إنطلاقاً من أن التحكيم لا يكون إلا عمـلاً إراديـاً، وأن الطرفين المتنازعين إذ يبرمان فيما بينهما إتفاق تحكيم ويركنان إليه لحل خلافاتهما – ما كان منها قائماً عند إبرام هذا الاتفـاق أو مـا يتولد منها بعده – إنما يتوخيان عرض موضوع محدد من قبلهمـا على هيئة من المحكمين تتولى بإرادتهما الفصل فيه بما يكفل إنهاء نزاعهم بطريقة ميسرة في إجراءاتها وتكلفتهـا وزمانهـا، ليكـون التحكيم بذلك نظاماً بديلاً عن القضاء فلا يجتمعان، فإن الآثار التي يرتبها إتفاق التحكيم تكون من نوعين: آثار إيجابية قوامها إنفاذ هذا الاتفاق من خلال عرض المسائل التي يشتمل عليها على محكمين، وأن يبدل الطرفان المتنازعان جهدهما من أجل تعييـنـهم وتسهيل أدائهم لواجباتهم والامتناع عن عرقلتها، وآثار سلبية جوهرهـا أن إتفاق التحكيم يعزل جهة القضاء ويمنعها من الفصل في المسائل التي أحيلت إلى المحكمين.
فيجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بـشأنه إتفـاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعي عليه بذلك قبـل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى، ولا يجوز للمحكمة أن تحكـم بعدم القبول من تلقاء نفسها لعدم تعلق إتفاق التحكيم بالنظام العام ولا تمنع المحاكم من نظر الدعوى عند وجود إتفاق تحكيم – والدفع بوجوده – إلا إذا كان التحكيم ممكناً.
ولا يحول رفع الدعوى أمام أية جهة قضائية دون الاتفاق على التحكيم أو لجوء طرفي النزاع إلى التحكيم والبدء في إجراءاته أو الاستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم ولا يؤدي إلى بطلانـه متى صدر هذا الحكم غير مشوب بعيب يبطله وفقاً للأحوال التـ حددتها حصراً المادة (53) من قـانون التحكــم رقـم ٢٧ لـسنة ١٩٩٤، والتي ليس من بينها إصدار حكم التحكيم في نزاع مرفوع بشأنه دعوى أمام المحاكم، حيث إكتفى هذا القانون بما أورده فـي المادتين 55 و58 فقرة (٢/أ) منه من أحكام تزيل شـبهة إحتمـال وقوع تناقض بين أحكام المحاكم وهيئات التحكيم في شـأن نـزاع بعينه.