و من قبيل هذه البيانات تلك التي تبين القواعد الإجرائية والموضوعية التي يجب إتباعها أمام هيئة التحكيم، والسلطة المخولة لها للفصل فى النزاع وفقا لقواعد العدل والإنصاف والمساواة ، وسلطة هذه الهيئة فى استبعاد نصوص المشارطة التي تعرقل مهمتها، والنصاب القانوني لصحة اجتماعاتها ومداولاتها، والأغلبية اللازمة لصدور حكم التحكيم ، والمدة التي يجب إصداره خلالها، ومكان التحكيم واللغة التى يجوز استخدامها في المرافعة والمداولة والحكم، ناهيك عن البيانات المتعلقة بكيفية إخطار حضور الجلسات ، ومواعيد إرسالها ، واتفاق الطرفين على قابلية الحكم للطعن فيه بالاستئناف في الأحوال التي يجوز فيها ذلك، وأتعاب المحكمين... الخ.
ولقد تضمن قانون التحكيم المصرى كثيرا من البيانات الاختيارية التي يجوز للطرفين إدراجها في اتفاق التحكيم، كاتفاق الطرفين على إخضاع التحكيم لهذا القانون ( المادة الأولى) ، واتفاقهما على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها (مادة ۳)، واختيارهما للإجراء الواجب الإتباع في مسألة معينة (مادة ٥)، واتفاقهما على إخضاع العلاقة القانونية بينهما لأحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى (مادة ٦)، والاتفاق الخاص بالرسائل أو الإعلان على محال الإقامة ( مادة ، واتفاقهما على محكمة استئناف أخرى غير محكمة استئناف القاهرة لتكون هي المحكمة القضائية المختصة بمسائل التحكيم التى يدخلها هذا القانون في اختصاصها (مادة9)، واتفاقهما على عدد المحكمين (مادة ۱/۱٥) ، واتفاقهما على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم (مادة ٢٥)، وتاريخ ابتدائها مادة (۲۷) ومكان التحكيم (مادة ۲۸) واللغة التي يجرى بها (مادة ٢٩) الأمر الذي يجوز معه القول بأن المشرع المصرى قد افسح مجالاً كبيرا لإرادة الطرفين التحديد ضوابط التحكيم مما ينسجم مع اعتبار التحكيم عملاً ينطلق من فكرة العقد.
على أنه إذا أغفل الطرفان بياناً أو أكثر من هذه البيانات الاختيارية في مشارطه التحكيم فليس يعنى ذلك بطلانها أو قعودها عن ترتيب آثارها، إذ يتولى المشرع تنظيم المسألة أو المسائل التي يتعلق بها البيان أو البيانات بالنحو الذى يستكمل به إرادة الطرفين من جهة ويزيل العقبات التي تعترض بدء إجراءات التحكيم أو السير فيها من جهة أخرى وهو ما يكشف عن الأثر الملزم لمشارطه التحكيم بحيث لا يكاد الطرفان يجدا مناصاً سوى الخضوع للتحكيم .