مشارطة التحكيم هي الاتفاق الذي يتم بين الطرفين بعد وقوع النزاع بينهما لعرض هذا النزاع على التحكيم وتسمى أحيانا وثيقة المهمة الخاصة أو وثيقة التحكيم ، فهي في الحقيقة اتفاق مكتوب لكل متطلبات التحكيم لا تقتصر عادة على تقرير الالتجاء إلى التحكيم في شأن نزاع معين وإنما تتولى فوق ذلك تنظيم كل ما يتعلق بهذا التحكيم. تتميز مشارطة التحكيم هي أنها تتم بعد نشأة النزاع فلا بد أن يكون هناك نزاع فعلي بين الطرفين ولا يكفي لنشوب النزاع مجرد اعتراض أو عدم اتفاق وإنما يجب أن يكون هناك خلافا في إدعاءات محددة يعمل المحتكم على حسمه بموجب حكم وحول مفهوم المنازعة التي تبرر اللجوء إلى التحكيم.
في قضية الأكسيد المدعية onserzio Groupement LES.I DIPENTA ضد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية مدعى عليها والمتعلقة بإنشاء سد (قضيات أسردون) في ولاية بويرا من اجل تزويد مدينة الجزائر بماء الشرب، تنفيذ العقد واجه صعوبات في تسريح وضع اليد ومشاكل أمنية منذ ديسمبر (1993م) وحتى ابريل (1996م) وبعد ذلك نفذت بعض الأعمال، ومنذ نوفمبر (1997م) وحتى يونيو (2001م) تاريخ فسخ العقد علقت الأعمال بقرار من السلطة المختصة ومن ثم في 2003/2/3م) أقامت المدعية دعواها في وجه المدعى عليها مطالبة فيها بتعويض قدره (115.000.000) يورو عن الأضرار التي تكبدتها المدعية وكان من بين دفوع المدعى عليها بأن المحكمة التحكيمية غير مختصة بالفصل في النزاع لأنه لا تتوافر فيه الشروط المنصوصة في المادة (1/25) من معاهدة واشنطن التي تنص على الآتي: 1- يمتد اختصاص المركز إلى أي نزاع قانوني ينشأ مباشرة عن أحد الاستثمارات بين دولة من الدول المتعاقدة (أو أحد الأقسام المكونة لها الذي تعينه الدولة للمركز أو إحدى وكالاتها التي تعينها وبين أحد مواطني دولة أخرى متعاقدة ويوافق طرفا النزاع كتابة على عرضه على المركز وعندما يعطي الطرفان موافقتهما لا يجوز لأحدهما أن يسحب موافقته بإرادته المنفردة.
فطبيعة الخلاف ليست قانونية لأنها لا تتعلق بتطبيق أو تفسير القانون ولا تتعلق إلا بتحديد كمية الأضرار التي تكبدتها المدعية وهو ذو طبيعة حسابية بحته وهو ضمن اختصاص الغرفة الإدارية لمحكمة الاستئناف وقد كان موقف المحكمة التحكمية من ذلك الادعاء كالآتي:
من أجل الاستنتاج ما إذا كانت إدعاءات المدعية ذات طابع قانوني يجب الأخذ في الاعتبار العناصر التالية:
بشكل عام يتعلق الأمر بالمسائل المتعلقة بالديون التي يزعمها أحد الطرفين بناء على القواعد القانونية سواء كانت تعاقدية أم قانونية وتختلف هذه الخلافات عن الخلافات ذات الطابع السياسي أو الاقتصادي.
من أجل اعتبار الخلاف قانونيا، يكفي أن تكون المدعية قد تقدمت بإدعاءات من شأنها أن تجعل المحكمة التحكيمية تبت في النزاع عن طريق تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في المعاهدة وأن يكون قرارها عند الحاجة موضوع معاملة تنفيذية.
في الواقع طالبت المدعية بتعويضات عن أضرار تكبدتها نتيجة فسخ العقد وهي مطالبات مبنية على ديون ناتجة من علاقات تعاقدية مع المدعى عليها ويمكن أن تبتها المحكمة التحكيمية وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المعاهدة ويمكن أن تكون لاحقا موضوع معاملة تنفيذية.
لا يؤثر أبدا كون الخلاف لا يتعلق بمبدأ التعويض بل بمبلغ التعويض وهذا لا يغير في طبيعة الخلاف، ويبقى للمحكمة أن تقرر ما إذا حصلت أضرار والأسباب التي تبرر توزيعها وهذه المسائل تتعدى كونها عملية حسابية محضة وحتى لو كانت المدعى عليها لا تعترض على مبدأ التعويض، يبقى تحديد طبيعته ومبلغ التعويض وفقا للقواعد المطبقة على العقد، ويستنتج مما تقدم أن النزاع بين الأطراف هو نزاع قانوني حسب مفهوم المعاهدة .
يجب في مشارطة التحكيم تحديد موضوع النزاع تحديدا دقيقا وإلا كانت باطلة.
يمكن أن تبرم مشارطة التحكيم دون أن يسبقها شرط تحكيم ويمكن كذلك بعد إبرام شرط التحكيم، ولا يؤدى إبرامها في هذه الحالة إلى إلغاء شرط التحكيم الذي أبرم قبلها إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك، وسواء كانت مشارطة التحكيم مسبوقة بشرط تحكيم أو لم تكن فالهدف منها يكون دائما أنيا هو تحريك إجراءات التحكيم.