الفصل فيها بحكمها بعدم اختصاصها في مواجهة شركة Petrogab .
ولقد قضت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ١٦ يونية ۱۹۸۸ برفض الطعن بالبطلان المقدم من شركة Suis Oil. ولقد وضعت المحكمة مفهوماً ضيقاً لفكرة الطرف مقدرة أن الأطراف في الاتفاق على التحكيم هم هؤلاء الذين ساهموا في إبرام العقد. ولقد استندت المحكمة على العديد من العناصر مثل عدم توقيع شركة Petrogab على العقد الأصلي ومسلك الأطراف، لكي تقرر على نحو ما ذهبت إليه محكمة التحكيم، إلى أن شركة Petrogab ليس طرفاً في العقود المبرمة وبالتالي ليست طرفاً في اتفاق التحكيم.

ويبدو من حكم التحكيم المتقدم وأيضا من قضاء محكمة استئناف باريس المذكور، الالتجاء إلى عدم مد اتفاق التحكيم المبرم من قبل الدولة ليحتج به على الأجهزة التابعة لها.
ولقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى أنه لا يتعين تفسير هذا الاتجاه على أنه يعد بمثابة اتجاه مضاد للاتجاه المستقر الآن سواء في أحكام القضاء أو أحكام التحكيم نحو مد نطاق اتفاق التحكيم على الأطراف التي لم تكن موقعة عليه.
فعلى الرغم من أن هذه الأحكام المشار إليها أحكاما متحفظة، فإنه يتعين تأييدها وفقا للظروف التي صدرت فيها ولا يتعين تفسيرها على أنها بمثابة اتجاه متشدد من قبل هذا القضاء أو أنها تنطوي على إدانة عامة للأفكار المؤيدة لمد نطاق اتفاق التحكيم وذلك بسبب الطبيعة المختلطة لهؤلاء الأشخاص، أي العلاقات بين  الدولة والأشخاص الخاصة.
 وأيا ما كان الأمر، فلعله من الملائم في هذا الصدد الإشارة إلى ما نوه إليه جانب من الفقه من ضرورة عدم السعي إلى التماثل والتطابق بين الحلول التي كرسها القضاء وأحكام وأحكام التحكيم بشأن مد نطاق اتفاق التحكيم فيما يتعلق بمجموعة الشركات وبين ما يطلق عليه هذا الجانب Les groupes التي تشمل من بين أمور أخرى أي العلاقات الرأسية بين الدولة والأجهزة التابعة لها.
من مجمل ما تقدم يتضح أن القاعدة العامة بشأن آثار اتفاق التحكيم من حيث الأشخاص هي امتداد آثار الاتفاق على الغير الذي لم يوقع عليه أي لم يكن طرفا فيه. وإن هذه القاعدة لا تقبل إيراد استثناءات عليها، وفقا لما تم استقراؤه من أحكام التحكيم وأحكام القضاء إلا إذا كانت هناك إرادة مشتركة من قبل الأطراف تفيد اعتبار الغير بمثابة طرف نتيجة لما قام به من دور سواء في إبرام أو تنفيذ أو فسخ العقود المتضمنة شرط التحكيم.
ولقد ثبت أيضا من العرض السابق لأحكام القضاء والتحكيم أن إعمال المعيار المتقدم على مجموعة الشركات أدى إلى مد نطاق اتفاق التحكيم في جميع الحالات التي ثبت فيها الدور الذي لعبته الشركة- التي لم تكن موقعة على العقد وبالتالي على شرط التحكيم- في إبرام هذا العقد أو تنفيذه أو فسخه . بينما أدى إخفاق تحقق هذا المعيار في العقود المبرمة، سواء من الدولة أو أحد أجهزتها والمتضمنة شرطا للتحكيم إلى عدم مد اتفاق التحكيم وعدم القدرة على الاحتجاج به سواء في مواجهة الدولة أو أحد الأجهزة التابعة لها حسب الأحوال.
...

119