حامل سند الشحن الصادر تنفيذا لمشارطة إيجار بالرحلة لا يمكن أن يحتج عليه بشرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار والذي لم يكن منسوخاً بسند الشحن ولم يكن موضوعاً لقبول مؤكد من جانب حامله».
وهكذا يتخذ القضاء الفرنسى موقفاً متشدداً تجاه العلم اليقيني والقبول والرضا المؤكدين من جانب حامل سند الشحن حتي يلتزم بشرط التحكيم الوارد في المشارطة - والتى لم يكن طرفاً فيها - ليعد طرفاً في شرط التحكيم، فالمسألة في القضاء الفرنسي تتعلق برضا حامل سند الشحن بشرط التحكيم الوارد بالمشارطة والذي ينبغي أن يكون واضحاً وصريحاً.
(۲) انجلترا :
ولكن إذا وردت الإحالة في سند الشحن إلى المشارطة بطريقة عامة، فإن القضاء الانجليزي يأخذ اتجاهاً آخر مخالفاً للاتجاه الفرنسي مقرراً أن هذه الإحالة العامة لا تعنى بالضرورة عدم إدماج شرط التحكيم الوارد بالمشارطة فى سند الشحن بل إن الأمر يقتضى إضافة معيار آخر ألا وهو البحث في شرط التحكيم نفسه الوارد بمشارطة الإيجار وقراءته بإمعان فإن كان متفقاً ومنسجماً مع التطبيق على منازعات سند الشحن اندمج في السند والعكس صحيح.
ونفس الشئ وهو البحث فى شرط التحكيم الوارد بالمشارطة عندما تكون الإحالة الواردة فى السند إحالة عامة، طبقه القضاء الانجليزى فى الدعوى الأحدث .
« إن الشرط الذي ينسجم مباشرة مع موضوع سند الشحن والذي هو الشحن والنقل والتفريغ هو فقط الذي يمكن أو يجب أن يندمج في سند الشحن حتى ولو اقتضى الأمر درجة من التأويل والتحوير لينسجم معه.
إذا أحال شرط الإحالة الوارد فى سند الشحن إحالة خاصة إلى شرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار فإن المحاكم الانجليزية ستدمج شرط التحكيم فى سند الشحن دون حاجة للنظر في شرط التحكيم وصيغته الواردة بالمشارطة لاختبار ما إذا كان يتوافق وينسجم مباشرة مع موضوع عقد النقل البحرى.، كما أن المحكمة ستقبل درجة أكبر من التصرف في تأويل وتحوير شرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار لتجعله مناسباً ومتفقاً مع سند الشحن.
إذا لم تكن الإحالة الواردة في السند إلى شرط التحكيم الوارد بالمشارطة إحالة خاصة فإن المحاكم الانجليزية ستجرى اختباراً أدق لتحديد ما إذا كان شرط التحكيم نفسه الوارد بالمشارطة يتفق مباشرة أم لا مع موضوع السند الشحن من شحن ونقل وتسليم : فإذا اتفق وموضوع السند اندمج فيه وإلا فإن تلك الاحالة العامة لن تكفى لاندماج شرط التحكيم في سند الشحن.
(3) مصر
وهكذا فإن موقف القضاء المصرى من هذه المسألة هو الأكثر تحرراً حيث تكفى الإحالة العامة الواردة فى سند الشحن إلى مشارطة الإيجار لالتزام حامل السند بشرط التحكيم الوارد في تلك المشارطة كما تكفى مثل هذه الإحالة لالتزام المرسل إليه بهذا الشرط التحكيمي، وهذا ما لم يقل به أحد. حيث إن اتفاق التحكيم يشكل خروجاً على الأصل العام في التقاضي فكان لابد من التعبير عنه صراحة إذ الاتفاق التحكيمي لا يفترض، فالأصل هو اختصاص جهة القضاء ما لم يكن هناك اتفاق بين الأطراف على التحكيم.
إن المرسل إليه وإن اعتبرته محكمة النقض طرفاً ذا شأن في سند الشحن باعتباره صاحب المصلحة في عملية الشحن يتكافأ مركزه ومركز الشاحن، إلا أننا لا نرى المرسل إليه ولا حتى الشاحن أطرافاً ذوى شأن في شرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار التي صدر السند بموجبها إلا منذ أن يعلما به ويوافقا عليه حيث أن الأمر هنا يتعلق بتوافر عنصر الرضا بإبرام اتفاق التحكيم في حق كل من الشاحن أو المرسل إليه، وكما ذكرنا سابقاً استقرار مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي الذي يحتويه.