الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / تعيين المحكمين في المشارطة / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / شرط تعيين المحكمين في المشارطة

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    174

التفاصيل طباعة نسخ

شرط تعيين المحكمين في المشارطة

   وفيما يتعلق بتعيين المحكمين فى مشارطه التحكيم أو فى اتفاق لاحق نلاحظ أيضا أن الاتفاقيات الدولية التي عرضنا لها لم تعالج هذه المسألة، وخصوصا اتفاقية نيويورك لعام ۱۹٥٨ برغم تناولها لتعريف اتفاق التحكيم سواء كان في صورة شرط تحكيم أو مشارطه تحكيم. لذا يثور السؤال عما إذا كانت مشارطه التحكيم التي تبرم في نطاق عقود التجارة الدولية تعتبر صحيحة برغم خلوها من تعيين المحكمين أو لا تعتبر صحيحة لهذا السبب؟

   ونحن نرى أن الإجابة على هذا السؤال يجب أن تكون على ضوء القانون الوطني الواجب التطبيق على النزاع، حيث أحالت الاتفاقيات الدولية التي عالجناها على القوانين الوطنية للدول الأطراف فى كل ما يتعلق بصحة شرط التحكيم أو مشارطه التحكيم ولم يوجد بشأنه قاعدة موضوعية دولية موحدة فى الاتفاقية الدولية ، وهو نفس الرأي الذي أبديناه بالنسبة لمسألة خلو المشارطة من تحديد موضوع النزاع.

    بيد أن تعريف اتفاق التحكيم فى المادة الثانية من اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ وعدم النص في هذه المادة على وجوب اشتمال هذا الاتفاق على تعيين المحكمين قد أثارا خلافا في مصر، التي انضمت إلى تلك الاتفاقية، حول تطبيق المادة ٣/٥٠٢ مرافعات مصری.

   إلا أنه قد ووجه بمعارضة شديدة من جانب البعض الآخر الذى يرى أن بطلان مشارطه التحكيم لهذا السبب لا يساعد على تطور التحكيم التجارى الدولى ويجعل المتعاملون الدوليون عموما وأصحاب رؤوس الأموال الأجنبية خصوصا يترددون في إبرام عقود التجارة الدولية لاسيما وأه يمكن تعيين المحكمين عن طريق إحدى هيئات التحكيم الدائمة التي تتمتع بالحيدة والعدالة .

    ولعل ذلك مادفع محكمة النقض المصرية إلى تقرير قاعدة موضوعية مقتضاها عدم بطلان اتفاق التحكيم إذا خلا من تعيين المحكمين في علاقات التجارة الدولية، وهو ما يعني استبعاد تطبيق المادة ٣/٥٠٢ مرافعات مصرى من نطاق هذه العلاقات وأن كانت المحكمة قد توصلت إلى هذه النتيجة بشكل غير مباشر باستخدامها لمنهجي التنازع بين القوانين . كذلك توصلت محكمة استئناف الإسكندرية إلى نفس النتيجة، وهى عدم بطلان اتفاق التحكيم بسبب خلوه من تعيين المحكمين عن طريق التطبيق المباشر لنص المادة الثانية من اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ بحسبان أنها لم تتطلب لصحة هذا الاتفاق اشتماله على تعيين المحكمين .

   ونحن ولئن كان نختلف مع محكمة استئناف الإسكندرية فيما استندت إليه من عدم شتراط المادة الثانية من اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ تعيين المحكمين لصحة اتفاق التحكيم في العلاقات الدولية، حيث نرى - مع البعض  - أن هذه المادة لم تقرر قاعدة موضوعية دولية موحدة في هذا الشأن وإنما أحالت بشأنها إلى القوانين الوطنية كما قدمنا، إلا أننا نتفق مع الاتجاه القضائي المتقدم فى عدم ترتيب بطلان اتفاق التحكيم بسبب خلوه من تعيين المحكمين وذلك حيث يمكن تفادى هذا القصور في مرحلة لاحقة على إبرام هذا الاتفاق إما بحصول تعيين المحكمين فى اتفاق مستقل لاحق أو بمثول الطرفين أمام محكمين معينين من قبل جهة أخرى، وهو ما أخذ به المشرع الكويتى والمشرع الفرنسي.

   أضف إلى ذلك أن هذا الاتجاه هو الذى تبناه القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة UNCITRAL لعام ۱۹۸۵ . فعلى خلاف اتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ التي لم تقرر قاعدة موضوعية دولية موحدة بشأن تعيين المحكمين فى اتفاق التحكيم واكتفت ، في هذا الشأن بالإحالة إلى القوانين الوطنية فيما تقرره من شروط لصحة اتفاق التحكيم فإن القانون النموذجى المذكور قد نص على أنه للطرفين حرية الاتفاق على الإجراء الواجب إتباعه في تعيين المحكم أو المحكمين... فإن لم يكونا قد اتفقا على ذلك يتبع الإجراء التالي:...." وهو الإجراء الذي ينتهي بتعيين المحكم أو المحكمين اللازمين لتشكيل هيئة التحكيم من قبل جهة أخرى.

    ويستفاد من هذا النص ، وفقا للتطور الذى أصاب التحكيم التجارى الدولى، أنه لم يعد لازماً تعيين المحكم أو المحكمين في مشارطه التحكيم ، حيث لا يعدم الطرفــــان أو أحدهمـــا وسطة تعيينهم إما بالاتفاق أو عن طريق محكمة أو سلطة قضائية وطنية أو دولية معينة، وهو ما تبنته المادة ۱۷ من قانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ ، حيث نصت على أن لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين فإذا لم يتفقا أتبع ما يأتي..." ، وذلك بنفس النهج المقرر في المادة ۱۱ من القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى للجنة UNCITRAL لعام ١٩٨٥.

    ولقد علقت الأمانة العامة للجنة الأمم المتحدة للقانون التجارى الدولى على هذا النهج المقرر فى المادة ۱۱ من القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى والذي نقلت عنه المادة ۱۷ من قانون التحكيم المصرى المشار اليه بقولها بأن هذا النهج اتبعه القانون النموذجــــــــى للقضاء على الصعوبات الناشئة عن القوانين أو القواعد (الوطنية) غير المناسبة أو غير الكاملة... واستيفاء المقتضيات الأساسية للعدالة والنزاهة.. وحيثما تنشأ صعوبات في عملية تعيين محكم... تقدم المحاكم أو غيرها من السلطات المساعدة هذا الصدد " وأيا ما كان الأمر فإن نص المادة ۱۷ قانون التحكيم المصرى الذى اعتنق هذا النظر قد دابر الخلاف حول بطلان أو عدم بطلان مشارطه التحكيم بسبب خلوها من الإتفاق على تعيين المحكمين.