الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الإحالة للتحكيم / الكتب / التحكيم في المعاملات المصرفية / شرط التحكيم المصرفي بالإحالة

  • الاسم

    د. محمد صالح علي العوادي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    527
  • رقم الصفحة

    119

التفاصيل طباعة نسخ

شرط التحكيم المصرفي بالإحالة

  إلا أن شرط التحكيم بالإحالة يخضع لبعض القيود المهمة، تهدف إلى حماية إرادة أطراف العلاقة من الخوض في غمار تسوية كانوا على جهل بها.

   فقد نص المشرع المصري في م۳/۱۰ من قانون التحكيم على أنه " ويعتبر اتفاقاً على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد. فمن خلال هذا النص نجد أن المشرع المصري قد أشترط في الإحالة أن تكون الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزء من العقد.

  وهذا يتطلب كما يرى الفقه أن تكون هناك إشارة خاصة في العقد الأساسي إلى شرط التحكيم الذي تتضمنه الوثائق المحال إليها ، أما إذا كانت الإحالة مجرد إحالة عامة لنصوص هذه الوثيقة دون تخصيص شرط التحكيم بالذكر، تخصيصا يفيد علم الطرفين بوجوده في الوثيقة كأن يتفق أطراف العلاقة على اعتبار الشروط العامة رقم ... في العقد النموذجي الصادر من الهيئة ... جزءاً لا يتجزأ من عقدهما، أو مكملا لأحكام هذا العقد...الخ، فهذا النمط من الإحالة لا يعتقد بأنها كافية لجعل شرط التحكيم الوارد بهذه الوثائق جزء من العقد، ولا يكون التحكيم متفقا عليه بين أطراف العقد .

   ونحن نتفق مع هذا الرأي فمن خلال النص التشريعي نجد أنه اشترط وضوح الإحالة للشرط التحكيمي، حتى لا يحدث نوع من التدليس على الطرف الآخر، فالاتفاق على التحكيم لن يحدث آثاره القانونية إلا إذا توفرت شروط محددة يتطلبها، ومن ضمن هذه الشروط تحقق الرضا من قبل أطراف العلاقة في اللجوء إلى التحكيم، فيكون لجوؤهم للتحكيم لتسوية المنازعة، عن علم بهذا الشرط وهذا الاتجاه هو ما أخذت به التشريعات الحديثة .

 ومتى ما اتفق الأطراف على شرط التحكيم بالإحالة، فإن الوثيقة المحال إليها تصبح عندئذ جزءاً من العقد، وبالتالي لا يستطيع أحد الأطراف أن يدعي جهله فيما بعد بشرط التحكيم الوارد بها ، وخصوصا إذا كان أطراف العقد بنكين، إذ يفترض بهما أن يكونا على دراية بشروط التحكيم التي ترد في مثل هذه الوثائق، حيث إنهما متمرسان في مثل هذه العقود.

  وهذا ما أكده القضاء الفرنسي في أحد أحكامه إذ ذهبت محكمة استئناف باريس في دعوى عرفت باسم (Bomar oil) إلى القول بأن"المشتري وهو متمرس في العمليات المرتبطة بتجارة الهيدروكربول لا يستطيع أن يدعي جهله بالشروط المعتادة في الاتفاقيات المبرمة في هذا النوع من النشاط حيث أنه في هذه القضية كان النزاع دائرا بين شركة بترول تونسية وشركة هولندية تدعى (Bomar oil) وقد كان العقد يقوم على أن تبيع الشركة الأولى كمية من البترول الخام للشركة الثانية، وقد تم البيع عن طريق تبادل التلكسات التي أشير فيها إلى إعمال الشروط العامة الملحقة من جانب الشركة التونسية، والتي تضمنت في البند السادس عشر منها شرط تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس. ونتيجة لارتفاع أسعار البترول في الأسواق العالمية طلبت الشركة التونسية من الشركة الهولندية إعادة التفاوض لتحديد سعر جديد للبيع وفقا لبند في العقد يقضي بذلك . غير أن الشركة الهولندية رفضت التفاوض وتمسكت بالسعر المتفق عليه، فقامت الشركة التونسية باتخاذ إجراءات التحكيم . وقد امتنعت الشركة الهولندية عن تعيين محكم عنها، وقررت في وثيقة التفويض أنها لم تكن على علم بشرط التحكيم الوارد في الشروط العامة الملحقة من جانب الشركة التونسية ، فضلا على أن شرط التحكيم بالإحالة غير صحيح وفقا لاتفاقية نيويورك التي توجب أن يكون شرط التحكيم مكتوبا في العقد وموقعا من الطرفين . ومع ذلك فقد تم تشكيل هيئة التحكيم وفقا لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس، التي أصدرت حكمها في ٢٥ يناير ١٩٨٥ مقررة اختصاصها بنظر النزاع لتوافر شرط التحكيم بالإحالة، حيث قضت بالآتي" ومن حيث أن نشاط الأطراف ينصب حول قطاع مهني خاص وهو البترول، ويكتسب كل منهما صفة التاجر ، ويحترف العمل بهذا النشاط، فإنه لا يمكن لأحدهما أن يدعى عدم معرفته بهذا الشرط كوسيلة لتسوية المنازعات التي تثور في هذا القطاع من النشاط"

   وفي حكم المحكمة النقض الفرنسية صادر في 9 نوفمبر ۱۹۹۳م أشارت إلى أنه في مسائل التحكيم التجاري الدولي، فإن شرط التحكيم الذي يتم بالإحالة المكتوبة إلى وثائق تتضمن هذا الشرط كالشروط العامة والعقود النموذجية يكون جائزا، دون الإشارة إلى اتفاق الأساس، طالما كان الطرف الذي يحتج في مواجهته به قد علم بمحتوى الوثائق المحال إليها وقت انعقاد العقد، وكان قبل اندماج هذه الوثائق بالعقد لتصبح جزءاً منه. وعلى ذلك فإنه يلزم في التحكيم بالإحالة شرطان الأول شكلي وهو ضرورة الكتابة، والثاني موضوعي يتمثل في علم الطرف الذي يحتج عليه بشرط التحكيم بمضمون هذه الوثائق المحال إليها، وقبوله اندماج هذه الوثائق بالعقد .