الصورة الثالثة والأخيرة من صور اتفاق التحكيم هي شرط التحكيم بالإحالة، والتي جاءت ضمن الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، حيث نصت على أن: "يعتبر اتفاقاً على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم، إذا كانت الإحالة واضحة من اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد".
ويتضح من النص السابق أن اتفاق التحكيم لا يرد فقط كبند في العقد الأصلي أو في مشارطة مستقلة بل يمكن أن يوجد هذا الاتفاق بالإحالة أو بالإشارة، وهو من الصور الحديثة لاتفاق التحكيم إلى جانب الصور التقليدية - الشرطة المشارطة.
وشرط التحكيم بالإشارة، هو: "اتفاق على التحكيم غير مدرج في العقد الذي يترجم اتفاق الأطراف، والموقع عادة من قبلهم، ولكنه يوجد في وثائق أخرى مستقلة عن العقد تحيل إليها إرادة الأطراف صراحة أو ضمناً على نحو يؤدي إلى إدماج هذه الوثائق في العقد ذاته: ". كأن يكون العقد متضمناً بنداً بالإشارة أو الإحالة إلى شروط عامة أو قواعد أو مشارطة نموذجية كالمشارطة النموذجية في مجال النقل البحري عن طريق عقود إيجار السفن كأن يحيل سند الشحن في عقد النقل البحري إلى شرط التحكيم الوارد في عقد إيجار السفينة مثلاً، وقد تكون الإحالة إلى عقد نموذجي للبيع أو لتشييد العقارات أو العقود النموذجية التي تنظم أحكام البيع والتامين واستخراج البترول ونقل التكنولوجيا والمساعدة الفنية إلى غير ذلك من عقود يشير إليها الأطراف عند التعاقد وتكون متضمنة لشرط التحكيم، كذلك قد توجد الإحالة من عقد إلى آخر، كأن يحيل عقد المقاولة من الباطن إلى شرط التحكيم الوارد في عقد المقاولة الأصلي.
يتضح مما سبق أن هناك فرقا بين أنواع اتفاق التحكيم الثلاثة، فمن ناحية نجد أن العامل المشترك والمعيار المميز للتفرقة ما بين شرط التحكيم، مشارطة التحكيم هو ورود الشرط قبل حدوث النزاع، ويستوي في ذلك أن يرد الشرط كبند من بنود العقد أو وروده مستقلا بذاته أو كان بالإشارة، كما أن شرط التحكيم يتعلق بنزاع سيولد، في حين أن مشارطة التحكيم تتعلق بنزاع ولد فعلاً
ويرى الباحث أن مسألة تحديد تفاصيل النزاع التي تطلبها المشرع الصحة مشارطة التحكيم من المعايير المهمة والجوهرية في تحديد الفارق بين شرط التحكيم ومشارطته، حيث إنه من الممكن أن يتم الطعن على حكم التحكيم بالبطلان لعدم تضمين مشارطة التحكيم تلك التفاصيل، كما هو وارد البحكم محكمة استئناف القاهرة حين قررت أنه: .
وحيث إنه عن النعي ببطلان الحكم المطعون عليه لخلو مشارطة التحكيم من أسباب النزاع وموضوعه، فإن الثابت من مشارطة التحكيم المؤرخة في ۱۹۹۷/۳/۹ أنها أبرمت بغرض فض النزاع القائم بين طرفيها، وهما أيضا ذات طرفي التداعي، وفي هذه الحالة يطبق ما جاء بعجز الفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون رقم ۲۷ لسنة 1994 بأن إبرام اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع يوجب أن يحدد فيه المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان باطلاً. وبغية المشرع من ذلك بيان المسائل التي يشملها هذا الاتفاق حتى لا يجاوز حكم التحكيم حدود اتفاقهما. وهدا على ما تقدم، ولما كان الثابت أن مشارطة التحكيم بين طرفي التداعي قد نصت على فض النزاع القائم بينهما، وهي عبارة عامة فضفاضة لا تحدد موضوع التحكيم بشكل مفصل، مما يبطل مشارطة التحكيم المؤرخة في ۱۹۹۷/۳/۹، وبالتالي يبطل حكم التحكيم المطعون فيه الصادر بتاريخ 1997/4/2؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل، او عليه تقضي المحكمة ببطلان حكم التحكيم المطعون عليه " .
ومن ناحية أخرى يتضح الفارق بين شرط التحكيم بالإحالة وشرط التحكيم في صورته العادية؛ فالأخير يجري التوصل إليه واختيار صياغته المناسبة بالاتفاق المباشر بين الطرفين ثم توقيعه سواء كان مجرد بند من بنود العقد أم ورد في وثيقة منفصلة. أما شرط التحكيم بالإحالة فيفترض أن العقد الأصلي والاتفاقيات اللاحقة عليه لم تتضمن شرطا للتحكيم وإنما يلجأ الأطراف للإشارة إلى شرط التحكيم وارد في بند من بنود عقد آخر .