عندما يكون هناك شرط التحكيم منصوص عليه في سند الشحن ، أو كان هناك إحالة خاصة منصوص عليها في سند الشحن ، إلى مشارطة إيجار تحوى شرط التحكيم ، فلا تثور أى مشكلة هنا نظرا لوجود اتجاه واضح وصريح إلى ولوج طريق التحكيم .
أما الحالة التى ثار بالنسبة لها خلاف فى الفقه والقضاء ، فتكمن عندما لا يكون هناك شرط تحكيم فى سند الشحن ، ولكن هناك إحالة عامة في السند إلى مشارطة إيجار تحوى شرط تحكيم. فهل هنا شرط التحكيم يعتبر مندمجا فى سند الشحن بحيث ينسحب على حامل السند ، ويكون هناك بالتالي اتجاه من قبل الأطراف لولوج طريق التحكيم أم لا ؟.
۱ - موقف القضاء الانجليزي :
عرضت هذه المسألة على مجلس اللوردات في القضية المسماة Thomas Co V portsea steamhip ، فقضى بأن الإحالة في سند الشحن إحالة عامة إلى شروط مشارطة الإيجار ، ليس من شأنها أن تدمج في سند الشحن ، كافة شروط المشارطة ، وإنما تدمج فقط الشروط ، التي يتعين أن يمتثل لها مستلم البضاعة ، والتي تكون قابلة للتطبيق ، وتتفق مع طبيعة سند الشحن أو تتعلق بحق حامل سند الشحن في تسلم البضاعة، في حين لا تندمج في سند الشحن الشروط الغير منطبقة أو تلك التي لا يتعين على مستلم البضاعة الامتثال لها أو احترامها وقد اعتبر شرط التحكيم من الشروط الاستثنائية التى لا يلتزم مستلم البضاعة بالامتثال لها، احترامها . ومن ثم اعتبر هذا الشرط ، غير مندمج في سند الشحن .
خلاصة الأمر في القضاء الإنجليزي ، أن إحالة سند الشحن إلى الشروط التي تتضمنها مشارطة إيجار السفينة ، إحالة عامة ، ليس من شأنها جعل شرط التحكيم الوارد بالمشارطة مندمجا في سند الشحن ، ولا يلزم الغير حامل سند الشحن ، وهو كل من يؤول إليه سند الشحن بخلاف المستأجر موقع المشارطة .
٢ - موقف القضاء الأمريكي:
فذهب إلى نفس المسلك ، الذي ذهب إليه القضاء الفرنسي ، وقضى بصحة اندماج شرط التحكيم فى سند الشحن ، وأن سندات الشحن التي تحيل بصفة خاصة إلى مشارطة الإيجار ، وفى لغة واضحة للغاية بحيث لا يمكن وقوع خطأ في معناها تدمج في سندات الشحن ، كل شروط المشارطة ، أيا كانت ، فيما عدا سعر ،وطريقة دفع أجرة النقل، المحددة بها. ويترتب على ذلك، أن تنقل نصوص التحكيم الواردة بالمشارطة ، إلى سند الشحن ، بحيث تعتبر جزءا من عقد النقل ، يلتزم بها من يرفعون الدعاوى ، بشأن الإخلال بتنفيذ العقد ، تماما كما لو كان النزاع ، بين المستأجرين ومالك السفينة .
٣ - موقف القضاء المصري :
أما عن موقف القضاء المصرى فنجد أن أحكام محاكم الابتدائية والاستئناف والنقض كانت مستقرة على الاعتداد بالإحالة العامة ، بحيث أن إحالة سندات إحالة عامة إلى الشروط التى تضمنتها مشارطة إيجار السفينة من شأنها أن تجعل شرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار مندمجا فى سندات الشحن وملزما للمرسل إليه ، باعتباره طرفا ذا شأن في سند الشحن ، يتكافأ مركزة ومركز الشحن .
أما عن موقف القضاء المصرى الحالى ، فنجد أنه قد تغير عن ذى قبل تماما ويتضح من اتجاه محكمة النقض المصرية ، أنها قد اعتبرت أن الإحالة العامة المجهلة تعنى عدم انصراف إرادة الأطراف إلى الالتزام بالتحكيم . أى أن هناك عدم وجود تحكيم ، وفي هذا الموقف الأخير تتفق مع كل من القضاء الإنجليزي والأمريكي ، وتختلف في ذلك عن القضاء الفرنسي كما سبق أن أوضحنا .
حيث ذهبت محكمة النقض المصرية إلى القول في النزاع بين شركة مصر للتأمين وشركة الإسكندرية للتوكيلات الملاحية (توكيل ممفيس للملاحة) بصفتها وكيلة العبارة تزييلى ووكيلة ملاحيها ومجهزيها مستأجريها ومستغليها بأنه من حيث ان هذا النعى سديد ذلك أن التحكيم على ما جرى به قضاء هذه المحكمة طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طريق التقاضى العادية بما تكلفه من ضمانات ، وكان سند الشحن يمثل في الأصل دليل الشاحن أو المرسل إليه قبل الناقل ، فإنه يتعين أن يفرغ فيه كافة الشروط الخاصة بعملية النقل بحيث إذا ما اتفق بين طرفي عقد النقل على الالتجاء إلى التحكيم فى أن ما يثور من منازعات يتعين أن ينص عليه صراحة فى ذلك البند ولا محل للإحالة المجهلة في أمره بالنظر إلى خطورته إلى مشارطة إيجار السفينة وسيما أن الشاحن أو المرسل إليه لم يكن أيا منهما طرفا فى تلك المشارطة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بالإحالة العامة المعماة الواردة في سند الشحن إلى كافة شروط أو بنود مشارطة إيجار السفينة والتي تضمنت في البند العشرين منها الاتفاق على التحكيم باعتبارها مندمجة في سند الشحن فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب ، جره إلى الخطأ في تطبيق القانون ، وتأويله ، مما يوجب بالتالي نقضه» .
٤ - موقف تضاء مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى :
أما عن موقف قضاء مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولى ، فنجد أنه جاء ، متوافقا ، مع ما استقرت عليه أخيرا محكمة النقض المصرية ، من عدم الاعتداد بالإحالة العامة المجهلة .
حكم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى في الدعوى التحكيمية رقم ١١١ لسنة ٩٨ والصادر يوم الأربعاء الموافق ۱۹۹۹/۹/۹ غیر منشور وبحوزتی حيث تتلخص وقائع النزاع فيها أنه بتاريخ ٩٨/٥/١١ أرسلت الشركة الهندسية للصناعة والتشييد «سياك» وشركة الكتور ثروت للتجارة والمقاولات بخصوص عقد المقاولة والمؤرخ ۱۹۹٦/٢/١٠ والذي أسندت بموجبه شركة الكتور ثروت إلى شركة سياك عملية الأعمال المدنية بمحطة كهرباء السيوف بالإسكندرية وهي جزء من الأعمال إلى الكتور ثروت من باطن شركة ميتسوبيشي الكتريك - المملكة المتحدة والتى تتم لحساب رب العمل وهو هيئة كهرباء مصر» بذلك أرسلت سياك إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجارى الدولى إعمالا ونفاذا لحكم المادة ٤٢ من الشروط العامة للمقاولة والتي تنص على إحالة أى نزاع ينشأ بين الطرفين حول تفسير هذا العقد ... ولا يمكن حله وديا إلى مركز التحكيم الدولى بالقاهرة» وبعد فشل التوفيق بين الطرفين تم اللجوء إلى التحكيم وأثارت شركة الكترو ثروت أن جوهر الخلاف يدور حول مسألتين : الأولى تطبيق حكم المادة ١٠ فقرة ٣ من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم ۹٤/٢٧ والتي تنص على أن «يعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد .
وردت هيئة التحكيم بقولها وحيث أنه بالنسبة لهذه المسألة وهي تطبيق حكم المادة ٣/١٠ من قانون التحكيم رقم ٤/٢٧ في شأن وجود شرط التحكيم عن طريق الإحالة على وثيقة أخرى متى كانت هذه الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد» ، فإنه من الثابت أن عقد المقاولة من الباطن المبرم بتاريخ ٩٦/١٢/١٠ بين شركة الكترو ثروت (المحتكم (ضدها وشركة سياك (المحتكمة) لم يتضمن الإحالة الواضحة على حكم المادة ٤٢ من الشروط العامة للمقاولة والمبرم بين شركة «ميتسوبيشي الكتريك» المقاول الأساسى ، وبين رب العمل هيئة كهرباء مصر .
٥ - موقف قانون التحكيم المصرى والإنجليزي :
وفقا لنص المادة العاشرة فقرة ثلاثة من قانون التحكيم المصرى يعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم ، إذا كانت الإحالة واضحة فى اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد وهذا النص يتفق مع نص المادة ٢/٦ من قانون التحكيم الإنجليزي الجديد الصادر سنة ٩٦ والتي تقضى بأن يعتبر اتفاقا على التحكيم الإحالة إلى شرط تحكيم مكتوب ، أو إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم ، إذا كانت الإحالة واضحة في جعل شرط التحكيم جزءا من العقد .