الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الإحالة للتحكيم / الكتب / شرط التحكيم بالإحالة / الإحالة في انجلترا 

  • الاسم

    د. محمد عبدالفتاح ترك
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    902
  • رقم الصفحة

    326

التفاصيل طباعة نسخ

الإحالة في انجلترا 

    سبق أن ذكرنا أنه سواء أكان نص شرط التحكيم قد ورد في نموذج محال إليه أو فى عقد قائم تربطه بالتعاقد الجديد صلة جدية، فالعبرة هنا هي التأكد تماما من أن إرادة الأطراف ونيتهم "Intention" قد اتجهت بالفعل إلى مد نطاق شرط التحكيم ليشمل العلاقة العقدية التى نشأ بمناسبتها النزاع، ويتحقق ذلك بكون الوثيقة التعاقدية – محل النزاع - تحتوى على إشارة مباشرة واضحة وصريحة لشرط التحكيم تفيد أنه كان محل اعتبار الأفراد وقت التعاقد.

    كما أنه من الضرورى جدا التعامل بحرص وحيطة مع فكرة الارتباط للتأكد من وجود صلة جدية في مجال وحدود شرط التحكيم تربط بين العقد المحال إليه "The assignee Contract ، والعقد الجديد المتضمن الإحالة (العقد المحيل) "The assignor Contract ، فليست الصلة دائما بالوضوح الظاهر الموجود بين عقد المشارطة وعقد النقل البحرى، أو بين عقد المقاولة وعقود المقاولين من الباطن.

   إلا أن القضاء الإنجليزى استقر الآن على نهج قاعدة مختلفة دقيقة أكثر انضباطا وتحديدا خاصة إذا كانت شروط التحكيم هي التي سيتم دمجها. والسبب في ذلك وبدون أدنى شك أن بوليصة الشحن أداة تجارية قابلة للتداول A negotiable Commercial Instrument قد تقع في أيدى أجنبية ليست عندها أى دراية بنصوص عقد المشارطة بل وليست قادرة على التوصل لمعرفة تلك النصوص.

    ولقد أكدت المحاكم البريطانية أن شرط التحكيم في عقد المشارطة بين المالك والمستأجر لا يمكن أن يتم دمجه في بوليصة الشحن والتي طرفيها المالك ومستلم البضاعة (غير المستأجر أو الشاحن وذلك في حالة عدم وجود كلمات واضحة وصريحة تشير إلى شرط التحكيم.

    ولقد تعرضنا بالشرح والتحليل الرأى كل من القاضي"Ralph Gibson" والقاضي Sir John Megaw ، حيث ذكر الأول أنه لا يوجد أي اعتراض للدمج بالرغم من عمومية اللغة المستخدمة بين الأطراف بشرط أن تكون إرادة الأطراف قد اتجهت بالفعل إلى الدمج. هذا بينما وجدنا أن القاضي "Megaw" يصر على ضرورة أن تكون كلمات الدمج واضحة وصريحة دون أى لبس. 

    وقد حاولت محكمة الاستئناف الإنجليزية التوفيق بين الإتجاهين، حيث ذكرت أن الخلاف بين الرأيين ما هو إلا خلاف ظاهرى وليس بخلاف حقیقی وأن كل منهما يشير إلى النقطة الرئيسية الواجب توافرها ألا وهي اتجاه نيـة الأطراف إلى قيام عملية الدمج.

    وقد أتيحت الفرصة أمام القضاء الإنجليزى فى أكثر من قضية وذلك لكي يحدد موقفه بشأن تبنى الإحالة العامة أو الإحالة الخاصة لكي تتم عملية دمج شرط التحكيم الموجود في عقد المشارطة داخل بنود عقد النقل البحرى.

   وقد حسم القضاء الإنجليزى هذا الموضوع بخصوص تفسير مضمون الإحالة بحكمه الصادر في ۱۷ فبراير ۱۹۷۸ وذلك في القضية التالية :

    حيث تم إبرام عقد مشارطة لاستئجار سفينة لرحلة واحدة بغرض القيام بنقل شحنة سكر من إحدى جزر المحيط الهندي إلى أحد الموانى البريطانية. وكان عقد المشارطة مثله مثل غالبية عقود المشارطات الأخرى يحتوى على نص يشير إلى أن أى أنزعة قد تنشأ فى ظله تتم تسويتها عن طريق التحكيم في لندن".

    وقد تم إصدار بوليصتين للشحن لتغطية الشحنة، كانت الأولى تحتوى على النص التالي :

"All other terms, conditions, clauses and exceptions including arbitration clause as well as the negligence clause and cesser clause as per charter party”.

 

   أما البوليصة الثانية فكانت تحتوى على نص آخر مفاده :

   "All terms, clauses, conditions and exceptions including the arbitration clause, the negligence clause and the cesser clause of charter party dated April 31, 1977, are hereby incorporated" incorporated".

 

   ولقد لجأت الشركة المشترية إلى إقامة دعوى أمام القضاء الإنجليزي بسبب تلف أصاب شحنتها أثناء الرحلة البحرية إلا أن الشركة الشاحنة دفعت بعدم جواز نظر الدعوى أمام القضاء بسبب وجود اتفاق التحكيم، إلا أن الشركة المشترية (المدعية ) دفعت بأن نطاق اتفاق التحكيم الموجود في مشارة الإيجار محدود وخاص بالمنازعات الناشئة عن عقد استئجار السفينة ولا يغطى الأنزعة الناشئة والمتصلة بالشحن البحرى ذاته أو المسئولية الناجمة عنه. 

   وهنا جاء حكم القضاء الإنجليزي حاسما وواضحا ومؤداه أنه : لكـي تكون الإحالة إلى الشروط الواردة في عقد آخر ذات أثر قانوني ومنتجة وفعالة، لابد أن تذكر بين ما تذكره وعلى وجه التخصيص شرط التحكيم، حيث يمكن في هذه الحالة التأكد من أن نية الأطراف قد رغبت بالفعل في مد نطاقه ليشمل المنازعات التي تنشأ في ظل العقد الجديد.

   هكذا يتضح لنا أنه إذا كانت كلمات شرط الإحالة الوارد بسند الشحن تشير بكل خصوصية ووضوح إلى شرط التحكيم الوارد في عقد المشارطة فإن عملية الدمج تتم.

     وهناك بعض شروط الإحالة والتى تأتى كلماتها لها صفة العمومية دون التخصيص، إلا أن القضاء يجد أن نية الأطراف قد اتجهت فعلا إلى قبول عملية التحكيم لحل الأنزعة التي نشأت دون اللجوء إلى المحاكم، وقد قرر القضاء الإنجليزى أن هذه الإحالة العامة لا تعنى بالضرورة عدم إدماج شرط التحكيم الوارد بالمشارطة فى سند الشحن، ومن ثم يتم البحث فى شرط التحكيم نفسه الوارد بمشارطة الإيجار وتفحصه بكل دقة لمعرفة هل هناك قدر معقول من الاتفاق والإنسجام إذا ما طبق على الأنزعة الناشئة عن سند الشحن، فإذا تم لك يتم دمج شرط التحكيم في سند الشحن. 

   ومن حالات الإحالة تلك نجد دعوى السفينة Merak) حيث جاءت كلمات شرط الإحالة في سند الشحن كالتالي :

   "كل النصوص والإعفاءات الموجودة بالمشارطة تطبق على هذا السند"

   أما كلمات شرط التحكيم الوارد بالمشارطة فجاءت كالتالي :

   " أي نزاع ينشأ عن هذه المشارطة، أو أى سند شحن صادر تنفيذا لـهـا سيحال إلى التحكيم".

    والواضح أن كلمات شرط الإحالة هي كلمات عامة إلا أن نية الأطراف قد اتجهت إلى تطبيق كافة النصوص والإعفاءات الموجودة بالمشارطة وبالطبع من بينها شرط التحكيم، كذلك بالنظر إلى شرط التحكيم الموجود بالمشارطة قد حددت أي نزعة ناشئة عن المشارطة أو أى سند شحن صادر تنفيذا لها سيحال إلى التحكيم وهو بهذا يجعل شرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار مندمجا في سند الشحن.

    وعلى الجانب الآخر قد يرفض القضاء الإنجليزى عملية الدمج لعدم حرمان حامل السند من حقه الطبيعي في اللجوء للقضاء. ففي دعوى السفينة Hamilton حيث جاءت كلمات شرط الإحالة في سند الشحن كالتالي :

 

   “All other terms and conditions and exceptions.... as per charter party".

   أما كلمات شرط التحكيم الواردة بالمشارطة فتنص على أنه :

   "كل المنازعات الناشئة عن هذه المشارطة ستحال إلى التحكيم".

    وهنا رفضت المحكمة إدماج شرط التحكيم الموجود بالمشارطة داخل سند الشحن. وكان سبب الرفض كما ذكر القاضي "Esher M. R" في حكمه :

   وهكذا نجد أن القضاء الإنجليزى قد تطلب صراحة ووضوح كلمات الدمج لكى تتم عملية الدمج من مشارطة الإيجار إلى سند الشحن إلا أنه في نفس الوقت اتبع موقفا مرنا فى حالات الكلمات والعبارات العامة الموجودة في شرط الإحالة والبحث فى شرط التحكيم لعله يجد قدرا من الإنسجام والتوافق بين كلمات شرط التحكيم والأنزعة الناشئة عن سند الشحن ومن ثم يمكنه إدماج شرط التحكيم في بوليصة الشحن.

2- أما إذا وردت الإحالة في سند الشحن في كلمات عامة غير مخصصة لشرط التحكيم، فإن المحكمة لن تقضى برفض عملية الدمج أتوماتيكيا، ولكنها ستحاول التأكد مما إذا كانت كلمات شرط التحكيم تتفق وتتماشــــى مـــع موضوع سند الشحن من شحن ونقل وتسليم، فإذا تأكدت المحكمة من وجود توافق بين شرط التحكيم الوارد بعقد المشارطة وموضوع سند الشحن حكمت بإتمام عملية الدمج، والجدير بالذكر أن الكلمات العامة لوحدها لن تؤدى إلى عملية الدمج.