الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / مشارطة التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري دراسة قانونية مقارنة / مشارطة التحكيم

  • الاسم

    شاهر مجاهد الصالحي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    48

التفاصيل طباعة نسخ

 

قد يرد الاتفاق على التحكيم في وثيقة مستقلة، بعد قيام النزاع، ويمكن أن يكون إبرام هذه الوثيقة ناشئاً عن نزاع تعاقدي أو غير تعاقدي وتسمى هذه الوثيقة مشارطة التحكيم.

مشارطة التحكيم في نصوص القوانين :

قانون التحكيم النموذجي ينص على مشارطة التحكيم ضمن البند (۱) من المادة السابعة في صيغتها المعدلة التي أشارت باللفظ إلى ( ... النزاعات التي نشأت أو قد تنشأ بينهما بشأن علاقة قانونية محددة  .... )

في قانون التحكيم المصري تنص المادة (۱۰ / ۲) منه على أنه : " يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً ".

وفي نظام التحكيم السعودي تنص المادة (٩ / ١) منه على : ".. كما يجوز أن يكون اتفاق التحكيم لاحقاً لقيام النزاع، وإن كانت قد أُقيمت في شأنه دعوى أمام المحكمة المُختصة، وفي هذه الحالة يجب أن يُحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم، وإلا كان الاتفاق باطلاً ".

أما قانون التحكيم اليمني فقد نصت المادة (١٦) منه على أنه يجوز أن يكون اتفاق التحكيم على شكل عقد مستقل ( وثيقة التحكيم ).

وإذا كان النص هنا لم يبين المقصود بوثيقة التحكيم هل التي تكون قبل نشوء النزاع أو بعده. إلا أن القانون اليمني يعترف بمشارطة التحكيم، حيث نصت المادة (۱٥) منه على أنه : " لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا بالكتابة سواء قبل قيام النزاع أو بعد ذلك، ويكون الاتفاق باطلاً إذا لم يكن مكتوباً ومحدداً به موضوع التحكيم ".

قانون التحكيم الأردني تنص المادة (۱۱) منه على جواز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام أية جهة قضائية ويجب في هذه الحالة أن يحدد موضوع النزاع الذي يحال إلى التحكيم تحديداً دقيقاً وإلا كان الاتفاق باطلاً ".

وفي قانون التحكيم السوري تنص المادة (7 / 1) منه على : " جواز أن يتم الاتفاق على التحكيم بصورة لاحقة لقيام النزاع ولو كان هذا النزاع معروضاً على القضاء للفصل فيه وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً ".

أما قانون التحكيم العراقي ففيه تنص المادة (٥ / ثالثاً) منه على : " جواز اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها الاتفاق ".

كما لاحظنا، فإن مشارطة التحكيم التي تكون بعد قيام النزاع أجازتها القوانين محل البحث ولو كانت قد أقيمت في شأن هذا النزاع دعوى أمام جهة قضائية. وتظهر في هذه القوانين بعض الاختلافات في النصوص فيما بينها.

والاختلاف الذي يمكن الإشارة إليه هو أن قوانين تحكيم كل من مصر والسعودية وسوريا والعراق قد اشترطت في هذه الحالة تحت طائلة البطلان أن يُحدّد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم تحت طائلة البطلان. في مصر قضت محكمة استئناف القاهرة بأنه : " يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت بشأنه دعوى أمام جهة قضائية وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً ". كما قضت محكمة استئناف القاهرة الدائرة - ٩١ - تجاري بأن : " الاتفاق على التحكيم بعد قيام النزاع يجب أن يحدد المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً  ".

بينما القانون الأردني نص على أن يحدد موضوع النزاع الذي يحال إلى التحكيم تحديداً دقيقاً وإلا كان الاتفاق باطلاً. وقد يفهم من ذلك أن يكون هذا التحديد الدقيق شاملاً لنقاط النزاع.

في حين أن القانون اليمني أشترط تحديد موضوع النزاع في اتفاق التحكيم سواء كان هذا الاتفاق في صورة شرط أو مشارطة. ومن الواضح أن المشرع اليمني لم يكن موفقاً في هذا الأمر إذ أنه كان لابد من التفريق بين شرط التحكيم الذي يكون قبل نشوء النزاع والذي لا يعدو عن أن يكون وعداً بالتحكيم وفيه يصعب تحديد موضوعه، وبين مشارطة التحكيم التي تنشأ عن نزاع مكتمل وموجود بالفعل. وقد حكمت المحكمة العليا بأن : " عدم تحديد موضوع التحكيم في مشارطة التحكيم يجعل حكم المحكم باطلاً ". ونخلص بالقول أن اتفاق التحكيم اللاحق لقيام النزاع يفترض أن يحدد في صلبه ليس فقط نقاط النزاع - بشكل عام - المراد حسمها عن طريق التحكيم تحديداً واضحاً ودقيقاً، ولكن أيضاً يفترض أن يتضمن الاتفاق أسماء المحكمين أو على الأقل اثنين منهم إذا كان الاتفاق ينص على تشكيل هيئة التحكيم من عدد ثلاثة محكمين وبيان طريقة اختيار المحكم المرجح وكذا مكان ولغة التحكيم والقانون الواجب التطبيق وتزداد تفاصيل الاتفاق متى كان التحكيم (ad hoc) حيث يتوجب الاتفاق على المسائل المرتبطة بالإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم ومدة ولغة التحكيم ومكانه وأتعاب المحكمين .... الخ. ذلك لأن الاتفاق هنا يتم وقد صار النزاع شيئاً واضحاً للأطراف ويسهل عليهم تعيينه وتحديده بدقة.

الفرق بين شرط ومشارطة التحكيم  :

يتغير الحال بين شرط التحكيم، الذي يكون قوامه تعهد الطرفين على طرح النزاعات المحتمل وقوعها بينهما في المستقبل على التحكيم، وبين مشارطة التحكيم التي تنشأ عن نزاع قائم بين الطرفين حيث صار هذا النزاع مكتملاً وموجوداً بالفعل. في سلطنة عمان قالت الدائرة التجارية لمحكمة الاستئناف أن : " المجمع عليه فقهاً تغليب مشارطة التحكيم على شرط التحكيم باعتبار الأخير - بحكم ارتباطه بمرحلة سابقة على نشوء النزاع - قوامه الاتفاق على طرح النزاعات المحتمل وقوعها في المستقبل على التحكيم بحيث لا يعدو أن يكون وعداً بالتحكيم، فيها يكون متوقعاً نشوؤه في نزاع بين الطرفين، بينما المشارطة تنشأ عن نزاع مكتمل وموجود بالفعل ويتم من ثم تحديد موضوعه في مشارطة التحكيم .

القوانين العربية محل الدراسة أعطت تفرقة واضحة بين المشارطة وشرط التحكيم، فقوانين مصر وسوريا والسعودية أوجبت أن تحدد مشارطة التحكيم المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً. القانون العراقي أيضاً أكد على تحديد هذه المسائل في اتفاق التحكيم اللاحق للنزاع لكنه لم ينص على البطلان عند مخالفتها، والقانون الأردني قضى بأن يجدد في المشارطة موضوع النزاع الذي يحال إلى التحكيم تحديداً دقيقاً وإلا كان الاتفاق باطلاً. القانون اليمني كما أشرنا فيما سبق أعتبر الاتفاق باطلاً إذا لم يكن مكتوباً ومحدداً به موضوع التحكيم لكن القانون هنا يتحدث عن المشارطة وشرط التحكيم معاً.

ويرجع سبب التفرقة بين شرط ومشارطة التحكيم في القوانين العربية محل الدراسة إلى أن شرط التحكيم يتعلق بنزاع احتمالي بالنسبة للمستقبل وقد لا يقع مطلقاً، ويصعب إن لم يستحيل تحديد موضوع النزاع في شرط التحكيم، وهذا بخلاف مشارطة التحكيم التي تأتي وقد وقع النزاع فعلاً.

أو كما قيل فإن شرط التحكيم ينظر للمستقبل، في حين تنظر مشارطة التحكيم للماضي.