لا ريب في أن تحديد النزاع المراد إخضاعه للتحكيم يساعد على تعيين المحكم أو المحكمين الذين يخولون سلطة الفصل فيه، إذ يختارون لهذه المهمة على أساس تحديد طبيعة النزاع من مختلف النواحي الفنية والقانونية .
وبالتالي لا يعتبر البطلان المقرر فى المادة ١٤٤٨ مرافعات فرنسي بطلانا مطلقاً أو نسبيا للمشارطة وإنما يعتبر بطلانا خاصا يجوز تصحيحه عن طريق أطراف المشارطة أنفسهم.
وعلى خلاف المشرع الفرنسي الذى قرر هذا البطلان لم يشترط المشرع الكويتي الصحة المشارطه الاتفاق فيها على تعيين المحكمين أو على طريقة تعيينهم، حيث نصت المادة ١٧٥ مرافعات كويتي على أنه إذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين عينت المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع من يلزم من المحكمين وذلك بناء على طلب أحد ... الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى".
نصت المادة ١٧٦ مرافعات كويتي على أنه " لا يجوز التفويض للمحكمين بالصلح ولا الحكم منهم بصفة محكمين مصالحين إلا إذا كانوا مذكورين بأسمائهم في الاتفاق .
ويبدو أن قانون التحكيم المصرى رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹٤ يميل إلى الاتجاه الذي يسوى في المعاملة بين التحكيم العادى والتحكيم بالصلح فيما يتعلق بعدم ترتيب بطلان مشارطه التحكيم بسبب خلوها من الاتفاق على تعيين المحكمين أو على تحديد طريقة تعيينهم، إذ لم يرتب هذا القانون ذلك البطلان سواء تعلقت المشارطة بالتحكيم العادي أو بالتحكيم بالصلح، وهــو مــا يظهر من مقارنة المادة ۱/۱۷ بالمادة ٤/٣٩ منه. . فوفقاً للمادة ۱/۱۷ يكون الطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا اتبع.." ما يلزم لتعيينهم عن طريق المحكمة القضائية المختصة المنصوص عليها في المادة 9 من نفس القانون، وهو - ما يعني عدم بطلان المشارطة إذا جاءت خلوا من هذا الاتفاق . أما المادة ٤/٣٩ فقد نصت على أنه "يجوز لهيئة التحكيم - إذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح – أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بأحكام القانون، وبالتالي يستون - في ظل هذا النص - حصول هذا الإنفاق الصريح عند إبرام مشارطه التحكيم أو بعد إبرامها فى اتفاق لاحق ومستقل، وذلك نظراً لعموم النص.
وأياً ما كان الأمر فإنه ولئن كانت الصورة المثلى لمشارطة التحكيم أن يتم الاتفاق فيها على تعيين المحكمين بأسمائهم فإنه ليس ما يمنع - بل ومن السهل - اقتصارها على تحديـــد طريقة تعيينهم وحسب، كما لو اتفق الطرفان على أن يتم تعيين المحكمين أو تكوين هيئة التحكيم وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون أو في نظام تحكيم معين كنظام غرفة التجارة الدولية أو نظام تحكيم لجنة UNCITRAL مثلا. وإذا اتفق الطرفان على تحديد طريقة تعيين المحكمين وجب أن يكون هذا التحديد واضحاً لالبس فيه ولا غموض .