الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الإحالة للتحكيم / الكتب / شرط التحكيم بالإحالة / خلاصة جزء الإحالة

  • الاسم

    د. محمد عبدالفتاح ترك
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    902
  • رقم الصفحة

    355

التفاصيل طباعة نسخ

خلاصة جزء الإحالة

    من أهم آثار اتفاق التحكيم هو سلب قضاء الدولة اختصاصها الأصيل بنظر المنازعات لصالح قضاء خاص يرتضيه الأطراف لحل نزاع بينهم، ومن ثم كانت نقطة البداية هى ضرورة التأكد من وجود اتفاق تحكيم.

   والجدير بالذكر أن جماعة الدول اللاتينية كانت تتبنى منذ البداية اتجاها يختلف عن الحلول السائدة في جماعة الدول الانجلوسكسونية، حيث نجد أن تشريعات دول المجموعة الأولى قد سعت إلى إحاطة اتفاق التحكيم بضمانات عديدة من أهمها إخراج هذا الاتفاق من دائرة التصرفات التي يحكمها مبدأ الرضائية إلى طائفة التصرفات التي يجب إفراغها في شكل معين. وذلك بغرض التحقق من أن إرادة الأطراف قد اتجهت بالفعل إلى الإلتجاء للتحكيم. 

   وكان الهدف من توافر هذه الشكلية هو التأكد من أن إرادة الأطراف قد التجأت بالفعل إلى طلب التحكيم، والعنصر الآخر هو توافر الكتابة كشرط وجود، وليس فقط لمجرد الإثبات كما فى التصرفات الأخرى العادية، كما أن هناك بعض الدول قد تشددت فى موضوع الشكلية حيث اشترطت التوقيع من جانب كافة الأطراف على اتفاق التحكيم ذاته استقلالا عن العقد الأصلي، وعلى أن يكون التوقيع بالاسم الثلاثى. كما تنص م ۱۲ من قانون التحكيم المصرى القانون رقم (۱۹۹٤/۲۷) على أنه يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإلا كان باطلا، ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة.

   على الجانب الآخر فإن النظم الأنجلوسكسونية وتلك التي تأثرت بها لم تجد مبررا يوجب إخضاع اتفاق التحكيم لشكل معين أو الخضوع لهذا التشدد اللاتيني.

    وقد جاء نص المادة الثانية من اتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨ بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية كموقف وسط بين التشدد اللاتيني والتحرر الكامل لدول المجموعة الأنجلوسكسونية، حيث يكفل هذا النص التحقق من وجود اتفاق تحكيم وفقا لضوابط محددة وعامة التطبيق في مختلف الدول. 

    حيث يلاحظ أن مفاد هذا النص أن الكتابة تعد ركنا أساسيا يجب توافره لإمكان القول بوجود اتفاق تحكيم في مفهوم اتفاقية نيويورك، حيث تقرر الفقرة الأولى من المادة الثانية من الاتفاقية قاعدة موحدة تقتضى الكتابة متعلقة بوجود الاتفاق ذاته وليس كعنصر للإثبات فقط.

   أما الفقرة الثانية من المادة الثانية من الاتفاقية فقد أوردت صورتين لتحقق الاتفاق الكتابى الصورة الأولى هى إفراغ اتفاق التحكيم في وثيقة موقع عليها من الأطراف أو (ب) وجود تبادل لمستندات كتابية بين الأطراف تفيد قبولهم التحكيم.

   ولابد من توافر شرط التراضى بين أطراف اتفاق التحكيم. والقاعدة في شأن التراضي أنه يجب أن تتقابل إرادة طرفي الاتفاق على اتخاذ التحكيم وسيلة لفض النزاع الناشئ أو الذي سينشأ بينهما.

    ويشترط القانون أن تكون إرادة الأطراف صريحة على اختيار التحكيم وسيلة لفض نزاعهم، مع ملاحظة أن وجود وثيقة تحمل توقيع الأطراف وتتضمن اتفاق تحكيم حيث يفرغ الأفراد إرادتهم المشتركة حول اللجوء للتحكيم هذه الصورة لا تثير صعوبات. إلا أنه في الواقع نجد أن المعاملات الدولية تشتمل على صورة أكثر تعقيدا، حيث جرت العادة أن يتفاوض الأطراف على العناصر الرئيسية لموضوع التعاقد مع الأكتفاء بإرفاق شروط عامة مطبوعة ومعدة في ظهر الاتفاق، أو بالإحالة إلى الشروط النموذجية الموضوعة بواسطة إحدى الهيئات الدولية المتخصصة. وقد تحتوى الشروط العامة أو الشروط النموذجية المحال إليها على شرط تحكيم، كذلك في إطار المعاملات بين الأطراف فقد يكتفى بالإشارة في عقد جديد إلى شروط عقد قديم قائم أو سابق ويحتوى العقد الأخير على شرط تحكيم. 

    وتظهر بوضوح مسألة الارتباط والاستمرار بالنسبة لإمكانية القول بتوافر وجود اتفاق تحكيم في مسألة عقود النقل البحرى حيث غالبا ما ينص في عقد نقل البضائع - سند الشحن - على سريان كافة شروط عقد مشارطة السفينة، حيث يحتوى هذا الأخير على شرط تحكيم ، وهنا تبرز أهمية حسم مسألة وجود اتفاق التحكيم لإخضاع المنازعات الناشئة عن عقد نقل البضائع لنظام التحكيم الوارد في عقد استئجار السفينة رغم أن أطراف التعاقد يختلفون في كلا العقدين وليست هناك علاقة ولو غير مباشرة تربط المستفيد في عقد النقل البحرى بمالك السفينة، وهذا ما يعرف باتفاق التحكيم البحرى بالإحالة. وهذا النوع من الاتفاقات يثير عدة تساؤلات منها مثلا مدى تأثير اتفاق التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار على العلاقات الناشئة عن سند الشحن الذي يحيل إليها؟ وما هو تأثير هذه الإحالة الواردة في سند الشحن إلى شروط مشارطة الإيجار على رضا الشاحن أو الغير حامل سند الشحن أو المرسل إليه أو من ظهر إليه السند أو المستأجر من الباطن ممن لم يكونوا أطرافا في مشارطة الإيجار المحال إليها ؟ أيضا هل تكفى هذه الإحالة لتوافر الرضا في حق هؤلاء، وهل يشترط صيغة معينة لهذه الإحالة هل يعتد بما يعرف بالإحالة العامة إلى كل شروط وبنود المشارطة بما فيها شرط التحكيم أم لابد من توافر نوع خاص من الإحالة بحيث يتم الإحالة إلى شرط التحكيم ذاته وليس إلى الشروط العامة

بما فيها شرط التحكيم.

   وقد تعرضنا فى هذا الجزء للإجابة على هذه التساؤلات من خلال تعرضنا لشروط الإحالة المطلوبة حتى تنتج أثرها، وهى أربعة شروط كالتالي:

 1- أن تكون هناك إشارة أو إحالة صريحة أو ضمنية في العقد الذي نشأ حوله النزاع إلى مستند آخر يشتمل على شرط التحكيم. 2 - أن تكون كلمات الدمج واضحة وملائمة وتشمل شرط التحكيم 3- أن تكون كلمات شرط التحكيم ملائمة ومناسبة للأنزعة التى نشأت فى العقد المطلوب دمجها فيه. 4 - ألا يكون هناك تعارض أو تناقض بين شرط التحكيم وبين موضوع العقد الذي نشأ النزاع حوله.

   وقد تعرضنا بالشرح والتحليل لهذه الشروط مع الاسترشاد بالعديد من القضايا

   بعد ذلك تعرضنا لموضوع الإحالة في كل من فرنسا ومصر وانجلترا والولايات المتحدة الأمريكية.

    بالنسبة للقضاء الفرنسي فهو ثابت ومستقر على أنه لكي يحتج بشرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار على حامل سند الشحن الذي أحال إلى. شروطها، فإنه يجب أن يتوافر فى حقه العلم الثابت بشرط التحكيم الوارد ضمن بنود المشارطة المحال إليها. هذا بالإضافة إلى قبوله الأكيد لشرط التحكيم. ويتحقق ذلك بكون الإحالة الواردة فى سند الشحن خاصة ومحددة، أو بأن يرفق نسخة من نصوص المشارطة بسند الشحن أو عن طريق ملاحق تضم الشروط العامة للمشارطة، أو أن يتم التأكد بطريقة ثابتة وأكيدة ولا تدع مجالا للشك في أن حامل السند قد أحيط علما بشرط التحكيم الوارد في المشارطة.

   ونلاحظ أنه فى أحدث القضايا الفرنسية وحسب ما هو مشار إليه في هذا الجزء، أن القضاء الفرنسي، اعتبر أن قيام المرسل إليه بإعطاء بنكه الأمر بالدفع يعتبر قرينة على موافقته الصريحة والأكيدة على شرط التحكيم، أيضا لم يعتد بدفع المرسل إليه بأنه لم يطلع على شرط التحكيم على أساس أنه كان يملك الوقت الكافي للإطلاع إلا أنه لم يقم بذلك.

     أما في مصر فكان موقف القضاء المصرى قد استقر على أنه يكفي الإحالة العامة الواردة في سند الشحن إلى مشارطة الإيجار لالتزام حامل السند بشرط التحكيم الوارد في تلك المشارطة، إلى أن قام القضاء المصرى بتغيير موقفه وذلك في الحكم الصادر في يوليو ۱۹۹۲ - كما هو مشار في هذا الجزء – حيث رفض الإحالة العامة المجهلة وتطلب أن تكون الإحالة خاصة وواضحة ومحددة. وهذا هو ما جاء فى نص المادة العاشرة الفقرة الثالثة من قانون التحكيم المصرى الحالى ۱۹۹٤/٢٧ حيث ذكرت أنه يعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم إذا كانت الإحالة واضحة فى اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد".

    أما بالنسبة للقضاء الإنجليزى فقد لخص الفقيه Tetley موضوع الإحالة في نقطتين. حيث ذكر أنه بالنسبة للإحالة الخاصة الواضحة ستتم عملية دمج شرط التحكيم فى سند الشحن دون النظر إلى الجوانب الأخرى مثل صياغة شرط التحكيم ، درجة الانسجام مع موضوع عقد النقل البحرى، بل إن المحكمة يمكنها أن تقبل إعادة التأويل والتحوير الشرط التحكيم لتجعله يتمشى مع سند الشحن.

   أما إذا كانت الإحالة إلى شرط التحكيم إحالة عامة وليست خاصة هنا لن يتم رفض الإحالة ولكن سيتم البحث فى شرط التحكيم الوارد في المشارطة لمعرفة هل يتفق مع موضوع سند الشحن من عدمه ومن ثم يتم دمجه من عدمه. وأخيرا بالنسبة للقضاء الأمريكي، حيث ميزت المحاكم بين شرط التحكيم الشامل أو الموسع Drafted broadly وشرط التحكيم المحدود Drafted .narrowly

   فبالنسبة للشرط الشامل فهو يفسر بإلزام الطرف الثالث غير الموقع على بوليصة الشحن مثل الشاحنين أو مستلمى البضاعة بعملية التحكيم. 

    وفي كثير من القضايا البحرية رأت المحاكم أنه إذا ما كان شرط التحكيم ينص على القيام بالتحكيم في الأنزعة التى تنشأ بين المالك والمستأجر هنا يعتبر هذا الشرط من النوع المحدود في تفسيره ومن ثم يستخدم فقط في حدود الأنزعة بين المالك والمستأجر، أما إذا استخدم كلمات عامة بدلا من المالك أو المستأجر مثل الأطراف parties والمدعى عليهم defendants هنـا يلتزم الطرف الثالث غير الموقع على بوليصة الشحن بالعملية التحكيمية. ومن أمثلة نصوص الإحالة الشاملة والدقيقة نجد نص الشرط التالي :

"Any and all differences and disputes of whatever nature arising out of this charter".

   أيضا يتم النظر إلى شرط الدمج وهل كلماته كافية وتفيد بدمج شرط التحكيم في سند الشحن من عدمه

   ففي إحدى القضايا كان نص شرط التحكيم كالتالي :

"All disputes arising out of this contract shall….be referred to…..  arbitrators".

   وقد لاحظت المحكمة أن سندات الشحن هذه خاصة بعقد المشارطة (أى تستخدم مع هذه المشارطة).

     كما أن شرط الدمج موسع وشامل بدرجة كافية، حيث يقرأ :

   "all of the terms, conditions liberties and exceptions of the charter party are herewith incorporated".