الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الإحالة للتحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / الأختصاص بالتحكيم في عقود التجارة الدولية / دور الإحالة إلي عقد نموذجي يشتمل علي شرط تحكيم لدي إحدى الهيئات الدولية المتخصصة في خلق اختصاص تحكيمي

  • الاسم

    عاطف بيومي محمد شهاب
  • تاريخ النشر

    2001-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    601
  • رقم الصفحة

    181

التفاصيل طباعة نسخ

دور الإحالة إلي عقد نموذجي يشتمل علي شرط تحكيم لدي إحدى الهيئات الدولية المتخصصة في خلق اختصاص تحكيمي :-

   والفرض هنا يتعلق بالحالات التي يكتفي فيها الأطراف بالإحالة إلي عقد نموذجي يتضمن شرط تحكيم لدي إحدى الهيئات الدولية المتخصصة فالفرض محل البحث يتمثل في أن العقد المبرم فيما بين الأطراف لا يشتمل ذاته علي اتفاق تحكيم ، بل أن الأطــــــراف أوجدوا هذا الاتفاق عن طريق الإشارة في العقد الموقع منهم إلى اعتبار شروط نموذجيــــة معينــــة كجزء من العقد ومكملا له ، بحيث تعتبر الإحالة إليها هي الأساس الذي يتم  الاستناد عليه للقول بوجود اتفاق تحكيم فيما بينهم لتطبيق شرط التحكيم الوارد ضمن بنود النموذج المشــــــار إليـه بالإحالة الواردة في العقد المبرم بين الأطراف

فهل تعتبر الإشارة العامة إلي شروط نموذجية كافية لإمكان القول بانصراف نية الأطراف إلي اختيار أسلوب التحكيم الموجود ضمن هذه الشروط كوسيلة لحل ما قد يثور من منازعات بـــــين الأطراف رغم عدم توافر ما يفيد علم الأطراف بوجود شرط التحكيم ضمن بنود النموذج المحال إليه .

    وفي حكم آخر لمحكمة النقض الإيطالية حددت من خلاله المفاهيم النهائية التي استقر عليها القضاء الإيطالي في هذا الخصوص وأشارت إلى ضرورة الالتزام بالقاعدة الواردة في المادة ٢ من اتفاقية نيويورك بوصفها قاعدة دولية تسمو علي نصوص التشريعات الداخلية وتستبعد أية قيود إضافية تقتضيها تلك التشريعات ، وبمعني أن القيد الوارد بالمادة ١٣٤١ من القانون المدني الإيطالي يكون مستبعدا في جميع الحالات المتعلقة بعقد أبرم في الخارج أو خـــــــاضع لقانون أجنبي أو حتى كان العقد المتصل بمعاملة دولية قد أبرم في إيطاليا أو اشترط خضوعه للقانون الإيطالي .

    وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه (( في مسائل التحكيم الدولي يعتبر شرط التحكيم بالإحالة علي مستند يشترط التحكيم صحيحا إذا كان الطرف الذي يحتج عليه قد علم به في لحظة انعقاد العقد ويكفي سكوته للدلالة علي قبوله لهذه الإحالة وقد كان ذلك نزاع تتلخص وقائعه في أن تعاقدت شركة prodexport الرومانية مــــــــع شركة clergeau الفرنسية علي توريد لحوم مجمدة إليها في أكتوبر ۱۹۸۹ ونشب بينهما نزاع حول عدم كفاية خطابات الاعتماد المتفق عليها بينهما ، وبعد ذلك آلت شركة كليرجو إلي شركة أخري اسمها FMT productions وأثيرت أمام محكمة استئناف بواتييه مشكلة الإحالة إلى شرط تحكيم موجود في وثيقة أخري وهل يعتبر الطرف الذي تلقي هذه الإحالة ملتزما بالشرط الذي أحيل إليه وقضت محكمة بواتييه بأنه غير ملتزم به ، إلا أن محكمة النقض الفرنسية انتهت إلي قضائها المتقدم . وفي نزاع آخر يتعلق بتوريد مواد غذائية للحيوانات ولم تكن تصلـــح للاستهلاك أثيرت أمام محكمة بواتييه أيضا مسألة شرط التحكيم بالإحالة ، وكان ذلك بأن السيدة التي اشترب هذه المواد واسمها Dumur قد طالبت الشركة الموردة واسمها Negabeureuf بالتعويض عن عدم صلاحية الأغذية للإستهلاك الحيواني فقامت هذه الشركة بادخال الشركة التي وردتها إليها وهي شركة jouandin التي اختصمت بدورهــــا الشــركة المؤردة لها وهي شركة Lucernex فقامت هذا الأخيرة بالتمسك بعدم اختصاص . بواتييه لوجود إحالة إلي شرط التحكيم في وثيقة أخري. ورفضت محكمة بواتييه إحالة الدعوى للتحكيم ولم توافقها في ذلك محكمة النقض الفرنسية حيث قررت" أنه كان ينبغي تلك المحكمة أن تبحث مدي قبول الأطراف لشرط التحكيم بالإحالة حيث أنهم قد نفذوا كل ما جاء بالعقد المدرج به هذا الشرط . وقد أعملت أيضا محكمة استئناف روان شــــرط التحكيم بالإحالة ، حيث قد حدث أن شركتان تحملان اسما واحدا هما : لوريكو بيروت ولوريكو فرانس ، وكانتا قد ارتبطتا بعقد مع شركة إيتالجراني لتوريد بضائع إليها بطريق البحر ( حبوب) ولم تدفع شركة إيتالجراف الثمن فأقامت لوريكو الدعوى عليها أمام تحكيم منظمة الجافتا مطالبة بتعويض الخسائر في البضاعة علي أساس أن نصوص العقد تقول أن توريد البضاعة يجب أن يتم سليما وبأمانة وبثمن السوق ، ولكن إيتا لجراني عادت وسحبت هذا الطلب من الجافتا وقدمته إلي إحدى المحاكم الفرنسية ، وأمام القضاء الفرنسي دفعت لوريكو بأن هناك شرط تحكيم مبلغ إلي إيتا لجراني وأنها عملت به ولم تعترض عليه وأعطت التعليمات إلي مصرفها بناء عليه بأن يدفع عند المستندات مما يعتبر قبولا لشرط التحكيم بالإحالة . كما أن سند الشحن المقدم لصرف ثمن البضاعة كان يحتوي علي شرط تحكيم . لذلك ألزمت محكمة استئناف روان في ١٩٩٧/١٠/١١٤ إيتالجراني بالخضوع للتحكيم

موقف المشرع المصري في قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ :- 

   نصت المادة العاشرة في فقرتها الثالثة من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ علي أنه :-(( ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلي وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد )). فإذا قام أطراف علاقة معينة بالإشارة في العقد المبرم بينهم إلي شروط عقد نموذجي معين و كان هذا العقد النموذجي يتضمن شرط تحكيم لدي إحدى الهيئات الدولية المتخصصة ، كانت هذه الإشارة بالإحالة إلي هذا النموذج كافية لإمكان

القول بوجود اتفاق تحكيم فيما بين أطـــــــراف العقد، طالما كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من هذا العقد .

أثر الارتباط بعقد قائم أو سابق يتضمن شرط تحكيم في خلق اختصاص تحكيمي:- 

   في إطار المعاملات بين الأطراف قد يحدث أن يتم الاكتفاء في شأن عقد جديد بالإشارة إلى شروط عقد قائم أو سابق ، وأن يكون هذا العقد (القائم أو السابق ) قد تضمن شرط تحكيم ، فهل يمكن القول بوجود اتفاق تحكيم في شأن العلاقة الناشئة عن العقد الجديد نتيجة لهذا الارتباط ؟. ونجد مسألة الارتباط هذه أيضا في مجال عقود النقل البحري ، حيث غالبا ما ينص في عقد نقل البضائع علي سريان كافة شروط عقد استئجار السفينة ، ويكون عقد استئجار السفينة متضمنا شرط تحكيم . أن الإحالة (في المجال البحري) الواردة في عقد النقل البحري، الي شروط عقد استئجار السفينة ، تؤدي إلي اعتبار شرط التحكيم في العقاد الأخير ذات اعتبار وكأنه ضمن عقد النقل ، ورفضت اعتراض الشركة الناقلة المؤسس علي كونها لم تكن طرفا في العقد المتضمن لشرط التحكيم ، واستندت المحكمة الأمريكية في رفضها لهذا الاعتراض إلى الإحالة الواردة في عقد النقل إلي شروط عقد استئجار السفينة وذلك باعتبار أن الإحالة كاملة وشاملة لكافة المنازعات حتى ولو لم يكن سببها العقد المحال إليه وإنمـــــــا نشأت بمناسبته. هذا وبمراجعته أحكام محكمة النقض المصرية التي تعرضت من خلالها لذات المسألة في المجال البحري نجد أنها قد استقرت علي اعتبار الإحالة الواردة في سند الشحن إلي شرط الوارد في مشارطه إيجار السفينة تقتضي أن يعتبر شرط التحكيم وكأنه ضمن شروط سند الشحن . وذلك حيث أن قانون التجارة البحري يجعل من المرسل إليه طرفا ذا شأن في سند الشحن باعتباره صاحب المصلحة في عملية الشحن يتكافأ مركزه حيثما يطالب بتنفيذ عقد النقل - ومركز الشاحن ، وأنه يرتبط بسند الشحن كما يرتبط به الشاحن ومنذ ارتباط الأخير ـه " " وقد قضت محكمة النقض المصرية في حكم آخر ، انتهت فيه إلي أنه لما كان الثابت بالدعوى أن عملية النقل قد تمت بموجب مشارطه إيجار بالرحلة اشتملت علي شروط الاتفاق وحرر تنفيذا لها سند شحن تضمن بصيغة عامة الإحالة إلي ما تضمنته المشارطه من شروط ومن بينها شرط التحكيم ، وكان الشاحن هو مستأجر السفينة ، فإن توقيعه علي المشارطة بما اشتملت عليه من شرط التحكيم يلزم الطاعن باعتباره مرسلا إليه وطرفا ذا شأن في النقل يتكافاً مركزه ومركــــــــز الشاحن مستأجر السفينة حينما يطالب بتنفيذ العقد الذي تثبته المشارطة ، ومن ثم فلا يعتبر الشاحن نائبا عن الطاعن في عقد المشارطه أو في سند الشحن حتى يتطلب الأمر وكالة خاصة ولا يؤثر علي هذه النتيجة عدم توقيع الشاحن علي سند الشحن الذي يعد في هذه الحالة مجرد إيصال باستلام البضاعة وشحنها علي السفينة الأمر الذي يكون معه أعمال شرط التحكيم وفق هذا النظر لا يكون مخالفا للقانون أو يشوبه الخطأ في التطبيق . هذا وقد يحدث أن تقوم الأطراف بإبرام العديد من العقود المتتالية بالعلاقة التعاقدية المعتادة بينهم والتي تتعلق بذات الموضوعات أو بموضوعات متشابهة ، ويحدث أن لا يتضمن أحد هذه العقود شرط تحكيم بينما تتضمن العقود السابقة عليه شرط التحكيم . فيثور التساؤل عن إمكانية خضوع المنازعات عن هذا العقد الأخير والذي لم يتضمن شرط التحكيم ، للتحكيم نظرا لأن جميع العقود السابقة بين الأطراف تخضع للتحكيم .

موقف المشرع المصري في قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ :-

    فقد جاء المشرع المصري بنص المادة العاشرة في تمرتها الثالثة بما يعتبر تقنينا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض في هذا الشأن ، حيث اعتبر اتفاقا علي التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلي وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا مـــن العقد . 

موقف المشرع المصري في قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤:- 

   لم يتناول قانون التحكيم الجديد تلك المشكلة بين نصوصه ، إلا أنه يجوز استمرار شرط التحكيم في ظل التجديدات التي تتم للعقد الأصلي حيث لا يشترط أن تاني التجديدات بالنص علي استمرار نفاذ شرط التحكيم ، علي اعتبار أن هذه المسألة متعلقة بتفسير وتحديد نطاق تطبيق اتفاق التحكيم الوارد في العقد الأصلي ، وأن التمسك باتفاق التحكيم وإن كان لاحقا علي تاريخ انتهاء العقد الأصلي، إلا أنه متصل به وناشئ عـــــــن تنفيذ أو عدم تنفيذ أحد بنوده ، وهو البند المتعلق بالتجديد ، ومن ثم فإن النزاع قد يتعلق بأحد نصوص العقد الأصلي الذي يحكم مسألة تجديده . إلا أنه يكفي في هذا الشأن أن يكون اتفاق التحكيم الوارد في العقد الأصلي قد نشأ صحيحا متوافرا له كافـــة شـــروط لاسيما أنه يجب أن يكون مكتوبا طبقا لنص المادة الثانية عشر من قانون التحكيم المصري ، أو طبقا للمادة الثانية من اتفاقية نيويورك ، أما استمرار وجوده فيرجع فيه لحكم القانون الوطني الذي يجيز التجديد الضمني دون الكتابة هذا ولما كان شرط التحكيم يتمتــــع باستقلالية عن العقد الأصلي، فإن ذلك يؤدي إلي أن يظل شرط التحكيم قائما حتى بعـــد انتهاء العقد بانتهاء مدته أو بعد فسخه أو إبطاله ، وذلك لما لشرط التحكيم من دور في إنهاء ما ينشأ عن منازعات قد تخلفت عن العقد .  

أثر التعاقد عن طريق وسيط أو وكيل أو سمسار في خلق اختصاص تحكيمي :-  

   فقد يحدث كثيرا في مجال المعاملات الدولية أن تتم المعاملات عن طريق وكيل أو وسيط أو سمسار ، ويقوم هؤلاء الوكلاء أو الوسطاء أو السماسرة بدور مهم وجوهري في إبرام العقود التي تتم في هذا المجال بما تتضمنه تلك العقود من اتفاق علي التحكيم بشأن ما قد يثور من منازعـــــات تنشأ من هذه العقود ويثور التساؤل في مثل هذه الحالات بسبب تدخل هؤلاء السماسرة أو الوكلاء أو الوسطاء في إبرام العقود التي تضمنت اتفاق تحكيم ، فهل تكون لهم السلطة في تضمين تلك العقود اتفاق تحكيم في حين أن أطراف العلاقة أو العقد أصلا لم يكن لهم توقيع علي تلـــــك العقود بل تم التوقيع عليها من هؤلاء الوكلاء أو السماسرة نيابة عن أطراف العلاقة . وأنه إذا كان لهؤلاء السلطة في تضمين تلك العقود اتفاق تحكيم ما هو أساس سلطتهم في ذلك وما إذا كان يجب أن تكون تلك السلطة مقررة بموجب وثيقة كتابية أم أنه لا حاجة لوجود الكتابة طالما أن العلاقة بين الوكيل والموكل قائمة ، وهل يشترط أن تكون تلك الوثيقة المكتوبة متضمنة توكيلا خاصا ينص صراحة علي سلصة الوكيل في تضمين العقد اتفاق تحكيـم .

موقف القانون المصري الجديد للتحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ : -

   نجد أن قانون التحكيم المصري الجديد لم يعالج الفرض محل البحث ، الأمر الذي يجب معـه تطبيق قواعد القانون المدني في هذا الشأن . وإذا كانت المادة ۷۰۰ من القانون المدني المصـــري قـــــد  جاءت بقاعدة  وجوب أن يتوافر في الوكالة الشكل الواجب توافره في العمل القانوني الذي يكون محل الوكالة وإن كانت تعتبر الأصل العام إلا أنها ليست قاعدة مطلقة حيث أردف النص مؤكدا (( ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك )) . وبالرجوع لقاعدة الإسناد الواردة بالمادة القانون المدني المصري والمتعلقة بشكل التصرفات ، وحيث أنها قاعدة تخييرية مؤداها تصحيح التصرف إذا استوفي واحـــدا مـــــن الأشكال الآتية :-

1- الشكل المقرر في البلد الذي تم فيه التصرف .

2 - الشكل المقرر في ظل القانون الذي يحكم موضوع التصرف .

3- الشكل المتبع في قانون موطن المتعاقدين .

4- أو فقا لقانونهما الوطني المشترك .

   فإنه إذا اتضح أن أي من القوانين المشار إليها لا يستلزم صدور سلطة التفويض كتابة ، يكون اتفاق التحكيم باعتباره التصرف المطلوب إبرامه مستوفيا لشروط وجوده من الناحية الشكلية. 

توافر شرط الكتابة في صورة تبادل المستندات ، ودورها في إيجاد اختصاص تحكيمي :-

   بعد أن أوضحنا الصورة التقليدية لاتفاق التحكيم المكتوب ، وهي الصورة المتمثلة في الاتفاق المكتوب الموقع عليه من الأطراف أنفسهم أو ممن يمثلهم. نجد أن لاتفاق التحكيم صـــــــورة أخــــري جادت بها اتفاقية نيويورك في المادة الثانية فقرة ثانية من نصوصها ، حيث أوضحت أن اتفاق التحكيم المكتوب قد يكون متضمنا ، في تبادل للخطابات أو البرقيات ، دون اشتراط توقيع الأطراف أو عليهم. هذا وقد سار المشرع المصري علي ذات النهج حيث أقر تلك الصورة الثانية لاتفاق التحكيم واعتبر أن اتفاق التحكيم يكون مكتوبا إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة ، حيث نصت المادة ۱۲ من قانون التحكيم المصري الجديد رقــــم السنة ١٩٩٤ علي أن ( يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإلا كان باطلا ، ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيـلات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة ... وعلي ذلك فتقرير توافر أو عدم توافر هذه الصورة لاتفاق التحكيم تتوقف علي وجود تبادل للمستندات الكتابية التي تضمنت شرط التحكيم أو اتفـاق التحكيم ، إذ يكتفي بوجود مستندات كتابية متبادلة بين الطرفين لإمكان القول بوجود اتفاق تحكيم ، بحيث يتعين التسليم بتحقق الاتفاق عند التأكد من إتمام التبادل ، وينتفي الاتفاق متى ثبت تخلــــف حدوث ذلك التبادل . ويتقرر وجود اتفاق التحكيم من الناحية الشكلية في هذه الصورة وهي الاتفاق المكتوب في صورة تبادل للرسائل او البرقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة حتى ولو لم تكن موقعة من أصحاب الشأن أو ممن يمثلهم قانونا .

هذا وبمراجعة مختلف التطبيقات العملية من خلال الأحكام الصادرة من مختلف الدول نستطيع أن نحدد بعض الحالات التي يمكن أن تتوافر فيها الصورة الثانية لاتفاق التحكيم وهي اتفاق التحكيم الوارد في صورة تبادل مستندات كتابية ، طبقا لمفهوم المادة الثانية فقرة ثانية من اتفاقية نيويورك ، وهو ما يصدق أيضا على المفهوم الوارد بنص المادة ۲/۱۲) من قانون التحكيم المصري ، كما تستطيع الوقوف على بعض الحالات التى لا تعتبر قد توافر فيها صورة التبادل الكتابي للمستندات لإمكان القول بوجود اتفاق تحكيم . وفيما يلي نسوق بعض الأمثلة لما يعتبر من الصور  قد توافرت فيه تبادل للمستندات وأخري لم يتوافر فيها هذا التبادل .

الاختصاص التحكيمي المستمد من تبادل المستندات :-

  فقيام البائع بإرسال خطاب للمشتري يقترح فيه طرح النزاع الذي ينشأ بينهما علي التحكيم أمام هيئة تحكيم معينة ويرد المشتري علي ذلك الخطاب بما يفيد القبول يعتبر ذلك بمثابة تبادل مستندات كتابية ، كافيا بذاته للقول بوجود اتفاق تحكيم مستوفيا للشكل المطلوب طبقا لمفهوم اتفاقية نيويورك وكذلك قانون التحكيم المصري .

   كما يعتبر اتفاق التحكيم قد توافرت عناصر وجوده القانوني بتحقق تبادل المستندات الكتابية في مرحلة سابقة علي العقد ، فشرط التحكيم الوارد ضمن شروط (( تأكيد البيع)) ((Sales Confirmation يكفي للقول بتحقق التبادل إذا كان البائع قد أرسله للمشتري طالبا إعادته بعد توقيع. وقام المشتري بذلك دون اعتراض علي شرط التحكيم .

   وكذلك لا يلزم أن يكون الاتفاق على التحكيم متضمنا في وثيقة واحدة بل يمكن أن يرد في عدة مستندات تؤكد علي أن القبول بالتحكيم كان محل رضا متبادل حتى ولو لم يكن موقعا عليه ، فورود شرط التحكيم في عبارة صريحة في أوامر الشــــراء التي كانت محل قبول من الشركة البائعة يكفي لتحقق التبادل لإمكان القول بوجود اتفاق علي التحكيم . ولا يشترط في التبادل أن يكون قد ثبت وصوله إلي علم الأطراف ذاتهم، بل يجب التوسع في مفهومة ليشمل مختلف صور التبادل التي تتم عن طريق الوكلاء المأذون لهم أو السماسرة المعتمدين ، حيث يتحقق التبادل بتلقـــــي الوكلاء أو السماسرة لتأكيد البيع والشراء من الطرفين .

حالات لتبادل المستندات لا تؤدي إلي خلق اختصاص تحكيمي 

    ففي الحالات التي يتخلف فيها ما يثبت توافر أو تحقق التبادل ، فلا نستطيع أن نقرر وجود اتفاق تحكيم قد تحقق علي الصورة الثانية ، وهي صورة تبادل المستندات ، حيث عدم توافر التبادل يؤدي إلي عدم توافر شرائط وجود اتفاق التحكيم في صورته المتمثلة في تبادل المستندات مع ما يترتب علي ذلك من آثار هامة ، والأمثلة علي الحالات التي لم يتوافـــــــر فيها تبادل للمستندات الكتابية لإثبات وجود اتفاق تحكيم ، وبالتالي لا يمكن فيها القول بوجود اتفاق تحكيم كما يلي :-

   فإذا أرسل (أ) إلى (ب) مشروع عقد يتضمن شرط تحكيم في لندن ، ولكن (ب) لم يرد عليه لا إيجابا ولا سلبا ، فإنه يتعذر في هذه الحالة القول بوجود تبادل بالمعني الذي أوردته اتفاقية نيويورك في المادة ٢/٢ من نصوصها وكذلك نص المادة ٢/١٢ من قانون التحكيم المصري ومن ثم يتعين التقرير ببطلان مثل هذا الاتفاق إذا أدعي بوجوده أحد الأطراف وهو في هذا الفرض (أ) ، وذلك لعدم استيفائه للشكل المطلوب ، لعدم إرسال (ب) التأكيد الكتابي الذي أرسله (أ) والذي تضمن شرط تحكيم في لندن .

   وفي حالة ما إذا كان التعامل يتم بين طرفين بصورة طلب التوريد الشفوي علي أن يعقب ذلك تأكيد للبيع (Sales Confirmation) يرسله البائع للمشتري فإذا تضمنت هذه الوثيقة شرط تحكيم ولم يعترض المشتري ، فإن التأكيد أو الإعلان ( الكتابي ) الصادر من البائع فقط لا يكفي لإمكان القول بوجود اتفاق تحكيم أو شرط تحكيم طبقا للمفهوم الذي أوردته المادة ٢/٢ من اتفاقية نيويورك والمادة ۲/۱۲ من القانون المصري للتحكيم ، حيث يجب أن يكون إعلان إرادة كل من الطرفين كتابيا . فعدم وجود الإعلان الكتابي المقابل من جانب الطرف الآخر لا يمكن معه القول بوجود تبادل ، فلا يكفي الإعلان الكتابي الصادر من جانب واحد والمتمثل في وثيقة تأكيد البيع .

  كما أنه إذا أبرم مشتر مع بائع عقدا شفويا علي شراء بضائع وقام البائع بتعزيز الشفوي موضحا أن العقد يخضع لشروط اتحاد صناعي او تجاري معين وكان من بين الشروط شرط تحكيم وفقا لقواعد هيئة تحكيم خاصة بتلك الصناعة أو التجارة ، ولكن المشتري لم يقم بإعادة التأكيد الكتابي الذي تلقاه . فإذا قام البائع بسبب حدوث خــــــلاف أو نزاع ، بالادعاء بوجود اتفاق تحكيم ، فلا يمكن معه والحال كذلك القول بوجود اتفاق تحكيم تتوافر فيه تلك العناصر التي تتطلبها المادة ٢/٢ من اتفاقية نيويورك ، ذلك أن خطابات تأكيد أمر التوريد . 

    والشروط الملحقة بها إن كان يمكن القول بأنها كانت محلا لقبول ضمني ، ولكن لا يوجـــــد إعلان كتابي يفيد ذلك الأمر الذي يتعين معه اعتبارها غير كافية لتوافر الشكل المطلوب طبقــــــا لاتفاقية نيويورك وعلي ضوء ما سلف نجد أنه ، إذا لم يقم الدليل علي أن إيجابا كتابيا قد صادفه قبول كتابي ، فإنه لا يمكن القول بوجود التبادل لمبقا لمفهوم اتفاقية نيويورك م ٢/٢ وكذلك نص المادة ۲/۱۲ من قانون التحكيم المصري ، الأمر الذي يتعين معه علي بالقضاء الامتناع عن تقرير وجود اتفاق التحكيم المدعي به في حالة من الحالات ، وان يكون القضاء باعتبار اتفـــــاق التحكيم غير قائم هو ما يتفق وصحيح أحكام القانون المصري للتحكيم وكذلك اتفاقية نيويورك ، وذلك بصدد الاتفاق الوارد في صورة تبادل للمستندات .

   وكذلك الحال نجده النهج الذي سار عليه المشرع المصري ، في قانون التحكيم الجديد مع ملاحظة تفوق المشرع المصري في السماح بقبول وسائل أخري للاتصال المكتوبة يمكن بموجبها إثبات وجود التبادل بشأن اتفاق التحكيم الوارد في صورة تبادل مستندات ، وقد كان ذلك من المشرع المصري مسايرة للتطور المذهل حاليا في وسائل الاتصال عامة التي هي عصب التجارة الدولية .