وقد عرفت المادة العاشرة من القانون رقم 27 لسنة 1994 مشارطة التحكيم بقولها "اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت...".
ومشارطة التحكيم، لا تعدو أن تكون اتفاقاً بين الخصوم على طرح النزاع على
محكمين ليفصلوا فيه بدلا من طرحه على القضاء .
ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص مشارطة التحكيم وتعرف ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها ولا رقابة عليها في ذلك مادامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.
ومشارطة التحكيم لا تعد من قبيل التصرفات المنشئة أو الكاشفة لحق عيني عقاري أصلي أو من قبيل صحف الدعاوى وإنما هي مجرد اتفاق على عرض نزاع معين على محكمين والنزول على حكمهم ولا يتضمن مطالبة بالحق أو تكليفاً للخصوم بالحضور أمام هيئة التحكيم وفقاً لأحكام المادتين 15، 17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري فإذا ما سجلت أو أشر بها فإنه لا يترتب على ذلك أن الحق المدعى به إذا تقرر بحكم المحاكم وتأشر به أن يكون حجة على من ترتب لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل مشارطة التحكيم لأن هذا الأثر يتعلق بالدعاوى فقط.
ويتميز شرط التحكيم عن مشارطة التحكيم بما يلي:
أولاً: يقوم شرط التحكيم على احتمالية نشوء النزاع في المستقبل، على عكس مشارطة التحكيم التي تتمثل في عقد حدث نزاع بين أطرافه بالفعل، وبالتالي فإن مشارطة التحكيم تتطلب تحديد موضوع النزاع وطرفيه وكل ما يتطلبه هذا النزاع عند عرضه على التحكيم.
وقضت محكمة النقض بأنه "إذ كان النعي قد خلط بين شرط التحكيم من ناحية ومشارطة التحكيم من الناحية الأخرى، وإن كان الاثنان يعبران عن معنى واحد هو اتفاق التحكيم، أي اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات المبينة بذلك الاتفاق، غير أن شرط التحكيم يكون دائماً سابقاً على قيام النزاع سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد ضمن عقد معين ومن ثم فإنه لا يتصور أن يتضمن تحديداً لموضوع النزاع الذي لم ينشأ بعد ولا يكون في مكنة الطرفين التنبؤ به حصراً ومقدماً، ومن هنا لم يشترط المشرع أن يتضمن شرط التحكيم تحديداً لموضوع النزاع وأوجب ذلك في بيان الدعوى المنصوص عليها في المادة 30 من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة 1994، كل ذلك خلافاً لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - بشأن مشارطة التحكيم باعتبار أنها اتفاق مستقل على الالتجاء إلى التحكيم - ولاحق على قيام النزاع ومعرفة موضوعه، ومن ثم أوجب المشرع المصري في المادة العاشرة من القانون آنف الذكر أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان باطلاً".
ثانياً: نظرا لأن مشارطة التحكيم تعتبر عقداً مستقلاً فإنها تخضع للبطلان لأي سبب من الأسباب الواقعية والقانونية، بينما شرط التحكيم يعتبر أحد بنود العقد. وإن كان مبدأ استقلال شرط التحكيم يجعله اتفاقا أصليا قائما بذاته لا يتأثر بزوال العقد الأصلي بالبطلان أو الفسخ أو الإنهاء.
وتتميز المشارطة عن شرط التحكيم بأنها تحيط بكافة جوانب النزاع التي أبرمت بشأنه، وبالتالي يكون هناك فرصة للاتفاق على كل ما يتعلق بمباشرة التحكيم بخصوص النزاع، فالمشارطة تضفي كثيرا من الدقة على عملية التحكيم برمتها سواء من حيث كيفية تشكيل هيئة التحكيم أو اللغة المزمع استخدامها في التحكيم. ويعزى ذلك إلى توقيت إبرام المشارطة بعد نشوء النزاع بالفعل وليس قبله كما هو الحال في شرط التحكيم.