الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / تحديد موضوع النزاع في المشارطة / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / الأختصاص بالتحكيم في عقود التجارة الدولية / تحديد موضوع النزاع

  • الاسم

    عاطف بيومي محمد شهاب
  • تاريخ النشر

    2001-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    601
  • رقم الصفحة

    142

التفاصيل طباعة نسخ

تحديد موضوع النزاع

   المقصود بتحديد موضوع النزاع كشرط لانعقاد الاختصاص التحكيمي :- 

   ويقصد بتحديد موضوع النزاع، كشرط يجب توافره في اتفاق التحكيم ، باعتباره أيضــا شرطا لانعقاد الاختصاص التحكيمي ، بيان المسائل التي يشملها اتفاق التحكيم ، وتعتبر هي موضوع التراع الذي ينعقد بصدده الاختصاص التحكيمي .

أهمية تحديد موضوع التراع كشرط لانعقاد الاختصاص التحكيمي :-

   وترجع أهمية هذا الشرط وهو تحديد موضوع النزاع ، إلى أنه بهذا التحديد لموضوع النزاع نستطيع الوقوف علي ما إذا كنا بصدد مسألة من المسائل التي يجوز فيها التحكيم أم لا ، لما يــــــؤدي ذلك إلي صحة أو بطلان اتفاق التحكيم ، حيث أنه من تحديد . موضوع التراع يتسنى لنا معرفة مدي عدمه ، الأمر الذي يتوقف عليه بالتبعية صحة اتفاق التحكيم أو قابلية هذا الموضوع للتحكيم  بطلانه ، هذا من ناحية

   ومن ناحية أخري ، نجد أن تحديد موضوع التراع ، يترتب عليــــه كذلــك إمكانية تحديد اختصاص المحكم بنظر النزاع المعروض عليه ، وما إذا كان النزاع المعروض هو ذات الموضوع المتفق بشأنه للعرض علي التحكيم أم لا ، وما إذا كانت المسائل المعروضة علي التحكيم هي ذات المسائل المتفق بشأنها علي التحكيم أم لا ، الأمر الذي يتوقف عليه كذلـــك مــــدي حــدود اختصاص المحكم بنظر موضوع النزاع ، حيث أنه إذ لم يتم تحديد موضوع النزاع المراد عرضه علي التحكيم ، لما أمكن الوقوف علي مدي اختصاص المحكم بنظر موضوع التراع من عدمه ، بل لم تتمكن كذلك من بيان تلك الحدود أي الوقوف علي حدود هذا الاختصاص للمحكم عند نظر موضوع النزاع .

  وذلك حيث أنه بتحديد الموضوع أو المسائل التي يشملها النزاع المراد عرضه علي التحكيم ، نستطيع تحديد اختصاص المحكم بنظر تلك المسائل علي ضؤ ما تم الاتفاق عليه فينــــا بين أطراف النزاع من خلال اتفاق التحكيم ، وكذلك تحديد مدي هذا الاختصاص أو حــدود اختصاص المحكم عند نظر موضوع النزاع ، وذلك أنه بتحديد موضوع النزاع أو المسائل التي يشملها هذا النزاع نستطيع أن نقرر ما إذا كان المحكم قد التزم حدود اختصاصه أم أنه قد خرج علي هذه الحدود ، بأن يكون قد قضي مثلا في مسألة لم يشملها اتفاق التحكيم ولم ترد ضمن المسائل التي تدخل ضمن موضوع النزاع ، وذلك بأن يكون المحكم قد قضي بما لم يطلبه الخصوم مثلا ، أو أنه قــد تعرض مسألة لم يكن له بشأنها أي اختصاص بنظرها لخروجها عن موضوع النزاع ، الأمر الذي سيؤدي إلي عرقله تنفيذ مثل هذا الحكم الذي اشتمل علي الفصل أو القضاء في مسألة لم تكن ضمن المسائل المعروضة علي التحكيم أو لم يشملها موضوع النزاع المحدد بموجب اتفاق التحكيم ، علـــــــي الأقل فيما يتعلق بهذا الشق الخارج عن موضوع النزاع وكذلك نجد لشرط تحديد موضوع النزاع أهمية في بيان ما إذا كان المحكم قد أغفل الفصل في مسألة من المسائل التي يشملها موضوع النزاع أم لا .

٣- جزاء عدم تحديد موضوع النزاع والتفرقة بين الشرط والمشارطة

  وعلي ذلك ولما لمسألة تحديد موضوع النزاع من أهمية - كما أوضحنا – بشأن اتفاق التحكيم ، كشرط يجب توافره في اتفاق التحكيم لنكون أمام اتفاق تحكيم صحيح منتج لآثاره ، فضلا عن اعتباره شرطا لانعقاد الاختصاص التحكيمي ، فإنه في حالة عدم تحديد المسائل – موضوع النزاع ـ التي يشملها اتفاق التحكيم ، وبالتالي يشملها الاختصاص التحكيمي ، والمـــراد عرضها علي التحكيم ، كان هذا الاتفاق باطلا وقد نص علي هذا الجزاء قانون التحكيم المصـــــــري الجديد في المادة العاشرة فقرة ثانية .

أ - موقف المشرع المصري :-

  إلا أن المشرع المصري قد فرق في توقيع جزاء البطلان بشأن اتفاق التحكيم علي عدم تحديد موضوع النزاع أو المسائل التي يشملها اتفاق التحكيم وذلك بين كل من التحكيم ومشارطه التحكيم ، وذلك حيث أن شرط التحكيم كما هو معروف الشـرط أو البند الوارد في العقد الأصلي موضوع الخلاف فهو شرط قد تم الاتفاق عليه قبل قيام النزاع وبالتالي لم تكن معالم موضوع النزاع أو المسائل محل الخلاف قد تحددت ، فمن المنطقي ألا نستوجب تحديـــد موضوع النزاع ، النزاع لم يكن قد نشأ فعلا

 أما بالنسبة لمشارطه التحكيم وهي الاتفاق الذي يتم عندما يكون النزاع قــــد نشأ وقام بالفعل بين أطراف العقد الأصلي، فمن المنطقي أن يتحدد للنزاع معالم واتضحت نقاط الخلاف محل النزاع ، فكان من الطبيعي أن يستلزم المشرع المصري ، وجوب تحديد موضوع النزاع أو المسائل التي يشملها اتفاق التحكيم ، حيث تكون قد اتضحت وأصبحت معلومة لطرفي النزاع ، ولذلك فقد رتب المشرع المصري البطلان علي خلو اتفاق التحكيم اللاحق علي قيام النزاع من تحديد موضوع التراع أو السائل التي يشملها اتفاق التحكيم والمراد عرضها علي التحكيم .

   فقد نص المشرع المصري في المادة العاشرة في فقرتها الثانية من القانون ٢٧ لسنة ١٩٩٤ علي أنه (( يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا علي قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين ، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليها في الفقرة الأولي من المادة من هذا القانون ، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهــة قضائية وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا

وعلي ذلك فالمشرع المصري، أن لم يستلزم توافر شرط تحديد موضوع النزاع في شرط التحكيم وهو الشرط السابق علي قيام النزاع ، إلا أنه اشترط وأستوجب تحديــــــد مـوضـــوع النزاع في هذه الحالة في بيان الدعوى المشار إليها في المادة ۱/۳۰ من قانون التحكيم المذكور .

 

وقد نصت المادة ٣٠ في فقرتها الأولي ، والمشار إليها بالمادة العاشرة فقرة ثانية علي أنه (( يرسل المدعي خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلي المدعي علية وإلي كل واحد من المحكمين بيانا مكتوبا بدعواه يشتمل علي أسمه وعنوانه وأسم المدعي عليــــه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلبات، وكل أمر آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان )) . 

   وقد كان المشرع المصري منطقيا في هذا ، حيث أرجأ وجوب تحديـــد مـوضـــوع النزاع عندما نكون أمام شرط التحكيم السابق علي قيام النزاع، إلي الوقــــت الــذي تبدأ فيـــه الإجراءات بشأن التحكيم واستوجب أن يحدد المدعي بوضوح النزاع أو المسائل محل النزاع في بيـــان الدعوى الذي يقوم بإرساله للمدعي عليه متضمنا فيه أيضا طلباته في هذا النزاع طبقا لنص المادة ١/٣٠ من قانون التحكيم .

  وعلي ذلك نجد أن بحث توافر شرط تحديد النزاع أو المسائل التي يشملها موضـــوع النزاع ، يتم من خلال بحث بيان الدعوى المنصوص عليه في المادة ۱/۳۰ من قانون التحكيم المصري ، وذلك بشأن شرط التحكيم السابق علي قيام النزاع وذلك لبيان ما إذا كان بيان الدعوى هذا قــــد أحتوى علي تحديد لموضوع النزاع أم جاء غامضا مبهما بغير تحديد دقيق للمسائل المراد عرضها علي التحكيم والتي تشكل في مجموعها تحديدا لموضوع النزاع حتى يمكن الوقوف علي مدي توافر هـــــــذا الشرط من عدمة ومن ثم للوقوف علي صحة أو بطلان شرط التحكيم .

-- ب - موقف المشرع الفرنسي :- 

   ولا يختلف المشرع الفرنسي في هذا الشأن عن المشرع المصري حيث يستلزم المشرع الفرنسي بالنسبة لمشارطه التحكيم توافر شرط تحديد موضوع النزاع وبيان المسائل التي يشملها اتفاق التحكيم ، إذ الفرض أن المشارطة هي اتفاق تحكيم لاحق علي قيام النزاع ، مما يستلزم تحديد دقيق للمسائل المختلف عليها والمراد طرحها علي التحكيم. ويترتب البطلان علي عدم تحديد موضوع النزاع وهو ما يتفق فيه القانون المصري والفرنسي حيث نصت المادة ٢/١٠ من القانون المصري علي بطلان المشارطة ، في حالة عـــــدم تحديد (( المسائل التي يشملها التحكيم )) كما نصت علي ذات الجزاء وهو البطلان المادة ١٤٤٨ مرافعات فرنسي .

   كما أوضحنا مدي الأهمية البالغة لاستلزام توافر شرط تحديد موضوع النزاع ، لما يتوقف عليه من آثار بالغة الأهمية تصل لحد تقرير بطلان اتفاق التحكيم ، وذلك لما لاتفاق التحكيم من آثار من أهمها حرمان القضاء العادي - وهو صاحب الولاية الأصلية - من نظر النزاع فهو يقرر وضعا استثنائيا يتعين معه تحديد أبعاد موضوع النزاع علي وجه الدقة ، فضلا عن أن سلطة  المحكم تكون محدودة بحدود النزاع .

    بحيث إذا جاوز هذه الحدود ففصل في أمر أو مسألة لم يطلب منه الفصل فيها ، كان بالتالي حكمه معيبا واجب البطلان ، ولا يتسنى الوثوق من أن المحكم يعمل في حدود سلطته والاختصاص الممنوح له بموجب اتفاق التحكيم إلا إذا كان موضوع النزاع معينا علي وجه الضبط .

   وبالنسبة لشرط التحكيم وهو السابق علي قيام النزاع - لا محل بداهة لاستلزام موضوع النزاع علي وجه الدقة حيث لم يكن قد نشأ بالفعل ، ولهذا استقر كذلك القضاء على الاكتفاء بالإشارة إلي النزاع إجمالا ، كأن يقال مثلا (( جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ هذا العقـــد )) سيتم عرضها علي التحكيم وذلك عند الاتفاق علي تضمين العقد الأصلي شرطا بالتحكيم ضمن بنود هذا العقد .

   ويتميز شرط التحكيم - السابق علي قيام النزاع - في التشريع الفرنسي بشرط صحة آخر بشأن نوعيه النزاع ، وذلك حيث لا يصح شرط التحكيم في القانون الفرنسي إذا تعلق بمسألة من المسائل المدنية ، إلا إذا نص القانون علي إجازته ، فالأصل في التشريع الفرنسي هو بطلان شرط التحكيم في المسائل المدنية إلا إذا نص القانون علي إباحته والمادة ٢٠٦١ مدني فرنسي معدلة بالقانون رقم ٦٢٦ لسنة ١٩٧٢ .

  استثنائية اتفـــاق التحكيم وعدم الخروج بتنفيذه عن التحديد الوارد في الاتفاق وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن انحصار اتفاق التحكيم في المنازعات التي تثور بين الخصوم في تفسير عقد معين يؤدي إلي اختصاص القضاء بالفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ هذا العقد"، بالتالي لا ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعات المتعلقة بتنفيذ هذا العقد للمحكم أو لهيئة التحكيم التي تختص فقط بالتزاع المتعلق بتفسير العقد المذكور.