إذا اتفق الطرفان أثناء نظر الدعوى على التحكيم، يجب على المحكمة إحالة النزاع إلى التحكيم وفقاً لما يتفق عليه الطرفان، ويعتبر اتفاق التحكيم في هذه الحالة في حكم الاتفاق المكتوب.
لا يجوز الطعن في الحكم الصادر وفقاً لأحكام البند (۱) بأى طريقة من طرق الطعن.
هذا النص يقرر ثلاثة أمور :-
اتفاق طرفي النزاع أثناء نظر المحكمة للدعوى على اللجوء للتحكيم وهذا كما سبق أن أوضحنا أن هذا نوع من إتفاقات التحكيم والذي يتم تحت إشراف المحكمة، وهذه الحالة تتمثل في عدم وجود اتفاق تحكيم بين الطرفين إبتداءً أو يوجد هذا الاتفاق لكن تجاهله الطرفان ولجئا إلى المحكمة التي باشرت إجراءات نظر النزاع، ففي هذه الأثناء قد يطلب أحد طرفي النزاع من الطرف الآخر أو من المحكمة إحالة هذا النزاع للتحكيم، ففي حال موافقة الطرف الآخر توافق المحكمة على ذلك نزولاً لإرادتهما وتقوم بوقف إجراءات الدعوى وإحالة النزاع للتحكيم وهذا الطلب يقدم في أية مرحلة تكون عليها إجراءات الدعوى بشرط قبل إصدار الحكم حتى إذا تم تقديم المرافعات الختامية بين الطرفين وتم حجز الدعوى للحكم وحتى إذا استغرق نظر هذا النزاع سنين عددا أمام المحكمة، أما إحالة النزاع للتحكيم فيتم بتوجيه القاضي لطرفي النزاع تعيين المحكم او المحكمين فرد أو متعددين) في غالب الأحوال يتم إستدعاؤهم أمام المحكمة لإبداء موافقتهم ومن ثم تصدر المحكمة قرار الإحالة متضمناً أسماء المحكمين ونقاط النزاع التي كانت تنظرها ومدة الفصل في النزاع ويحق للأطراف الإتفاق على تمديد مدة أخرى ... أما أتعاب المحكمين فيتم الاتفاق عليها بين طرفي النزاع والمحكمين وفقاً لنص المادة ( ۲۰ ) من القانون وذلك من خلال مشارطة تحكيم ، تقوم الهيئة بنظر النزاع دون إضافة نقطة نزاع جديدة أو تجاهل نقطة نزاع سابقة وتصدر الحكم في الموعد المحدد الحكم .
اتفاق الطرفين أمام المحكمة لإحالة نزاعهما إلى التحكيم وموافقة المحكمة على ذلك يعد بمثابة اتفاق مكتوب كما سبق أن أشرنا إليه في معرض التعليق على المادة (۸)، والتي تنص على وجوب كتابة اتفاق التحكيم بين الطرفين وإلا يكون باطلاً، أضف إلى ذلك أن هذا الاتفاق لابد من أن يكون واضحاً لا لبس فيه ولا غموض وإلا تم رده وإلغاؤه إذا تم تقديم طلب الطعن بالبطلان ومثال ذلك الحكم الصادر من المحكمة العليا في الطعن رقم م ع ط م /٢٠٠٣/٥ المقدم من محمد عبد الله محمد أفندي ضد شركة ترهاقا الهندسية التجارية، والحكم المطعون فيه صادر من محكمة استئناف الخرطوم بناء على طلب هذا الطاعن والذي قضى بشطب الاستئناف إيجازياً، ويعنى ذلك الإبقاء على قرار محكمة أول درجة الذي رفض وقف الدعوى بناء على طلب الطاعن (المدعى عليه) بدعوى وجود مشارطة تحكيم - وتتلخص وقائع الطعن إلى الدعوى المرفوعة من الشركة المطعون ضدها استناداً إلى عمل المدعى عليه (الطاعن) معها كمدير للمبيعات، والذي بعد تركه العمل مع الشركة اتضح أن في ذمته مبالغ مالية تخص الشركة، ولم يودعها الخزينة، وقد أقر بهذه المطالبة، لهذا رفعت الشركة الدعوى لإسترداد هذه المبالغ التي تجاوزت قيمتها ۳ ملايين دينار. أثناء سير إجراءات الدعوى تقدم المدعى عليه بدفع مبدئي يطلب فيه وقف إجراءات الدعوى وإحالة النزاع للتحكيم مستنداً في ذلك على نص المادة (١٥٤) إجراءات مدنية - أودع المدعى عليه اتفاقاً مكتوباً اتفق فيه مع الشركة المدعية على تكليف المراجع القانوني بمراجعة حسابات الشركة، وأن يقبل الطرفان نتيجة المراجعة)، لم تستجب المحكمة بناءً على هذا الطلب إلى إحالة النزاع للتحكيم، عند رفع الأمر لمحكمة الاستئناف صدر قرار بالأغلبية برفض الطلب وجاء في الحيثيات أن عمل المراجع هو فحص الحسابات ولا يقوم بعمل قضائي وخلصت محكمة الاستئناف أن الاتفاق المعروض لا يشكل إتفاقاً على التحكيم كنص المادة (١٥٤) إجراءات مدنية.
ضد هذا القرار قام المدعي برفع طعن بالنقض أمام المحكمة العليا حيث بين في طلبه أن محكمة الاستئناف لم تميز بين عمل المراجع الفني في الأحوال وعمل المراجع في حالة النزاع، وإن أخذ محكمة الاستئناف بالجانب الفني لعمل المراجع في الدعوى دون عمله كمحكمة تكون قد أخطأت في تطبيق القانون أتيحت الفرصة للمدعية المطعون ضدها) للرد على الطعن فأصرت على ما جاء بحيثيات محكمة الإستئناف نافية وجود اتفاق بإحالة النزاع للتحكيم - بعد دراسة الطعن صدر قرار المحكمة العليا بالأغلبية بشطب الطعن برسومه تأسيساً على أن الإحالة إلى التحكيم لابد من النص عليها في عقد الالتزام وأن التحكيم يسلب اختصاص المحاكم الطبيعية ولا يلجأ إليه إلا إذا كانت نصوص الاتفاق واضحة وصريحة ولا لبس فيها ولا يمكن أن يستدل عليه عن طريق الاستئناف وقراءة ما بين السطور، وأن تعيين خبير لمراجعة الحسابات لا يقوم مقام التحكيم بل بوصفه خبيراً لفحص الحسابات.