يلجأ الأطراف في حالة الاتفاق على التحكيم إلى هيئة تحكيم للفصل في هذه المنازعات، وعادة ما يتخذ اتفاق التحكيم صورتين إما صورة شرط تحكيم يدرج في العقد الأصلى أو صورة مشارطة تحكيم يتم إبرامها بعد نشأة المنازعة.
وقد أظهرت الممارسات العملية الدولية شكلاً آخر من أشكال اتفاق التحكيم يعرف بشرط التحكيم بالإشارة Clause arbitrale par reference .
وتوجد هذه الصورة الجديدة من صور شرط التحكيم في حالات العقود الدولية التي تبرم عن طريق التلكس والفاكس ولكنها لا تتضمن بين بنودها شرطاً للتحكيم، ويتم الإحالة عادة فيها إلى وثائق أخرى تلحق بها كالعقود النموذجية أو الإحالة إلى قواعد خاصة مُعدة سلفاً والتى تسرى على جميع العقود المبرمة بواسطته.
وطبقاً للمادة ١٠ فقرة (۳) من قانون التحكيم المصرى الحالي فإنه يعتبر اتفاقاً على التحكيم كل أحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد.
وقد يكتفى في سند الشحن بالاحالة إلى شرط التحكيم الوارد في أحدى المشارطات النموذجية ، كما لو أحال سند الشحن إلى شروط التحكيم في مشارطة بلتيم أو سنتروكون.
ولما كان تحرير مشارطة إيجار بالرحلة Voyage Charter لا یعنی عن تحرير سند شحن، ونظراً للدور الهام لسند الشحن والذي لا يقل أهمية عن دور المشارطة، فقد يقع تعارض ما بين السند وبين المشارطة.
والقاعدة هي أنه عندما يحيل سند شحن إلى مشارطة إيجار وتوجد اختلافات بين شروط كل منهما فإن الشرط الوارد بالمشارطة هو الذي يطبق على أساس أنه أحد الشروط الواردة في العقد الأصلي الذي يحيل إليه سند الشحن والذى يعتبر في هذه الحالة مجرد إيصال بأستلام الناقل للبضائع.
وحقيقة الأمر فإن ما ذكرناه سابقاً يكون صحيحا في العلاقة بين الشاحن (المستأجر) والناقل المؤجر، أما في الحالة التى يكون فيه المرسل إليه حامل سند الشحن عندما يكون غير (الشاحن فإنه يعتبر غريب عن المشارطة، وأساس العلاقة بينه وبين الناقل (المؤجر ) يحكمها سند الشحن وحده. وفي حالة إذا ما أشار سند الشحن إلى شروط مشارطة الإيجار ، فإن ذلك يكون فيما لم يرد بشأنه نص خاص بسند الشحن.
وقد ذكرت محكمة النقض في حكم لها "الاحالة الواردة في سند الشحن إلى الشروط الواردة في مشارطة إيجار السفينة إنما تكون فيما لم يرد بشأنه نص خاص بسند الشحن، وإذ كان شرط التحكيم الوارد بمشارطة إيجار السفينة قد نص على أن يكون عرض النزاع على هيئة التحكيم بنيويورك وكان شرط التحكيم الذى أحال إليه سند الشحن في البند العاشر منه قد نص على أن يكون مقر التحكيم في لندن فإن هذا الشرط هو الذي يجب إعماله دون الشرط الوارد في مشارطة الإيجار".
(نقض ١٩٦٥/٦/١٧ س ١٦ ع ٢ ص ٧٧٨)
وتثور مشكلة دمج شرط التحكيم في سند الشحن عندما يكون هناك سند شحن لا يتضمن شرط التحكيم، ويحيل إلى شروط المشارطة في عبارات عامة دون إحالة خاصة إلى شرط التحكيم حيث ترد الإحالة العامة كما يلي:
"All other Conditions as per charter party"
على أية حال سيتم التعامل مع موضوع الاحالة وشروطها بشيء من التفصيل في هذا المبحث.
واتفاق التحكيم بصفته عقداً كبقية العقود يتم بالإيجاب والقبول ويجب أن يتطابق الإيجاب مع القبول في كل المسائل التي اتجهت إرادة الأطراف إلى الاتفاق عليها حتى ينعقد اتفاق التحكيم، وهذا يعنى أنه يجب أن تتقابل إرادة طرفي الاتفاق على اتخاذ التحكيم وسيلة لفض النزاع الناشئ، أو الذي سينشأ بينهما. فإذا كان الاتفاق على التحكيم يأخذ صيغة شرط في العق فإن المفاوضات بشأنه تتم عند مناقشة تفاصيل العقد، وطبقاً للشرط يصار إلى فض المنازعات التى ستنشأ عن العقد المذكور مستقبلاً بالتحكيم وهنا نجد أن الرضا المتبادل بين الطرفين يشمل العقد الأصلى وشرط التحكيم معاً .
وكان القضاء السابق على صدور القانون الجديد للتحكيم (القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤) يسير في اتجاه تكييف عقد التحكيم على اعتبار أنه من العقود الرضائية وليس من العقود الشكلية، على الرغم من أن معاهدة نيويورك التي تشكل جزءاً من القانون الوضعى المصرى تتطلب الكتابة للاعتراف باتفاق التحكيم، وتجعل من الكتابة شرطاً للوجود وليس مجرد شرط للإثبات.
وتفيد المادة ۱۲ من قانون التحكيم المصرى الحالي على ضرورة اشتراط الكتابة للقول بوجود اتفاق التحكيم على نحو يجعل من شرط الكتابة وجود وليس مجرد شرط إثبات و أن يكون موقعاً عليه من الأطراف وإلا كان باطلاً. إلا أن الفقرة الثانية من نفس المادة أظهرت نوعاً كبيراً من المرونة بالنسبة لشرط التحكيم فمجرد وجود تبادل للرسائل سواء كانت بالفاكس أو التلكس أو البريد العادي أو بأي وسيلة تترك أثراً مكتوباً يمكن أن ينعقد بها اتفاق التحكيم ولا يشترط التوقيع.
وحقيقة الأمر فإن التفاوت بين التشريعات الوضعية المنظمة للتحكيم، بشأن شكل اتفاق التحكيم يجعل من مسألة القانون الواجب التطبيق على هذه المسألة مسألة في غاية الأهمية. إذ أن إعمال قانون معين قد يؤدى إلى صحة الاتفاق، بينما إعمال قانون آخر قد يؤدى إلى بطلانه، وتزداد أهمية مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق على صحة اتفاق التحكيم من حيث الشكل بالنسبة لشرط التحكيم بالإشارة، والذى لا يكون مدرجاً في الوثيقة التي تعبر عن اتفاق الأطراف والتى تكون موقعة بينهم، ولكنه يوجد في وثيقة مستقلة تحيل إليها صراحة أو ضمناً إرادة الأطراف على نحو تعد معه هذه الوثائق مندمجة في العقد.